لا بد أن يكون لنا موقف مـن منطلـق الشعـور بالمسئوليـة أمـام الله
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
نحن كل ما صدر منا، وكل صرخة نرفعها، كل اجتماع نعمله كهذا أو غيره نحن إنما تأثرنا بوسائل إعلامكم فماذا تريدون أنتم عندما تعرضون علينا أخبار ضربات اليهود والأمريكيين والإسرائيليين هنا وهناك في أفغانستان وفي فلسطين، وفي كل بقعة من بقاع هذا العالم، عندما تعرضونها علينا ماذا تريدون أنتم من خلال العرض؟
عندما تأتي أنت أيها المذيع وتعرض علينا تلك الأخبار، وعبر الأقمار الصناعية لنشاهدها، فنشاهد أبناء الإسلام يُقًتَّلُون ويُذبحون، نشاهد مساكنهم تهدم، هل تظن أننا سننظر إلى تلك الأحداث بروحية الصحفي الإخباري الـذي يهمـه فقـط الخبر لمجـرد الخبـر. وتهمـه نبـرات صوتـه وهـو يتحدث واهتزازات رأسه. إن كنت لا تريد من نبرات صوتك أن توجد نبرات من الحرية، نبرات في القلوب، في الضمائر تصرخ بوجه أولئك الذين تقدم لنا أخبارهم، إن كنت لا تريد باهتزاز رأسك أن تَهز مشاعر المسلمين هنا وهناك، إن كنت إنما تحرص على نبرات صوتك وعلى اهتزازات رأسك لتظهر كَـفَنيِّ إعلامـي، نحـن لا ننظـر إلـى الأحـداث بروحيتـك الفنية الإعلامية الإخبارية، الصحفية، نحن مؤمنون ولسنا إعلاميون ولا صحفيون ولا إخباريون، نحن نسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَـا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2-3) نحن ننظر إلى ما تعرضه على شاشة التلفزيون بنظرتنا البدائية، نحن لا نزال عرباً لم نَتَمَدّن بعد، وببساطة تفكيرنا كعرب مسلمين لا تزال في نفوسنا بقية من إبَاءٍ، بقية من إيمان، فنحن لسنا ممن ينظر إلى تلـك الأحـداث كنظرتـك أنت.
لنقول لهم: إذا كنتم لا تريدون من خلال ما تعرضون أن تحدثوا في أنفسنا أن نصرخ في وجه أولئك الذين يصنعون بأبناء الإسلام ما تعرضونه أنتم علينا في وسائل إعلامكم فإنكم إنما تخدمون إسرائيل وأمريكا وتخدمون اليهود والنصارى بما تعرضون فعلاً، لأنكم إنما تريدون حينئذٍ بما تعرضون أن تعززوا في نفوس أبناء الإسلام في نفوس المسلمين الهزيمة والإحباط، والشعور باليأس والشعور بالضَّعَة، أو فاسكتوا فلا تعرضوا شيئاً، ولكن لو سكتم فلم تعرضوا شيئاً ستكون إدانة أكبر وأكبر، ستكونون بسكوتكم تسكتون عن جرائم، تسكتون عن جرائم اليهود والنصارى في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ضحيتها هم أبناء الإسلام، هم إخوانكم من المسلمين.
هـذه الحقيقـة التـي يجـب أن نعرفهـا وأن نقولهـا لأولئـك، وأن نرفـض الحقيقـة التـي يريـدون أن يرسخوها في أنفسنا هم من حيث يشعرون أو لا يشعـرون، حقيقـة الهزيمـة، حقيقـة (الهزيمـة النفسية)، لا نسمح لأنفسنا، لا نسمح لأنفسنا أن نشاهد دائماً تلك الأحداث وتلك المؤامرات الرهيبة جداً جداً، ثم لا نسمح لأنفسنا أن يكون لها موقف، سنكون من يشارك في دعم اليهود والنصارى عندما نرسخ الهزيمة في أنفسنا، عندما نَجْبُن عن أي كلمة أمامهم.
إذاً فهمنا بأنه ليس من صالح أي دولة كانت أن تُظهِر للآخرين مـا يخيفهـم عندما يتحدثون ويصرخون في وجه أمريكا وإسرائيل، عندما يرفعون صوتهم بلعنة اليهود الذين لعنهم الله على لسان أنبيائه وأوليائه.
ثم سنسهم دائماً في كشف الحقائق في الساحة، لأننا في عالم ربما هـو آخـر الزمـان كما يقال، ربما – والله أعلم – هو ذلك الزمن الذي يَتَغَرْبَل فيه الناس فيكونون فقط صفين فقط: مؤمنون صريحون/ منافقون صريحون. والأحـداث هـي كفيلـة بأن تغربل الناس، وأن تكشف الحقائق.عندما نتحدث أيضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلوا فيه من حالتين، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف.
نحن أمام وضعية مَهِيْنة: ذل، وخزي، وعار، استضعـاف، إهانـة، إذلال، نحـن تحـت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عربـاً، إن كنا لا نزال نحمل القرآن ونؤمن بالله وبكتابه وبرسوله وباليوم الآخر لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف.
الحالة الثانية: هي ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينـا كتابنـا القـرآن الكريـم من أنه لا بد أن يكون لنا موقف مـن منطلـق الشعـور بالمسئوليـة أمـام الله سبحانه وتعالى. نحن لو رضينا – أو أوصلنا الآخرون إلـى أن نرضـى – بأن نقبـل هـذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضَّعَة، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل.
فإذا ما وقفنا بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هل سنقول: (نحن في الدنيا كنا قد رضينا بما كنا عليه؟). هل سيُعْفينـا ذلـك عـن أن يقال لنا: ألم نأمركـم؟ {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} (المؤمنون: من الآية105)؟ {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (غافر: من الآية50)؟ ألـم تسمعـوا مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهـَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية103) ومثل قوله تعالى: {وَلْتَكُـنْ مِنْكُـمْ أُمَّـةٌ يَدْعُـونَ إِلَـى الْخَيْـرِ وَيَأْمُـرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُـوا كَالَّذِيـنَ تَفَرَّقُـوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَـا جَاءَهُـمُ الْبَيِّنَـاتُ وَأُولَئِـكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْـوَدُّ وُجُـوهٌ فَأَمَّـا الَّذِيـنَ اسْـوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَـةِ اللَّهِ هُـمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (107) (آل عمران) أليست هذه الآيات تخاطبنا نحن؟ أليست تحملنا مسئولية؟
ألم يقل القرآن لنـا: {كُنْتُـمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: من الآية110)؟ ألم يقل الله لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} (الصف: من الآية14)؟
فإذا رضينا بما نحن عليه، وأصبحت ضمائرنا ميتة، لا يحركها ما تسمع ولا ما تحس به من الذلة والهوان، فأعفينا أنفسنا هنا في الدنيا فإننا لن نُعفى أمام الله يوم القيامة. لابُدّ للناس من موقف، أو فلينتظروا ذلاً في الدنيا وخزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة. هذا هو منطق القرآن الكريم، الحقيقة القرآنية التي لا تتخلف، {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} (الأنعـام:من الآية115) {وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} (الأنعام:من الآية34) {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}(قّ: 29).
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة الصرخة في وجه المستكبرين
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ2002/01/17
اليمن – صعدة