التجارةُ الرابحةُ التي لا خسارةَ فيها
موقع أنصار الله ||مقالات||نبيل بن جبل
القراءةُ الفعليةُ بتمعُّنٍ وتدبُّرٍ لهدى الله تدعو الإنسان المؤمن الباحث عن الهداية والرضوان من الله للحياة الجهادية العظيمة، وتحيي في نفسه ثقافة الجهاد وَروحية الاستشهاد فتجعله يتحَرّك في ميدان المواجهة مع الأعداء بمسارعة لا تتغير ولا تتبدل مع الأيّام ولا تعرف معنى للتثاقل أبدًا.
يجب أن نفهم ونعي أوامر الله في القرآن الكريم لنزن من خلاله الأمور وندرك أولويات الدين في الصراع، وَإذَا رجعنا إلى كتاب الله فسنعي ونفهم أن الجهاد في سبيل الله أهم واجب يجب أن نقوم به، وقد جعله الله شرطا أَسَاسيا لدخول الجنة، حَيثُ قال تعالى: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”، أي لا يكن في حسبانكم أنكم ستدخلون الجنة إلا بتحقيق هذا الشرط؛ لأَنَّه يترتب عليه أمور الدين، إعلاء كلمة الله، نصرة المستضعفين، تحقيق العدل والمساواة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عزة وكرامة الأُمَّــة مرهونة به.
أَيْـضاً هو أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله، حَيثُ يقول الله (تعالى): “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، إذن فأعظم وسيلة تقرب الإنسان من الله هي الجهاد في سبيل الله.
أيضاً هي تجارة رابحة مع الله ولا خسارة فيها أبداً، وإن تخلى عنها الإنسان خسر الدنيا والآخرة، قال تعالى: “يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكم عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ بِأمْوالِكم وأنْفُسِكم ذَلِكم خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ”، وَلو فكرنا في هذه الآية سنجد أنه لا توجد أية خسارة مهما قدم الإنسان في سبيل الله من تضحيات مقارنة بهذه التجارة العظيمة، وما أعظمها من تجارة تكون نتيجتها النجاة من العذاب الأليم يوم القيامة وهذه هي الطريقة التي بها تنجون من عذاب الله وهي صفقة رابحة ثمنها الجنة، ثم في آية أُخرى آية البيع من الله أن الإنسان ليس لنفسه فهو لله وأمواله ليست له إنما هي هبةٌ من الله ليعرف صدق عباده ويختبرهم بها يقول الله (تعالى): “إنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْفُسَهم وأمْوالَهم بِأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ والقُرْءانِ ومَن أوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وذَلِكَ هو الفَوْزُ العَظِيمُ”.
إذن كُـلّ ما مع الإنسان هو اختبار له، وهي صفقة رابحة بين الله وعباده المؤمنين ثمنها “الجنة”: “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”، عنصر مهم أن تكون مسارعاً سباقاً لميدان الجهاد والبذل والعطاء وقد عرفت أنها تجارة رابحة لا خسارة فيها، وارتباط الحياة وَالسعادة والجهاد أَيْـضاً هي مسلمة ثابتة في كتاب الله..
السعادة والراحة النفسية والروحية والحياة الحقيقية هي بالجهاد في سبيل الله يقول الله (تعالى): “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ”، هنا الحياة الحقيقية أن تحيي الدين في أعماق قلبك ونفسك ومشاعرك وواقع حياتك بمواقف عملية على أرض الواقع وستحيا بسعادة غامرة وراحة بال وطمأنينة نفس عظيمة، وإحياء الدين في النفس يولد في داخل الإنسان سعادة وراحة وإحساس جميل وشعور عظيم تخلقه النفس في عالمها لا تدرك معناه العقول الضيقة ولا النفوس الصغيرة؛ لأَنَّه يحيا بعزة وكرامة وحرية واستقلال واستقرار، والنداء في هذه الآية هو لأحياء لكنهم كالأموات لا قيمة لهم ولا وزن إذَا لم يحيَوا حياة الدين بما تعنيه الكلمة من معنى، لا حياة ولا سعادة إلا بالجهاد في سبيل الله.
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تحث على الجهاد ونصرة المظلوم ولن تسلم الأُمَّــة من مكر وشر وقتل وإرهاب وتشريد واحتلال وهيمنة أعدائها لها إلا بأداء هذه الفريضة العظيمة ولن تتحقّق لها مكانة ولا سيادة ولا استقلال ولن تحفظ لها حقوق أَو كرامة أَو أعراض إلا بالجهاد في سبيل الله.
وآيات كثيرة في القرآن تحث الإنسان على المسارعة في السير على طريق الجهاد المقدس بفاعلية وحيوية ونشاط في ميدان المواجهة مع قوى الطاغوت والاستكبار في السير وفقاً لتوجيهات الله وتسليماً له ولمن أمر بتوليهم من المؤمنين الأخيار قرناء القرآن.. أهل بيت الرسالة.. سفينة نجاة الأُمَّــة وإلى ما فيه نجاته وصلاحه وفلاحه وفوزه في الحياة الدنيا والآخرة، وكلّ هذه الآيات كافية لتجعل حياة الإنسان وموته خالصة لله، وهي كافية لأن تجعل الإنسان يؤدي الواجب والمسؤولية الملقاة على عاتقه بكل حب وشغف وشوق ولهفة وصدق وإخلاص مع الله لينأى بنفسه بعيدًا عن سخط الله وعذابه، والعاقبة للمتقين.