وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
استنكاف الإنسان عن الحق يعتبر استكباراً أيضاً, رفض الإنسان للحق, سخريته من مواقف الحق, عناده للحق. فالإنسان قد يكتب عند الله من المتكبرين, من الجبارين؛ لأن الإنسان عندما يعاند, وإن كان فقيراً, وإن كان مستضعفاً من جانب آخرين, عندما يعاند الحق, عندما يعاند آيات الله عندما تتلى عليه يعتبر مستكبراً؛ لأنك لا تقف في موقف عناد للحق إلا وأنت في نفس الوقت تحمل مشاعر استكبار, وعلو, وعتو.
لاحظ كيف قال الله في القرآن الكريم: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً}(الجاثية8) ما هنا سماه جباراً؟ هكذا قد تحمل مشاعر استكبار وعتو فتحشر مع فرعون, مع نمرود, مع الذين كانوا متجبرين؛ لأنك أنت في الواقع, أنت في الواقع, بنفسيتك, بروحيتك جبار, إنما لم يتح لك أن تكون مثل أولئك الجبابرة, عملياً يكون جبروتك أوسع, وإلا فهي نفس المشاعر الفرعونية تكون مع بعض الفقراء, مع بعض المساكين؛ ولهذا بعضهم قد تجده بمجرد أن يحصل على مقام, وظيفة معينة, أو أي منصب يحصل له, ما تدري إلا عندما يتكبر ويتجبر, وإذا به لم يعد ذلك الذي كان يبدو أمامك إنساناً عادياً, قد هو جبار, وقد هو مستكبر.
فلأن الإنسان قد يرى نفسه بمشاعر كبرياء, بمشاعر عتو, بمشاعر تجبر فيرى نفسه رفيعة وهو يصد عن عمل حق, وهو يكذِّب بحق, وهو يعاند حقاً, سيحشر يوم القيامة وهو منحط, خافض لرأسه, مقامه منخفض, معنوياته منخفضة.
الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عرض أقوالاً لمن يعيشون حالة من هذه, حالة الإنكسار, والندامة, والحسرة يوم القيامة: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ}(الزمر56) يعرض أيضاً, وقد هم في داخل جهنم كيف ترحُّمهم واستعطافهم: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ}(غافر49).
أليست هذه حالة انكسار؟ يقول عنه عندما يرى أعماله السيئة, ويتصفح صحيفته, ويرى الأعمال السيئة {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}(الفجر24) أليست هذه عبارة ندم وحسرة؟.
يقول أيضاً عندما يكون من الأتباع لأهل الباطل, الصادين عن دين الله: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}(البقرة167).
لأنه حتى أحياناً بعض الأتباع يصبح عنده روح الطغيان, والتجبر, والكبرياء, والعناد, والتمرد, وهو مجرد تابع؛ لأنه مقرب من مسؤول معيّن؛ لأن له كلمة عند مسؤول معين, تراه كذلك ينعكس في نفسيته جبروت, وطغيان، وعناد, وإصرار, وتمرد الذي يكون تابع له.
هؤلاء يوم القيامة يرون كل أعمالهم حسرات, ندامة شديدة, عذاباً نفسياً شديداً, عندما يجدون بأنه من كانوا معهم في الدنيا يصفقون لهم, ويؤيدونهم, ويعادون من أجلهم, ويوالون من أجلهم, وهم ناس ليسوا ملتزمين بدين الله, ناس محاربين لدين الله, في الأخير يرى هؤلاء يوم القيامة لا يعودون ينفعونه بشيء إطلاقاً يتبرؤون منه.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة آيات من سورة الواقعة
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ:10رمضان1423هـ
اليمن-صعدة