متى ما نذرت حياتك ومماتك لله فلن تكون حياتك ومماتك في خدمة الطغيان
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
والله سبحانـه وتعالـى يريد منا – لأنه رحيم بنا – أن نفهم بأنه يجب أن ننذر حياتنـا لـه، فمتـى ما نذرت حياتك لله خاصة وأنت تعرف النهج الذي تسير عليه وتعرف الصراط المستقيم الذي يجسد ما أنت عليه من أنك قد نذرت حياتك لله سبحانه وتعالى وحينئذٍ لن تسير على طريق آخر، لن تجعل حياتك في خدمة الطغيان لن تجعل حياتك في خدمة أعداء الله سبحانه وتعالى.
إذا كنت أيضاً قد نذرت موتك لله فأنت من سينطلق في سبيل إعلاء كلمة الله في نصر دين الله في دفع أعداء الله في محاربة أعداء الله؛ لأنك لم يعد لديك خوف من الموت، أنت قد اتخذت لنفسك قراراً أن تستثمر موتك، وأنك قد نذرت موتك لله.
وهذه القضية إذا تأملها الإنسان سيرى بأنها قضية من الحماقة ألا تحصل لدى أي إنسان منا، من الحماقة أن لا يكون أي مؤمن قد نذر موته لله لماذا؟ لأن الموت قضية لا بـد منهـا أليـس كذلـك؟ الموت قضية لا بد منها، وستموت إمـا بالمـوت الطبيعي أو تموت على يد أعداء الله إذا كان الأمر على [هذا النحو فقد يكون الخوف لدى] بعض الناس ليس لتصوير الألم، ليس لاستشعار أن هناك ألم، وإنما لاستشعار أنه يريد أن يبقى حياً، يتشبث بالحياة، يحس بالحياة، لا يريد أن يدخل في غيبوبة مطلقة.
فالمسألة إذاً: الله سبحانه وتعالى قد منح الشهيد الحياة الأبدية منذ أن تفارق روحه جسده عندما قال سبحانه وتعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران: 169).
إذاً فالخسارة الحقيقة هي: أن يكون الإنسان متهرباً من الحياة الأبدية، إذا كنت تخاف من الموت؛ فإن المفترض منك هو أن تكون ممن يحرص على أن يكون حياً فلا يدخل في غيبوبة مطلقة من بعد أن تفارق روحه جسده، ستكون حياً.
من هذا نخلص إلى قضية باعتبارنا طلاب علم، وأن طالب العلم إذا لم يكن يريد من وراء طلب العلم هو أن يكون على هذا النحو: أن تكون صلاته وأن يكون نسكه وأن تكون حياته وأن يكون موته لله رب العالمين فلا فائدة في علمه، لا فائدة في حياته، لا فائدة من موته، لا فائدة في عبادته.
أنت كطالب علم يجب أن تضع هذا نصب عينيك: لماذا أريد أن أطلب العلم؟ أنا أريد أن تكون عبادتي لله، وأن تكون حياتي لله، وأن يكون مماتي لله. علم آخر يصرفك عن هذا فليس العلم الذي هو عبادة لله، ليس العلم الذي تفرش الملائكة أجنحتها لطالبه، ليس العلم الذي من سلكه سلك طريقاً إلى الجنة.. هذه طريق الجنة التي أُمرَ بها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي أمرنا بأن نقتدي به، وأن نقتفي آثاره، وأن نسير على نهجه، ونسير بسيرته، ونتحلى بأخلاقه، هذه قضية.
القضية الثانية: لا يجوز أن يكون هَمُّ الإنسان من وراء التعلم هو أن يكـون لـه مكانة رفيعة عند هذا أو عند ذاك أو عند هؤلاء الناس أو عند أولئك، هذه من الحماقة أيضاً.. أهم ما يجب أن تطلبه وأهم رفعة يجب أن تطلبها وتنشدها وأعظم علوّ يجب أن تنشده وتطلبه وتعمل على أن ترتقي بنفسك إليه هو: أن تحظـى بـالقـرب مـن الله. أرفـع النـاس أعلى الناس أعظم الناس هو أقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولا قيمة لأي رفعة إذا كان الإنسان منحطاً عند الله، إذا كان الإنسان لا كرامة له عند الله.
ومن الاستهتار بالله وبعظمته ألا يكون في نفسك شعور بأن عظمته، بأن القرب منه بأن الرفعة في القرب منه بأن العلو والسمو في القرب منه هو أعظم وأهم من الرفعة عند الناس، ومن العلو عند الناس، ومن المكانة عند الناس.. استهتار بالله أن تنشد الرفعة عند الناس، ولا يكون همك أن تكون مقرباً عند الله؛ لأنك حينئذٍ قد جعلت للناس في نفسك مكانة أعظم من مكانة الله، وجعلت الناس أعظم عندك من الله، فأصبح القرب منهم أصبحت المكانة عندهم أصبحت الرفعة لديهم هي عندك أغنى وأهم، إلى درجة أنك لا تلتفت إلى قضية الرفعة عند الله والعلو عنده والقرب منه، هذا هو من الاستهتار بعظمة الله سبحانه وتعالى ومن الجهل بالله ومما ينسف أعمال الإنسان كلها.
يجب أن تحرص على أن تكون مقرباً من الله، ويجب أن تعمل على أن تعلي كلمة الله لا أن تعلي شخصيتك، أن ترفع راية الإسلام لا أن ترفع رأسك، أن ترفع الأمة وأن تعلي الأمة لا أن تهتم بشخصيتك أنت، يكفيك شرفاً أن تشعر أنك تسير في طريق هي لله رضى، وأنك تسير في سلّم القرب من الله سبحانه وتعالى هذا هو الشرف العظيم، ثم اعمل على أن ترفع كلمة الله على أن تعلي كلمة الله على أن ترفع الأمة وأن تعمل في رفعة الأمة من هذه الوضعية المنحطة التي تعاني منها
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
محياي ومماتي لله
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 26/7/2002م
اليمن – صعدة