هجمات اليمن البحرية تلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي والبريطاني

أكّد اليمنيون أنّهم يُشكّلون جسدا واحدا مع الأوطان المكلومة، يذودون عن إخوتهم في بقاع الأرض وفي غزة الأبيّة، ويسطّرون ملاحم الصمود في آنٍ .. فبرغم سنوات تسع من الجراح في خاصرة وطنهم، والحصار المُستدام عليهم برّا وبحرّا وجوّا، إلّا أنهم صمدوا وغالبوا الجوع والمآسي تمسّكا بهويتهم وأصالتهم.. وحين أوغل الجرح في الأراضي المقدّسة، ووسط صمت القبور في كثير من الدول العربية، والدول الغربية رافعة رايات حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وسيادتها على أراضيها.. والتطبيع العلني من بعض الدول العربية، كسر اليمنيون الحصار، وكان الردّ قاسياً في البحر من خلال استهداف حركة الملاحة الصهيونية، في خطوة منهم لكبح جماح الكيان الصهيوني المعتدي والغاصب، ودعما للشعب الفلسطيني في غزّة ولطوفان الأقصى الذي سطَّر أروع الملاحم البطولية على مدى ما يربو عن 203 أيام.

وأصبحت المعركة التي تخوضها القوات المسلّحة اليمنية لحظر سفن كيان العدوّ الصهيوني والسفن المرتبطة به في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي تأخذ مسارات عسكرية واستراتيجية أوسع وأكثر تأثيرًا، فلم تعد محصورة على منطقة محدّدة أو مستوى ثابت من استخدام القوّة النارية وحجم العمليات، فالمعركة القائمة تتوسع بأبعادها (الجغرافية والعملياتية العسكرية) كما دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا خصوصًا ضدّ كيان العدوّ وكذلك الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت تصاب بفشل وانكسار استراتيجي في حماية سفنها وأساطيلها البحرية.

وطوال 203 من العدوان على غزة، تمكنت القوات المسلحة اليمنية من استهداف 203 سفن وبارجات، منها ما هو أمريكي أو “إسرائيلي” أو بريطاني ومن جنسيات أخرى لها علاقة بالكيان الإسرائيلي، وبغض النظر عن الخسائر المادية جراء استهداف هذا العدد الهائل من السفن، إلا أن هناك أضراراً غير مباشرة على الغرب الكافر، منها خسائر على مستوى الردع، وكذلك الخسائر الاقتصادية والسياسية.

هروب البوارج العسكرية من مسرح العمليات

 

لا خيار للأعداء أمام اليمن سوى الانسحاب والتسليم للأمر الواقع، فكل خياراتهم فشلت في صد الهجمات اليمنية فلا جدوى من الصمود، فاليمن عازم على سحق من وقف في وجهه، ولا قوة في هذا العالم قادرة على إيقافه، تلك هي النتيجة التي وصلت إليها الدول الغربية التي ساندت الكيان الصهيوني في المعركة البحرية، فبادرت بالانسحاب.

ويوم الجمعة 27 أبريل الجاري كشفت القوات البحرية الأمريكية عن انسحاب حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” والمدمرة “يو إس إس غريفلي”، من البحر الأحمر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقالت البحرية الأمريكية: إن “حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت أيزنهاور” والمدمرة “يو إس إس غريفلي”، عبرت قناة السويس يوم الجمعة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد مغادرتها البحر الأحمر”.

فيما أكد موقع “USNI News” التابع للبحرية الأميركية: مغادرة حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت أيزنهاور” البحر الأحمر لتترك منطقة القيادة المركزية الأمريكية بدون مجموعة حاملة طائرات ضاربة أو مجموعة برمائية جاهزة للمرة الأولى منذ أكتوبر.

وخلال الأيام الماضية وبعد انسحاب ثلاث فرقاطات أُورُوبية (فرنسية ودنماركية وبلجيكية) من البحر الأحمر؛ بسَببِ صعوبة مواجهة الهجمات اليمنية المساندة لغزة والتي تستهدفُ السفنَ المرتبطة بالعدوّ الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، أعلنت ألمانيا سحب فرقاطتها “هيسن” من المنطقة لاستبدالها، على وَقْعِ اعترافاتٍ بأن المواجهة مع اليمن هي أخطر مواجهة بحرية منذ عقود.

وكشف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، عن سحب الفرقاطة الحربية “هيسن” ومغادرة البحر الأحمر في وقت مبكر من صباح السبت (20 نيسان/أبريل 2024).

وجاءت عملية انسحاب المدمرة الألمانية بعد فترة وجيزة من وصولها في 23 فبراير، وذلك في إطار استجابة ألمانيا للمساعي الأمريكية لعسكرة المياه الدولية والتحشيد ضد اليمن؛ على أمل وقف الهجمات البحرية التي تستهدف السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي والولايات المتحدة وبريطانيا، حَيثُ تسعى واشنطن ـ العاجزةُ عن تحقيق أي إنجاز في مواجهة اليمن ـ إلى توريط دول أُورُوبا وافتعال مشكلة دولية؛ لمضاعفة الضغوط على صنعاء، لكن بدون نتيجة.

وقد ارتكبت الفرقاطة الألمانية “هيسن” خطأ عملياتيًّا فاضحًا بعد أَيَّـام من نشرها، حَيثُ اشتبكت مع طائرة أمريكية بدون طيار كانت تحلق في البحر الأحمر، ظنًّا منها أنها طائرة مسيَّرة يمنية؛ وهو ما كشف عن ارتباك وتخبط، كما كشف عن غيابِ التنسيق بين القوات الغربية.

وبحسب الوكالة الألمانية فقد شهدت مهمة الفرقاطة هيسن “تقديم إسعافات لجندي من دولة شريكة” في إشارة إلى وقوع إصابات بين جنود القطع الحربية الغربية؛ نتيجة العمليات البحرية اليمنية.

وكان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس وصف العمليات في البحر الأحمر بأنها أخطر عملية بحرية منذ عقود خلال زيارة للفرقاطة قبل أيام من بدء المهمة.

وكانت وزارة الدفاع البلجيكية أعلنت تأجيل نشر الفرقاطة “لويز ماري” في البحر الأحمر بسبب فشلها في التصدي لهجوم بطائرة مسيّرة.

وكشف موقع “مارينشيبين” المتخصّص في الأمن البحري أن صاروخا مضادا للطائرات علق في أنبوب الإطلاق أثناء التدريب، والدفاعات الأخرى فشلت في إسقاط الطائرة، مشيرا إلى أن الفرقاطة البلجيكية لا تزال في البحر الأبيض المتوسط وتم تأجيل مهمتها الى أجل غير مسمى.

وفي الـ12 من أبريل الجاري اضطرت البحرية الفرنسية إلى سحب فرقاطتها الألزاس ((FREMM Alsace  من البحر الأحمر  تحت ضغط الصواريخ اليمنية دقيقة الإصابة.

وكان قائد فرقاطة فرنسية قد كشف لصحيفة لوفيغارو أسباب انسحاب الفرقاطة الفرنسية (FREMM Alsace) من البحر الأحمر، مشيراً إلى أنه الخوف من تعرضها للاستهداف المباشر بالصواريخ والطائرت المسيّرة المتجهة من اليمن، خصوصاً في ظل صعود مسار التطوير العسكري لمختلف وحدات القوات المسلحة اليمنية، ومن بينها القوة الصاروخية وسلاح الجو.

ونقلت الصحيفة الفرنسية، تصريحات عن قائد الفرقاطة “FREMM Alsace“، التابعة للجيش الفرنسي، التي انسحبت من البحر الأحمر جراء التهديدات الصادرة من القوات المسلحة اليمنية ضد أي سفينة مرتبطة بالكيان الإسرائيلي، أو تشارك في الأعمال العدائية ضد اليمن.

وقبل ذلك، اضطرت الفرقاطة الدنماركية إيفر هويتفيلدت” إلى الانسحاب من البحر الأحمر بسبب التهديد المرتفع ومواجهتها مشاكل خطيرة في منظومتها الدفاعية عرضتها وطاقمها للخطر.

وفي الـ5 من إبريل الجاري أكدت صحيفة بوليتكو الدنماركية أن الحكومة أقالت وزير الدفاع الدنماركي، بعد تعطل سفينة حربية في معركة البحر الأحمر.

وقالت الصحيفة: إن إقالة وزير الدفاع الدنماركي جاء بعد الفشل في الإبلاغ عن عيوب أنظمة الدفاع الجوي خلال هجوم يمني في البحر الأحمر الشهر الماضي.

وكانت الدنمارك قد أعلنت رسميا في التاسع والعشرين من مارس الماضي عن إرسال الفرقاطة  «إيفر هويتفيلت» إلى البحر الأحمر للمشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية العدو الإسرائيلي.

في ذات السياق، كشف موقع “أولفي” الدنماركي المتخصص في شؤون الدفاع أن الفرقاطة الدنماركية “إيفر هويتفيلدت”  عادت إلى الدنمارك بشكل طارئ بعد تعرضها لمشاكل خطيرة في أنظمة الأسلحة الدفاعية والمهمة الحيوية.

وذكر الموقع الدنماركي ان أنظمة إدارة القتال في الفرقاطة والرادارات المرتبطة بها، تعطلت مما منعها من إطلاق صواريخ اعتراضية للتصدي للتهديدات القادمة من اليمن، مؤكدا أن الفرقاطة تعرضت لتهديدات مباشرة من طائرات مسيرة، ورغم الإعلان الرسمي عن نجاح إسقاطها كقصة نجاح، فإن واقع الأمر كان مختلفًا تمامًا، حيث أن الفرقاطة وطاقمها كانوا في خطر مباشر بسبب فشل أنظمة الدفاع.

وفي مطلع إبريل، تمّت إقالة رئيس الأركان الدنماركي فليمنغ لينتفر، بعد فشله في إبلاغ وزير الدفاع بأنّ “إيفر هويتفيلدت”، تعرّضت لعطل لمدة نصف ساعة في أنظمة الصواريخ والرادار، خلال هجوم بطائرة من دون طيار الشهر الماضي، وتم استدعاء السفينة في وقتٍ مبكر من مهمتها.

من جهته، قال وزير الدفاع، ترويلز لوند بولسن، في مؤتمر صحافي: إنّه لم يتم إبلاغه بالتفصيل بالحادث، مضيفاً أنه لم يكن على علم بالتقرير الذي قدّمه القبطان، رافضاً الخوض في تفاصيل.

وأضاف: لم أعد أثق في رئيس الأركان فليمينغ لنتفير.

 

اليمن.. التحدي الأكبر لأمريكا

على الصعيد الأميركي، وفي سياق الخسائر الأميركية من المغامرة غير محسوبة العواقب في البحر الأحمر، أكد وزير البحرية الأميركية ديل تورو أن الولايات المتحدة استنفدت ذخائر بقيمة مليار دولار في عمليات البحر الأحمر، ليرتفع بذلك الإنفاق على الذخائر وسط مطالبات الكونغرس بالموافقة على زيادة الإنفاق حتّى يتم الحصول على الموارد الإضافية.

وطالب الوزير الأميركي لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ بتوفير ما يزيد عن ملياري دولار للقوات البحرية ولمشاة البحرية حتّى تتمكّنَ من تجديد الذخائر وتوفير أنواعِ التدابير الدفاعية حسبما ذكرت صحيفة “ذا هيل” القريبة من الكونغرس. ولتحقيق هذا الهدف يقترب مجلس الشيوخ من إقرار مبلغ 95 مليار دولار تقريبًا لدعم أوكرانيا وكيان العدوّ وما تسميه واشنطن منطقة المحيطين الهادي والهندي مع مشروع آخر “يحتوي تدابير لمواجهة روسيا والصين وإيران”.

في ذات السياق، ذكر الكابتن ديف وور قائد 4 مدمرات تابعة للبحرية الأميركية في البحر الأحمر لـ”بي بي سي” أن “الحوثيين” شكلوا التحدي الأكبر للبحرية الأمريكية في التاريخ الحديث، مضيفا أن ما يواجهونه في البحر الأحمر هو التحدي الأكبر لنا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن “الحوثيين” أطلقوا صاروخًا باليستيًا، يتحرك بسرعة تزيد عن ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، خلال وجود مراسلها على متن حاملة الطائرات في البحر الأحمر.

من جانبه ذكر الكابتن كريس هيل، قائد سفينة حربية في البحر الأحمر لـ”بي بي سي” أن البحارة يحتاجون إلى فترات راحة، ويحتاجون إلى العودة إلى منازلهم، ولكن ليس لديهم حتى الآن مواعيد محددة لحدوث ذلك، وأنهم يعملون على الحفاظ على معنويات الطاقم، مضيفا أنه من الصعب تحديد الفوز والخسارة في هذا النوع من الصراع، ومن الصعب القول بأنه يمكن وقف كل الهجمات من اليمن.

انهيار الاقتصاد الغربي

 

إن ما فعله اليمن باقتصاد ثلاثي الشر (أمريكا، “إسرائيل”، بريطانيا) ليس بالأمر الهين بل يمكن وصفه بالكارثة، فلغة الأرقام الرسمية الصادرة من تلك الكيانات تثبت جدوائية التحرك اليمني الفاعل، وسنذكر بعضاً من تلك الأرقام كنماذج فقط فالمقام لا يتسع لذكرها.

قبل أيام قال المديرُ التنفيذيُّ لميناء أُمِّ الرشراش المحتلّة (إيلات)، جدعون غولبار: “إن “إسرائيل” ودول التحالف الأمريكي البريطاني أثبتت أنها عاجزة وخائفة في مواجهة الهجمات اليمنية التي أَدَّت إلى تعطيل الميناء وإيقاف نشاطه بشكل كامل، وإن هذا العجز جعل اليمنيين يزدادون قوةً”، وأكّـد أن شركات الشحن لا تثق في قدرة التحالف الأمريكي على حمايتها لاستئناف رحلاتها إلى الميناء عبر البحر الأحمر مجدّدًا، مُشيراً إلى أن الشركة التي تدير الميناء تتكبد خسائرَ شهرية كبيرة جراء الإغلاق، برغم حصولها على تعويضات من حكومة العدوّ الصهيوني.

ونشر موقع “كالكاليست” الاقتصادي العبري، تقريرًا جاء فيه: إنه بعد أسبوعَينِ من بدء عملية “السيوف الحديدية” في غزة، وبالتحديد في 19 أُكتوبر (بداية الهجمات اليمنية على الكيان الصهيوني) بدأ التهديد اليمني على “إسرائيل” والذي “تركز بشكل بارز على إيلات التي عانت من عدة هجمات بواسطة الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز في الأشهر الأخيرة”.

وَأَضَـافَ أنه: “لا يوجد أي نشاط في ميناء إيلات، ومن المهم التأكيد على أن هذا ليس بسَببِ سوء الإدارة، وليس لأَنَّ الموظفين غير محترفين؛ بل بسَببِ منظمة (الحوثيين الإرهابية)” حسب تعبيره، وهو رد على اتّهامات كانت قد وُجِّهت لإدارة الميناء من قبل أعضاء في الكنيست خلال الأسابيع الماضية.

وبحسب غولبار فَــإنَّ “إسرائيل ودول التحالف أثبتت أنها خائفة وضعيفة ومتردّدة، وبالتالي فَــإنَّ الحوثيين يرفعون رؤوسهم أكثرَ فأكثر”.

تأثر الاقتصاد البريطاني من السيارات إلى الشاي

وفي أواخر شهر رمضان المبارك تناولت صحيفة “ذا صن” البريطانية، في تقرير لها، تأثير العمليات البحرية اليمنية على الاقتصاد البريطاني والتأثيرات المحتملة في حال منع السفن من المرور عبر الرجاء الصالح.

وأوضحت الصحيفة أن العمليات البحرية اليمنية تجعل المستهلكين في المملكة المتحدة يدفعون المزيد مقابل كل شيء بدءاً من السيارات وحتى كأس الشاي، مشيرة إلى أن القوات المسلحة اليمنية باتت تسيطر فعليا على أكثر من خمس التجارة البحرية العالمية من خلال الهجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ على السفن في البحر الأحمر، مؤكدة أن العمليات أثارت المخاوف بشأن الإمدادات بالنسبة للشركات البريطانية الكبرى مثل (ماركس آند سبنسر، ونكست، وباوندلاند، وبريمارك).

وأبدت الصحيفة تخوفها من تهديد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي باستهداف السفن التي حولت مسارها باتجاه الرجاء الصالح، موضحة أن شركات الشحن تعاني بالفعل من تكلفة إضافية تبلغ في المتوسط 800 ألف جنيه إسترليني في كل مرة تضطر فيها إلى تغيير مسارها، إلى جانب تأخيرات لمدة أسبوعين، وأضافت: لكن قطع طريق المحيط الجنوبي بشكل كامل يمكن أن يدفع العديد من الشركات إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي في جميع أنحاء أوروبا.

وأشارت إلى تحذير شركة “سينسبري” مؤخرًا من أن إمدادات الشاي معرضة للخطر جراء عمليات البحرية اليمنية، حيث رفعت الشركة على أحد متاجرها لوحة مكتوب عليها: “إننا نواجه مشكلات في العرض تؤثر على إمدادات الشاي الأسود على مستوى البلاد”.

وبحسب وكالة “رويترز” فقد أعلنت شركة “هورنبي” البريطانية التي تصنع نماذج السكك الحديدية، أن مبيعات مجموعتها للعالم بأكمله عانت بعد تراجع نتائج الربع الأخير؛ بسَببِ تأخيرات التسليم؛ نتيجة الوضع في البحر الأحمر، في إشارة إلى اضطرار السفن إلى تحويل مسارها والدوران حول إفريقيا؛ مِن أجلِ الوصول إلى بريطانيا؛ وهو ما يضيف تكاليف كبيرة ويؤخر وصول الشحنات.

وقالت الشركة: إن مبيعاتها في الربع الرابع هبطت بنسبة 8 % على أَسَاس سنوي.

ويأتي ذلك في سياق خسائرَ متصاعدةٍ تتكبَّدُها الكثيرُ من الشركات البريطانية الكبرى؛ نتيجة العمليات اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي، حَيثُ أصبحت السفن البريطانية مضطرة لتحويل مساراتها واتِّخاذ طريق طويل؛ لتجنب استهدافها من قبل القوات المسلحة اليمنية؛ رَدًّا على تورط بريطانيا في استهداف اليمن؛ مِن أجلِ حماية الملاحة الصهيونية.

وفي نهاية فبراير الماضي كانت غرفة التجارة البريطانية قد نشرت تقريرًا كشفت فيه أن العمليات اليمنية أَدَّت إلى أضرار طالت 55 % من المصدِّرين في بريطانيا و53% من الشركات المصنعة وتجار التجزئة، كما أَدَّت إلى ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بنسبة 300% وتأخيرات كبيرة في تسليمِ البضائع إلى المملكة المتحدة.

وذكر تقرير الغرفة التجارية البريطانية أن تأثيرات العمليات اليمنية أَدَّت أَيْـضاً إلى صعوبات التدفق النقدي ونقص المكونات في خطوط الإنتاج، داخل بريطانيا.

وقال ويليام باين، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية: إنه “كلما طال أمد الوضع الحالي، زاد احتمال أن تبدأ ضغوط التكلفة في التراكم”.

ومع هذه التداعيات فقد أثبتت بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة أَيْـضاً فشلًا ذريعًا في محاولة إيقاف الهجمات اليمنية أَو الحد منها، وقد نقلت “بي بي سي” عن ضباط كبار في البحرية البريطانية اعترافات أكّـدت صعوبة مواجهة الأسلحة اليمنية الفتاكة والسريعة، وعدم تمكّن السفن الحربية البريطانية من اعتراض أي صاروخ يمني حتى الآن؛ وهو ما يجعل الخسائر الاقتصادية مرشحة للتصاعد مع مرور الوقت.

 

قطع طريق رأس الرجاء الصالح

وأكدت الصحيفة أن القوات المسلحة اليمنية تمكنت من استهداف السفن المتجهة نحو البحر الأحمر عبر باب المندب، إلا أن تهديد قائد “أنصار الله” الأخير باستهداف السفن المتجهة نحو الرجاء الصالح كان مقلقاً جدا فهذا التحذير يؤثر على السفن التي تحول مسارها على بعد مئات الأميال حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا باتجاه أوروبا، مضيفة أن شركات السيارات بما في ذلك ميشلان وسوزوكي وتيسلا وفولفو اضطرت إلى تعليق الإنتاج أو تقليله بسبب نقص المكونات،  كما تعرضت شركات النفط، بما في ذلك BP وShell، لضغوط لتحويل مسارها وسط تهديدات لأسعار الوقود التي تهدد بإشعال شبح التضخم من جديد.

وأكدت الصحيفة أن من بين الشركات الكبرى الأخرى التي تأثرت أيضًا شركات التوصيل الألمانية DHL وFedEx، التي اضطرت إلى تحويل جزء من أعمالها إلى الشحن الجوي المكلف.

وصرح “بيورن جولدن” الرئيس التنفيذي لشركة أديداس العملاقة للملابس الرياضية للصحيفة، محذرا من أن أسعار الشحن “المتفجرة” تؤدي إلى ارتفاع التكاليف وسط مخاوف من ارتفاع أسعار المتاجر.

كما حذرت مجموعة دانون للأغذية، وشركة الأثاث السويدية إيكيا، وماركس آند سبنسر، التي تضررت من تأخير شحنات الملابس، كما توقعت سلسلة الأزياء Next أيضًا أن يكون نمو المبيعات معتدلاً إذا استمرت الاضطرابات حتى عام 2025.

كما حذر باوندلاند وبريمارك من أن الإمدادات قد تتضرر في الأشهر المقبلة إذا لم يتم إيقاف هجمات القوات البحرية اليمنية، مؤكدة أن الضربات التي شنتها الطائرات الأمريكية والبريطانية على اليمن قد فشلت حتى الآن في وقف الهجمات البحرية.

وقال المحلل الدفاعي بول بيفر لصحيفة ذا صن يوم الأحد: “لقد حذر الحوثيون من أن لديهم المزيد من المفاجآت “لإسرائيل” وحلفائها الغربيين، وهو تهديد يجب أن نأخذه على محمل الجد، لقد تأثرت طرق التجارة عبر قناة السويس بشدة بالفعل، حيث اضطرت السفن إلى تحويل مسارها لآلاف الأميال، ولكن إذا تعرض هذا الطريق البديل أيضًا لتهديد خطير، فقد يكون التأثير كارثيًا ويكون له تأثير خطير على توريد المنتجات التي نعتمد عليها جميعًا”.

وأضاف: “لن أتفاجأ إذا حاول الحوثيون القيام بشيء مذهل بعيدًا عن أراضيهم قريبًا – ربما باستخدام طائرة بدون طيار أو صاروخ يتم إطلاقه من السفن أو حتى غواصة مسيرة تحت البحر”.

الاتحاد الأوروبي يخسر 70 مليار يورو

فيما يتعلق بتأثير العمليات العسكرية اليمنية على الاتحاد الأوروبي، فإن التداعيات كبيرة جدا خاصة مع ما ظهر خلال الأشهر الأخيرة، خصوصًا مع طول امتداد الأزمة، حيث تقول العديد من الشركات الأوروبية: إنها تعاني من انقطاع الإمدادات بسبب الهجمات التي يشنها الجيش اليمني على سفنها، فمن أجل عدم تعريض نفسها للخطر، أوقفت العديد من شركات النقل والشحن الكبرى عمليات التسليم، ونتيجة لهذه المشاكل المرتبطة بأحداث البحر الأحمر، يقول الأوربيون: إن ذلك الوضع في البحر الأحمر يمكن أن يؤثر على استيراد وتصدير المنتجات الزراعية للاتحاد الأوروبي بقيمة 70 مليار يورو تسبب بخسارة أكثر من 35 مليار دولار، وكل ذلك يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي فمشاكل نقل البضائع تؤثر على كل من واردات وصادرات الاتحاد الأوروبي.

 ووفقًا لتقديرات لجنة الاتصال الأوروبية للصناعات والمنتجات الزراعية (CELCAA)، فإن الوضع في البحر الأحمر يمكن أن يؤثر على استيراد وتصدير المنتجات الزراعية للاتحاد الأوروبي بقيمة 70 مليار يورو، حسبما أفادت وكالة بلومبورغ. إذ ارتفعت تكلفة نقل حاوية واحدة من الصين إلى أوروبا، متجاوزة البحر الأحمر، من 1000 دولار إلى أكثر من 4000 دولار، وارتفع سعر شحن الحاويات أكثر بسبب عطلة رأس السنة الصينية في منتصف فبراير.

المعركة في البحر الأحمر جعلت فنلندا أيضًا تندم على إغلاق العبور البري عبر الاتحاد الروسي. ويظهر ذلك في عمليات التصدير والاستيراد في شكل تأخير في التسليم وارتفاع الأسعار، إذ لا توجد طرق بديلة: فالممر الشمالي الشرقي عبر روسيا مغلق. شركة النقل والخدمات اللوجستية الدنماركية ميرسك أيضًا أعلنت عن عدم اليقين في ما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر، وبحسب تقييمها فإن الصعوبات اللوجستية في النصف الثاني من العام ستسمر، مما يرفع من أوقات استلام البضائع.

مؤشر آخر من مؤشرات الأزمة هو ارتفاع عائدات السندات الحكومية البريطانية، أيضًا يخشى خبراء الطاقة البريطانيون من أن يؤدي استمرار المعركة في البحر الأحمر إلى حدوث أزمة طاقة جديدة سيعاني منها الاقتصاد البريطاني أكثر من غيره.

وفي هذا السياق، يحذر أندرو جروفر، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات البريطانية Advantage Utilities، من أن الأسعار قد تبدأ في الارتفاع في سوق الطاقة. وقال جروفر: “إذا تصاعد الصراع [في البحر الأحمر] بشكل أكبر، فقد يكون التأثير السلبي على أسعار الطاقة العالمية كبيرًا. بالعودة إلى ما قبل الحرب في قطاع غزة وأعمال الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

 

 ثورة في الحرب البحرية 

وذكرت مجلة ناشيونال انترست الأمريكية المعنية بالسياسات الخارجية الأمريكية في أواخر مارس “إن ما يحدث في البحر الأحمر يُظهر كيف أن تطوير الصواريخ الأرضية المتنقلة والمضادة للسفن والطائرات بدون طيار الرخيصة قد أحدث ثورة في الحرب البحرية تمامًا كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي.

وتشير ناشيونال انترست أن من أسمتهم “الحوثيين” استطاعوا هزيمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، بالطائرات المسيرة والصواريخ، وتضيف “وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات فقط”.

وتؤكد المجلة الأمريكية أن عدم قدرة أمريكا على التغلب في حربها على “الحوثيين” فإن حربها مع الصين التي تمتلك شريطاً ساحلياً يتجاوز ١٩ ألف ميل متروس بالصواريخ المتنقلة المضادة للسفن والطائرات بدون طيار المنتشرة بطوله، ستكون أصعب بالنسبة للبحرية الأمريكية من قتال “الحوثيين”.

وتشير المجلة الأمريكية إلى أن قطع اليمن لحركة الملاحة الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية من باب المندب، جاء بالفائدة لروسيا، حيث قالت المجلة “خلقت هجمات الحوثيين على الشحن البحري في البحر الأحمر فرصًا جديدة لموسكو للاستفادة من موقعها البري المركزي في أوراسيا، والاستيلاء على المزيد من حركة الشحن التجاري من ممرات المحيط”، مشيرة في هذا الخصوص إلى شبكة السكك الحديدية الروسية التي لن تتمكن أوروبا حالياً من التخلي عنها.

 

 

 

قد يعجبك ايضا