مرتزقة الإمارات يتنازعون المقاولة: مَن الأَولى بحماية إسرائيل؟
||صحافة||
في اتجاه معاكس للموقف اليمني المساند للقضية الفلسطينية والرافض لجرائم العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، يواصل رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات في جنوب اليمن، عيدروس الزبيدي، تحركاته المساندة لإسرائيل، ويقدّم المزيد من العروض للجانبين الأميركي والإسرائيلي، بفتح جبهات إسناد للكيان ضدّ حركة «أنصار الله» التي تسيطر على معظم محافظات شمال اليمن. إلّا أنّ تلك الاستماتة، التي قوبلت باهتمام الإعلام العبري، لاقت تجاهلاً من قبل الولايات المتحدة، التي تدرك ضعف تأثير المجلس.وكان «الانتقالي» الذي دان عمليات صنعاء ضدّ الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب أكثر من مرة الشهر الجاري، قد كثّف تحركاته الميدانية في الأيام الماضية في محافظات عدن ولحج ومضيق باب المندب. وأكّد عدد من كبار قياداته، بمن فيهم الزبيدي نفسه، جهوزية ميليشياتهم للمشاركة الفاعلة في أيّ عمليات تقوم بها الولايات المتحدة، كقائدة للتحالف العسكري البحري الجديد، ضد صنعاء.
لكن هذه الاندفاعة لم تغرِ أميركا التي تعمّدت تجاهل تلك العروض، رغم أنّها تعاني من عزلة عربية بسبب الامتناع شبه الكامل عن المشاركة في تحالف حماية الملاحة الإسرائيلية. وبحسب مصادر مقربة من حكومة عدن تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن قيادة القوات الأميركية اشترطت أن تجري أي مشاركة لميليشيات «الانتقالي» في التحالف، تحت قيادة ضبّاط الارتباط المعتمدين من قبلها، وعلى رأسهم قائد الفصائل الموالية لأبوظبي في الساحل الغربي، العميد طارق صالح، كونه قائد «القوات المشتركة» المكلفة بمهمات بحرية منذ العام 2020، ورئيس الأركان في قوات تلك الحكومة والمحسوب على الإمارات أيضاً، الفريق صغير بن عزيز. وأشارت المصادر إلى أن ترتيبات واشنطن، في هذا الاتجاه، تعود إلى منتصف تشرين الأول الماضي، وأن القيادة الأميركية، عزّزت التعامل مع طارق صالح، كون قواته تتموضع في مناطق مهمة في باب المندب وله ارتباط بقيادة الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين منذ سنوات، وهذا ما أثار حفيظة «المجلس الانتقالي» الذي سبق لرئيسه أن بعث بأكثر من رسالة إلى الإسرائيليين عبر الإمارات تشير إلى استعداده لتأمين المضيق الدولي الواقع غرب محافظة تعز شمال اليمن، مقابل دعمه.
الزبيدي مُنع من دخول غرفة العمليات الأميركية – الإماراتية عند زيارته جزيرة ميّون
ووفقاً لمصادر في «الحراك الجنوبي» تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن قيادات جنوبية اعترضت على مخطّط إماراتي يهدف إلى إنشاء محافظة باب المندب وتسليمها لطارق صالح. وأشارت المصادر إلى أنّ تعامل أميركا وبريطانيا وفرنسا التي دفعت بسفيرتها الجديدة لزيارة باب المندب قبل نحو شهرين، مع طارق صالح، أفقد ميليشيات «الانتقالي» أي اهتمام دولي، ودفع بالإمارات إلى تسليم مهمات حماية خليج عدن لقوات صالح، كونها لا تثق بالزبيدي وتخشى ردة فعل القيادات السلفية العقائدية على قيام التشكيلات التابعة له بمثل هذا الدور. وكردّ فعل على تهميشه، قام الزبيدي، هذا الأسبوع، بزيارة مفاجئة إلى مضيق باب المندب، إلّا أنّه مُنع من دخول غرفة العمليات الأميركية – الإماراتية عند وصوله إلى جزيرة ميّون المطلة على المضيق الإستراتيجي، والتي تحميها قوات صالح. ومع ذلك، تظاهر الزبيدي بامتلاك ميليشياته الممولة من الإمارات، حضوراً عسكرياً بحرياً كبيراً في باب المندب والبحر الأحمر. وأكد، في تصريح صحافي، أن قواته ستكون جزءاً فاعلاً ومهماً من التحالف الدولي الجديد، وستُسهم في حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأبلغت مصادر عسكرية مطّلعة في الحديدة، «الأخبار»، بأن زيارة رئيس «الانتقالي» إلى مضيق باب المندب، جاءت في إطار صراع محتدم بين «الانتقالي» وميليشيات طارق صالح، على خلفية أولوية كل منهما للاضطلاع بما يُسمّى مهمة حماية الملاحة في البحر الأحمر والاستئثار بالدعم العسكري الأميركي والإسرائيلي. وكان صالح وهو عضو «المجلس الرئاسي» وأبرز الموالين للإمارات والولايات المتحدة في الساحل الغربي لليمن، قد كثّف تحرّكاته، وهاجم عمليات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية. وجاء ذلك بعد لقاءات جرت بينه وبين الأميركيين في جيبوتي قبل أن يتم استدعاؤه من قبل القيادة الأميركية في المنامة قبل أيام.
وقوبلت تلك التحرّكات المساندة لإسرائيل، بمزيد من الانشقاقات في صفوف الفصائل المموّلة من الإمارات، للانضمام إلى قوات صنعاء، فيما أثارت ردود فعل غاضبة في المجتمع اليمني، المؤيد بغالبيته للعمليات العسكرية ضد السفن الإسرائيلية أو المتّجهة إلى موانئ الاحتلال، والعمليات الجوية التي تستهدف العمق الإسرائيلي في إيلات. ووفقاً لأكثر من مكوّن جنوبي رافض لسياسة «الانتقالي» ونهج الإمارات المعادي للقضية الفلسطينية، فإن أي أعمال عسكرية تنفّذها واشنطن ضد صنعاء على خلفية اشتراط الأخيرة إدخال الغذاء والدواء والوقود إلى قطاع غزة، مقابل التوقّف عن استهداف الكيان، سوف تُقابَل برد من كلّ المحافظات اليمنية، بما فيها تلك الخارجة عن سيطرة «أنصار الله».
الاخبار اللبنانية: رشيد الحداد