صنعاءُ تواصلُ قصفَ العدوّ الصهيوني وتوجِّـهُ ضربةَ ردع لأمريكا: انخراطٌ كاملٌ في المعركة
||صحافة||
واصلت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ ضرباتِها التاريخيةَ على عُمقِ الكيانِ الصهيونيِّ؛ نُصْرَةً ومُسَانَدَةً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، حَيثُ نفَّذت ضربةً جديدة سادسة أكّـدت من خلالها أن الهجمات اليمنية تمضي في مسار تصاعدي من حَيثُ شدة الهجمات ونوعية الأهداف، وقد جاء ذلك توازياً مع توجيه ضربة ردع نوعية للعدو الأمريكي، من خلال إسقاط واحدة من أحدث طائراته التجسسية الهجومية وأكثرِها كُلفةً، أثناء اختراقها للمياه الإقليمية، في مهمة تجسسية عدائية تأتي في سياق محاولاتِ احتواء وضرب الجبهة اليمنية، التي تزدادُ اشتعالاً وتأثيراً في الصراع المباشر مع العدوّ الصهيوني، في تحوُّلٍ تأريخي يدرك الأمريكيون والإسرائيليون أنه يسهم بشكل مباشر في كتابة نهاية عصر هيمنتهم على المنطقة وتواجدهم الاستعماري فيها.
الضربةُ اليمنية السادسة في المعركة الكُبرى:
وأعلن المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، مساء الخميس، عن “إطلاق دفعة من الصواريخ البالستية على أهدافٍ مختلفةٍ وحسَّاسةٍ للكيان الإسرائيلي جنوبي الأراضي المحتلّة، منها أهداف عسكرية في منطقة أم الرشراش (إيلات)”، مؤكّـداً أن “العملية حقّقت أهدافها بنجاح وأدت إلى إصابات مباشرة في الأهداف المحدّدة رغم تكتم العدوّ على ذلك”.
وَأَضَـافَ أن: “القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ مُستمرّةٌ في تنفيذِ عملياتِها العسكريةِ نُصرةً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ وحتى يتوقفَ العدوانُ الإسرائيليُّ على إخوانِنا في غزة”.
وهذه هي العملية السادسةُ التي تعلنُ القواتُ المسلحة عن تنفيذها ضد كيان العدوّ الصهيوني منذ بدء المشاركة المعلَنة في “طُوفان الأقصى”، وهو ما يجددُ التأكيدَ على أن اليمن اقتحم هذه المعركةَ كلاعِبٍ أَسَاسي مُستمرّ، وبكل الخيارات المتاحة والقدرات المتوفرة، كما أكّـد ذلك قائدُ الثورةِ، السيدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي، في إعلانه التاريخي خلال الأيّام الأولى للمعركة.
هذا أَيْـضاً ما توضِّحُه تفاصيلُ العملية الجديدة؛ فإطلاقُ دُفعةٍ من الصواريخ البالستية وتحديد أهداف حساسة بعضها ذات طابع عسكري في “إيلات” يؤكّـد تصاعُدَ مسار الهجمات كَمًّا ونوعًا؛ إذ يبدو بوضوح أن القوات المسلحة عمدت إلى إحداث دمارٍ كبيرٍ في هذه الأهداف، من خلال استخدام سلاح الصواريخ البالستية ذات المدى الطويل، كما يبدو بوضوح أنها أصبحت تمتلكُ بنكَ أهداف دقيقًا في عُمقِ كيان الاحتلال يجري تحديثه باستمرار لمواكبة تفاصيل المعركة العسكرية في فلسطين بالشكل الذي يُحدِثُ تأثيراً مباشراً على قدرات العدوّ ويخفِّفُ الضغطَ عن المقاومة الفلسطينية في غزة.
ويحملُ التأكيدُ على إصابة الأهداف بدقة برغم تكتم العدوّ، رسالةَ تحدٍّ واضحة لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان قد سارع إلى الإعلان عن اعتراض صاروخ يمني واحد خارجَ أجواء فلسطين المحتلّة، بمنظومة “السهم3” التي لم يستخدمْها من قبلُ أبداً، على أنه فشل في دعم هذا الإعلان بأي دليل، كما أنه تجاهَلَ ما أكّـدته وسائلُ إعلام إسرائيلية حول سماع عدةِ انفجاراتٍ كبيرة في إيلات، وهو ما يكشفُ أن الصواريخ اليمنية قد حشرت العدوَّ في زاوية ضيِّقة وأجبرته على اختلاق الأكاذيب؛ للتغطية على فشل قدراته المتطورة في التصدي للهجمات اليمنية.
وقد وثَّقت عدساتُ المستوطنين الصهاينة في إيلات مشاهدَ للصواريخ اليمنية وهي تحلّق في أجواء المنطقة، وهو ما يفضح زيف إعلان العدوّ حول اعتراضها خارج الأجواء، وبالتالي يجعل روايةَ “الاعتراض” برمتها مُجَـرّد دعاية لن يكون جيش الاحتلال هو أول من يلجأ إليها في مواجَهة الضربات اليمنية؛ إذ سبقته بذلك السعوديّة والإمارات قبل أن يخرج الأمرُ عن سيطرتهما الإعلامية وينكشفَ زيفُ كُـلِّ مزاعمهما.
كما أن الحديثَ عن استخدام منظومة “السهم 3” لأول مرة؛ مِن أجل محاولة اعتراض الصواريخ اليمنية يؤكّـدُ بشكل واضح أن اليمن قد أجبر العدوَّ وبشكل سريع على التعامل معه كجبهة متقدِّمة تتطلَّبُ استخدامَ قدرات مكلفة واستنزافها، ولو بدون جدوى.
هذا أَيْـضاً ما أكّـدته تعليقاتُ وتغريداتُ الكثيرِ من المستوطنين الذين نزحوا إلى إيلات من مستوطنات غلاف غزة ومن الشمال؛ هرباً من ضربات المقاومة الفلسطينية وحزب الله، والذين أوضحوا أن المسألةَ مسألةُ وقت قبل أن تبدأ الصواريخ والطائرات اليمنية بقصف أهدافٍ أكبرَ وأكثرَ عُمقاً كما حدث في السعوديّة والإمارات، وتحويل إيلات إلى منطقة غير آمنة، متسائلينَ: ما الذي سيحدُثُ عندما تقرّر القواتُ المسلحة اليمنية استخدامَ عشرات الصواريخ والطائرات في وقت واحد؟!
إسقاطُ “الحاصدة” (MQ-9).. صفعةُ ردع لأمريكا:
العمليةُ السادسةُ في عُمق الكيان، جاءت بعد يوم من ضربة ردع نوعية وجّهتها الدفاعاتُ الجوية اليمنية للولايات المتحدة الأمريكية، من خلال إسقاط طائرة بدون طيار هجومية من طراز (MQ-9 ريبر “الحاصدة”) التي تبلغ قيمتُها أكثرَ من 32 مليون دولار، وتُعتبَرُ من أحدث وأغلى الطائرات بدون طيار على مستوى العالم.
وقد أعلن العميد يحيى سريع، الأربعاء، أن إسقاطَ الطائرة جاء “أثناء قيامها بأعمال عدائية ورصد وتجسس في أجواء المياه الإقليمية اليمنية وضمن الدعم العسكري الأمريكي للكيان الإسرائيلي”، مؤكّـداً أن “القوات المسلحة اليمنية تؤكّـد حقها المشروع في الدفاع عن البلاد والتصدي لكل التهديدات المعادية”، وأن “التحَرّكات المعادية لن تثنيَ القوات المسلحة اليمنية عن الاستمرار في تنفيذ العمليات العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي دعماً ونصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني”.
هذه الضربةُ كانت صفعةً مدويةً، حاولت الولايات المتحدة في البداية أن تتكتم عليها، لكنها اضطرت للاعتراف بها بعد قيام الإعلام الحربي بنشر مشاهدَ مصوَّرة لإسقاط الطائرة، ذلك أن إسقاط هذه الطائرة فوق المياه الإقليمية وجَّه عدةَ رسائلَ يمنية حازمة، مفادُها أن أجواءَ ومياه اليمن ليست للنزهة، وأن الترسانة العسكرية التي قامت صنعاء ببنائها ليست للاستعراض، وأن محاولةَ منع اليمن من القيام بدوره التاريخي في نُصرة فلسطين، لن تقابَلَ إلا بردود حاسمة وحازمة مهما كان حجم التهديدات.
وقد علّق رئيسُ الوفد الوطني، ناطقُ أنصار الله، محمد عبد السلام، على ذلك قائلاً: إن “إسقاط طائرة أمريكية معادية في أجواء المياه الإقليمية اليمنية هو تأكيدٌ من قواتنا المسلحة -بعون الله- على أنها حاضرةٌ للتصدي لكل العمليات العدوانية التي تنتهك السيادة الوطنية، ومُستمرّة في عملياتها المساندة لغزة حتى توقف العدوان الإسرائيلي”.
وكان الرئيس المشاط، قد كشفَ في وقت سابق أن واشنطن وَجَّهت تهديداتٍ لصنعاءَ بعودة الحرب على خلفية الموقف المساند للمقاومة الفلسطينية، وهو ما يجعلُ إسقاطُ الطائرة الأمريكية رسالةً واضحةً ومباشرة وثقيلة العيار بأن التهديدات لا تخيف اليمن الذي كسر -بشجاعةٍ وبصورة غير مسبوقة- حاجزَ المشاركة في الصراع الإقليمي الأكبر؛ ليثبِّتَ معادلاتٍ جديدةً تدركُ الولايات المتحدة أنها تغيّر شكلَ الصراع وموازين القوى في المنطقة بشكل جذري.
وتوجّـه عمليةُ إسقاط الطائرة الأمريكية والضربات المتصاعدة على عُمقِ الكيان الصهيوني رسالةً عامةً مهمةً، مفادها أن اليمن منخرِطُ في معركة “طُوفان الأقصى” بكل ما لديه من جُهدٍ وإمْكَانات، وأن صنعاءَ لا تعتبر عملياتِها العسكرية ضد العدوّ الإسرائيلي مُجَـرّدَ تحَرُّكٍ تضامني شكلي، بل جزءٌ أَسَاسيٌّ من معركة التحرّر التي تنصهرُ أبعادُها الإقليمية مع المحلية؛ لتشمَلَ قصفَ الكيان الصهيوني وحِمايةَ السيادة الوطنية في وقتٍ واحد؛ انطلاقًا من حقيقة أن العدوَّ هو نفسُه في كُـلّ مستويات هذه المعركة.
صحيفة المسيرة