(نص +فيديو ) الدرس الرابع للسيد عبدالملك الحوثي من حكم الإمام علي “ع ” 5 ذو الحجة 1445هـ| 11 يونيو 2024م

دروس من حكم أمير المؤمنين علي “عَلَيْهِ السَّلَامُ” ألقاها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يَحْفَظُهُ اللَّه” الدرس الرابع الثلاثاء 5 ذو الحجة 1445هـ 11 يونيو 2024م

 

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

يقول أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في النصوص التي رويت عنه، في سياق كلامٍ له:

((لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً، وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ وَاحِداً، إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ، أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَايْمُ اللهِ لَأُنْصِفَنَّ المَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الحَقِّ وَإِنْ كَانَ كَارِهاً)).

نقف في درس اليوم مع هذا النص فقرة فقرة للاستفادة منه؛ لأهمية ما ورد فيه.

بداية هذا النص قوله “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: ((لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً))، وهو ينبههم هنا على أهمية الالتزام، والاستجابة، والسمع والطاعة؛ بالنظر إلى موقعه “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في موقع المسؤولية، التي ينبغي من خلال ذلك أن يكونوا مستجيبين له، ومطيعين له، فهم يعرفون أنه جديرٌ بتلك المسؤولية، والتزموا بالبيعة له، والإيمان بقيادته، والالتزام بقيادته، بقناعةٍ تامة، بناءً على إيمانهم بجدارته بتلك المسؤولية، وهو فعلاً جديرٌ بتلك المسؤولية العظيمة، ولو تعاون معه الناس- آنذاك- كما ينبغي، لصحح مسار الأمة، ولغيَّر واقع الأمة، ولاتَّجه بها إلى بر الأمان، إلى الصراط المستقيم، ولكان وجه العالم بخلاف ما هو عليه اليوم.

فهو ينبههم هنا أمام حالات متنوعة، البعض منها حالة ضعف في مستوى الاستجابة، في مستوى الالتزام العملي، في مستوى الطاعة، البعض حالات من التذمر، من إبداء الاستياء… حالات ليست بالشكل المطلوب في التعامل معه في موقعه في القيادة، بما هو جديرٌ به من الالتزام، والسمع، والطاعة له، ما هو جديرٌ بتلك المسؤولية في أعلى مستويات الجدارة.

وأيضاً هو يأمرهم بما فيه رضا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بما تقتضيه المسؤولية وفق منهج الله وتعليماته، فهو هنا يقول لهم: ((لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً))، يعني: لم أصل بطريقة انتهازية وبدون جدارة إلى موقع المسؤولية، فترون أنِّي لست جديراً بالطاعة، ولا بالاستجابة، ولا بالالتزام، الأمر مختلفٌ، ليس حاله كحال الآخرين، هو في أعلى مستويات الجدارة بكل الاعتبارات، ينبههم أنه كان التزامهم بقيادته مبنياً على قناعة وجدارة، فلماذا، لماذا تلك الحالات غير الطبيعية، غير المناسبة من قلة الطاعة، أو عدم التفاعل، أو عدم الالتزام، أو الاستياء والتذمر؟

تحصل أحياناً مثل تلك الحالات السلبية في أوساط الأعوان والأتباع تجاه القيادة، بالرغم من أن القائد قد يكون- مثل ما هو الحال بالنسبة لأمير المؤمنين “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في أعلى مستويات الجدارة- قد يكون القائد على مستوى الجدارة بالمسؤولية التي هو فيها، ما ينبغي للجميع أن يكونوا عوناً له، ومستجيبين له، وأن تكون انطلاقتهم واستجابتهم بالشكل المطلوب، ولكن أحياناً قد تحصل حالات فيها قصورٌ كبير في مستوى الالتزام، أو الطاعة، أو التفاعل، وحالات فيها تعبير عن الاستياء والتذمر… وهكذا حالات مختلفة ومتنوعة.

البعض من الناس قد تحصل له مثل هذه الحالة: حالة تذمر واستياء وعقد تجاه القيادة، ومنشأها أحياناً الحسابات الشخصية، أمور تتعلق بواقعه الشخصي، لديه طموحات معيَّنة، أو رغبات معيَّنة، على مستوى- مثلاً- منصب معيَّن، يريد أن يحظى بمنصبٍ معيَّن، أو لديه رغبات وطموحات مادية، يريد أن يكون له اعتماد مالي معيَّن، أو يريد أن يكون له موقع معيَّن، أو أن يترك له المجال ليتصرف كيف ما يشاء ويريد، دون محاسبة، ولا مؤاخذة في شيء، حتى لو كان تصرفاً سيئاً، أو ظالماً، أو منحرفاً، فهو يرى أنه يمتلك الحق في أن يتصرف وفق هوى نفسه، ورغبات نفسه، فإذا لم تكن الأمور معه كما يهوى وكما يرغب؛ حينها تتغير نفسيته، تحصل عنده عقدة، والعقدة منشأها ذلك: إمَّا من أجل منصب، أو من أجل مال، أو من أجل موقع، أو من أجل تصرف معيَّن، أو بأن الأمور لم تكن وفق رأيه الشخصي، قضايا معيَّنة، أو أمور معيَّنة، لم تتفق معه القيادة وفق رأيه الشخصي واتِّجاهه الشخصي؛ حينها:

  • إمَّا البعض من الناس يصل به الحال إلى المشاقة، وإلى العناد، وإلى اتخاذ موقفٍ سيء.
  • البعض من الناس قد تصل به الحالة إلى إبداء التذمر، والتعبير عن حالة الاستياء والسخط.
  • البعض من الناس قد يتأثر في مستوى تفاعله العملي، أصبح غاضباً ومستاءً ومعقداً، ويؤثِّر ذلك على مدى تفاعله في أداء المسؤوليات…

وهكذا، يعني: تتفاوت الحالات.

  • البعض من الناس قد يتَّجه إلى مستوى سلبي جداً، بالعداء، والكره، والمباينة، والافتراء، والبهتان، ويتعاطى بطريقة سلبية جداً.

فتختلف حالات الناس، وتتفاوت بمستوى ما هم عليه، من تفاعل، من وعي، من إيمان… من غير ذلك، البعض من الناس يفقد كل شيء، ويتغير تماماً.

وهذه حالة سلبية، عندما تكون تجاه القيادة المؤمنة، التي تتجه بالناس في إطار منهج الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتتحرك بهم على أساس هدى الله وتعليماته، لا ينبغي أن يكون المعيار لدى الإنسان أموره الشخصية، أو رأيه الشخصي، أو حساباته الشخصية؛ فتتحول هي إلى معيار وإلى ضابط، يؤثِّر على مدى علاقته بالقيادة، أو موقفه من القيادة، ثم بالتالي على مستوى الالتزام العملي، الواقع… وهكذا.

((وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ وَاحِداً، إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ))، وهذا أحياناً ما يسبب يعني ظهور مثل هذه الحالة والفجوة، ما بين الاتِّجاه الذي عليه الشخص، سواءً كان في موقع مسؤولية، أو كان في إطار الأمة التي تتجه في إطار موقف الحق، شخصاً منها، أحياناً قد تكون الفجوة التي تحدث بين الإنسان، وبين القيادة التي لديها ذلك الاتِّجاه والحق، هي هنا، في هذه النقطة بالذات: ((إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ))، فإذا لم يرى في القائد أنه يلبي له رغباته، أو يحقق له طموحاته الشخصية، أو يُنَفِّذ له آراءه الشخصية، أو يترك له المجال في أمور لا ينبغي أن يسكت له فيها: إمَّا فيها مظالم، أو أخطاء، أو مخالفات… أو غير ذلك؛ حينها تبدأ هذه الفجوة، يشعر بالفجوة ما بينه وبين القيادة؛ لأن ما يضبط علاقته به، وموقفه منه، كان ما يتعلق بأموره الشخصية وحساباته الشخصية.

عندما نتأمل في هذه العبارة: ((إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ))، هكذا كان أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في موقع القيادة للأمة، كل همه وكل سعيه أن يتحرك بها في إطار مرضات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ووفق تعليمات الله، وأن يتَّجه بها إلى الله، إلى ما يرضيه، إلى ما يتطابق مع هديه، وهذا هو الخير للأمة، في ذلك فلاحها، وفوزها، ونجاتها، في الدنيا والآخرة، فيه الخير لها بكل ما تعنيه الكلمة.

وهكذا دائماً هم القادة الأبرار، المؤمنون، المتقون، هم لا يريدون الناس لأنفسهم، ولا من أجل أنفسهم، هم يريدون الناس أن يكونوا متجهين نحو الله، فيما فيه رضا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يشدُّون الناس إلى الله، هم عبارة عن طريق إلى الله، وعن دعاة إلى الله، فهم يتجهون بالناس نحو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفق هديه، وفق تعليماته، فيما يرضيه، وهذا هو الذي فيه الخير الكبير للناس في الدنيا والآخرة؛ ولذلك ينبغي أن تكون العلاقة معهم في هذا السياق نفسه قائمة على أساس الاستجابة، والطاعة، والتفاعل الإيجابي، والالتزام في الجانب العملي، لا تكون المسألة عند الإنسان كما أشرنا سابقاً، لأنهم ليسوا وفق هوى نفسه، ورغبات نفسه، وطموحاته الشخصية، واهتماماته الشخصية، فلديه موقفٌ منهم ويستاء منهم.

((أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ))،  يعني: لا أريدكم لنفسي، وهذه النقطة فارقة في الواقع، نقطة فارقة بين القادة الأبرار، المتقين، المؤمنين، وبين غيرهم من الانتهازيين، وأصحاب الأطماع، وعُشَّاق السلطة، الآخرون من عُشَّاق السلطة والانتهازيين والطامعين همهم أنفسهم، وتثبيت سلطانهم، تثبيت سلطتهم، وترسيخ سيطرتهم وهيمنتهم، وهمهم أن يكون الناس متجهين إليهم هم، يقبلون بهم، يعظمونهم، يقدسونهم، يطبلون لهم، يخضعون لهم، يطيعونهم في الباطل، ينتهون عندهم، هم لا يشدون الناس إلى الله، ليسوا طريقاً إلى الله، هم يقفون بالناس عندهم، ويجعلون من أنفسهم المنتهى، منتهى الولاء منتهى الطاعة، منتهى الانقياد، منتهى الارتباط عندهم، الحد هم، وحد الإنسان في الولاء هم، حده في الطاعة عندهم، حده في بقية الأمور عندهم؛ ولذلك ليسوا طريقاً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لا يتجهون بالناس بناءً على طاعة الله فوق كل شيء، والتوجه وفقه هدى الله وتعليماته، وهذه نقطة فارقة، تبيِّن حال من هم القادة الأبرار، المتقين، المؤمنين، ومن هم الانتهازيون، والذين لديهم رغبة في السلطة وعشق للسلطة، والتمحور حول السلطة وحول أنفسهم، وهم يتمحورون حول أنفسهم، ويريدون الناس لهم، وهم السقف المنخفض الذي لا يريدون للناس أن يتجاوزوه أبداً.

((إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ))، يشدُّون الناس إلى الله، يتجهون بهم على أساس هديه، فعلاً كان أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” نعمةً كبرى على المسلمين، لو حظي بالتعاون اللازم- آنذاك- لغيَّر وجه التاريخ، وصحح مسار الأمة، ولكان وجه العالم مختلفاً عمَّا هو عليه اليوم.

فالحالة التي لدى البعض عادةً- حتى في تلك المرحلة- تجاه أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” من التذمر، أو التخاذل، منشأها الرغبات الشخصية لدى البعض، والأهواء الشخصية، البعض أيضاً لا يريد أن يستقيم في الواقع العملي، سواءً كان في موقع مسؤولية، في منصب معيَّن، أو ضمن الأمة، واحداً من أبناء الأمة، الذين هم في إطار المسؤولية العامة في نهاية المطاف، المسؤولية الإيمانية التي تشمل الجميع، من كان له منصب، ومن ليس له منصب، فالبعض من الناس لا يريد أن يستقيم، وإذا لم يترك على حاله ليعمل ما يشاء ويريد؛ يغضب، يستاء، يتعقد ويسيء ويتذمر، ويتغير موقفه، يتغير موقفه حتى تجاه القيادة، البعض لا يريد أن يلتزم بتعليمات الله في الحلال والحرام، كان البعض منهم يسخطون على أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”؛ لأنه لم يترك لهم المجال ليشربوا الخمر، يريدون أن يشربوا الخمر، فعندما أجرى عليهم الحدود غضبوا، وذهبوا عنه، والتحقوا بأعدائه، البعض من الناس للمسألة المالية… وهكذا.

البعض من الناس قد يتجه إلى مرحلة معيَّنة، متفاعلاً، مستجيباً، معبِّراً عن الولاء للقيادة، ثم تظهر في مرحلة معيَّنة تظهر له رغبات، أو طموحات، أو يواجه مشاكل معيَّنة، أو قضايا معيَّنة، فإذا لم تكن الأمور وفق ما يريد، أو لم يحصل على مبتغاه؛ يتغير، يتغير في نفسه، وتتغير حالته، فالإشكالية هي هنا: ((وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ))، حين يكون البعض من الأتباع، من الأعوان، من القادة، يريدون القائد أن يكون لأنفسهم، لتحقيق مبتغاهم، أمالهم، متطلباتهم، رغباتهم، أهوائهم… إلى غير ذلك. البعض من الناس حتى في طريقته في العمل، يصبح منطلقاً على هذا الأساس: هو يريد كيف يقنع القائد أن يكون له، ولكن الحالة الصحيحة للجميع بلا استثناء: للقائد، والأعوان، والقادة، وللأمة بشكلٍ عام، الشيء الصحيح الذي يستقيم به الأمر، ويستقيم به واقع الناس، هو: أن تكون الوجهة للجميع إلى الله، أن نريد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أن نسعى من أجل رضاه، أن نسعى في طاعته، أن يكون همنا ومبتغانا هو رضوانه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أن يرضى عنَّا، عندما تتوحد الإرادة، ويتوحد الهدف والغاية، يستقيم الواقع، يتجه الجميع اتجاهاً واحداً، بانسجام، بتعاون، حتى لو حصل أحيانا التباس، أو سوء فهم، أو إشكالات معيَّنة، تكون معالجتها سهلة، ليست معقَّدة، لكن إذا تمحور الإنسان، سواءً كان في موقع مسؤولية، منصب معيَّن، أو كان واحداً من أبناء الأمَّة، إذا تمحور حول نفسه، وأصبح متجهاً وفق متطلباته، أهوائه، أصبحت هي المعيار، وهي الميزان، وهي الأساس الذي يبني عليه موقفه، هنا تظهر الإشكالات الكثيرة، ويحصل الخلل في الواقع.

((وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ))، لتلبية رغباتكم، ترك المجال لكم كما يحلو لكم، البعض من الناس يكون مستقيماً، متفاعلاً، منسجماً، لكن في مرحلة معيَّنة عندما يحصل منه خطأ، أو مخالفة، ثم يكون هناك توجيهٌ له ليستقيم، أو منعٌ له مما هو فيه من الخطأ والمخالفة؛ بسرعة يتغير مزاجه، موقفه، تفاعله، ويتغير تماماً، فكما قلنا: الحل هو في أن يكون اتِّجاه الجميع نحو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

((أَيُّهَا النَّاسُ، أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ))، من واجب الجميع من هم في موقع مسؤولية، في مناصب ومسؤوليات معيَّنة، أو بقية الأمة، من واجب الجميع أن يكونواً عوناً على البر والتقوى، عوناً فيما فيه الخير للأمة، فيما فيه عزَّتها، وصلاحها، وفلاحها، وكرامتها، فيه الخير لها في دينها ودنياها، وأن يكون اتِّجاه الجميع هو كيف يكونوا معينين، ومتعاونين، ومسهمين؛ لأنه إسهامٌ مهم، إسهامٌ يعود على كل شخصٍ من أبناء الأمة بالخير في الدنيا والآخرة، فهذه هي الحالة الإيجابية، التي تدل على وضعٍ صحيٍ على المستوى الإيماني والأخلاقي والقيمي، أنَّ الأمة بخير في إيمانها، في وعيها، في بصيرتها، في استقامتها: عندما يكون الغالب هو هذا الجو: جو التعاون، أن يتَّجه الجميع ليكون معيناً، ومتعاوناً، ومسهماً، ويعطي الله البركة مع ذلك، تتحقق للأمة نتائج كبيرة في درء الخطر عنها، في دفع شر أعدائها، في إنجازات مهمة في داخلها، في تحقيق مصالح كبرى حقيقية لها، كل النتائج الإيجابية مرتبطة بهذا: أن يكون التَّوجُّه الغالب، التَّوجُّه العام، توجهاً قائماً على أساس التعاون؛ ولهذا أتى قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2]، فحينما يكون للناس قيادة مؤمنة، لديهم قائد مؤمن، يوجههم إلى ما فيه الخير لهم، ويتَّجه بهم في ما فيه صلاحهم، يوجههم وفق تعليمات الله، وفق هدي الله، ليحرص الجميع على أن يكونوا عوناً في تنفيذ ذلك، بحسب ما يستطيعون، كلٌّ في ما يمكنه أن يساهم فيه، حتى الكلمة الطيِّبة، حتى الأعمال والمواقف العامة، حتى ما يتعلق بالإنسان في نطاق مسؤوليته، على مستوى مسؤوليته هو شخصياً، أو الإسهام العام مع الآخرين، فإذا كان التوجه على هذا الأساس وفق قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2]، تكون النتائج مهمة جداً.

ثم على مستوى واقع الإنسان، من خلال استقامته هو، واستجابته هو، وإنصافه هو، أن يكون عنصراً خيِّراً في أمته، وفي مجتمعه، منصفاً، مستجيباً، متفاهماً، مستقيماً، هو يعين على نفسه، ويعين بنفسه، لا يجعل من نفسه إشكاليةً، نتيجةً لتصرفاته السيئة ومخالفاته، وما ينتج عنه، ويصدر منه من إساءات، أو إشكالات، أو مخالفات، تترك أثرها السيئة في واقع الناس.

فالحالة الراقية للناس، للجميع، وما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، على مستواه الشخصي، وكما قلنا: سواءً كان في موقع مسؤولية، له منصب معيَّن، أو كان في إطار المسؤولية الإيمانية العامة، واحداً من أبناء الأمة، الشيء المهم: أن يكون عنصراً فاعلاً، خيِّراً، إسهاماته إعانة في الأمور المهمة، في الأمور العامة، في الأمور العظيمة، هو يعين على مستوى التحرك في الجهاد في سبيل الله، في إطار ما يمكن من جانبه، وما يشارك فيه أو يساهم فيه من أعمال، أو مواقف، أو كذلك إسهام عملي، أو إسهام مادي، بحسب ظروف الإنسان وإمكاناته، على مستوى منصبه، على مستوى واقعه الشخصي، على مستوى نطاق مسؤولياته فيما يعنيه، وفيما يستطيع أن يسهم به خارج ذلك في إطار المسؤولية الإيمانية العامة.

أن يكون الناس عوناً، هذا أمر مهم لاستقامة الأمور، الأمة تنهض بذلك، ترتقي بذلك، تحقق الإنجازات الكثيرة بذلك، ثم تتخلص من كثير من الإشكالات والعوائق، إذا غاب هذا الجانب من واقع الأمة، ثم كثرت الحالات المختلفة عمَّا ينبغي أن تكون عليه الأمة، من تعاون على البر والتقوى، فتحوَّلت الحالة إلى حالة إشكالية، فهذا أمر مسيء جداً، ويسبب عناء كبير في واقع الناس، ويمثل إشكالية حتى أمام القائد، والحالة السلبية التي تجعل الإنسان عكساً من هذه الحالة، عكساً من: ((أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ))، عندما يتحول إلى مصدر إشكال، وحالة إشكالية في الواقع، هي حالة لها جوانب متعددة، منها:

التصرفات والممارسات الخاطئة، الإنسان إذا كان في منصب معيَّن، منصب أمني، أو منصب إداري… في أي مقام، في أي موقع من مواقع المسؤولية، وكانت تصدر منه ممارسات خاطئة، ظالمة، تتعلق إمَّا بمسؤوليته، أو في سلوكه العام، فيتحول هو في واقعه إلى واقع إشكالي، ينتج إشكالات في الواقع، ينتج ممارسات خاطئة، سيئة، ومسيئة، فيتحول إلى مصدر إشكال، مصدر إشكال، إلى عائق، الناس ينشغلون به، بعقده، بمشاكله، بمخالفاته، بما نتج عنها، يصبح هو أيضاً مصدر إزعاج، مصدر قلق، وتأثيراته السيئة كذلك، بدلاً من أن يكون عوناً ومعيناً.

أيضاً من الخطأ عندما يكون البعض بهذا الشكل: مصدر إشكال، بممارسات ظالمة، ممارسات سيئة، ممارسات مخالفة، ويصبح سلوكاً يستمر عليه، لم يعد يجد معه النصح، ولا التذكير، من الخطأ أن يحصل مع ذلك بالحماية، وأن يحظى بالحماية، بالعون، بالتعاطف معه، بالعصبية معه، البعض من باب العصبية، فيعزز ذلك موقفه في أن يستمر على ما هو عليه، أن يستمر على ما هو عليه؛ بينما لو شعر أنَّ الكل ليسوا معه فيما هو عليه من مخالفات، من أخطاء، من ممارسات سيئة، من ممارسات ظالمة، وأنَّ الكل سيقفون مع القيادة في أيِّ إجراء ضده، لمنعه من تلك التصرفات والممارسات السيئة، هذا سيكون عاملاً مساهماً في زجره وردعه.

البعض من الناس أيضاً أداؤه العملي أداء غير سليم، يعني: هو من ناحية- مثلاً- الالتزام الأخلاقي والروحي لديه التزام، لكنه في أدائه العملي أداء معقَّد، ليس أداءً ينطلق فيه بدون عقد، بطريقة سليمة، بطريقة صحيحة، يحرص على أن يؤدِّي مسؤولياته كما ينبغي، بل تدخل التعقيدات، والإشكالات العملية، ذات الطابع العملي، في أسلوبه العملي:

  • إمَّا لأنه ينقصه ما يحتاج إليه من معرفة تجاه العمل، من خبرة إدارية… من نحو ذلك.
  • وإمَّا لأن لديه عقداً نفسية.
  • أو أنَّ لديه طموحات غير واقعية، فيربط الأداء العملي بتلك الطموحات غير الواقعية، غير الممكنة، البعض- مثلاً- يريد متطلبات وإمكانات ليست متاحة، ليست متوفرة، ثم يربط الأمور بها، ويعقِّد الأمور بها، ثم يتحوَّل أداؤهم العملي إلى أداء إشكالي، غير سليم، غير صحيح، غير إيجابي، فيؤثِّر، يؤثِّر على الواقع العملي.

البعض من الناس يحمل روحية الاستهتار، واللامبالاة، واللاشعور بالمسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيكون أداؤه إشكالي من هذا الجانب، ممارساته في موقعه في المسؤولية، في عمله، أو خارج ذلك: في سلوكه العملي والعام.

وعلى العموم، عندما يتحول الإنسان إلى مصدر إشكال: إمَّا لممارسات سلبية وسيئة وظالمة، أو ناتجة عن الاستهتار والتهاون في العمل… وغير ذلك، يتحول الأداء إلى أداء سلبي، أو خارج المنصب بكله، كما قلنا: كواحد من أبناء الأمة، سلوكه، تصرُّفه سيء، والإشكال الأكبر عندما يحظى من هو كذلك بتعاطف، بتضامن، بتعاون مبنيٌ على عصبية أحياناً: إمَّا عصبية مناطقية، أو عصبية عشائرية، أو أسرية، أو حزبية، أو جماعية، نتيجةً لانتمائه لجماعة معينة، فهم يريدون أن يكونوا سنداً له فيما هو عليه من إصرار على ممارسات ظالمة، أو ممارسات خاطئة، أو ممارسات سيئة، أو مخالفات عملية، أو عدم إنصاف؛ فحينها تتحول الحالة إلى حالة إشكالية، وعوائق، وتعقيد للأمور.

فلذلك الحالة الإيجابية هي: أن يكون الإنسان أولاً: حريصاً هو على الاستقامة، على أن يكون أيضاً منصفاً، يعني: يمتلك الإنسان هذا الحرص، إذا كنت في منصب، في أي منصب، في أي مسؤولية، احرص على أن تكون مستقيماً، ومنصفاً، الإنصاف من الإيمان، أن تنصف الآخرين، أي إنسان أخطأت بحقه، أو ظلمته، أن تكون منصفاً له، ومستجيباً في الإنصاف من نفسك، فيما عليك أن تنصف فيه، ومستقيماً، ومستجيباً، ومطيعاً، وعملياً في إطار ما هو رضا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وحق، وخير، أن تكون حريصاً على العدالة، أن تكون من ذوي العدل، من ذوي الاستقامة على العدل، أن تكون عوناً في الحق، ليحرص الإنسان على ذلك، ومستجيباً، ومتفاهماً في ذلك، هنا ستكون عوناً، بهذه الروحية، بهذا التوجُّه الإيماني الصادق: حرص على الاستقامة، حرص على الإنصاف من نفسك، استجابة، تفاهم، هنا أنت ستكون عوناً، تخفف، لا تكون أنت مصدر إشكالات دائماً، مخالفات، إزعاج، تعقيدات، حتى الأعمال الصالحة أنت أمامها عائق، لا تترك لها المجال لتمشي، أنت تمثل عائقاً بأسلوبك، بتعقيداتك للأمور، هذه حالة يجب أن يكون الإنسان متنبِّهاً لها، ((أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ))، والعون للقادة المؤمنين الأتقياء في طاعة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” له نتائج عظيمة ومهمة.

ثم قال “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: ((وَايْمُ اللهِ))، وهذا قسم، ((وَايْمُ اللهِ)) تعني: القسم بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، اليمين، ((لَأُنْصِفَنَّ المَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ))؛ لأن هذا هو من أهم المسؤوليات في دولة الإسلام، ومن أقدس المسؤوليات فيها، ومن أكبر الوظائف لها: الإنصاف للمظلوم من الظالم، وعلى الأمة أن تكون عوناً في ذلك، بل على الإنسان أن يكون عوناً حتى على نفسه في ذلك، أن يكون هو حريصاً على الإنصاف، مستجيباً، مبادراً، لا يحتاج إلى مشكلة كبيرة ومعقَّدة، البعض من الناس مثلاً يحتاج مشكلة، وجفاء، وعقد، أو يحتاج إلى مشكلة كبيرة، البعض من الناس يصل به عناده إلى أن يفتعل مشكلة أكبر: إمَّا يقاتل، أو يتعنت، ويتحدى، ويصرّ على الظلم، ويصرّ على ما هو عليه من عدم الإنصاف، وهذا ليس شجاعة، وليس شهامة، وليس مروءة، ولا يشرِّف الإنسان، العناد في موقع الإصرار على الظلم، والعناد في حالة الإصرار على باطل، هو عناد يصل بالإنسان إلى جهنم، الله توعَّد في القرآن الكريم كل جبارٍ عنيد، عنيد، أتى هذا التعبير في القرآن الكريم في عدة سور في القرآن الكريم، منها: (سورة إبراهيم)، منها: (سورة ق)، يأتي الوعيد للمعاند العنيد، الإنسان الذي هو عنيد، يصرّ على الظلم، يصرّ على باطل، يصرّ على عدم الإنصاف، يصرّ على الممارسات الخاطئة، ويعاند في ذلك، هذا شيءٌ لا يشرِّف الإنسان.

عندما يصل الإنسان إلى مثل هذه الحالة، ممن هو معاند، ومُصِرّ، مُصِرّ على ما هو عليه من ظلم، مُصِرّ على ما هو عليه من باطل، مُصِرّ على ما هو عليه من عدم إنصاف، يحتاج- لم يعد يجدي معه التذكير، ولا النصح… ولا أي شيء- يحتاج إلى الإرغام، إلى الإرغام له على ذلك. فالحالة إذا كانت حالة استجابة يتحقق الإنصاف للمظلوم من ظالمه، ويكون الناس عوناً في ذلك، بدلاً من عصبيتهم، العصبية مع الظالم هي عصبية جاهلية، سواءً وقفت معه جماعته، أو حزبه، أو قبيلته، وهو ظالم، هي عصبية جاهلية بكل ما تعنيه الكلمة، إذا كانوا حريصين عليه؛ فليدفعوا به إلى الإنصاف، وليساعدوه في الإنصاف، وليكونوا معه في الإنصاف، وفي الحق، لا أن يتعصبوا له ليبقى مصراً على ما هو عليه من ظلم، ومستمراً في ذلك.

((وَايْمُ اللهِ لَأُنْصِفَنَّ المَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الحَقِّ وَإِنْ كَانَ كَارِهاً))؛ لأن البعض من الناس لم يعد ينفع معه إلَّا ذلك: أن يقاد بخزامته، الخزامة: حلقة تستخدم في أنف البعير ليقاد بها، حلقة من شعر، كانوا يشكِّلونها ويصنعونها ليقودوا البعير، البعض من الناس بعير، بعير لكن لا يسمع، ولا يفيد فيه نصح، ولا تذكير، ولا موعظة… ولا أي شيء، أسوأ من البعير حتى، لم يعد فيه إنسانية وكرامة، فيبادر إلى الإنصاف، إلى الاستجابة في الحق، يعاند، فيحتاج إلى التعامل معه بهذه الطريقة: أن يقاد رغماً عنه، أن يرغم على الإنصاف، ((حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الحَقِّ))، منهل الحق؛ لأنه خيرٌ له، لأن فيه الإنقاذ له حتى هو، والإخراج له مما هو فيه من الظلم، مع أن عليه أن يتوب إلى الله، يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى الله، أن يحرص على أن يُخرِج نفسه من غضب الله، وسخط الله.

((وَإِنْ كَانَ كَارِهاً))، أحياناً  تصبح هذه الصرامة أمام هذا النوع من الناس، ممن هو متعنت، لا يقبل بمنطق التذكير، بمنطق الأخوّة، بمنطق النصح، ولا تنفع معه، ولا تجدي أي مساعي لتدفعه إلى الإنصاف، فتكون الصرامة الضرورية معه، والتي هي مفيدة للمجتمع؛ لأنها تمثل ردعاً لغيره، يراه الآخرون من نوعيته، فيدركون أنه لا مجال لأن يبقى الوضع منفلتاً، ويتلعب الظالم والمتجبر الذي لا يراعي تقوى، ولا إيمان، ولا حق، ولا إنصاف، ولا عدل، وهمه هوى نفسه، ودوره في المجتمع دور سلبي سيء، يستغل إمَّا منصبه، أو موقعه الاجتماعي، أو نفوذه بأي اعتبارٍ كان، أو يستغل عصبية من يتعصَّبون معه، إمَّا لأنهم حزبه، أو لأنهم قبيلته، أو لأنهم أصحابه، أو لأنهم جماعته، هذه حالة خطيرة جداً، فتصبح الصرامة سبباً لجفوة، واستياء، وعقد، والمفترض أن يتعقَّد الناس من الظالم، ومن المسيء، ومن ذوي التصرفات الظالمة والخاطئة، أن تكون العقدة منهم، وليس على من يسعى إلى أن يتَّجه بالجميع الاتجاه الصحيح، الذي يتحقق فيه العدل والخير، والذي فيه المصلحة للجميع، للناس جميعاً، مثل هذه الأمور يجب أن تكون ثقافة عامة، ثم أن تكون توجهاً لدى الجميع؛ ليكونوا عوناً، وإذا تحقق هذا التعاون- كما قلنا وكررنا- يكون له نتائج عظيمة في الاستقرار الاجتماعي، في الازدهار، في تحقق النتائج المهمة للأمة، ترتقي الأمة في إيمانها ووعيها، تحقق إنجازات كبيرة، تحقق نتائج مهمة في واقعها في كل المجالات، في كل المجالات، تتمكن من النجاح، تتخلص من العوائق، والترسُّبات، والإشكالات، التي إذا كثرت؛ أصبحت عللاً ومرضاً وداءً عُضالاً، ومثَّلت- كذلك- مطبات كبيرة، وعوائق، وحواجز، وموانع تعرقل الأمة في مسيرتها الإيمانية والحضارية، تشتتها، تبعثرها، تغرقها في الإشكالات التي لا تنتهي، كل يوم إشكالات جديدة، ينشغل الناس بها، وقضية لفلان، ونزاع لفلان، وإشكال عند فلان، ومشكلة بين هذه العشيرة وهذه القبيلة، وهذا البيت وهذا البيت، هذه الأسرة وتلك الأسرة، تتعقد المشاكل، تكبر الصغائر، تكثر العلل، يفسد واقع الناس ويسوء، ثم لا يتمكنون أن يكونوا أمةً تحمل راية الحق والإسلام، تنهض بدورٍ عظيم في الواقع، يغرقون كل الغرق أمام كثير من الإشكالات، فتكثر وتكبر من الأمور الصغائر.

نَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا