مسؤوليتنا تكبر بحجم الإجرام الصهيوني وعاقبة التفريط خطيرة جدًّا

في مقابل حجم الإجرام الصهيوني الفظيع جداً، الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، الذي هو إجرام فظيع جداً، وحجمه رهيبٌ جداً، وفي مقابل حجم مأساة الشعب الفلسطيني؛ تعظم المسؤولية فعلاً في التحرك الجاد للجهاد، والموقف، والتحرك في كل المجالات، ونحن في شهر رمضان المبارك، حيث الإقبال على تلاوة القرآن الكريم أكثر من أي وقتٍ مضى، وحينما نتلو كتاب الله، نتلو آيات الله، فإنَّ من الأثر المباشر لمن يتأثر بالقرآن، هو: إحياء الشعور بالمسؤولية، وكذلك التذكير بالموقف الذي علينا أن نقفه، وأن نتذكر أيضاً موقف الحساب والجزاء يوم القيامة، بما يزيدنا اهتماماً، وجدّاً، ووعياً، ورغبةً في الأعمال التي نكسب بها رضا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي نفس الوقت ندفع عن أنفسنا بها سخط الله “جَلَّ شَأنُه”.

حينما نتلو آيات الله، نتلو في القرآن الكريم الآيات التي يأمرنا الله فيها بالجهاد في سبيله، في (سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، وسورة الحج)، إذا لم نتحرك لمناصرة الشعب الفلسطيني، في مظلوميةٍ بحجم مظلوميته تلك، فمتى يمكن أن نتحرك؟! إذا لم نحمل راية الجهاد في سبيل الله تعالى، ضد الطغيان والإجرام الصهيوني الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، فضد من، ومتى سنجاهد أو نتحرك؟! سنحيي هذه الفريضة العظيمة المقدَّسة.

لا شك في أنَّ التخاذل في ظروفٍ كهذه خطيرٌ جداً على الإنسان، خطيرٌ عليه في دينه، فلن يقبل الله منه أي شيءٍ من أعماله الصالحة، لن يقبل الله صلاته، ولا صيامه، ولا زكاته، ولا حجه… ولا أي عمل؛ لأنه بعيدٌ عن التقوى، والله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: من الآية27].

إذا وصل الإنسان أمام تلك المظلومية الرهيبة جداً للشعب الفلسطيني، وأمام ذلك الإجرام الفظيع الشنيع، الذي لا مثيل له من جانب العدو الإسرائيلي، إلى درجة ألَّا يكون لديه أي اهتمام بذلك، فأين أكثر من خمسمائة آية عن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، والسِّنان واللسان في القرآن الكريم؟! أين تلك الآيات التي تأمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون لنا موقف ضد الظلم، ضد الطغيان، ضد الإجرام؟! ما هو موقف الإنسان منها؟

الإنسان معرَّض لخطورة كبيرة جداً؛ ولذلك إذا وصل الإنسان ألَّا يكون له أي موقف على الإطلاق، ولا أي إسهام، ولا أي تحرك بمستوى ما يمكنه، كما قلنا: في بعض البلدان يمكن للإنسان- مع الدعاء المستمر- أن يقاطع البضائع الأمريكية والإسرائيلية، من له نشاط إعلامي؛ أن يسهم إعلامياً، من يمكنه أن يتبرع؛ أن يتبرع، أن يكون في إطار موقف، الخطير جداً على الإنسان: ألَّا يكون في إطار أي موقف، في البلدان التي يتهيأ فيها مواقف أكبر؛ تكون المسؤولية أكبر، مع أنها نعمة كبيرة.

وكما قلنا في المحاضرات الماضية، وفي الكلمات الماضية: من النعمة الكبيرة علينا في بلدنا، أن يكون لدينا ظروف مهيأة لموقفٍ متكامل، فنحمل راية الجهاد عسكرياً في الميدان العسكري، ونقاتل أعداء الله، أعداء الإنسانية، نقاتلهم بشكلٍ مباشر على المستوى العسكري، ولو كان بهذه الوسائل المتاحة حالياً: بالقصف بالصاروخية، وكذلك بالطائرات المُسيَّرة، وأيضاً القوات البحرية بما تمتلكه من وسائل مناسبة لذلك، حيث لم يتهيأ لنا التفويج لمئات الآلاف من المجاهدين، للاشتراك بشكلٍ مباشر في قطاع غزة، في مواجهات العدو؛ نظراً لما بيننا وبين العدو من مناطق جغرافية، وبلدان لم تقبل بأن تفتح لشعبنا ممرات برية للعبور منها؛ للاشتراك والمواجهة للعدو الإسرائيلي، والاشتراك مع الشعب الفلسطيني ومناصرته بشكلٍ مباشر؛ لكن أتيح لنا بالصاروخية، بالمُسيَّرة، بالبحرية، بهذه الوسائل المهمة، على أن يكون الموقف الشعبي مسانداً لهذه العمليات، مؤيِّداً لها، معبِّراً عن هذا التأييد، حاضراً في الساحات بشكلٍ كبيرٍ جداً، ثم بالخروج المليوني الأسبوعي، الذي هو عملٌ عظيمٌ، وعملٌ مهم، متكامل مع العمليات العسكرية، مع التبرعات بالمال، مع المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، مع النشاط الإعلامي، والنشاط الإعلامي جبهة مهمة جداً، يقف فيها من يجاهد بكل جديَّة على المستوى الإعلامي لمناصرة الشعب الفلسطيني، والتصدي أيضاً لحملات الأعداء المساندة للعدو الإسرائيلي، والتي هي جزءٌ من عدوان العدو الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني؛ فالتكامل في الموقف هو نعمةٌ كبيرة، وشرفٌ عظيمٌ جداً، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة: من الآية54]، وتهيأ هذا لشعبنا العزيز؛ ثمرةً لتضحياته في الماضي، وجهوده في الماضي، وتحركه التحرري والثوري في كل المراحل الماضية، هيأ له هذه الظروف، التي لا تتهيأ لكثيرٍ من الناس.

في بعض البلدان، لو خرج البعض من المسلمين، من العرب، في بعض العواصم العربية، ليهتفوا للشعب الفلسطيني، ليعبِّروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني؛ لاعتقلوا، وسجنوا، أو قتلوا، هذا وارد في بعض البلدان العربية.

فأن يتاح لنا في بلدنا التحرك الواسع بكل حُريَّة، بكل إباء، بكل عز، هذه نعمة وشرفٌ عظيم، وفي نفس الوقت مسؤولية كبيرة، لا يليق بأحدٍ التخاذل، لا يليق بأحدٍ التنصل عن التحرك في إطار وضعٍ قد هيَّأه الله، لأن يتحرك فيه الإنسان لإبراء ذمته؛ حتى لا يكون مساهماً بسكوته وتجاهله التام، مساهماً ومشتركاً في الجرائم هناك؛ لأن الإنسان إذا وصل إلى درجة التجاهل التام لما يحدث هناك، والسكوت، واللامبالاة، وعدم الإسهام بأي شيء أصلاً؛ سيكون شريكاً في صنع تلك المأساة، ومعاوناً للعدو الإسرائيلي في إجرامه؛ لأنه استفاد أيضاً من سكوت الساكتين، وتواطؤ المتواطئين، وتخاذل المتخاذلين، هذا شكَّل جزءاً من عدوانه على الشعب الفلسطيني، ومن مأساة الشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني تضرر بالأمرين معاً:  بالخذلان الكبير من محيطه العربي والإسلامي، إلَّا القليل النادر وأيضاً بالفعل الإسرائيلي، والعدوان والإجرام الصهيوني.

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

من كلمة السيد القائد حول آخر التطورات والمستجدات 18-رمضان-1445ه 28-3-2024م

قد يعجبك ايضا