كيف يسعى اليهود لتطويع الأمة؟
يقول الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أيضاً في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران: الآية100]، العجيب في هذه الآية المباركة أنه يتحدث عن الطاعة، وعن خطورة الطاعة لهم، ومعنى ذلك: أنهم ينجحون- إلى حدٍ كبير- في تطويع الأمة، يعني: يسعون إلى أن يحولوا الأمة إلى مطيعة لهم، تتفاعل مع رؤاهم، مع سياساتهم، مع مخططاتهم، مع مؤامراتهم، مع توجيهاتهم، تتلقى منهم الأوامر، تتفاعل مع ما يقدمونه، وتسعى لتنفذ ما يقدمونه، وهذه حالة رهيبة جدًّا، حالة خطيرة، وتدل على خطورتهم البالغة على هذه الأمة، أنهم يمكن أن يصلوا إلى هذا المستوى من النجاح في أن يحولوا هذه الأمة إلى مطيعة لهم، أو يحولوا كثيراً من أبناء الأمة إلى مطيعين لهم، يتقبلون منهم الأوامر، التوجيهات، الخطط، المؤامرات، يتقبلون سياساتهم، يتحركون وفق ما يرسمونه هم، ولديهم وسائل كثيرة لتحقيق هذا الهدف، لديهم الكثير من الأساليب والوسائل التي تساعدهم- أحياناً- إلى الوصول حتى إلى مواقع القرار في هذه الأمة؛ فيحولون رئيسياً معيناً، أو ملكاً معيناً، أو أميراً معيناً، إلى مطيع لهم، يسعى لتنفيذ مؤامراتهم وخططهم بكل جدية، ويبذل من أجل ذلك المال، ويتخذ كل المواقف في سبيل تنفيذ خططهم ومؤامراتهم.
وهم- في الآية المباركة كما ذكر عنهم- يسعون من خلال هذا التطويع إلى مسخ هذه الأمة، وفصلها عن دينها في مفاهيمه الحقيقية، {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، حالة خطيرة جدًّا؛ لأن سعيهم إلى مسخ هذه الأمة لإفقادها التأييد الإلهي من جانب، وما يمثله الإيمان من عامل ودافع معنوي هائل جدًّا، وطاقة معنوية قوية، تحتاج إليها الأمة لتكون في مستوى مواجهة هذا الخطر، والتماسك في مواجهة هذا التحدي، وما يمثله أيضاً من عوامل للنجاح في واقع الحياة.
حذر من التولي لهم، فقال “جلَّ شأنه”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: الآية51]؛ لأنهم يسعون أيضاً إلى نشر الولاء لهم في واقع الأمة، وهذا له تأثير سلبي خطير في واقع الأمة؛ لأنه يحول الذين يتجهون بالموالاة لهم إلى متعاونين معهم؛ لتنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم من داخل الأمة.
هذا بعضٌ مما عرضه القرآن الكريم وبين خطورتهم، وأنهم كما الشيطان الذي سعى في عدائه لبني آدم للتركيز على أن يضلهم؛ باعتبار هذا أكبر ضربة قاضية لهم.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد في يوم القدس العالمي 1441 هـ