الهروب من اليمن تصبح عادة أمريكية

بقوة الإيمان وعزيمة التقوى، يواصل الشعب اليمني اكتساح الساحات وخوض الغمرات، معتزاً بعزة الله العزيز، حين صدقوا معه فصدقهم الوعد، ورفع شأنهم وأعلى مكانتهم، ومنحهم من علمه ما طمس كبرياء المتغطرسين وكسر هيبتهم، وجرعهم مرارة الذل والهزيمة، بعد عقود من العنجهية والكبرياء، عاثوا فيها فسادا في الأرض وقهروا الشعوب واستعبدوها.

ومن بين الدمار والخراب ومع الفقر والحاجة واشتداد الأزمات والنكبات المتتابعة، نهض يمن الإيمان المحمدي الأصيل في ذروة الطغيان العالمي بزعامة الصهيونية، ليقول للمتغطرسين: انتهى وقتكم وبارت دولتكم فقد غلبت عليكم الشقة بما كسبتم فلتذوقوا من عذاب الدنيا نصيبكم جزاء بما كسبت أيديكم فذلك وعد غير مكذوب.

ما ترتب على الموقف اليمني المساند لغزة، جدير بالتأمل، فأن يسبق اليمن الولايات المتحدة في امتلاك الصواريخ فرط صوتية، ويرغمها على الاعتراف بالفشل في وقف الهجمات البحرية، ويجبرها على سحب أفتك قطعها الحربية، ويجعل من جنودها وضباطها أضحوكة، فذلك برهان من الله أنه الغالب على أمره والناصر لعباده المؤمنين.

ولتأكيد المؤكد، نورد بعض الشواهد على تأثير العمليات العسكرية اليمنية لنزداد بها إيمانا بأن الله معنا وناصرنا وهو خير الحافظين.

 

تكاليف الشحن ترتفع 5 أضعاف

بعد هروب السفن من الحدود اليمنية وما صاحبها من تأخير في وصول الشحنات وارتفاع تكاليف التأمين أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف شحن البضائع حول العالم عن طريق السفن إلى ما لا يقل عن خمسة أضعاف مقارنة بالعام الماضي؛ ما وضع ضغوطاً جديدة على الشركات، وأثار تهديد التضخم المستمر.

وارتفع متوسط أسعار شحن الحاويات من آسيا إلى أوروبا من 1500 دولار العام الماضي إلى 8000 دولار لكل حاوية بطول 40 قدماً، كما ارتفعت الأسعار من آسيا إلى الولايات المتحدة بمقدار مماثل وفقاً للمحلل في بنك “جيفريز” الاستثماري الأميركي عمر نقطة.

ورجح “نقطة” أن تعزز الأسعار أرباح شركات الشحن الكبرى في الربع المقبل، كما رفع تقديراته لأرباح شركات “ميرسك” و”هاباج-لويد”، و”زيم لخدمات الشحن المتكاملة”.

وفي مذكرة حديثة، حذر الاقتصادي بيتر بوكفار من ارتفاع أسعار الشحن الجوي أيضاً؛ ما يشير إلى استمرار التضخم وتقلبات الأسعار في المستقبل القريب.

وباتت شركات الشحن ترسل السفن المتجهة من آسيا إلى أوروبا إلى طريق أفريقيا عوضاً عن استخدام طريق البحر الأحمر الأقصر، ما يضيف ملايين الدولارات في التكاليف، ووقتاً زمنياً أكثر لمسار الرحلة. وفي وقت سابق من هذا العام، علقت شركة “تسلا” بعض الإنتاج في ألمانيا بسبب تأخيرات الشحن.

في ذات السياق، ذكرت صحيفة سيتي إيه إم المالية البريطانية أن هجمات البحر الأحمر تؤثر على أرباح موردي الأخشاب في لندن بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، وسط ارتفاع أسعار الحاويات وتكاليف الشحن وبطء الطلب على منتجات الألواح الخشبية.

 وارتفعت أسعار الشحن نتيجة لذلك، وحتى الخميس 19 يونيو، بلغت التكلفة لشحن حاوية بطول 40 قدمًا على ثمانية طرق رئيسية بين الشرق والغرب 5117 دولارًا، بزيادة 233٪ عن العام الماضي، وفقًا لشركة استشارات الشحن Drewry ومقرها لندن.

وقامت شركات النقل أيضًا بفرض رسوم إضافية طارئة لمراعاة الاضطراب، وفي الشهر الماضي، قامت شركة “ميرسك” بزيادة بعض هذه الرسوم الإضافية مؤقتا.

أما فيما يتعلق بخسائر التأمين على السفن فقد أدت عمليات اليمن إلى ارتفاع رسوم تأمين سفن الشحن التجارية التي تعبر بالبحر المتوسط ومضيق باب المندب الحيوي من 3 – 4% تقريبا لتصل إلى 6%. بمعنى آخر، تبلغ رسوم تأمين سفينة قيمتها 50 مليون دولار نحو 300 ألف دولار للرحلة البحرية الواحدة.

تراجع شحن الحاويات بنسبة 90%

 

وفي منتصف يونيو الجاري أكدت وكالة بلومبيرغ أن عمليات القوات المسلحة اليمنية على السفن التجارية في البحر الأحمر تسببت في انخفاض بنسبة 90% في شحن الحاويات عبر المنطقة بين ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط الماضيين، وفقًا لتقييم رسمي أجراه مسؤولو المخابرات الأميركية ونقلته الوكالة.

وأثرت الهجمات، وفقا للتقييم، على 65 دولة، وأجبرت 29 شركة كبرى للطاقة والشحن على تغيير مساراتها، مما أدى إلى زيادة التكاليف بشكل كبير وتعطيل التجارة العالمية.

وكشفت وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون -في بيان علني نادر- أن تحويل السفن إلى طرق بديلة حول أفريقيا أضاف ما يقرب من 11 ألف ميل بحري لكل رحلة، مما أدى إلى زيادة تقدر بنحو مليون دولار في تكاليف الوقود لكل رحلة، بحسب ما نقلته بلومبيرغ.

وذكرت الوكالة أن “التهديدات التي يتعرض لها عبور البحر الأحمر تؤدي إلى تفاقم الضغط المستمر على الشحن البحري العالمي الناجم عن الانقطاعات في قناة بنما بسبب الجفاف”، مضيفة أن التداعيات الاقتصادية لهذه الهجمات واسعة النطاق. وكان لزيادة طول الرحلة وتكاليف الوقود تأثير مضاعف، مما أثر على طرق التجارة العالمية وسلسلة التوريد.

شواهد كسر الهيبة الأمريكية

 

وفي منتصف يونيو الجاري أجرت شبكة “newsnation” الأمريكية تحقيقا من على متن حاملة الطائرات الأمريكية “آيزنهاور” في البحر الأحمر، أكد أن أطقم السفينة “يو إس إس آيزنهاور” تواجه هجمات من اليمن بشكل شبه يومي.

وقال قائد المدمرة “يو إس إس لابون” لشبكة “newsnation”: نحن أول سفينة في التاريخ تواجه صواريخ باليستية في مواجهة بحرية.

فيما أوضح قائد حاملة الطائرات “آيزنهاور” كريس هيل لشبكة “newsnation” الأمريكية أن القوات المسلحة اليمنية تنفذ هجمات بشكل شبه يومي في البحر.

وأمام استمرار العمليات البحرية التي تنفّذها القوات المسلحة اليمنية نصرةً لغزة، أقرّت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، أفريل هاينز، أنّ المحاولات التي تقودها واشنطن “لم تكن كافيةً لردع” القوات المسلحة اليمنية.

وفي شهادة أدلت بها أمام الكونغرس الشهر الماضي، اعترفت هاينز بأنّ التهديد التي تمثّله القوات المسلحة اليمنية “سيظل نشطاً لبعض الوقت”.

أمريكا عالقة في قتال غامض

 من جهتهاـ نشرت وكالة “أسوشيتد برس” تقريرا عن الأزمة الأمريكية أمام الأسلحة اليمنية، حيث أوضحت أن البحرية الأمريكية عالقة في قتال غامض مع اليمن، مضيفة أن القوات المسلحة اليمنية على وشك أن تتمكن من شن هجمات لا تستطيع الولايات المتحدة إيقافها.

ونقلت الوكالة عن قادة وخبراء بحريين أن الحملة البحرية الأمريكية ضد اليمن هي أعنف قتال تواجهه منذ الحرب العالمية الثانية، موضحة أن هجمات الجيش اليمني تحدث على مدار الساعة بشكل يومي منذ 7 أشهر، وليس لدى القوات الأمريكية سوى ثوانٍ قليلة للتصرف.

وقال قائد المدمرة “يو إس إس لابون” في البحر الأحمر للوكالة: لا أعتقد أن الناس يفهمون حقًا مدى خطورة ما نقوم به ومدى تعرض السفن للتهديد، وأضاف” إذا أخطأنا لمرة واحدة فقط أمام القوات المسلحة اليمنية فإنهم يستغلون الفرص، وليس لدينا سوى ثواني للتصرف”.

من جانبه، العميد البحري المشرف على مدمرات الصواريخ الموجهة الأمريكية، أوضح أن الهجمات تحدث كل يوم، وكل ساعة، مضيفا أن بعض سفننا موجودة هنا منذ أكثر من سبعة أشهر للتصدي.

كما نقلت “أسوشييتد برس” عن ضابط سابق في البحرية قوله: نحن على وشك أن يتمكن “الحوثيون” من شن هجمات لا تستطيع الولايات المتحدة إيقافها وسنبدأ في رؤية أضرار جسيمة، مؤكدا إذا ترك الأمر يتفاقم، فسيصبح اليمن قوة أكثر قدرة وكفاءة وخبرة.

أمريكا لم تردع اليمن

 

كما قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية: إنه على الرغم من أشهر من الغارات التي تشنها قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، على مواقع “الحوثيين” في اليمن، فإنهم لا يزالون قادرين على تهديد أحد أهم ممرات الشحن البحري في العالم، “اعتمادا على ترسانة من الأسلحة، التي تتطور بشكل متزايد، وتمكنهم من مهاجمة السفن في البحر الأحمر وحوله”.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته سوزانا جورج ودان لاموث وأبيغيل هاوسلونر، قالوا فيه: إن الحملة التي قادتها أمريكا في البحر الأحمر لمواجهة تهديد الجيش اليمني للتجارة العالمية لم تردعهم، بل على العكس زادت من تهديدهم.

فعلى الرغم من حملة غارات جوية مستمرة منذ أشهر شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد أهداف للجيش اليمني، إلا أن القوات المسلحة اليمنية استمرت بتهديد أهم الممرات التجارية البحرية، مستخدمة أحدث الأسلحة المتوفرة في ترسانتها. ففي هذا الشهر فقط، ضرب الجيش اليمني سفينة وأشعل النار في أخرى، وأطلق المقاتلون الذين يعملون برا وبحرا أسرابا من المسيرات ضد بوارج حربية أمريكية ونشروا قوارب محملة بالمتفجرات وفجروها عن بعد.

وتعلق الصحيفة أن الزيادة في عدد الهجمات أكدت على قدرة الجيش اليمني وتهديده الدائم، معتمدا في جزء من هذا على الخبرات التي مكنته على الصمود أمام الغارات الأمريكية. وأثارت الحملة العسكرية المترنحة تساؤلات في الكونغرس الذي اتهم المشرعون فيه الحكومةَ أنها لم تفعل المزيد لردع “الحوثيين”.

مضيفة أن “الحوثيين” كما تعلموا كيفية تعديل الأسلحة القديمة وتصنيع جديدة، وأصبحوا أول جماعة عسكرية تستخدم الصواريخ المضادة للسفن وتضرب البوارج الحربية حسب قادة عسكريين أمريكيين.

ونقلت الصحيفة عن السيناتور الأمريكي مايك راوندز أن الهجمات من اليمن ارتفعت وتيرتها بسبب التكنولوجيا المُحسنة التي جعلت أنظمتهم أكثر دقة، كما ذكر السيناتور الأمريكي مارك كيلي أن القوات الأمريكية أنفقت الكثير من الذخائر خلال مهمتها في البحر الأحمر.

وقال السفير الأمريكي السابق إلى اليمن، جيرالد فايرستاين لصحيفة واشنطن بوست: “إن الحملة العسكرية الأمريكية ضد “الحوثيين” عجزت عن ردعهم”، وأضاف: “لقد زادت قدرات “الحوثيين” بالتأكيد، منذ أن بدأوا حملتهم في البحر الأحمر، وطالما كان لديهم الحافز لمواصلة هذه الهجمات، فقد أثبتوا أن لديهم القدرة على القيام بذلك”.

 

” آيزنهاور ” .. رمز للفشل الأمريكي

وخلال الأيام السابقة تمكنت القوات المسلحة من استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ” آيزنهاور ” لأربع مرات وأصابتها إصابة مباشرة، وبالرغم من المحاولات الأمريكية للإنكار في الأيام الماضية، فإن الإعلان الأمريكي بسحب حاملة الطائرات واستبدالها بأخرى هو خير شاهد على المأزق الحقيقي للقوات الأمريكية في المنقطة، حيث تعتبر “آيزنهاور” رمزا يعبر عن الهيمنة والردع الأمريكي.

ويوم 22 يونيو أفاد المتحدث باسم البنتاغون، “بات رايدر” أن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات الأمريكية داويت آيزنهاور، غادرت البحر الأحمر، بعد مرور 7 أشهر على نشرها في المنطقة.

وقال المتحدث في بيان للبنتاغون: “غادرت مجموعة دوايت دي آيزنهاور الهجومية لحاملة الطائرات (IKE CSG) منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية وستبقى لفترة وجيزة في منطقة مسؤولية القيادة الأمريكية الأوروبية قبل العودة إلى الوطن بعد أكثر من سبعة أشهر من الانتشار لدعم الردع والقوة الإقليمية الأمريكية جهود الحماية”.

وأشار المتحدث باسم البنتاغون إلى أن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات يو إس إس ثيودور روزفلت ستتولى مهام حاملة الطائرات آيزنهاور، بعد انتهائها من تدريب حالي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تشارك فيه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، غير أن شبكة “بي بي إس” الأمريكية ذكرت أن حاملة الطائرات “روزفلت” تعمل في آسيا، ورست يوم السبت في بوسان بكوريا الجنوبية وسط التوترات المستمرة بين سيول وكوريا الشمالية.

فيما تحدّثت قناة “أي بي سي نيوز” الأميركية، عن “الإرهاق” الذي يعانيه طاقم حاملة الطائرات الأميركية “آيزنهاور”، مع مرور 9 أشهر على خوضها، إلى جانب مجموعتها الهجومية ونحو 7 آلاف بحّار، “أعنف معركة بحرية جارية منذ الحرب العالمية الثانية”.

إحباط البحارة الأمريكيين

وكانت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية قد أكدت أن هناك صراعا بين القادة في البنتاغون، بين الاستجابة لضغوط البحرية لسحب حاملة الطائرات “آيزنهاور” ومجموعتها الضاربة من البحر الأحمر، وبين ضغوط القيادة المركزية لإبقائهم هناك لفترة أطول.

 

وأضافت الوكالة أن القادة في البنتاغون يشيرون أيضًا إلى حالة الإرهاق، حيث تقترب حاملة الطائرات “آيزنهاور” ومجموعتها الضاربة وحوالي 7000 بحار من الشهر التاسع من خوض أعنف معركة بحرية جارية منذ الحرب العالمية الثانية.. مؤكدة أن قادة البنتاغون يشعرون بالقلق من أنه بدون آيزنهاور، سيحتاجون إلى الاستفادة من المزيد من الطائرات المقاتلة الأمريكية المتمركزة في البلدان العربية، لكن العديد من الدول العربية تتخوف وتضع قيودًا على الطيران والضربات على #اليمن.

وقالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية: “يشعر قادة البحرية والبنتاغون بالقلق بشأن البحارة، الذين تمكنوا بالفعل من رؤية الصواريخ التي أطلقها “الحوثيون” عن قرب، وعن كيفية رعايتهم عند عودتهم إلى ديارهم، بما في ذلك تقديم العلاج للإجهاد المحتمل بعد الصدمة”.

من جانبه أكد قائد المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر الأدميرال “مارك ميجويز” أنه يذكّر وزارة الدفاع باستمرار بحاجتهم إلى أخذ فترة راحة لمحاولة العودة إلى أعمال الصيانة فالسفن الحربية تطفو في مياه البحر وتتطلب الكثير من الصيانة، وعندما تتجاوز الخطوط الحمراء، وتتجاوز أنشطة الصيانة المجدولة، يتعين سداد تلك التكاليف.

وأوضحت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية أنه من الممكن أن تلجأ الولايات المتحدة إلى فرنسا أو بريطانيا لإرسال حاملة طائرات إلى البحر الأحمر، حتى لفترة مؤقتة على الأقل، لتحل محل “آيزنهاور”.. فيما يصر المسؤولون الأمريكيون على أن حماية الممرات البحرية هي جهد متعدد الجنسيات، وأن على الحلفاء أن يأخذوا دورهم بإرسال حاملة طائرات إلى البحر الأحمر، لمنح الولايات المتحدة مساحة كافية للتنفس.

لكن ما يبدو أن البنتاغون فضّل خيار الهروب بحاملة الطائرات قبل أن تفقد سمعتها إلى الأبد بضربة صاروخية للقوات المسلحة اليمنية.

عزوف البحارة عن أعمالهم

كما ذكرنا سابقاً فإن تراجع عبور السفن عبر البحر الأحمر لم يكن الأثر البارز الوحيد لعمليات القوات المسلحة اليمنية، بل امتد ليشكل أزمة حقيقية عند البحارة الذين تتفاقم لديهم طبقات متعددة من الأزمات، والتي كانت هجمات الجيش اليمني هي قمة جبل الجليد الذي دفع العديد منهم لتفضيل حياته عن الاستمرار في التعرض لمخاطر الإبحار بمناطق الخطر.

وبحسب ما نقلته وكالة رويترز، فعندما سقط صاروخ أطلقه الجيش اليمني بالقرب من سفينة بالبحر الأحمر، أخذ المهندس البحري اليوناني كوستاس راسياس (34 عاما) على نفسه عهدا بأن يتوقف عن الإبحار في المياه المحفوفة بالمخاطر. وقال: “أُصبت بصدمة.. سألت نفسي عما هو أكثر أهمية، حياتي أم دخل أفضل؟”.

ومع استمرار عمليات الجيش اليمني على السفن التجارية، تفاقمت التحديات. وبحسب مقابلات أجرتها رويترز مع أكثر من 15 من أفراد طواقم السفن والمسؤولين بقطاع الشحن، فقد ظهر رفض متصاعد للبحارة المصدومين باستمرارية الإبحار عبر البحر الأحمر، حيث قال مصدر مطّلع على الأزمة لرويترز: إن “البحارة باتوا أقل عددا وأقل إقبالا على الإبحار عبر تلك المنطقة، وصار التحدي أكبر الآن”.

وقادت كل هذه المخاطر تشارلز واتكينز، خبير علم النفس السريري والرئيس التنفيذي بمؤسسة “مينتال هيلث سبورت سوليوشنز” إلى الالتقاء مع 40 بحارا من طاقمي سفينتين أبحرتا عبر البحر الأحمر. وخلص إلى أن الكثيرين منهم أصيبوا بصدمات نفسية بينما يفكر بعضهم في ترك المجال.

وقال واتكينز: “يمكن أن تحدث لهم اضطرابات في النوم وكوابيس، ويمكن أن يصابوا بالذعر بسهولة ويمكن أن يشعروا بالتوتر، وأن تتطور لديهم رغبة مفاجئة في عدم تناول أي طعام”.

في حين أن جونريز بالبوا (26 عاما) ذو الجنسية الفلبينية الذي يتدرب على تشغيل المحركات وصيانتها ويقضي أول 9 أشهر له في البحر، قال لرويترز: “كنا نشعر بالخوف والقلق. فحراسة سفينتنا مخيفة”.

حرب بلا هوادة

في ذات السياق، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الصهيونية، 20 يونيو أن الهجمات على السفن في البحر الأحمر مستمرة بلا هوادة، وتلحق أضرارًا جسيمة بالتجارة البحرية، ولا نهاية لها في الأفق.

وقالت جيروزاليم بوست الصهيونية في تقرير لها: نظرًا لعدم قدرة القوات البحرية الغربية على حماية الشحن التجاري، تختار الشركات تحويل مسارها بعيدًا عن البحر الأحمر وخليج عدن’ مضيفة أن ” الحوثيين” نجحوا في إحداث الخراب والضرر، وإضافة تكاليف هائلة إلى النقل البحري للبضائع.

في ذات السياق، ذكر المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي أن ”الحوثيين” حققوا  نجاحات استراتيجية هائلة في رفع تكاليف الشحن العالمي وتقويض مصداقية الولايات المتحدة. مؤكدا أن فشل الولايات المتحدة في التصدي لـ”الحوثيين” يقوض التزاماتها الأخرى بما في ذلك تجاه الشركاء والحلفاء على مستوى العالم.

إطلاق النار على النجوم 

نقل موقع صحيفة “آي إيديسيس” اليوناني 26 يونيو شهادات صادمة لأفراد فرقاطة “هيدرا” المنسحبة من البحر الأحمر عن الحالة التي وصلوا إليها جراء العمليات العسكرية اليمنية.

وأكد موقع آي إيديسيس عن طاقم الفرقاطة “هيدرا” قولهم: “لقد رأينا الجحيم في خليج عدن. لم يكن لدينا أي نظام ضد هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار. لقد رددنا عليها بأسلحتنا الشخصية. كان الأمر أشبه بمهمة انتحارية”.

وقال الموقع: إن الفرقاطة “هيدرا” كانت مثل “العمياء” في البحر الأحمر والطاقم عجز عن مواجهة الأسلحة اليمنية، مضيفا أن الوضع بطاقم الفرقاطة “هيدرا” وصل إلى إطلاق النار على النجوم ظناً منهم أنها طائرات مُسيّرة، “لقد وصلوا إلى حالة من الهذيان”.

وذكر الموقع اليوناني أن في أحد الحوادث، انفجر صاروخ يمني بالقرب من الفرقاطة “هيدرا’، أثناء مرافقتها لسفينة تجارية في خليج عدن، مما تسبب في موجة كبيرة وهزات قوية في الفرقاطة وبعد انفجار الصاروخ اليمني بالقرب من الفرقاطة “هيدرا”، وتسببه في موجة كبيرة وهزات قوية في الفرقاطة، طلب 10 من أفراد الطاقم إعادتهم فورًا إلى وطنهم.

وأكد موقع “iEidiseis” الإخباري اليوناني أن الفرقاطة “هيدرا”، لم تكن قادرة على التصدي للطائرات بدون طيار اليمنية التي كانت تحلق باستمرار فوق الفرقاطة، ونتيجة لذلك حاولت القوات البريطانية إسقاطها بأسلحتها.

البنتاغون يقر بالفشل

 

وبعد أن عجزت أمريكا عن الوفاء بتعهداتها بإيقاف العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، صّرح البيت الأبيض، 21 يونيو، أن العودة إلى الهدوء في غزة من شأنها أن تحرم “الحوثيين” من المبررات التي أعلنوها لهجمات البحر الأحمر، وتساعد في الحد من خطر التصعيد على هذه الجبهة أيضًا، وهذا اعتراف صريح بأن الخيار العسكري التي توعدت به أمريكا قد فشل فشلا ذريعا وما من خيار أمام اليمن سوى وقف العدوان على غزة، وهو الشرط الذي طرحته القوات المسلحة اليمنية لإيقاف عملياتها العسكرية.

في ذات السياق، أكد البنتاغون أن وزير الدفاع الأمريكي أكد أن الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لتفادي التصعيد في المنطقة.

أما صحيفة “فيلادلفيا انكوايرر” الأمريكية فذكرت أن وقف إطلاق النار في غزة خطوة حاسمة نحو إنهاء أزمة البحر الأحمر، حيث نقلت الصحيفة عن مسؤولين في البنتاغون أنهم يشعرون بالقلق من أن البحارة، في شهرهم التاسع من انتشارهم في البحر الأحمر، قد يفقدون الحدة اللازمة للرد على أي هدف يتم اكتشافه، مضيفة أن المسؤولين ينظرون إلى استخدام الزوارق المسيّرة في هجمات البحر الأحمر، على أنه تصعيد.

على ذات الصعيد، أكد الاتحاد الدولي لعمال النقل “ITF” أن على الدول أن تتحمل المسؤولة الكاملة عن ضمان بيئة عمل آمنة للبحارة على متن السفن التي تحمل علمها، ويجب عليها أن تصدر تعليمات للشركات لتحويل مسار سفنها من البحر الأحمر “المحفوف بالمخاطر”، موضحة أن البحارة ليسوا سلعًا، بل هم العمود الفقري لسلسلة التوريد العالمية، وبالتالي لا ينبغي المخاطرة بحياتهم من أجل الربح، في مناطق محفوفة بالمخاطر.

 

عجز تحالف الاتحاد الأوروبي

كان ذلك فيما يتعلق بالتحالف الأمريكي البريطاني، أما ما يتعلق بالتحالف الأوروبي فقد أكد قائد القوة البحرية التي نشرها الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر، الأدميرال فاسيليوس غريباريس، في21 يونيو أنّ القوة تحتاج إلى “مضاعفة حجمها بسبب تصاعد الهجمات اليمنية”، وفقاً لما نقلته وكالة ” بلومبرغ”. وذكرت الوكالة أنّ 4 سفن تابعة للاتحاد الأوروبي تقوم بدوريات في المياه قبالة سواحل اليمن منذ شباط/فبراير الفائت.

وأوضح غريباريس أنّ التحذير الذي أطلقته القوات المسلحة اليمنية في شهر أيار/مايو الماضي بأنّها ستستهدف السفن المملوكة لشركات ترسو سفنها في “إسرائيل” زاد من المخاطر التي تواجه شركات الشحن التجارية.

وحينها كان غريباريس في بروكسل للضغط من أجل الحصول على موارد إضافية.

وأكّد في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ”: “ليس لدينا ما يكفي من الأصول، والمنطقة الكاملة التي يجب أن نغطيها شاسعة”، مضيفاً: “أضغط على كل الدول الأعضاء لتوفير المزيد من الأصول”.

 

 المرحلة الرابعة الأكثر فتكا

وذكر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 27 يونيو أن المرحلة الرابعة من التصعيد ضد السفن من اليمن، كانت الأكثر فتكًا، نتيجة توسيع قائمة الأهداف لتشمل جميع سفن أي شركة ترسو سفنها في الموانئ “الإسرائيلية”، مضيفا ان “الحوثيين” يشعرون بالتمكين وليس الضعف، وبعد تحمل أشهر من الضربات الأمريكية البريطانية، ما زالوا يحددون الأهداف التي يمكن للشركات من خلالها إرسال السفن إلى المنطقة وعبرها.

وقال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “توقعات باستمرار الهجمات من اليمن، وستظل العديد من السفن التجارية تتجنب خليج عدن والبحر الأحمر حتى عام 2025 أو ما بعده، وقد يخفف وقف إطلاق النار في غزة من حدة الهجمات”.

صحيفة “نيويورك تايمز الأمريكية” علّقت على العملياتِ البحريةَ اليمنيةَ المسانِدةَ لغزةَ ، مؤكدة أن العمليات أَدَّتْ إلى اضطرابات كبيرة في حركة الشحن وسلاسل التوريد إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الشحن إلى قرابة أربعة أضعاف منذ ديسمبر الماضي، بالإضافة إلى تأخيرات كبيرة في تسليم المواد الخام .

وأوضحت الصحيفة أن هذا الاضطراب قد يؤدي أَيْضاً إلى تفاقم التضخم، وهو مصدر للقلق الاقتصادي الذي يحرك الانتخابات الرئاسية الأمريكية”، مضيفة أنه و منذ أُكتوبر، ارتفعت تكلفة نقل حاوية شحن بطول 40 قدمًا من الصين إلى أُورُوبا إلى حوالي 7000 دولار، من متوسط يبلغ حوالي 1200 دولار، وَفقًا للبيانات التي جمعتها شركة زينيتا، وهي شركة لتحليل بيانات السوق ومقرها النرويج.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز الأمريكية” أن  أسعار شحن البضائع عبر المحيط الهادئ تضاعفت بنفس القدر، فالآن يكلف نقل حاوية طولها 40 قدماً من شنغهاي إلى لوس أنجلوس ما يزيد على 6700 دولار، وما يقرب من 8000 دولار من شنغهاي إلى نيويورك، وفي شهر ديسمبر الماضي، كانت هذه التكاليف قريبة من 2000 دولار، مؤكدة أن ما يزيد من القلق أن لا أحد يعرف إلى متى سيستمر الاضطراب الأخير، أَو كيف سينتهي” .

في ذات السياق ذكرت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن “الحوثيين” شنوا خلال الأسابيع الأخيرة هجمات معقدة إضافية ضد السفن في البحر الأحمر و خليج عدن والممرات المائية المحيطة بها، مطالبا بوقف هذه الهجمات المتطورة بشكل متزايد.

كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن شركة التجزئة البريطانية DFS Furniture خفضت هذا الشهر توقعات أرباحها بمقدار النصف، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى “استمرار مشكلات تحويل مسارات السفن بعيدا عن البحر الأحمر، مما أدى إلى تأخير تسليمات العملاء وارتفاع تكاليف الشحن”، حيث قالت الشركة إن ما يقرب من 18 مليون دولار من بضائعها تأخرت بسبب الاضطرابات المتعلقة بالبحر الأحمر.

أما موقع غلوبس الاقتصادي الإسرائيلي  فذكر أن سعر نقل الحاوية الواحدة من شرق آسيا إلى الموانئ “الإسرائيلية” في فلسطين المحتلة كان عشية الحرب يساوي 1490 دولار، وفي يناير 2024، ارتفع إلى ما لا يقل عن 6773 دولاراً، بمعدل 3.5 أضعاف مستوى ما قبل الحرب.

في ذات السياق ذكرت غرفة التجارة البريطانية أن 55% من المصدرين أبلغوا عن انقطاع، وكذلك فعل 53% من المصنعين وشركات الخدمات التجارية للمستهلك، وهي فئة تشمل تجار التجزئة وتجار الجملة. وفي جميع الشركات، أبلغ 37% عن وجود تأثير، فيما ذكر “ويليام باين”، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية أن الوضع الحالي كلما استمر لفترة أطول، كلما زاد احتمال أن تبدأ ضغوط التكلفة في التراكم”.

وكالة رويترز  من جانبها نقلت عن شركات بريطانية القول بأن تكاليف استئجار الحاويات تضاعفت أربع مرات، في حين واجهت شركات أخرى تأخيرات في التسليم لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، فضلاً عن صعوبات في التدفق النقدي ونقص في قطع الغيار، مضيفة أن بنك إنجلترا أوضح أن اضطراب البحر الأحمر أحد المخاطر الصعودية الرئيسية للتضخم هذا العام، فيما أوضح مؤشر “ستاندرد آند بورز” لمديري المشتريات  أن تكاليف الشركات البريطانية ارتفعت بأسرع معدل في ستة أشهر في فبراير.

انتهى عصر حاملات الطائرات البحرية القوية

 

وأكدت مجلة “انترناشونال انترست” الأمريكية في تقرير لها  28 يونيو، أن عصر حاملات الطائرات البحرية القوية قد انتهى  بفعل العمليات العسكرية اليمنية.

وذكرت الصحيفة أن الصواريخ والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أصبحت هي القاعدة في الحرب الحديثة، موضحة أن تكلفة حاملات الطائرات الباهظة يجعلها أهدافًا مغرية وتدميرها أو إلحاق أضرار جسيمة بها سيكلف أمريكيا مليارات الدولارات وستتدهور قدرات البحرية الأمريكية بشكل خطير.

وأوضحت الصحيفة أن “الحوثيين” أثبتوا في أواخر عام 2023 أنهم قادرون على إبعاد البحرية الأمريكية بأكملها بما يمتلكونه من صواريخ، لافتة إلى أن تردد البنتاغون في نشر السفن الحربية لوقف هجمات “الحوثيين” أرسل إشارة إلى المنافسين مثل الصين بأنه لا يوجد ما يخشونه من أسطول حاملات الطائرات الذي كان مخيفًا في السابق.

 

أما  موقع “Navy Lookout” البحري البريطاني فذكر أن القوات البحرية في البحر الأحمر مجهدة حاليًا لأن البحرية الأمريكية ليس لديها ما يكفي من حاملات الطائرات المتاحة، كما أن شركائها الأوروبيين أكثر ضعفًا، مضيفا ان  البحرية الأمريكية لديها مدمرتان فقط في البحر الأحمر، بينما تغيب البحرية البريطانية في انتظار وصول المدمرة “إتش إم إس دنكان”، بعد مغادرة “إتش إم إس دايموند”.

في ذات السياق كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن موسكو تقفز من الفرح نتيجة الهجمات البحرية من اليمن تضامنًا مع الفلسطينيين المحاصرين في غزة، والتي تشكل تحديًا لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ونقل موقع “ميدل إيست آي” عن مسؤولون أمريكيون أن السفينة “توتور” غرقت في البحر الأحمر، وأن السفن الروسية كانت قريبة بما يكفي للاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها السفينة، لكنها لم تفعل.

 

وكشف موقع “دي في آي دي إس” التابع للبنتاغون أن نائب رئيس هيئة الأركان “الإسرائيلية” زار المدمرة كارني في أمريكا والتي خدمت في البحر الأحمر وكرم قائد المدمرة وطاقمها، مضيفا أن نائب رئيس الأركان ” الإسرائيلي” قدم خلال زيارة للولايات المتحدة شهادة تقدير نيابة عن “الجيش الإسرائيلي” إلى المدمرة يو إس إس كارني بعد عودتها من البحر الأحمر، كما  قدم وساما لقائد القيادة المركزية الأمريكية لمساهمته الكبيرة في “أمن إسرائيل” في حرب “السيوف الحديدية”.

وذكرت  البحرية الأمريكية أن اجتماع نائب رئيس الأركان العامة الإسرائيلي اللواء أمير برعام عقد يوم الاثنين الماضي في الولايات المتحدة لتعزيز التعاون لمواجهة التحديات الناشئة في الشرق الأوسط.

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com