عين العدوّ الصهيوني على التهجير وعين المقاومة على الميدان
|| صحافة ||
لا شك أن إقدام العدوّ “الإسرائيلي” على احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح تم بمباركة أميركية معلنة، حيث لم تعترض أميركا أو تطالب بشيء إلا الحرص على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات في استمرار لسياسة النفاق والتظاهر بالحرص على الأبعاد الإنسانية وحقوق الإنسان.
وهنا ومع هذا الاحتلال المخالف لاتفاقيات المعابر بل والبنود (المعلنة) لكامب ديفيد ومعاهدة السلام، فإن هناك عدة محاذير ينبغي الالتفات إليها:
1 – حرص العدوّ على احتلال المعبر يعني الحرص على تكريس سيطرة على مستقبل غزّة، وأن أي حلول تفاوضية لاحقة ستكون بمثابة تنازل منه ولن تتم الإدارة سوى بشروطه ووفقًا لأجندته.
2 – الصمت المصري على هذا الانتهاك رغم تحذيرات مصر السابقة وما تم ترويجه إعلاميًّا من تحركات مصرية غير مسبوقة، ثمّ تراجع الاعلام عن التصعيد والدعوة للتعقل، هو شيء مريب ومخجل ويشي بأن السيطرة “الإسرائيلية” الكاملة على محور صلاح الدين “فيلادلفيا” ستمر مرور الكرام دون اتّخاذ موقف مصري، وخاصة أن التقارير تفيد بأن قوات العدوّ سيطرت على مساحة 3.5 كيلومترات من شريط محور فيلادلفيا حتّى الآن.
والأخطر هنا، هو أن مصر وضعت خطًّا احمر بخصوص التهجير، فما المانع أن تصمت أيضًا عند حدوث تهجير إلى سيناء وقد صمتت حاليًّا على خط أحمر شبيه؟
3 – تعجل نتنياهو في دعوة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزّة، وهو ما استدعى رفضًا إماراتيًّا بدعوى أن نتنياهو لا صفة له، كشف جانبًا من خطط نتنياهو وخطط أميركا والتي قالت إنها تتواصل مع العديد من الحلفاء لإعادة الإعمار والنظر في مستقبل غزّة.
وهنا ينبغي العودة للتذكير بوثيقة نتنياهو التي قدمها في بدايات الحرب لمجلس الحرب الصهيوني والتي تضمنت خططًا لإدارة القطاع وإعادة هندسته بمساعدة دول عربية لها خبرة وباع طويل في القضاء على التطرّف مثل السعودية والإمارات والاستعانة بجهودها في بناء المساجد وتنقية الخطاب الديني فيها.
4 – رفض أدوار للسلطة الفلسطينية ليس اعتراضًا على السلطة أو تشكيكًا بولائها للعدو أو خوفًا من تمردها على التنسيق الأمني على غرار الضفّة، ولكن للحيلولة دون أي ربط بين غزّة والضفّة، أي الحيلولة دون وجود أي صورة لدولة فلسطينية.
5 – تمزيق المندوب الصهيوني بالأمم المتحدة لميثاق المنظمة علنًا وأمام الأعضاء والكاميرات يكشف مدى الاستهانة الصهيونية بالقانون الدولي والمؤسسات الأممية، ويكشف جوهر وحقيقة النوايا الصهيونية بشأن أي اعتراف بدولة فلسطينية، رغم أن موافقة الجمعية العامة على انضمام فلسطين للأمم المتحدة في غالبه هو اعتراف بدولة منقوصة السيادة وبدولة تمثلها سلطة على غرار السلطة الراهنة المفرطة.
هنا ينبغي تأمل الحقائق الناصعة التي أصبحت معلنة، رغم أن المقاومة ومحورها يعرفانها منذ زمن بعيد، وعلى رأسها أن المشروع الصهيوني التوسعي لا يعبأ بالمتخاذلين ولا يوجد في قاموسه مصطلح للسلام، وإنما الاستسلام فقط، وأن الحقوق لن تعود إلا بالمقاومة.
سقطت ذرائع السلام والتسويات، وسقطت بنود اتفاقيات السلام، وسقطت ورقة التنديد والشجب والتلويح بالتهديدات المستقبلية للأنظمة عند اختراق الخطوط الحمر، حيث انتهك العدوّ خطوط الأنظمة الحمراء ولم تفعل شيئًا.
والمراقب لممارسات العدوّ في رفح يلمح خططًا حقيقية للتهجير، حيث لا يتطلب التهجير سياسة للأرض المحروقة وقنابل أميركية تدعي أميركا أنها أوقفت إرسالها رغم أن السبب الحقيقي لتعطيل الشحنة، يكمن في نقص الذخائر والظرف الانتخابي لبايدن الذي فقد كامل شرعيته أمام الطلاب والشرفاء من شعبه.
لا يتطلب التهجير سوى قصف عشوائي بجميع المناطق، بحيث لا تصبح هناك منطقة آمنة، وكذلك احتلال المعابر وإحكام الحصار، حتى لا يجد المواطن الفلسطيني أي مقوم من مقومات الحياة المتمثلة في الغذاء والدواء والأمن.
يبدو أن خطط التهجير تنفذ على الأرض في ظلّ صمت عربي ومصري قد يكتفي بالالتزام بالقانون الدولي في استقبال اللاجئين والتنديد بممارسات “إسرائيل”.
لكن على الجانب الآخر المضيء من الصورة، يظهر محور المقاومة وفاءه بعدم ترك غزّة والمقاومة فريسة، وعنوان الساعة هو مقولة سيد المقاومة، السيد نصر الله، وهي: العين على الميدان.
العهد الاخباري: ايهاب شوقي