جوهر الرسالة الإلهية: تحرر واستقلال
ولهذا كانت مسيرة الرسول “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” المعبِّرة عن حقيقة الإسلام، وعن مبادئ الإسلام، وعن قيم الإسلام، مسيرةً تحرريةً، مسيرةً مستقلةً، مسيرةً تكفر بالطاغوت وتؤمن بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مسيرةً تبني الأمة المسلمة على أساسٍ من الاستقلال، وليس على أساسٍ من التبعية لأعدائها، ليس على أساسٍ من التبعية للطاغوت، والتكيف مع الطاغوت، والتحرك تحت ولاية الطاغوت، اليوم كل الذين يتحركون تحت الراية الأمريكية، ويوالون أمريكا، ويسعون إلى التحرك بأمتنا تحت ولاية أمريكا، إنهم جميعاً تحت ولاية الطاغوت، إنهم يتولون الطاغوت، وهذا غير مقبول أبداً في نهج الإسلام العظيم، الله يقول: {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}[النساء الآية:76]، والطاغوت هو مشروعٌ شيطانيٌ في الواقع البشري، هو يرتبط بالشيطان، ولهذا كان مرتبطاً في الآية المباركة {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ}.
نحن بحاجة إلى أن نلتفت من جديد إلى الإسلام كما هو في مبادئه العظيمة التي تكفل لنا أن نبني واقعنا على أساسٍ مستقل، ومتحرر من التبعية لأعدائنا، من الخضوع لولاية الطاغوت؛ حتى ننعم بولاية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” التي يخرجنا الله بها من الظلمات إلى النور، والتي نحظى من خلالها بالعزة والكرامة، وننعم بها بالتحرر من عبئ الطاغوت في ظلمه، وطغيانه، وإجرامه، واستعباده، وقهره، وإذلاله للإنسان، واستغلاله للإنسان.
فكانت مسيرة الرسول “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” مسيرة جهاد، ومسيرة تضحية، وأتت الآيات الكثيرة في القرآن الكريم التي تجعل من الجهاد في سبيل الله عنواناً رئيسياً، وفريضةً عظيمةً ومهمةً في الإسلام من أهم فرائض الإسلام، تحمي الأمة، تكسب بها الأمة المنعة والعزة والقوة، وتحرر الأمة من ولاية الطاغوت، ومن سيطرة الطاغوت، وتحمي الأمة من الذل والهوان والاستعباد والقهر.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الرمضانية الـ17 لعام 1440هـ