السيد القائد يوضح المكاسب الكبرى التي تتحقق للإنسان في الآخرة من خلال التقوى
.
يتحدث السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في المحاضرة الرمضانية الخامسة عن المكاسب الكبرى التي تتحقق للإنسان من خلال التقوى في الآخرة، ومن قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} يبين السيد القائد أن الإنسان له حياتين: حياة في الدنيا، وحياة في الآخرة، وهناك ترابط ما بين الحياة الدنيا والآخرة في مصير الإنسان المستقبلي، وأن ما عمله في حياته الأولى، يتحدد به مستقبله في حياته الأخرى، فالمصير الحتمي للإنسان هو: إمَّا إلى الجنة، ويحظى برضوان الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإمَّا إلى النار.
ويؤكد السيد القائد أن طريق الجنة هي ميسَّرة، وإذا اتجه الإنسان فيها بصدق مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” زاده هدىً ونوراً، وشرح صدره أكثر، فيتجه على المستوى النفسي برغبة، وارتياح، وسرور بالأعمال الصالحة التي يعملها، هذا ما وعد الله به في القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}.
ويبين السيد القائد المكاسب الكبيرة جداً للتقوى في عالم الآخرة من بداية الحشر، بدءاً بالأمن في يوم الفزع الأكبر، وأهوال يوم القيامة، وأنه في مرحلة الحساب تأتي البشارات أيضاً، كما في الآية المباركة: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} وتصبح مسألة التسليم لصحف أعمالهم وكتبهم بأيمانهم، من المبشرات التي يطمئنون بها.
ويشرح السيد القائد عالم الجنة، بأنه عالمٌ عظيمٌ وكبيرٌ جداً، وشاسعٌ للغاية، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم عن الجنة: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} وأن سكانها- للأسف- قليل، حيث يتجه في يوم القيامة مليارات البشر نحو جهنم، ويتجه القليل إلى الجنة، ويقول الله عن أصحاب اليمين: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ}، ويبين أن حالة المتقين تكون في تكريمٍ عظيم، يقول الله عنهم: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} حيث ينتقلون إلى عالم الجنة جماعات وفي مواكب من النور {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} عندما يصلون إلى مشارف الجنة وأبوابها، يحمدون الله، ويدركون النعمة العظيمة والفوز العظيم الذي وصلوا إليه، {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.
ومن الآيات المباركة، يصف السيد القائد ملابس أهل الجنة في الجنة التي هي من أرقى الملابس، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} من حرير الجنة، الذي لا مثيل له أبداً، التي هي زينة من أرقى أنواع الزينة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}، وعلى مستوى المشروبات، يقول الله: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} من شراب الجنة، من مائها النقي جداً، العذب للغاية، يشربونه بهناء، بارتياح، ويقول الله أيضاً: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}، ويقول الله عن الغذاء في الجنة: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} وأن تقدَّم لهم ما يقدَّم من غذاء الجنة، ومن الطعام فيها، بتكريم، والذي يقدِّمونه لهم في صحاف وأوانٍ من أواني الجنة، وكلها ذهبية، من ذهب الجنة، {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ}
ويشير السيد القائد أيضاً إلى الحور العين المؤمنات اللواتي يخلقهن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في غاية الجمال، يقول الله: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} وبقية المواصفات، التي وصف الله بها الحور العين في القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة.
وفي عالم الجنة، يبين السيد القائد معالم التكريم المعنوي، ومنها تحية الله لهم، وأن يبلِّغهم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” رضاه عنهم، والتحية التي تَبلُغُهم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كما في القرآن الكريم: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} هي أعلى درجات التكريم، ويبين أيضاً أنه من التكريم المعنوي، ومن السعادة الكبيرة المجاورة لأنبياء الله وأولياء الله، وأنهم في الجنة يلتقون بأنبياء ورسل الله، وهذا نعيم عظيم، {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}
ويبين أيضاً من مظاهر التكريم أنهم يُخدَمُون في الجنة؛ ولذلك لا يحتاجون إلى تعب، ولا إلى عناء في توفير أي شيء يحتاجون إليه، وأن هناك خدم يوفِّرون لهم كل ما يريدون، ولهذا يقول الله عنهم: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ}.
ويبين أيضاً أن من مظاهر التكريم المعنوي، هو الاحترام الكبير لكل إنسان متقي لله، وفاز بهذا الفوز العظيم، فيدخل الجنة، ويعيش في الجنة معززاً، مكرَّماً، محترماً، والكل يحترمه، ويقدِّره، وليس هناك من يؤذيه أو يسخر منه، أو يزعجه، أو ينازعه، أو يخاصمه، ويشاجره.
وفي ضوء هذا النعيم العظيم والأبدي الذي لا نهاية له، والراقي جداً، الذي لا مثيل له، يؤكد السيد القائد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يدعو عباده إلى هذا النعيم، وهذا الفوز، وهذا التكريم، ويعرضه عليهم، ويرغِّبهم فيه، وهو ما ورد كثيراً في القرآن الكريم، وأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ويبين أن المسألة مرتبطة بالعمل.
وفي ختام المحاضرة، يبين السيد القائد أنه مهما قرأنا من الآيات المباركة عن الجنة ونعيمها، فهي تقدِّم لنا الصورة التقريبية التي نعجز عن مستوى استيعابها بحقيقتها؛ ولذلك تكون المفاجأة كبيرة عندما يصل الإنسان إلى الجنة ويراها بشكلٍ عظيمٍ جداً، ليؤكد السيد القائد أن المسألة مرتبطة بالتقوى، الله يقول: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} والتقوى أمرٌ متاحٌ للإنسان، وأمرٌ متيسِّر، وأن الأعمال التي أمرنا الله بها في وسعنا، في طاقتنا، وفي متناول الناس، وفيها الخير لهم في الدنيا.