شعار الصرخة في وجه المستكبرين العنوان البارز في المشروع القرآني
في محاضرةٍ للسيد حسين بدر الدين الحوثي “رِضِوَانُ اللَّهِ عَلَيهِ”، في مدرسة الإمام الهادي “عَلَيهِ السَّلَامُ”، (في مرَّان – مديرية حيدان – محافظة صعدة- اليمن)، بتاريخ الرابع من شهر ذي القعدة، (قد يكون الرابع، أو الثالث، بحسب اختلاف التقاويم آنذاك)، ألف وأربعمائة واثنان وعشرون للهجرة النبوية، الموافق للسابع عشر من يناير ألفين واثنين ميلادية، أعلن الصرخةَ في وجه المستكبرين وهتاف البراءة:
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
ليكون شعارًا للمشروع القرآني، في التصدي للهجمة الأمريكية والإسرائيلية على أمتنا الإسلامية، مضافًا إليه التثقيف القرآني، والمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، التثقيف القرآني الذي يربط الأمة بالقرآن الكريم في موقفها، ويرفع مستوى وعيها تجاه أعدائها، ويحيي فيها الشعور بمسؤوليتها، ويهديها لما يبنيها؛ لتكون في مستوى مواجهة التحديات، ويرسم لها الخطوات العملية الصحيحة، والحكيمة، والبناءة، التي تنقذها من واقعها المُطْمِع لأعدائها، وتخلصها من حالة الخنوع والذل واليأس.
واقع الأمة الإسلامية
1-الأمة في مرحلة حساسة وخطيرة
أتى هذا المشروع القرآني والأمة في أمسّ الحاجة إليه، في مرحلة خطيرة وحساسة جدًّا، في ذروة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية، التي تستهدف أمتنا وشعوبنا وبلداننا، بذريعة مكافحة الإرهاب؛ بعد حادث البرجين، المدبرة والمخططة؛ لتكون ذريعةً للدخول في مرحلةٍ جديدةٍ خطيرةٍ وكبيرة، في السعي للسيطرة على شعوبنا وأمتنا.
2-هجمة أمريكية شاملة
الهجمة الأمريكية، التي تحركت بتحالفات واسعة ودول وأنظمة كثيرة، وفي إطار التدبير والتخطيط للوبي اليهودي الصهيوني، كانت هجمةً شاملة، وفي كل المجالات، ضمن مخطط الهدف منه: إحكام السيطرة التامة والمباشرة على أمتنا في كل شيء:
-السيطرة على البشر.
-السيطرة على الموقع الجغرافي.
-والسيطرة على الثروة الهائلة التي تمتلكها بلداننا.
فهي هجمة بالغة الخطورة، ونتيجتها:
-أن تخسر أمتنا حريتها، وكرامتها، واستقلالها، وثرواتها.
-أن تتحول أمتنا، بكل إمكاناتها، وثرواتها، وبشرها، وموقعها، مغنمًا لأعدائها.
3-مواقف الأنظمة لا تشكل أي حماية للشعوب
في تلك المرحلة، كان الموقف الرسمي لمعظم الحكومات والزعماء لا يشكل حمايةً لشعوب أمتنا، فهو:
-إمَّا متواطئ، وانضم مع الأعداء، وتحالف معهم، تحت عنوان التحالف للحرب على الإرهاب ومكافحة الارهاب.
-وإمَّا ضعيفٌ، لا يقدر بمفرده على التصدي لتلك الهجمة والوقوف بوجهها.
ظروف النشأة بين ظروف الواقع وسموّ الدافع
في ظل ذلك الظرف الذي كان على هذا النحو، تحرَّك السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه”، بلا إمكانات في تلك الآونة:
-لا يمتلك شيئاً من الإمكانات على المستوى المادي،
ويتحرك في بيئة مستضعفة، من أقلِّ الناس إمكانات، من المستضعفين، الفقراء، والفلاحين، والمواطنين الذين يعانون أشد المعاناة في ظروف حياتهم،
-لم يكن يمتلك آنذاك قدرات عسكرية، ولا إمكانات مادية، ولا مؤسسات في اليد، يمكنها أن تمثل رافعة لهذا المشروع.
فعندما نتأمل في حقيقة موقفه، فيما قدَّمه من محاضرات ودروس وكلمات، كيف كان يتحرك ببصيرةٍ عالية، بوعيٍ كبير، بثقةٍ عظيمةٍ بالله “سبحانه وتعالى”، ما يبرهن ويشهد على هذه الثقة العظيمة بالله “سبحانه وتعالى”، أن يتحرك في واقعٍ كمثل ذلك الواقع:
– في طبيعة الهجمة الكبيرة جدًّا للأعداء
– والتوجهات السلبية في الداخل، على المستوى الرسمي، وعلى مستوى النخب الشعبية، والتيارات البارزة والمتمكنة.
– وعلى نحوٍ مختلف عمَّا قد ساد في الساحة من حالة ركود، وجمود، ويأس، وهزيمة نفسية، واستسلام، وصمت، أو توجهات نحو الاسترضاء، والتودد إلى الأمريكي من البعض الآخر.
– ومن واقعٍ مستضعفٍ.
– وبلا إمكانيات.
نرى قيمة هذا الموقف، أنه كان موقفاً- بكل ما تعنيه الكلمة- منطلقاً:
– من وعيٍ عظيم.
– من بصيرةٍ عالية.
– من ثقةٍ عظيمةٍ بالله.
– من استشعارٍ عالٍ للمسؤولية.
فلذلك تحرَّك، وأعلن هذه الصرخة، وتحرَّك مع هذه الصرخة أيضاً بشكلٍ نشط لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ولنشر الوعي القرآني.
العناوين الأساسية الثلاثة للمشروع القرآني (الصرخة-التثقيف القرآني-المقاطعة)
1-الصرخةَ في وجه المستكبرين وهتاف البراءة
وأول صرخة في محاضرةٍ للسيد حسين بدر الدين الحوثي “رِضِوَانُ اللَّهِ عَلَيهِ” كانت في مدرسة الإمام الهادي “عَلَيهِ السَّلَامُ”، (في مرَّان – مديرية حيدان – محافظة صعدة- اليمن)، بتاريخ الرابع من شهر ذي القعدة، (قد يكون الرابع، أو الثالث، بحسب اختلاف التقاويم آنذاك)، 1422 للهجرة النبوية، الموافق 17 من يناير 2002 ميلادية، أعلن الصرخةَ في وجه المستكبرين وهتاف البراءة:
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
وما يتفرع عنه من خطوات عملية، وبرنامج عمل متكامل:
1-يبني الأمة، يرتقي بالأمة.
2-يواكب كل المستجدات التي تأتي في إطار الصراع مع الأعداء.
3-يعالج الكثير من الاختلالات التي تعاني منها الأمة.
ليكون شعارًا للمشروع القرآني، في التصدي للهجمة الأمريكية والإسرائيلية على أمتنا الإسلامية.
2-التثقيف القرآني الذي:
-يربط الأمة بالقرآن الكريم في موقفها،
-ويرفع مستوى وعيها تجاه أعدائها،
-ويحيي فيها الشعور بمسؤوليتها،
-ويهديها لما يبنيها؛ لتكون في مستوى مواجهة التحديات،
-ويرسم لها الخطوات العملية الصحيحة، والحكيمة، والبناءة، التي تنقذها من واقعها المُطْمِع لأعدائها، وتخلصها من حالة الخنوع والذل واليأس.
3-المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية
كان من أهم ما في هذا المشروع العظيم، ومن أهم عناوينه وخطواته العملية: الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ومن أبرز سمات ومزايا المقاطعة:
–أنها خطوة عملية سهلة، وميسرة، وفاعلة، ومؤثرة حتمًا، إلى جانب الصرخة والتثقيف القرآني.
–أنها توقف حالة الدعم للعدو بالمال:
لأن العدو يستفيد مما تقدمه له الأمة من أموال هائلة، ما يحصل عليه الأعداء من أمتنا من أموال هو الشيء الكثير جدًّا، مئات المليارات من الدولارات، تصل إلى جيوبهم وبنوكهم وأرصدتهم، من هذه الأمة التي تعتمد على الاستيراد والاستهلاك ولا تنتج، أمة تعتمد في كل متطلبات حياتها على الاستيراد، ونسبة كبيرة تستورده من أعدائها.
-أنها توقف حالة الإسهام والتعاون المادي مع العدو
فيما يستفيد منه في حربه على الأمة، وهذه مسألة واضحة، يكفي فيها قليلٌ من التأمل لإدراك حقيقتها، ويكفي فيها المعرفة ببعض من الإحصائيات والأرقام المهولة، عن حجم ما يستفيده الأعداء من أموال هذه الأمة.
-أنها تقي الأمة من كثيرٍ من الأضرار:
1-فيما يجعله الأعداء في غذائها، في مختلف المنتجات التي تستخدمها الأمة، وهم يودعون فيها الكثير مما يضر بها، في الواقع الصحي، والنفسي، والحياتي، وغير ذلك.
2-وفيما يستهدفون به هويتها الإيمانية والدينية.
-أنها عامل بناء للأمة:
عندما تتجه الأمة للإنتاج، بدلًا من الاعتماد على ما يأتيها من الأعداء، فهو يحميها من الإضرار، ويساعدها على البناء لواقعها الاقتصادي.
–(أسلوب المقاطعة) من أنواع الجهاد في سبيل الله، من أنواع المواقف التي رسمها الإسلام:
ففي صدر الإسلام أمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” المؤمنين بمقاطعة كلمة كان يستغلها اليهود، كلمة (مفردة عربية)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي أمر المسلمين في صدر الإسلام بمقاطعة (مفردة عربية)، والكف عن استخدامها في تلك المرحلة؛ لأن اليهود يستغلونها لمعنىً في أنفسهم، يهدينا، في الوقت الذي يستفيد الأعداء، ليس فقط لمعنىً في أنفسهم؛ يستفيدون ماديًا، الأموال الهائلة والضخمة التي تصل إليهم من جيوب هذه الأمة، من عرق أبناء هذه الأمة، ثم يوجهون نسبة كبيرة منها في الاستهداف لهذه الأمة.
فالمقاطعة خطوة مهمة جدًّا، والأعداء أيضًا يركزون عليها، هم عندما يتجهون لتكثيف الحرب على بلد معين- فعلوا هذا مع بلداننا- يستخدمون أسلوب المقاطعة، والحصار، ويتخذون إجراءات محددة في هذا السياق.
حاجة الأمة الإسلامية إلى الموقف الصحيح
في مقابل تلك الهجمة الخطرة جدًّا، لا يمكن دفع تلك الهجمة والتصدي لذلك الخطر، إلَّا بموقف؛ أمَّا السكوت، والاستسلام، فلن يفيد شيئًا؛ إنما يمكِّن العدو ليحقق أهدافه دون أن يواجه أي عوائق، التعاون مع العدو يخدم العدو، ويمكنه كذلك، ويسِّرع بوتيرة السيطرة من جانبه على الأمة، فكان لابدَّ من موقف.
ولذلك أتى هذا المشروع القرآني: بالشعار، بالصرخة في وجه المستكبرين، بالتثقيف القرآني:
وبالتالي على مجمل الموقف والصراع، (لابدَّ من موقف).
أتى المشروع القرآني في صرخته، في دعوته للمقاطعة، بالتثقيف القرآني وما يتفرع عنه، وله مميزات كثيرة، كموقف متميز آنذاك، في ظل الحالة السائدة في معظم بلدان المنطقة: حالة الصمت، والسكوت، والجمود، والحيرة، واللا موقف.
المميزات المهمة للمشروع القرآني
1- موقف شعبي وتعبئة عامة
من مميزات المشروع القرآني، أنه يحرك الناس في إطار تعبئة عامة: وهذه نقطة هامة، لأن الموقف الرسمي لا يكفي، ولا الموقف النخبوي (بيانات من أحزاب معينة، نخب أكاديمية تعقد ندوة، أو مؤتمرًا).
فالمسألة أكبر من ذلك بكثير، تتطلب أن تُحشَد فيها كل الجهود، وأن يكون هناك تعبئة عامة تتحرك فيها الشعوب بنفسها، الموقف الشعبي الذي له أهمية كبيرة جدًّا، ويحسب له الأعداء ألف حساب، وعندما يعبِّر الشعب عن سخطه وموقفه ضد الطغيان الأمريكي، وعن رفضه لسيطرة أمريكا وإسرائيل، فهذا له أهمية كبيرة بالتأكيد.
2- موقفٌ سهل
ليس موقفًا معقدًا، ولا صعبًا، الصرخة بنفسها، هتاف البراءة، موقف سهل، التثقيف القرآني، المقاطعة، كلها بدايات لأعمال وأنشطة سهلة، ليست معقدة، ليست صعبة.
3-موقف مؤثر ومفيد
فهو نقلةٌ حكيمة، من حالة الجمود، والحيرة، واللا موقف، ومن الوضعية الخطيرة، إلى التعامل بوعيٍ، ومسؤولية، ورؤيةٍ صحيحة، وموقفٍ ثابتٍ، وتوجهٍ عملي، وبما هو متاح، وممكن، ومؤثر في نفس الوقت.
4- كسر حاجز الخوف
من مميزات هذا المشروع القرآني، أنه كسر حاجز الخوف، الذي كان جاثمًا على الناس إلى درجة الخوف من أن يتكلموا، وأن يعبِّروا عن سخطهم تجاه ما تعمله أمريكا وإسرائيل.
حالة الخوف الأسباب والخطورة
الأسباب/ كانت حالة الخوف قد انتشرت بشكلٍ كبير في أوساط الشعوب، الخوف ابتداءً من أنظمتها، من حكوماتها، من زعمائها، خوف كبير منهم،
الخطورة/ وحالة الخوف تلك خطيرة على الشعوب؛ لأنها
-تكبل وتقيد الشعوب.
-تكبل الأمة عن التحرك تجاه مؤامرات الأعداء في التصدي لها.
5- موقف محررٌ من حالة الذل
وكان محرِّرًا من حالة الذلة، التي أثرت على الكثير من الناس، إلى درجة ألَّا يجرؤوا على الكلام، أفقدتهم تلك الحالة من الخوف والرعب، إلى درجة الجبن والخوف الشديد؛ حتى فقدوا الجرأة على الكلام، على التعبير عن موقفهم.
6- موقف رفع المعنويات
وأفشل مساعي الأعداء في ترسيخ الهزيمة النفسية، وهم عملوا على ترسيخ الهزيمة النفسية، في نفوس الناس، في نفوس الأمة، في نفوس شعوب أمتنا؛ حتى يكبلوا الناس ويقيدوهم بالخوف.
7- كسر حاجز الصمت
هو أيضًا كسر حاجز الصمت، ومساعي الأعداء لتكميم الأفواه؛ لأنهم حاولوا منع الناس من أن يتكلموا، عملوا على تكميم الأفواه، حاولوا أن يسكتوا الناس، وأن يمنعوا أي صوتٍ حر تجاه مؤامرات الأعداء، أو يستنهض الأمة، أو يحرك الأمة، أو ينشر الوعي، فهو كسر حاجز الصمت ومساعي الأعداء لتكميم الأفواه، وسعيهم لمنع أي تحرك واعٍ يعيق مخططاتهم ومؤامراتهم.
8- ثبّت بوصلة العداء نحو العدو الحقيقي للأمة
من مميزاته التي هي في غاية الأهمية: أنه ثبَّت بوصلة العداء نحو العدو الحقيقي للأمة:
لأن الأمة شهدت حربًا ثقافية ودعائية وتضليلية في هذه النقطة، فقد سعى الأمريكي إلى أن يحوِّل حالة العداء والسخط في داخل الأمة، إلى أعدائه الذين يشكلون عائقًا أمامه من داخل الأمة، إلى أحرار هذه الأمة، إلى الذين يتصدون لمؤامراته ومخططاته، حتى ضد المجاهدين في فلسطين، أن يتم الحديث عنهم بطريقة مشوهة ومسيئة.
9- حصَّن الأمة من الاختراق ومساعي التطويع والموالاة
من مميزاته المهمة جدًّا: أنه يحصن الأمة من الاختراق، ويتصدى لمساعي التطويع والموالاة:
لأن من أكثر ما ركز عليه الأعداء: أن يحولوا هذه الأمة إلى حالة التطويع، أن تكون مطيعةً ومنقادةً لهم، وخاضعةً لأمرهم، متجهة لتنفيذ مؤامراتهم، وأن تكون مواليةً لهم، وأن توجه كل إمكاناتها، كل طاقاتها، كل جهودها، لخدمتهم، ولمصالحهم، على حسابها هي، على حساب استقلالها، حريتها، كرامتها، عزتها، دينها، ودنياها وآخرتها.
10- فضح الزعماء وحكوماتهم العميلة
من مميزات هذا المشروع: أنه فضح الحكومات العميلة والزعماء العملاء الذين جندوا أنفسهم مع الأمريكي والإسرائيلي، ولخدمة مؤامراتهما ضد أبناء الأمة، وهم لم يطيقوا هذا المشروع، وتوجهوا بالعداء الشديد له، والمحاربة الشديدة له.
كما أنه فضح التكفيريين وكشف حقيقتهم، وهم كذلك لم يطيقوا هذا المشروع القرآني، ولم يتحملوه البتة، وحاربوه بكل شدة، وتجلى واقعهم على نحو ما فضحهم الله في كتابه الكريم، في قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}.
11- براءة من أعداء الله
من مميزاته: أنه في الاعتبار الشرعي، في ظل مسؤولياتنا والتزاماتنا الإيمانية والدينية، براءةٌ من أعداء الله المستكبرين:
في ظل الظروف التي تواجهها أمتنا، من المهم أن يكون هناك موقف صحيح وسليم، يعِّبر عن الأمة، ويتبرأ من الأعداء، ويتبرأ من مواقفهم، وهذه مسألة مهمة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}.
12-كفرٌ بالطاغوت
الطاغوت في هذا العصر متمثل بأمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا}.
13-تعبير عن ثقافة ورؤية وموقف
كما أن الصرخة في وجه المستكبرين- في عباراتها- تعبِّر عن ثقافة ورؤية وموقف، وليست كلمات فارغة، ابتداءً بالتكبير، الذي رفعه رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” ومعه المسلمون، في مقام الجهاد، في مقام الموقف من أعداء الله، في ترسيخ الإيمان بأن الله أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، هذه الروح الإيمانية، التي تجعل الإنسان يستصغر ويحتقر كل أولئك الطواغيت والمجرمين، مهما كانت إمكاناتهم.
14-موقفٌ يعبَّر عن الأمة
الشعار موقف يعبر عن كل الأمة، فهو ليس مؤطرًا بإطارٍ مذهبيٍ، أو جغرافيٍ، أو فئويٍ، لا في عباراته، ولا في مضمونه، ولا في دلالاته، ولا في أي شيء، فهو موقف عام، وله فاعليته، وإيجابيته، وتأثيره.
الدلالات على عظمة ونجاح المشروع القرآني
أثبت المشروع القرآني أنه نجح من يومه الأول في عناوينه الثلاثة (الشعار، التثقيف القرآني، المقاطعة)، من الدلائل الواضحة على عظمة هذا المشروع، وأهميته، وتأثيره، ونجاحه، وانتصاره، وفعاليته الكبيرة:
1-مدى الانزعاج الجنوني الأمريكي تجاه الشعار والصرخة بنفسها، وتجاه المشروع بشكل عام:
فمنذ أواخر العام الأول للصرخة في وجه المستكبرين، نزل السفير الأمريكي آنذاك إلى صعدة، ووجّه بالعمل على منع الشعار، وبدأت الاعتقالات، ومُنِعَ الهُتاف، ومُنعت الملصقات، ثم تصاعد الموقف الرسمي أكثر فأكثر تبعًا لتصاعد الموقف الأمريكي.
وتصاعد الموقف الأمريكي، وكلما انتشر الشعار في الساحة، انزعج الأمريكي آنذاك أكثر، ودفع بالسلطة آنذاك لتواجِه أكثر فأكثر، فتصاعد الموقف الرسمي تبعًا للموقف الأمريكي، فتحركت السلطة آنذاك:
-تنفيذ الاعتقالات، ومنها اعتقالات الجامع الكبير، التي استمرت على مدى سنوات، وامتلأت آنذاك سجون الأمن السياسي بالمكبِّرين، وكان قد أُطلق على الذين يهتفون بالشعار والصرخة، أُطلق عليهم اسم (المكبِّرين)
-فصل للموظفين الذين ينطلقون في هذا المشروع القرآني، حتى من المدرسين في المدارس.
-المحاربة الإعلامية والدعائية والتثقيفية.
-الحرب العسكرية: دفع الأمريكيون بالسلطة إلى الاعتداء بالقتل، والحرب، والدمار، والعدوان الشامل، ارتكبت فيها أبشع الجرائم، دكت الكثير من القرى ودمرتها تدميرًا كليًّا، قتلت الأطفال والنساء، شردت الكثير من الأهالي، الآلاف من الأهالي، وفعلت الأفاعيل، استباحت دماء من يهتفون بهذا الشعار، فكانت تقتلهم في النقاط الأمنية والعسكرية في الطرقات، وفي الأسواق.
إلى درجة أنها قامت- بعد جريمة قتل واسعة نفذتها بحق الكثير ممن يهتفون بهذا الشعار في مدينة صعدة- بسحل جثامينهم في الشارع العام بصعدة، جرائم وحشية، وارتكبت أيضًا مجازر القتل للسجناء، كما حصل (في سجن قُحزَة) في صعدة آنذاك.
2- ثباته، وتماسك أبنائه، وما حققه من الانتصارات
ومن الدلائل الواضحة على عظمة هذا المشروع، وأهميته: ثباته، وتماسك أبنائه، ونجاح هذا المشروع، وما حققه من الانتصارات، بالرغم من حجم الاستهداف والمحاربة الشاملة وصمودهم أمام:
-ستة حروب متوالية شاملة، نفذتها السلطة بإمكاناتها، بكل ما تمتلكه من إمكانات وقدرات عسكرية، استخدمت فيها الطيران الحربي، المروحيات، كل أنواع العتاد العسكري الذي تمتلكه.
-أكثر من عشرين حربًا جزئية، عبر التكفيريين، عبر بعض مشائخ القبائل، ممن دُفعت لهم الأموال، وقُدمت لهم الإمكانات ليحاربوا هذا المشروع القرآني.
-صعوبة الظروف التي كانت صعبةً جدًّا، (المكبرون) الذين يهتفون بهذا الشعار-آنذاك-لم يكونوا يستندون إلى أي دعم دولي، ولا إقليمي، ولا من أي طرف، كانوا يتحركون بإمكانياتهم الشعبية البسيطة جدًّا، التي لا تقارن أبدًا في مقابل ما تمتلكه السلطة، ولم يكن هناك أي تعاطف معهم، لا دولي، ولا إقليمي، ولا محلي، حتى إعلاميًا؛ إلَّا في القليل النادر جدًّا والحالات الاستثنائية، التي كان هناك فيها تعاطفٌ معهم إلى حدٍ ما من بعض وسائل الإعلام.
– الحملات الدعائية، والتشويه، والأكاذيب، والضغط على المجتمع بشكلٍ كبير؛ لمنعه من أي تعاطف، أو تعاون، وإفراط في المحاربة بكل أشكالها.
مع ذلك فشلت كل تلك الجهود في إيقاف هذا الصوت، في إنهائه، في القضاء على هذا المشروع العظيم، وكان يقوى، بالرغم من كل ما فعلوه، وكان يزداد صلابة، ويحقق الانتصارات شيئًا فشيئًا، إلى أن وصل إلى المستوى الذي هو عليه اليوم.
3- شهادة الأحداث والوقائع بصوابيته
فهذا المشروع القرآني العظيم والمهم، منذ بدايته، وإلى اليوم، نحن بحاجةٍ مستمرةٍ إليه، وكل الأحداث والوقائع شهدت بصوابيته، فلم تأت مرحلة يتضح أن أمريكا صديق حقيقي لهذه الأمة، ففي كل مرحلة اتضحت الكثير من الحقائق، عن الأمريكي، عن الإسرائيلي، عن عملائهم، سواءً الأحداث والمتغيرات في داخل الأمة، أو من خارج الأمة.