العقيدة الباطلة وانعكاسها على السلوك
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
إذًا فلو كان الله هو من خلق فينا المعاصي، ومن ساقنا إليها – على اختلاف أقوالهم حول هذه – هم يلتقون حول هذه أنه خلقها فكيف يمكن أن ينطلق هو ليلعن الشيطان ويأمرنا أن نعادي الشيطان وأن نلعنه والشيطان إنما يوسوس ليحملنا على الفحشاء فكيف يعمل هذا مع الشيطان وهو هو من خلق الفحشاء؟! من الأسوأ حينئذٍ من يخلق الفحشاء أو من يوسوس لها فقط؟
حينئذٍ جعلوا الله – سبحانه وتعالى ننزهه ونقدسه – جعلوه أسوأ من الشيطان! عقائد سيئة.. خلق الفواحش وهو من تنزل أول آية من كتاب الله الكريم بعد بسم الله الرحمن الرحيم هي [سورة الفاتحة] وأولها الثناء على الله {الْحَمْدُ لِلَّهِ} (الفاتحة: من الآية2) {الْحَمْدُ}بهذه العبارة التي تعني: كل الحمد، كل الثناء كل المجد {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة: من الآية2) فكيف يستحق الثناء من هو الذي يخلق الفواحش، من يملأ القلوب كفرًا ويملؤها نفاقًا رغمًا عن أصحابها، ثم هو في الأخير من يلعنهم، وفي الأخير من يقودهم إلى قعر جهنم؟! ماذا عملوا؟ ماذا عملت أنت؟ رغمًا عنك يملأ قلبك كفرًا ونفاقًا، ويملأ قلبك فسادًا ثم يعذبك؟! يتنافى هذا مع عدله، يتنافى مع حكمته، يتنافى مع رحمته، يتنافى مع كماله، يتنافى مع جلاله وعظمته وقدسيته.
وهكذا، يقولون: هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، هذه عقيدتنا، وهذا دليلها من القرآن {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (الأنعام: من الآية101)، والمعاصي هي أشياء إذًا هو الذي خلقها!!
القرآن الكريم هو كتاب عربي، بلسان العرب، بأساليب العرب، ونحن نستخدم هذه العبارة، والقرائن المحيطة بها، والجو الذي تقدم فيه، الطرف الآخر الذي تتحدث معه هو من يعرف ماذا تعني، عندما تقول: [نحن تغدينا عند فلان وقدم لنا من كل شيء] ألسنا نقول هكذا؟ هل سيفهم ذلك أنه قدم لكم من كل شيء في الدنيا في السماوات والأرض؟ لا، من الأشياء المعلومة المعروفة.
فنقول: هذه الأشياء التي تشاهدونها، هذه الأشجار هذه الجبال والأحجار، هذه الدواب، هذه الكواكب، هذه السحب الله هو الذي خلقها {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} من هذه الأشياء، لأن الناس بفطرتهم لا أحد يتبادر إلى ذهنه أن يقول: إذًا هو خلق أفعالي؛ لأن كل إنسان بفطرته، بل الدواب بفطرتها تعرف أن أفعالها منها، أنها هي التي انطلقت فيها؛ ولهذا ترى القط، ترى الكلب عندما يعمل عملًا هو يعرف بأنه عمل غير مسموح به، يدخل من باب البيت فمتى ما سمعك أنك قريب من البيت يهرب بسرعة؛ لأنه يعرف أنه هو قد ارتكب خطًا، دخل البيت وليس من حقه أن يدخل البيت، القطُّ قبل أن يتناول [اللحمة] أليس هو ينظر هنا وهنا قبل أن يتناولها هل أحد يراه ثم يقفز وينطلق بسرعة؟ وإذا لم يكن أحد عنده أكلها مكانها، فعندما يسمع أحدًا قادمًا إليه يأخذها ويهرب بسرعة.. هكذا حتى الحيوانات تعرف أن أفعالها منها.
من منا ممكن أن يتبادر إلى ذهنه أنه عندما يشرب، عندما يأكل أن الله هو الذي خلق هذا الفعل وأنا آكل، يمكن تقول هو الذي خزن هو الذي دخن! خلق التدخين خلق التخزين؟! هذه أفعالنا نحن، والحيوانات لها أفعال تختص بها. لا يتبادر إلى الذهن، لكن الطواغيت، وعلماء السوء هم من أجل خدمة السياسة الفاسدة، خدمة الطواغيت يحمِّلون الله كل سوء، وينسبون إلى الله كل قبيح فيشبهون على العوام من الناس، فمتى ما رأينا معاوية بطغيانه وقبحه نقول: الله هو الذي ولاه، والأعمال التي تصدر من معاوية الله هو الذي خلقها! فأصبح معاوية مقبولًا بكل ما هو عليه؛ لأنه كله من الله، هو الذي ولاه، وهو الذي خلق أفعاله!! فمن الذي سيستثار ضد معاوية إذا أو أشباه معاوية وهو يعتقد هذه العقيدة؟! أليسوا هم من دَجَّنُوا أنفسهم ودجّنوا الأمة للظالمين بعقائد مثل هذه؟ هم من أساءوا إلى الله إساءة بالغة.
فسبحانه وتعالى ما أعظم حلمه عنهم، وهم من ينطلقون في عباداتهم، وأنت عندما ترى ما في كتبهم من عقائد باطلة، وتراهم يتعبدون ستحكم بأنهم يتعبدون لغير الله، وأنهم يتعبدون لمن؟ أنت كيف تقول: ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)) فتثني على من تعتقد أنه وراء كل فاحشة وقبيح؟! هذا تناقض.
ثم أنت تجعل العقيدة الباطلة في قلبك، والمنطق الصحيح على لسانك فقط، والله يتعامل مع من؟ مع القلب أو مع اللسان؟ مع القلب؛ بل لو انطلقت من لسانك كلمة كفر تكره عليها وقلبك مطمئن بالإيمان لا يضر، لكن أن يكون قلبك مطمئنًا بالكفر وتنطلق من لسانك كلمة إيمان لا تنفع ولا قيمة لها، يقرؤون القرآن أحيانًا ويبكون، وفي الصلاة يسبحون: سبحان ربي العظيم وبحمده، اسأله عن ربه بعد سيقول لك: هو الذي يقدر كل شيء إذًا فلماذا تسبحه؛ لأن التسبيح لله يعني: تنزيه له عما لا يليق بكماله، وأنت الآن نسبت إليه بأن تلك الفاحشة التي اقترفها فلان، تلك الجريمة التي ارتكبها فلان الله هو الذي قدرها، هو الذي خلق الفعل الذي انطلق من هذا الشخص وهو ينفذ الجريمة! فكيف تسبحه! وكيف تلعن الشيطان وهو لم يعمل إلا أقل مما عمله ربك الذي قلت بأنه خلق الفاحشة، وقدرها وساق ذلك الشخص إليها رغمًا عنه! إنهم متناقضون، عقائد خبيثة، عقائد تتنافى مع القرآن الكريم بشكل مفضوح.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله – عظمة الله – الدرس الثامن
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 26/1/2002م
اليمن – صعدة