استهدافُ 3 سفن متجهة إلى كيان العدوّ خلال 48 ساعة: اليمنُ يثبّتُ معادلةَ الحصار بالحصار

||صحافة||

على مسارِ معادَلةِ “الحصارِ بالحصار” التي تفرضُها القيادةُ اليمنية عسكريًّا في البحرَينِ الأحمر والعربي؛ نُصرةً للشعب الفلسطينية ومقاومته الشجاعة، صدمت القواتُ البحرية العدوَّ الإسرائيلي ورُعاتَه بثلاث عمليات نوعية متتابعة استهدفت فيها ثلاثَ سفن كانت متوجّـهةً إلى كيان الاحتلال في أقل من 48 ساعة فقط، محدثة بذلك هزة كبرى أجبرت العديدَ من شركات الشحن العملاقة على إعلان اعتزامها وقفَ حركتها في البحر الأحمر مؤقَّتًا، وعلى الرغم من تأكيدِ القوات المسلحة على أن ضرباتها لا تهدّد إلا السفن المتوجّـهة إلى العدوّ، فَــإنَّ مثلَ هذه التداعيات من شأنها خلقُ ضغطٍ على العالم الذي يدعمُ قتلَ وتجويع الشعب الفلسطيني، أما اليمن فلن يتراجعَ عن معادلته مهما كان الثمن.

وفي بيانٍ عسكريٍّ جديدٍ أُلْقِيَ، ولأول مرة، وسط احتشاد جماهيري ضخم في ميدان السبعين، أعلن المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أن “القوات البحرية نفذت عملية عسكرية ضد سفينتَي حاويات هما (MSC Alanya أم إس سي ألانيا وَMSC PALATIUM 3 أم إس سي بالاتيوم3) كانتا متجهتين إلى الكيان الإسرائيلي، وقد تم استهدافهما بصاروخَينِ بحريين مناسبين”، مُشيراً إلى أن “عمليةَ استهداف السفينتَينِ جاءت بعد رفض طاقمَيهما الاستجابةَ لنداءات القوات البحرية اليمنية وكذلك الرسائل التحذيرية النارية”.

وجاء البيانُ بعد أقلَّ من 24 ساعة من بيان آخر كان العميد يحيى سريع أعلن فيه أن القوات البحرية “نفذت عملية عسكرية ضد سفينة حاويات (ميرسك جبل طارق) كانت متجهة إلى الكيان الإسرائيلي وقد تم استهدافها بطائرة مسيرة وكانت الإصابة مباشرة وذلك بعد رفض طاقم السفينة الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية”، مؤكّـدًا أن القوات المسلحة نجحت في منع مرور عدة سفن كانت متجهة نحو كيان الاحتلال خلال اليومَين الماضيين (الثلاثاء والأربعاء).

وقبل ثلاثة أَيَّـام فقط كانت القوات المسلحة قد استهدفت السفينة النرويجية “استريندا” بصاروخ بحري بعد أن رفضت رسائل التحذير لمنعها من الوصول إلى كيان الاحتلال؛ وهو ما يعني أن القواتِ البحريةَ قد استهدفت أربعَ سفن كانت متوجّـهةً إلى موانئ العدوّ خلال أقل من أسبوع، فيما نجحت بمنع عدد أكبر من المرور بدون استهداف.

وأكّـد العميد يحيى سريع في البيان الأخير أن “القوات المسلحة اليمنية تطمئن كافة السفن المتجهة إلى كافة الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية بأنه لن يصيبها أي ضرر وأن عليها الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً”.

وتشير هذه الكثافة في تنفيذ العمليات النوعية ضد السفن المتوجّـهة إلى كيان العدوّ إلى إصرار واضح من قبل القيادة اليمنية على فرض معادلة “الحصار بالحصار” التي أعلنت عنها القوات المسلحة في التاسع من ديسمبر الجاري (قبل أسبوع) كما تشير إلى قدرات يمنية هائلة ومتطورة في الرصد والتخطيط والتنسيق والتنفيذ بشكل يواكب الحركة المباشرة للسفن على امتداد مسرح العمليات الذي يشمل البحرين العربي والأحمر؛ وهو ما يجدد التأكيد على أن صنعاء لم تنجح فحسب وبشكل استثنائي وغير مسبوق في الوصول إلى معادلة بحرية ذات أبعاد إقليمية ودولية، بل نجحت في تثبيتها وفرضها كأمر واقع.

هذا ما أكّـدته أَيْـضاً تداعيات هذه المعادلة التي ظهرت بعد البيان الأخير بشكل واضح، حَيثُ أعلنت شركة “ميرسك” الدنماركية العملاقة التي تعتبر ثاني أكبر شركات الشحن البحري على مستوى العالم، أنها ستوقف عمليات الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر مؤقتا، وستجبر سفنها على الإبحار حول إفريقيا، فيما أعلنت شركة “هاباج لويد” الألمانية أنها ستفعل المثلَ حتى 18 ديسمبر الجاري مبدئيًّا.

وبرغم أن القوات المسلحة قد أكّـدت بوضوح أن عملياتها لا تستهدف سوى السفن المتوجّـهة إلى كيان العدوّ، فَــإنَّ وقف بعض شركات الشحن عملياتها في البحر الأحمر وما قد يترتب على ذلك من تأثيرات عالمية قد يخلُقُ ضغطًا على داعمي الكيان الصهيوني؛ لإجباره على رفع الحصار عن غزةَ.

وفيما يرى بعض المحللين أن قرارَ شركتَي “ميرسك” و”هاباج لويد” قد ينطوي على محاولات للتحريض ضد اليمن والموقف اليمني وتصوير أن الملاحة الدولية أصبحت معرَّضةً للخطر في المنطقة، فَــإنَّ مثل هذا السلوك لن يؤدي إلى أية نتائجَ تحقّق أهداف العدوّ ورعاته في إيقاف العمليات اليمنية، بل سيكبّدُ العالَمُ خسائرَ كبيرة، لن يكونَ إيقافُها متاحًا، من خلال التحَرّك ضد اليمن؛ لأَنَّ ذلك سيعقّدُ المشكلةَ أكثرَ.

وفي هذا السياق كان عضو الوفد الوطني المفاوض، عبدُ الملك العجري، قد أوضح قبل يومَين أنه “ما من سبيل لمنع توسع التصعيد سيما في البحر الأحمر إلا بالدفع نحو وقف إطلاق نار دائم ورفع الحصار عن غزة، وعلى من لم من يصل لمثل هذه القناعة -حتى الآن- أن يدرك جيِّدًا أن أساطيل الأرض لو احتشدت إلى البحر الأحمر لن تجلب الأمان لإسرائيل ولا للسفن الإسرائيلية أَو تلك المتجهة لإسرائيل، ولن تثنيَ الجيشَ اليمني عن نصرة غزة، وأن الـسبيل الوحيد لعودة الهدوء في البحر الأحمر مرتبط بعودة الهدوء لغزة”.

 

شركاتُ الشحن تضطرُّ لمقاطعة الكيان الصهيوني:

ويمثل قرارُ شركات عالمية مثل “ميرسك” و”هاباج لويد” وقفَ حركتها في البحر الأحمر موقتا ضربة كبيرة للعدو الصهيوني الذي كان يحاول من خلال هذه الشركات أن يتجاوز المعادلةَ السابقة للقوات المسلحة والمتمثلة باستهداف السفن “الإسرائيلية” والمرتبطة برجال أعمال صهاينة، حَيثُ أصبح الآن معرًّضًا لتصاعد نزيف خسائره الاقتصادية الذي لم يتوقف منذ إعلان قائد الثورة بدء التحَرّك البحري في منتصف نوفمبر الماضي.

وقد كشف تقريرٌ نشره موقع “ذا ماركر” العبري التابع لمجموعة “هآرتس” أن “شركة الشحن التايوانية العملاقة “يانغ مينغ” كانت يوم الأربعاء الماضي قد أبلغت ميناء أشدود بأنها ستحوّل مسار سفنها حول القارة الإفريقية في طريقها إلى إسرائيل؛ الأمر الذي من شأنه أن يُمدِّدَ الرحلةَ بحوالي 22 يوماً، ولكن الشركة قرّرت في الأيّام الأخيرة التوقف عن زيارة الميناء نهائيًّا”.

وَأَضَـافَ أن “شركة الشحن MSC تواجه أَيْـضاً قرارًا بشأن مواصلة زيارة الموانئ الإسرائيلية بالبضائع التي ستصل من الشرق”.

وأوضح الموقع أن “بعضَ أصحاب السفن قد قاموا بالفعل بحذف ميناء أشدود من طريقهم، وبرغم أن هذه السفن تمر عبر باب المندب لكنها لا تزور أشدود، بل تكتفي بنقل البضائع إلى تركيا”.

وأوضح التقرير أن الضررَ كُلَّه منحصِرٌ على الكيان الصهيوني، حَيثُ نقل عن الرئيس التنفيذي لشركة كونمارت الإسرائيلية قوله: إنه “لا توجدُ مشكلةٌ في سفينة لا تحمل على متنها بضائع إسرائيلية، وَإذَا كانت سفينة تحمل 14 ألفَ حاوية تصل إلى هنا كُـلّ أسبوع ولا تحملُ إلا حوالي 3000 حاوية لإسرائيل؛ فلا تفترض أنها ستغير مسارها؛ بسَببِ إسرائيل، بل ستقرّر السفن التخلي عن الشحنة الإسرائيلية”.

وقد نقل موقعُ “أكسيوس” الأمريكي، الجمعة، عن مسؤولين في الولايات المتحدة تأكيدَهم على أن “هناك توقُّفًا شبهَ كامل لوصول السفن إلى ميناء إيلات؛ بسَببِ هجمات اليمن”.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا