نحو جيش وطني منحاز للمجتمع اليمني

أنس القاضي

الجيش والأمن لا تقتصر مهمتهم على الحماية في أوقات الحرب فقط، بل يتجاوز دورهم ذلك ليصبحوا درعاً للعون في لحظات الكوارث والأزمات، كما نرى في جميع البلدان.

وجدنا في اليمن قوات الأمن في محافظة الحديدة، ولواء من القوات المسلحة في المحويت تقوم بهذا الدور والواجب المُقدر، والذي حظي بارتياح من قبل أبناء الشعب، هذا الواجب ليس فقط مهنياً، بل هو أخلاقي وإنساني، فالجيوش في مختلف دول العالم يمثلون أكبر منظمة في البلد، ولديهم موارد ضخمة كمؤسسة رائدة، مع انتشار واسع في جميع المناطق، كما يمتلكون امكانات ومعدات تمكنهم من التدخل السريع والفعال.

دور الجيوش في لحظات الكوارث:

  • دور الجنود في أوقات الكوارث يكون حيوياً ومتنوعاً، حيث يُستخدم الجيش لدعم السلطات المدنية والمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية. تشمل أدوارهم، الإخلاء والإنقاذ، إذ يقوم الجنود بعمليات الإخلاء والبحث والإنقاذ للناجين من المناطق المتضررة.
  • كما يُسهم الجيش في توزيع الإمدادات الغذائية والمياه والمواد الطبية للمتضررين، ويشارك الجنود في إصلاح الطرق، وإعادة بناء الجسور، وتوفير الخدمات الأساسية، ويشمل توفير وحدات طبية ميدانية، ورعاية المصابين، والمساعدة في مواجهة الأوبئة التي قد تنشأ.
  • كما يساهم الجنود في حفظ النظام ومنع الفوضى والنهب، بالإضافة إلى فرض حظر التجوال إذا لزم الأمر، ويساعدون في إزالة الأنقاض والركام من المناطق المتضررة لتسهيل عمليات الإنقاذ واستعادة الحياة الطبيعية.
  • باختصار، يلعب الجنود دوراً رئيسياً في تقديم الدعم اللوجستي والإنساني في أوقات الأزمات لتعزيز جهود الإغاثة والاستجابة السريعة.

 

علاقة جديدة بين الجيش والشعب اليمني

إن الدور الإنساني والاجتماعي الذي شاهدناه في الأيام الماضية إثر تعرض بلادنا لكوارث السيول، يجعلنا نُعيد الالتفات إلى الدور الاجتماعي التي تعنى به القوات المسلحة، المختلف عن دورها المعتاد والمهم المحدد بالحرب الدفاعية العادلة.

وفي واقع الأمر، لم تكن العلاقة بين القوات المسلحة والأمن وبين الشعب اليمني قائمة على التعاون، ولم يكن للقوات المسلحة اليمنية بعد اجتماعي، إذ طالما استخدمت السُلطة القوات المسلحة والأمن في اضطهاد الشعب والحرب على المعارضة والشخصيات الوطنية، وكان كبار الضباط يعتمدون على امتيازاتهم الحكومية وفائض القوة في استضعاف المواطنين ونهب الأراضي وابتزاز التجار والمستثمرين، والتأثير على عدالة القضاء وسير عمليات التقاضي، وهذا الدور السلبي السابق للجيش لم يعد سائداً في مناطق حكم السلطة الوطنية في صنعاء، ومن المهم إزالة ما تبقى من شوائب المرحلة السابقة، وتعزيز المكانة الأخلاقية لقوات الجيش في عيون الشعب وحياتهم اليومية.

نماذج الارتزاق

ومقارنة بالقوات المسلحة اليمنية الوطنية في صنعاء، وبين القوات المسلحة الموالية لتحالف العدوان بتعدد فصائلها، نجد أن ممارسات القتل والنهب والاعتداء والابتزاز، لازالت مستمرة، وهي تضيف عبئًا اضافيا على المجتمع في المحافظات الخاضعة للفصائل العسكرية الموالية للعدوان، مضافاً على عبء الحرب والتدهور الاقتصادي. ونحن هنا لا نشمت بهم فالأمر مؤلم فهم شعبنا في نهاية المطاف، ونأمل أن تنتهي هذه الأوضاع وتعود وحدة البلد الجغرافيا والسياسية والمؤسسية، وأن يكون هناك جيشاً يمنياً واحداً حامياً وخادماً لكل الشعب ومؤلفاً من كل فئات الشعب ومناطق الوطن.

القوات المُسلحة اليمنية، تطورت علاقتها بالشعب طوال سنوات العدوان، حيث قدمت الدم الغالي والأرواح التي لا مقابل لها ولا تُرد، وهم أبناء الشعب قبل كل شيء، فقد كان المجتمع اليمني بتنوعه يردف الجيش والأمن بلجان شعبية، وبمقاتلين جدد كلما ارتقى ثلة، بل ويُتبع المواطن ولده بالتبرعات إلى الجبهات، هذه العلاقة من التعاون والتكامل هي مكتسب مهم.

البعد الاجتماعي للجيش

نحن بحاجة في اليمن إلى يتعمق البُعد الاجتماعي والتنموي للجيش، وكما كان للجيش دور بالغ الأهمية في الدفاع عن الوطن والشعب في فترة مواجهة الحرب العدوانية، فلن يكون جهده بأقل أهمية في مرحلة بناء السلام وإعادة الإعمار، وتأمين الحدود، وصيانة السيادة، إضافة إلى مهام أُخرى متعلقة بالإنتاج الاقتصادي الصناعي والزراعي إلى جانب أخوتهم العمال والفلاحين.

هذا البُعد الاجتماعي للجيش هو ما يفتقده الشعب اليمني، وقيام الجيش بهذه الأدوار هو ما يجعله محترماً ومهاباً من قبل المجتمع، ومع يخلق حوله التفافا شعبيا ويجعل كل من يريد باليمن سوءا يحسب جيداً أمر هذه العلاقة بين الشعب والجيش، وقواتنا المسلحة اليمنية، حظوا بهذا التقدير والالتفاف الشعبي، والدعم الشعبي لهم، بالدم والمال، وهذا هو سر الصمود العسكري في مواجهة العدوان، فلو كان دعم الجيش يستند فقط على ما توفره الحكومة، لما كان هناك وجه للمقارنة بين جيش بلد مُفقر وتحالف دولي أنفق المليارات في عدوانه على اليمن.

وفي الختام نجدها فُرصة لتحية أبطال الشعب من القوات المسلحة اليمنية، عنهم وزير الدفاع المُحترم اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، ورئيس هيئة الأركان القدير اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري.

 

قد يعجبك ايضا