الرسول هو نعمة على العرب قبل غيرهم من الأمم

موقع أنصار الله  || من هدي القرآن ||  وقد عظمت منة الله به على العرب قبل غيرهم من الأمم قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ  وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْالجمعة:2، 3 يعني الأجيال اللاحقة التي لم تكن قد وُجدت، ومنها جيلنا وعصرنا، وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِالجمعة:3، 4.

 

فضل الله ورحمته أتت إلى هذه الأمة إلى الأميين العرب لتغير واقع حياتهم لترفعهم من ساحة الفسق والفجور والخمر والزنا والقتل والتناحر وأكل الميتة ووأد البنات وقتل الأطفال إلى أمة طاهرة لا يوجد فيها مجال لا للفسق ولا للفجور أمة مقدسة أمة نظيفة أمة صالحة أمة زكية النفوس وزكية السلوك وطاهرة القلوب وأمة يصلح واقعها لأن هذا الدين هو دينٌ من تمسك به يعتز ويرتفع ويكون موصولاً بالله.

وقد بذل (صلى الله عليه وعلى آله) كل جهده في تغيير الواقع السيئ الذي كان يعيشه العرب الأميون والعالم آنذاك، وهو واقع طغى عليه الجهل والخرافة والشرك والكفر والفساد والرذيلة والنهب والسرقة والتفرق، يعبدون الأصنام ويأكلون الميتة ويشربون الخمر، ويئدون البنات، ويمتهنون النساء، ويرتكبون الفواحش، ويأكل القوي منهم الضعيف في جاهلية جهلاء وضلال مبين وضياع للحياة، لا هدف ولا مبادئ، على شفا حفرة من النار.

إن دين الله هو صلة به صلة ما بين الله وبين عبادة وعلى أساسه يمنح الناس عزًّا وخيرًا وفلاحًا وخيرًا كثيرًا في واقع حياتهم وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ الأعراف:96 من السماء والأرض.

عندما أتى رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) بُعث في عالم هكذا حاله عالم مليئ بالضلال بالفسق بالفجور بالتخلف بالطغيان بالضياع أمة ومجتمعات ليس لها اهتمام بأي شيء مهم، ضائعة ضائعة تمامًا، متفرقة متناحرة ليس لها دين ولا دنيا، ليس لها حاضر، وليس لها مستقبل، ضائعة تمامًا، فكانت رحمة الله بهذا الرجل العظيم برسالته العظيمة دين الله العظيم والقرآن المجيد.

 

الرسول بعث معلمًا ومربيًا لأمته:

 

حينما بعث الله فينا نحن الأميين، نحن العرب، حينما بعث الله فينا ومنا محمدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولًا له مهمة كلفه الله بها، منوطة بنا هي لنا، رسول لنا لخدمتنا، يعمل من أجلنا، كلما لديه، كلما يقدمه لنا ومن أجلنا، يتلو عليهم آياته، آيات الله التي تمنحنا الوعي، وتمنحنا البصيرة، فلا يستطيع أحد أن يضلنا، ولا يستطيع أحد أن يخدعنا، ولا يتمكن أحد من إفسادنا طالما تحلينا بذلك الوعي وهاتيك البصيرة يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ونحن محتاجون إلى الزكاء، الإنسان يحتاج إلى زكاء نفسه كي يكون من الأبرار، وعنصرًا صالحًا في الدنيا، يقوم بدور عظيم يترتب عليه فلاحه وخيره وفوزه في الدنيا والآخرة.

يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وأيضًا معلمًا، رسول الله من مهامه تجاهنا أن يكون معلمًا لنا، يعلمنا كتاب الله الحكيم، كتاب الله الكريم، كتاب الله الذي يتضمن التعاليم العظيمة، التي إن أخذنا بها نسعد في الدنيا والآخرة ونسلم من عذاب الله في الدنيا والآخرة، ونعيش في عزة وسعادة ويكون مصيرنا إلى خير في الآخرة أيضًا، معلم، معلم، يعلم كتاب الله، ويعلم هذه الأمة الحكمة لتكون أمة حكيمة، حكيمة في مواقفها، حكيمة في سلوكها، حكيمة في أعمالها، حكيمة في إدارة شؤون حياتها، حكيمة في مواجهتها مع أعدائها، تصرفاتها حكيمة، ومواقفها حكيمة، وأعمالها حكيمة. هذا هو الرسول، وهذا هو مشروعه للأمة أولها ولاحقها، سابقها وآخرها، رسول الله هو لهذه المهمة؛ لأن يكون لنا معلمًا لنا، مربيًا لنا، قائدًا لنا، مصلحًا لنا، يحل مشاكلنا، يزكي أنفسنا، يقودنا إلى حيث الخير، إلى حيث الرشاد، إلى حيث العزة، إلى حيث المجد، إلى حيث الفلاح، إلى السعادة، يشدنا نحو الله، ويصلنا بالله بما يكسبنا رضوان الله، وتوفيق الله، وعون الله، ونصر الله، رسول يتكفل بهذه المهمة لهذه الأمة، السابقين منهم واللاحقين وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ.

إذًا هذا يمثل فضلًا من الله علينا لنعرف هذا، رسول الله حينما بعث الله فينا رسولًا منا، هذا يعتبر فضلًا من الله علينا نحن، منة من الله علينا نحن، فحينما قال الله: ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ هذا من أعظم ما أكرمنا الله به أن يجعل منا رسولًا، رسولًا له هذه القيم، وهذه التعاليم، وهذه المهام العظيمة؛ لكي نكون نحن خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسود فوق الأمم الأخرى، وننهض بمسؤولية هي شرف كبير لنا، فالرسول منا فضل من الله علينا، وهو في الوقت نفسه منة لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍآل عمران: 164 حتى لا نكون أمة ضائعة، أمة تعيش دون هدف، ضائعة في كل مجال من مجالات الحياة، ثم يكون مصيرها إلى جهنم والعياذ بالله، فهذه منة، مَنَّ الله، ذلك فضل الله، شرف كبير أنعم الله به علينا، حين نعرف أن الرسول محمد هو منة من الله علينا وفضل علينا وشرف كبير لنا، وأنه من أعظم ما قدمه الله لنا، أعظم من كل النعم المادية التي لا يصبح لها أي قيمة مع الشقاء ومع الضلال ومع البعد عن هدى الله جل شأنه.

قد يعجبك ايضا