العرب: بين أمجاد الماضي وتحديات الحاضر
كثيرة هي الأمم التي نشأت على سطح هذا الكوكب وسعت بكل همة وجهد نحو السيادة والريادة متحدية ظروف الزمان والمكان فكتب لها النجاح وأقامت لنفسها إمبراطوريات حققت من خلالها قوة ومنعة وشيدت في واقعها حضارات خالدة بعضها لايزال بقاياها شاهد على مجدها وبرهانا واضحا على مدى قوتها ونفوذها الذي تعدى حدودها الزمانية والمكانية إلى الحد الذي ترك أثرا في حياة الإنسان وفكره سلبا أو إيجابا إلى اليوم وربما سيبقى إلى قيام الساعة.
والتاريخ مليء بالشواهد على عظمة تلك الحضارات منها ما أساس بنيانه على تقوى من الله وهداه تبارك وتعالى فأقامت العدل والقسط بين الناس كمملكة سليمان بن داوود عليهما السلام ومنها ما أساس على شفا جرف هار من الضلال والظلم والشرك والاضطهاد ولأنها أخذت بأسباب المعرفة لما أودعه الله من نظم وسنن وقوانين في هذا الوجود ولما امتلكته من إرادة فولاذية وسعي حثيث نحو الصدارة كما هو حال إمبراطوريات الروم والفرس ومن قبلهم عاد وثمود والفراعنة الذين أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنهم في كتابه الكريم قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ} [الفجر10] وقد أفنى الله تلك الأمم منذ زمن غابر بسبب كفرهم بالله ونكرانهم لنعمه عليهم لكن آثارهم بقيت كمنازل عاد وأهرامات الفراعنة وهذا دليل على ما كانت تتمتع به تلك الأمم من همة عالية ومثابرة كبيرة ودليل أيضا على ما وصلت إليه من المعرفة وما حققته من علوم واسعة هذا فيما يخص واقع الأمم من غير العرب أما العرب فسوف نقسم واقعهم إلى قسمين هما:
الواقع العربي قبل الإسلام
لم يكن للعرب حظ يذكر من سبق علمي أو معرفي أو حتى بروز ثقافي وحضاري وإذا ما عدنا إلى واقعهم ونبشنا في تاريخهم نجد قلة من الدول التي برزت في وقت مبكر جدا في جنوب الجزيرة العربية كالدولة السبئية والحميرية لكن بقية هذه الأمة قد غلب عليها الشتات وبعثرتها العداوات فانتعش بين أوساطها الضلال والتخلف واستوى فيها الجهل على سوقه واستغلظ حتى وصمت عند الآخرين بالأمية والجلافة والغباء لأنها لم تكن ذات ثقافة ولا كتاب وليس لها أدنى حظ من العلم والمعرفة بل عكفت ردحا كبيرا من عمرها تتلوا الخرافات وتؤمن بالأساطير وتدجن نفسها على تقبل ما لا يعقل من البهتان والشرك فراجت بين أوساطها عبادة الأوثان وانتعشت فيها مساوئ الأخلاق وجاست خلالها الفتن والتهمت يناعها ألسنة الحروب المدمرة وقضت على نبتها العادات والتقاليد السيئة والمشينة وهتكت ستار هيبتها ثقافة التنقل والترحال بحثا عن الماء و الكلاء ونأيا بأنفسها عن جور بعضها بعض حتى سادت تلك الثقافة معظم قبائل العرب التي بإمكانها احتراف مهنة الزراعة.
الشغف العربي بالتدين ودوافعه
وكونها أكثر أمم الأرض شغفا بالتدين إذ يعد العربي أكثر الناس تعلقا بالدين فقد حافظت على بقايا من دين خليل الله إبراهيم عليه السلام ومنها شعيرة الحج التي قدستها كفريضة يجب أداءها حتى على المشركين منهم ناهيك عن من بقي على ملة نبي الله إبراهيم عليه السلام الذي بقي له حضوره وامتداده عند العرب وخاصة عند القرشيين من بني هاشم وبفضل غريزة التدين تلك حظيت الكعبة بمكانة خاصة وبقيت لها قداستها في نفوسهم وبقي موسم الحج يقام كل عام وإن شاب حج المشركين الكثير من الخرافات والمفاسد إلا أن بقاء قداسة الكعبة والطواف حولها في الذاكرة العربية يدل بشكل واضح على الوجدان الديني لدى هذه الأمة وحرصها على أن يكون لها ما تعبده وتقدسه وبسبب الشرود العقائدي والتأثر بموروثات الشرك لدى الأمم الأخرى تغلب تيار الشرك واعتناق الوثنية لدى كثير من القبائل العربية فصارت هو الدين الأكثر شيوعا وانتشارا عند العرب في تلك الحقبة من الزمن.
بينما تقلص في المقابل الموحدون لله وإن الأخرين لايزالون يعترفون بوجود الله سبحانه وتعالى فهم لا يرون في الأصنام إلا آلهة تقربهم من الله زلفى قال تعالى {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الزمر3
كما أن البحث عن العزة والعلو مثل دافعا آخر وعاملا مساعد للتقرب من الأوثان طلبا لما تفقده من مظاهر القوة والعزة وقد حكى الله عنهم ذلك بقوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزاًّ } [مريم آية81] ولهذا نصبت القبائل العربية أصناما لها بجوار الكعبة المشرفة لقداسة هذا المكان عندها وحتى يكن لكل قبيلة إلاها خاصا بها تعتز به وتفتخر به، غير مدركين أن العزة لله ورسوله كما أخبرنا بها في قوله تعالى{ مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } [فاطر آية 10] ثم هم عبدوا الأصنام كي تمدهم بالنصر في الأوقات العصيبة من حروب وأوبئة وجفاف وغيرها قال تعالى{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [يس آية74] وقد سفه الله أحلامهم تلك مبينا جهالتهم وضلالهم قال تعالى{فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأحقاف 28]
وفي هذا كله دلالة واضحة على مدى تعلق العرب بالعبادة وتشبثهم بها وعلى أساسها حدد مصيرهم فشركهم بالله وبعدهم عنه وتعلقهم بتلك الأصنام وطلب العزة والنصر منها وجهلهم بالله الواحد القهار جعلهم في مهب الريح تتخطفهم الأعداء من كل جانب فالفرس تسيطر عليهم تارة وتحتل جزاء من أراضيهم وكذلك الروم والأحباش هذه هي الحالة التي سادت على مظم أجزاء الوطن العربي.
أما ما سلم من أرض الحجاز وخاصة ما جاور مكة والمدينة فقد كان ألعوبة بأيدي اليهود الذين سكنوا المدينة المنورة يثيرون بين أبنائها الحروب ويغرسون في أوساطهم النزعات العرقية والقبلية وينشرون الفساد الأخلاقي وخير دليل على ذلك حروب الأوس والخزرج المتكررة والتي لم يقضي عليها إلا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أضف إلى ذلك تفشي شرب الخمور والميسر والقمار وأماكن الدعارة التي تنصب فوقها الرايات الحمراء كما تفشت أيضا الكثير من العادات والتقاليد السيئة في أوساط العرب يدل عليها ما جاء في خطبة جعفر بن أبي طالب عليه السلام عند ملك الحبشة النجاشي حين قال (أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي من الضعيف فكنا كذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمان وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم الله وأحللنا ما أحل الله فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان بدلا عن عبادة الله وأن نستحل ماكنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على سواك ورغبنا في جوارك ورجونا ألا نظلم عندك) هذه كانت هي حال العرب قبل الإسلام كما وصفها الشهيد العظيم جعفر بن أبي طالب عليهما السلام.
الواقع العربي في صدر الإسلام
من خلال ما تقدم من خطبة جعفر الطيار رضوان الله عليه يتضح مدى التغير الذي أحدثه الإسلام في الواقع العربي وكيف استطاع أن يقضي على مساوئ الجاهلية وأرجاسها وأن يصقل النفسية العربية المترذلة في خضم المعاصي والذنوب والمنغمسة في وحل الملذات والفساد وأن يجعل من ذلك العربي الذي حصر اهتمامه على مواشيه وملذاته رجلا يقف بكل شموخ ليناغي القمم العالية سموا ورفعة ويزاحم أعنان السماء عزة وكرامة ويترفع بنفسه عن الخنا والفحش نحو القيم العظيمة والمبادئ السامية.
فبعد ذلك الاستضعاف الذي عاناه المؤمنون من قبل قريش وأزلامها كما دل عليه خطاب جفر بن أبي طالب عليه السلام وقعت تلك المتغيرات العظيمة والتي كان أبرزها الهجرة النبوية وما حدث بعدها من نقلات كبيرة جدا أبرزها هزيمة رأس الكفر قبيلة قريش في معركة بدر الكبرى ثم ما تلاها من غزوات ومعارك حطم فيها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أركان الجاهلية وأباد أوثان الشرك ورفع عماد الحق وأرسى صروح الأمة الإسلامية المتحضرة وبنى أمة تسامت علوا وشموخا وعزة وكرامة حتى غدت أهلا لأن تسود الأرض قاطبة وهذا كله بفضل الله وفضل هذا الدين الحنيف الذي استطاع أن يرتقي بهذه الأمة العربية التي جبلت على الخنى ردحا من الزمن وأن يوصلها إلى مستوى متقدم جدا من العزة والقوة والمنعة لم تصل إليه أي أمة من قبل حتى صارت أهلا لأن يصفها الله بقوله تعالى { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ المُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ}[آل عمران آية 110] فصارت محط أنظار الأخرين والأمل الوحيد للمستضعفين من عباد الله سبحانه وتعالى
ولأن هذا الدين الحنيف نزل بلسان العرب ومنهم اصطفى الله سبحانه وتعالى خاتم أنبيائه وأكرم رسله وخير خلقه وسيد عباده وأكملهم الذي سمت به نفوسهم وصلحت به قلوبهم {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح من آية29] فقد أعز الله العرب بهذا الدين ورفع قدرهم وأعلا ذكرهم وعظم عند العالمين شأنهم لأنه دين العزة { وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [المنافقون آية 8]
العرب : من القوة والعزة إلى الضعف والانقسام
وبعدت أن قويت شوكة العرب بفضل الله ثم بفضل حنكة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وجهاده وصبره وتحمله لكل ألوان العنت والكيد من قبل النافذين والمنافقين في هذه الأمة الذين رأوا أن هذا الدين يمثل خطرا على مقاماتهم ومكاناتهم وسطوتهم وسلطتهم
وبعد أن أجتاز رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بهذا الأمة تلك المفازات الشائكة من الباطل والفساد والظلم والقهر وتحقق في واقعها الخير والعدل والعزة فقام للحق دعائمه وللدين قوائمه حدد لها القيادة الحقة والولاية الصحيحة ورسم لها طريق النجاة والفوز لمواصلة تقدمها في حمل المسؤولية التي أوكلت إليها وهي تبليغ هذا الدين لبقية الأمم الأخرى دعي الرسول إلى ربه مخلفا وراءه أمة قوية وحضارية تملك أعظم قيم الخير واسما مبادئ الإنسانية.
لكنها للأسف الشديد تمردت على هدي ربها وتوجيهات نبيها وانحرفت عن دينها وقتلت هداتها فعادت من جديد إلى ضلالها القديم وشتاتها الأزلي وانحرافها السابق فمُزقت كل ممزق وأدى الانقسام الداخلي بين الفصائل المتصارعة على الحكم والسلطة إلى إضعافها بشكل كبير. فقد شهدت الخلافة الإسلامية العديد من النزاعات والصراعات الداخلية بين الأسر الحاكمة والمناطق المختلفة، مما أدى إلى انشقاق الأمة وانقسامها إلى دويلات صغيرة متناحرة. تأثرت الأمة بضعف بعض الخلفاء والملوك الذين لم يكونوا قادرين على توحيد الصفوف وإدارة شؤون الدولة بكفاءة. كان هناك قادة لا يمتلكون الخبرة الكافية في الإدارة أو القيادة العسكرية، مما جعلهم غير قادرين على التصدي للأعداء بفعالية.
وكنتيجة للفساد المالي تعرضت الأمة العربية التي كانت سنام الأمة الإسلامية لأزمات اقتصادية أثرت على قدرتها على تمويل الجيوش وتجهيزها بشكل جيد. كان ذلك نتيجة لسياسات النهب وحياة الرخاء والبذخ التي تعيشها الأسر الحاكمة مما أدى إلى تقليل الموارد المالية اللازمة للدفاع عن الأمة . فكانت الهجمات الخارجية من قبل التتار والصليبيين وغيرهم من الأعداء من العوامل الرئيسية في إضعاف الأمة الإسلامية. هذه الهجمات استنزفت الموارد العسكرية والبشرية، وأدت إلى فقدان الأراضي والمدن الرئيسية، وتدمير الكثير من مقومات الحضارة الإسلامية واستعمار أجزاء هامة من الأراضي التي كانت قد حررتها..
الواقع العربي اليوم
كل تلك الأسباب والانحرافات التي حدثت في مطلع القرون الأولى لظهور الإسلام والذي كان سببا في صعود مكانة العرب وتكوين حضارة إسلامية واسعة فقد وصلت الأمة الإسلامية إلى ماهي عليه اليوم من الضعف والوهن والابتذال وغدت محط أطماع الأمم الأخرى بل لقد فاق ضعفها وجهلها اليوم وقلة الاكتراث بها ما كانت عليه بالأمس بمراتب كثيرة وكبيرة رغم محاولاتها المتكررة للخروج من هذا النفق المظلم الذي أوقعت نفسها فيه ولكن تلك المحاولات تبوء بالفشل لأنها لم تستند إلى المقومات والأسباب الحقيقية التي تستطيع بالفعل أن تجتاز بها تلك الأسلاك الشائكة التي يضعها العدو في طريق خلاصها واستقلالها وأبرز هذه الأسباب هي الالتزام الكلي بالدين المحمدي الأصيل المتمثل بكتاب الله وسنة رسوله المنسجمة مع القرآن الكريم ثم أتباع القيادة التي اصطفاها الله لها وأمر رسوله الكريم أن يبلغها فبلغها في يوم الغدير المشهود تلك القيادة المتمثلة في الإمام علي عليه السلام وأعلام الهدى من أهل بيت النبوة الأطهار
فهذان الركنان المتلازمان كفيلان بعزة الأمة وحريتها إن هي تمسكت بهما وانضوت تحت لوائهما ولا مناص لها من ذلك وإلا فإنها من ستضل تتلوى في تيهها إلى قيام الساعة لأنها كما يقول الشهيد القائد رضوان الله (عزة العرب بالذات وقوتهم وتمكينهم يتوقف على الاهتمام بالقرآن الكريم، بغيره لا يمكن أن تقوم لهم قائمة ولا يمكن أن ترتفع لهم راية، إطلاقاَ؛ لأنهم ربطوا بالدين، ربط مصير العرب بالدين).
في الختام، لابد للأمة الإسلامية والعرب في مقدمة هذه الأمة إلى وقفة جادة لتقييم وضعها والنظر في أسباب ضعفها المتراكمة عبر القرون. إن التحديات التي نواجهها اليوم، بما في ذلك التخاذل المؤلم في نصرة أبناء فلسطين، لم يسبق أن شهدت الأمة مثله في تاريخها. علينا أن نستلهم العبر من تاريخنا، وأن نعمل على معالجة الانقسامات الداخلية، وتعزيز القيادة الرشيدة، وتوحيد الصفوف تحت راية واحدة، مستنيرين بقيمنا الدينية والأخلاقية. إن السبيل إلى استعادة قوتنا وعزتنا يكمن في الوحدة والعمل الجماعي، والتخطيط السليم لمستقبل أفضل، نستعيد فيه دورنا الريادي ونحمي حقوق أبناء أمتنا في كل مكان.