السيد القائد يشرح أهوال يوم القيامة والمصير الحتمي لأهل النار
على ضوء بعضٍ من الآيات القرآنية المباركة يواصل السيد القائد في المحاضرة الرمضانية الخامسة الحديث عن أهمية التقوى، وأهميتها والحاجة إليها في الآخرة، ويتحدث عن أحوال الناس يوم القيامة، سواءً في المرحلة الأولى من يوم القيامة، وهي النفخة الأولى، أو في النفخة الثانية والحشر للحساب، مؤكداً على أهمية ما يعنيه ذلك للناس في هذه الدنيا.
وفي هذه المحاضرة يؤكد السيد القائد على أهمية التركيز جيداً على أخذ العظة والعبرة، وأن يدرك الإنسان أنه معنيٌ بكل ذلك، وأنه هو شخصياً من ضمن هؤلاء الذين يتحدث عنهم القرآن الكريم بأن الله سيبعثهم يوم القيامة، وأنه سيحاسب ويسأل ويجازى؛ ويؤكد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يُحَذِّر في القرآن الكريم من حالة الغفلة، والتي إن استحكمت على الإنسان فلها تأثيرٌ خطير على الإنسان، وهي حالة خطيرة جداً، مؤكداً على سماع هدى الله بإصغاء، وبتفهم؛ للاستفادة من ذلك.
ومن قوله الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)، يؤكد السيد القائد أن هذا يعود إلى ما عمله الإنسان من أعمال في هذه الدنيا، فإن كان قد اتقى الله، واستجاب له، وعمل الأعمال الصالحة، التي أمره الله بها في القرآن الكريم وفي هديه إلى رسله، فإنه يَبْيَضُّ وجهه يوم القيامة، ويكون يوم القيامة مسروراً، وسعيداً، وراضياً عن نفسه، وعن عمله، وأن هذه العلامة التي يعطيها الله، كعلامة أيضاً للفوز، للفلاح.
ويبين السيد القائد الحالة الأخرى التي كان الإنسان فيها مُفَرِّطاً في تقوى الله “جلَّ شأنه”، وأنه وقف في هذه الدنيا مواقف الخزي، والمواقف السيئة، ومواقف الارتداد عن مبادئ الإيمان وقيمه وأخلاقه، ويصف السيد القائد أنها حالة شنيعة، وسيئة، ومخزية وتتجلى في يوم القيامة مع حزن الإنسان، وأسفه الشديد، وشعوره العميق بالخسارة الرهيبة، وندمه، ندمه الذي هو عذابٌ نفسيٌ رهيب، وأن العلامة التي يوسم بها، يَسْوَدُ وجهه بشكلٍ شديد جداً، اسوداداً شديداً رهيباً.
ويؤكد السيد القائد أن هذه الآية المباركة: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}، تأتي في (سورة آل عمران) في سياقٌ مهم، وهو سياق الآيات التي تحدثت عن خطر أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وعن عداوتهم الشديدة للإسلام والمسلمين، وعن طبيعة الصراع معهم، وعن سعيهم لإبعاد الأمة والارتداد بها عن طريق الإيمان، {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، وأن نتيجة طاعتهم تكون هي تلك النتيجة في قوله تعالى: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.
ويؤكد السيد القائد أنه في الفصل بين العباد يوم القيامة تبرز القضايا الكبيرة، ويبين أن المشكلة لدى الكثير من الناس في الدنيا أنهم ينظرون بمعيارهم الشخصي إلى القضايا، ويقفون من قضية في غاية الخطورة موقف المستهتر، والمتهاون، بحسب معيارهم الشخصي، وليس بمنظار القرآن الكريم، ويؤكد أن هذه مسألة خطيرة جداً على الإنسان؛ ولهذا نجد في قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تجاه خطورة اليهود على هذه الأمة، أنه يأتي فيما يتعلق بالتقوى تجاه هذا الأمر، في قوله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}.
ويشير السيد القائد إلى المواقف في ساحة القيامة عند الفرز، في أن يمتاز أهل النار إلى النار، وفي أن يتجه أهل الجنة إلى عالم الجنة، ويبين أن هناك موقفٌ ملفتٌ جداً ومؤثِّر تحدث عنه القرآن الكريم، وهو موقف المنافقين، الذين كانوا ينتمون إلى الإسلام، فلا يسمح لهم يوم القيامة بالذهاب معهم، وهي حالة رهيبة جداً.
ثم يتحدث السيد القائد عن مرحلة الانتقال من ساحة الحشر، من كوكب الأرض، وتبدأ عملية الانتقال- والعياذ بالله- لأهل النار إلى النار، إجبارياً؛ لأنهم لا يرغبون في ذلك، بل يحاولون أن يمتنعوا، وأن يتمسكوا ويتشبثوا بالبقاء هناك في ساحة الحساب، ويدركون الهول الرهيب، والخسران العظيم في انتقالهم إلى جهنم.
ويوضح السيد القائد أن القرآن يُبَيِّن أنَّ أغلبية البشر- للأسف الشديد- يخسرون، يهلكون؛ لانصرافهم عن نهج الله، وعدم استجابتهم لله، {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} وأن الشيطان، الشيطان تمكن باستجابة الناس له من إضلال الكثير الكثير، وأن زبانية جهنم تنقلهم رغماً عنهم، نقلاً إجبارياً، بعد أن يقيَّدوا بالقيود الرهيبة، بالقيود الشديدة، يساقون إلى جهنم وهم في حالة رهيبة جداً من العطش الشديد، قال تعالى:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}.
ويشير السيد القائد إلى المواقف الرهيبة جداً حينما يصلون إلى مشارف جهنم، فيزداد خوفهم الشديد، وشعورهم العميق بالخسران ويحاولون أن ينكروا من جديد ما قد ثبت عليهم حتى في صحائف أعمالهم، ويبين أنه في تلك الحالة يتم تجهيزهم لإدخالهم إلى نار جهنم، بعد فتح أبوابها، وعندما يدخلون إلى نار جهنم فهناك الملابس الجهنمية، كجزء من عذابهم الشديد، ثم تأتي حالة الظمأ الشديد، والجوع الشديد، الذي هو جزءٌ من عذابهم، وأن جزءٌ من شرابهم في نار جهنم هي الصديد والعياذ بالله، الذي هو مكروهٌ في مذاقه، في رائحته، في تعفُّنه، في مذاقه البشع جداً، وأنهم هم يتعذَّبون بالجوع الشديد، ومن شدة جوعهم يأكلون الزقوم، يأكلون الزقوم الذي هو طعامٌ بشعٌ جداً في نار جهنم، جزءٌ من عذاب جهنم.
وبعد ذلك، يوضح السيد القائد أنهم بعد أن ييأسوا من الخروج، يطلبون التخفيف، ولو ليومٍ واحد؛ لأن الحالة في نار جهنم- والعياذ بالله- حالة رهيبة جداً! ولا لحظة واحدة يخفف فيها العذاب على الإنسان، ولا لحظة واحدة تخف عنه الآلام والأوجاع الرهيبة والشديدة، ويطلبون الموت، ليتخلصوا مما هم فيه.
ويختم السيد القائد المحاضرة بالتأكيد بأنه من المهم أن ندرك قيمة هذه الفرص التي وهبنا الله إيَّاها في هذه الحياة، بما يعزز من علاقتنا بالقرآن الكريم، وتعليماته، وأنه يجب أن نلتفت جميعاً إلى تذكير الله لنا، ونداءاته التي تدعونا لأن نقي أنفسنا من ذلك العذاب الشديد:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، ويؤكد أنه من المهم أن يغتنم الإنسان فرصة الشهر المبارك، في التَّوَجُّه نحو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالدعاء بالعتق من النار، بالسعي إلى أن تزداد صلة الإنسان بهدى الله، أن يقوي إيمانه بالله، أن يتَّجه عملياً وفق توجيهات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.