من الغريب أن يلام الشعب الفلسطيني لدفاعه عن نفسه
الآن يلام الشعب الفلسطيني، يلام حتى من الساحة العربية، يلام حتى ممن ينتمون إلى الإسلام، في تمسكه بقضيته، هذه القضايا التي هي من أوضح القضايا، كم وجِّه من اللوم لشعبنا العزيز، وهو يدافع عن نفسه، وعرضه، وأرضه، وكرامته، وحريته، واستقلاله، وجِّه اللوم إليه من حكومات، وأنظمة، وشخصيات دينية، من الأزهر ومشايخ في الأزهر، من مختلف الجهات، وجِّه إليه اللوم، ولم يوجَّه اللوم إلى المعتدي، المجرم السفاك للدماء، الذي قتل الآلاف من الأطفال والنساء، لم يوجهوا إليه اللوم!.
فعلى الإنسان أن يكون مدركًا لهذه المسألة أساسًا، أنه في اتجاهه الصحيح على أساس هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي المواقف الحق، الواضحة البينة القوية، ستوجَّه إليه حرب دعائية وسيواجه حالة اللوم من كثير من الناس ومن الأطراف، البعض في أقل الأحوال يستخدم الترهيب والتخويف، يقول لك: [صح أنت على حق، وهذا موقف حق، لكن لا يمكنك أن تنجح، لا يمكنك أن تصل إلى تحقيق هذا الهدف الحق، لا يمكنك أن تثبت على هذا الموقف الحق، ليس أمامك من حل إلا أن تتراجع]، أساليب اللوم كثيرة، منها: ما يدخل في إطار التخويف، وفي إطار التشكيك في الموقف من أساسه، ومنها أساليب الترغيب، ومنها أساليب التيئيس، ومنها أساليب كثيرة، على الإنسان أن يكون مدركًا لذلك، وأن يحسب حساب ما بينه وبين الله، ما الذي يريده الله مني؟ هذا هو المهم، ما الذي يرضي الله عني “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ما هو الموقف الذي وجهني الله إليه، أرشدني إليه، أمرني به، وهو الموقف الحق، وهو الموقف الذي لا ينبغي أن أتحرج منه؛ لأن البعض من الناس إذا لم يكن إيمانه بالحق وقناعته به بالشكل المطلوب، مع زكاء نفس، فإنه يتحرج حتى من تمسكه بالأمور- كما قلت- الواضحة جدًا.
ثم واضح على مستوى مواقف، أو على مستوى مبادئ، أو على مستوى قيم وأخلاق، لاحظوا في هذا الزمن، يروج اللوبي اليهودي الصهيوني ومعه الغرب الكافر، وفي المقدمة أمريكا وإسرائيل، للفواحش والرذائل والجرائم الأخلاقية، وما يوصل إليها، وما يسهل لها، وخطوات الشيطان التي توقع الناس فيها، يروجون لذلك، ويعملون على كسر كل القيم والضوابط الشرعية، والضوابط الأخلاقية، والقيم الراقية، التي تحافظ على زكاء النفوس، وتصون الإنسان، تصون الرجل، وتصون المرأة، والقيم العظيمة: قيم العفة والكرامة والشرف، والالتزام الإيماني،
ففي إطار حملتهم ضد الالتزام بما يصون الإنسان، يعيبون على الإنسان المسلم الملتزم ما هو فيه من الالتزام، يلومونه، يصورون التزامه وكأنه تخلُّف، ويقولون: [أنت من العصور الوسطى، أنت لا زلت إنسانًا متخلفًا، أنت..]، والواقع أن الذي يتجهون بالناس إليه هو أسوأ حتى من التخلف، هو الانحطاط عن المرتبة الإنسانية بكلها، هو السلوك الحيواني الغريزي الهمجي، هو الرذيلة والفاحشة، والجريمة والفساد والمنكر والباطل والسوء، الذي لا ينسجم مع فطرة الإنسان ولا مع إنسانيته، ولا مع كرامته،
هو ما يهدم ويقوِّض المجتمع البشري في بنيته الاجتماعية الأُسرية، وهو أيضًا ما يؤثر على المجتمع البشري، في أمنه واستقراره، وسلامته الاجتماعية، وسلامته الصحية، وله أضرار ومفاسد، وآثار سلبية على الناس في حياتهم. يروجون للجريمة الشنيعة، الفاحشة المثلية، وهي من أفظع الأمور، ومن أكثرها سوءًا وآثارًا سلبية جدًا في نفوس الناس، في حياتهم، في واقعهم الاجتماعي، في واقعهم الصحي، شذوذ عن الفطرة، الإنسانية وحتى الحيوانية، أما في هذه فتجاوزوا حتى ما عليه الحيوانات، ومع ذلك يعيبون الآخرين، يلومون المرأة المسلمة، يحاولون أن يشوهوا عفتها، والتزامها بالضوابط الشرعية، والأخلاقية، والدينية، التي تصونها، تحافظ على شرفها، على كرامتها، على عزتها، على سموها الروحي والأخلاقي والإنساني.
وهكذا يتجه اللوم- كوسيلة في هذا العصر- ليكون من أبرز الوسائل التي يعتمد عليها المضلون، والمجرمون، وقوى الطاغوت والاستكبار، وأولياء الشيطان عمومًا، يستخدمونه كسلاح. يجب أن يحمل الإنسان ما يتحصن به من تأثير هذا السلاح، وكما قلنا بالأمس أن يكون هناك في المقابل تصدٍّ لهجمة اللوم؛ لأن الذي ينبغي أن يلام: أولئك الذين يتجهون بالناس في صف الباطل، أولئك الذين ينصرون الطاغوت والاستكبار، أولئك الذين هم مصدر للظلم، والجريمة، والفاحشة، والرذيلة، والسوء، أولئك الذين يسعون في الأرض فسادًا، أولئك الذين يستهدفون المجتمع البشري، بكل ذلك بهدف الاستعباد له، والسيطرة عليه، والاستغلال له، هم الذين يجب أن يتوجه اللوم نحوهم.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
الدرس الرابع للسيد القائد من وصية الإمام علي لابنه الحسن عليهما السلام
الخميس 4-ذو الحجة-1444ه 22-6-2023م