10 أعوام على ثورة 21 سبتمبر.. المكاسبُ والإنجازات
||صحافة||
ما قبل ثورة ٢١ سبتمبر كان هناك مخاضٌ عسيرٌ وَصعب، حَيثُ تعقيدات المشهد وتشعبات الأطراف وحضور أطماع الدول العشر في اليمن الكبير.
لقد كان مخاضاً بالغ الصعوبة، حَيثُ تتنافر الأهداف ما بين أحرار وثوار اليمن الكبير ونظام عملاء رسخت أقدامهم في الأرض منذ عقود طويلة، جعلت من نفسها رافعة لطموحات العدوّ، وما زالت تفعل.
لم يكن هناك من خيار أمام أحرار اليمن وشعبها الحر إلا أن تمضي في معية الله، حَيثُ الأخطار تحيط باليمن من كُـلّ صوب، في حضور سفارات وعملاء المحتلّين من واشنطن إلى لندن، إلى باريس، مُرورًا بعواصم العربان في الرياض وأبو ظبي، واستنفار عناصر وجماعات التخريب من القاعدة وداعش.
لقد صيغت عبارات كانت ستحوّل اليمن المنهك وقتها بفساد كبير لم يترك شيئاً إلى بلد خاضع ممزق ذليل، حَيثُ كانت ثرواته النفطية الغازية على طول المنطقة الشرقية من البلاد خطًّا أحمرَ، لا علاقة لليمن، ولا حتى لمن كان يحكم وسيحكم وقتها بها، فيما الفوضى الأمنية قد استباحت الساحة، فامتزجت ما بين فعل إرهاب القاعدة، كما حصل في ساحة، ومستشفى العرضي وميدان السبعين، وبين انتقام قوى داخلية من قوى مناوئة، حَيثُ استثمر العدوّ الخلاف، ليحيلها إلى فوضى وخراب تقود إلى تدخل أمريكي غربي في صورة إنسانية منقذة، حَيثُ الهدف تقاسم كعكعة اليمن المستباح آنذاك..
أحداث كثيرة التفاصيل، كانت بمثابة التحدي الذي انطلقت معه ثورة ٢١ سبتمبر، كثورة ولدت من رحم المعاناة، وواقع المأساة والكارثة التي كانت على وشك أن تحل باليمن، فكانت هذه الثورة الشعبيّة اليمنية الخالصة حائط الصد المنقذ لليمن، وشعبه من مخطّط الفوضى الخلاقة، وتقسيم الشرق الأوسط الجديد الذي تبنته أمريكا منذ وقت طويل، لتأخذ الثورة بزمام البلاد التي كادت أن تضيع، وإلى أمدٍ بعيد عن وعي أَو لا وعي.
وفي الحديث عن ذكرى ثورة 21 سبتمبر في عامها العاشر يقول وكيل وزارة المالية والخبير المالي الدكتور أحمد حجر: إن “أهم الأهداف التي حقّقتها ثورة ٢١ سبتمبر أنها أوقفت تفشي ظاهرة الفساد، حَيثُ كان الفساد عامرًا في كافة مؤسّسات الدولة وعلى كُـلّ المستويات، إلى جانب أنها أنهت منظومة العمالة والارتزاق والتي تغلغلت في كافة مفاصل البلاد والتي كانت سبباً في إفشال كافة جهود المجتمع في بناء دولة النظام والقانون، وفشل تحقيق الحد الأدنى من شروط ومقومات التنمية الحقيقية، بل وانتشار الفوضى، وانعدام الأمن والاستقرار، ونهب الأموال وتهريبها للخارج؛ ما جعل اليمن وقتها تحتل المراتب الأولى في تفشي الفساد، والفقر، والحكم غير الرشيد، وبيئة الأعمال الطاردة للاستثمار، وهذا ما جعل البيئة اليمنية ما قبل ثورة ٢١ سبتمبر، غير مؤهلة لتوفير الحد الأدنى من مقومات التنمية على المدى البعيد، وبالتالي بقاء اليمن الحديقة الخلفية للسعوديّة والإمارات بما يتفق وتحقيق أهداف الصهيونية العالمية”.
ويضيف: “يمكن الجزم أن دول العدوان وحسب التوجيهات الأمريكية استخدمت، ووظفت مختلف وسائل وأدوات الحرب الاقتصادية بما فيها التي تحرمها الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية، وذلك؛ بهَدفِ تركيع القيادة السياسية والشعب اليمني لشروط دول العدوان، ابتداء من سيطرة دول العدوان على مكامن الثروات الطبيعية كالنفط والغاز ومنع تصديرها ومصادرة عائداتها، أَو منع وحصر دخول الواردات على الموانئ تحت سيطرة دول العدوان؛ بهَدفِ الاستحواذ على إيرادات الضرائب والجمارك وَنقل مهام البنك المركزي بصنعاء إلى فرع عدن، وطباعة العملة بكميات كبيرة… إلخ، غير أن ألطاف الله تعالى، وتحمُّلَ المجتمع تداعيات العدوان وتضحيات رجال الله في الميدان وحنكة وصبر القيادة الثورية وَالسياسية أفشلت أهدافَ دول العدوان، بل واستطاع الشعب اليمني تحت القيادة الحكيمة انتهاج طريق التنمية الحقيقية”.
ويضيف الدكتور حجر في حديثه عن الثورة وما تحقّق في المجال السياسي بالقول: إن “اليمن استطاع إخراج نفسه من تحت الوصاية الأمريكية والعباءة السعوديّة، وفرض نفسه على الساحتين الإقليمية والدولية، وما موقف اليمن الديني والأخلاقي والقومي من القضية الفلسطينية عامة والعدوان الصهيوني على غزة إلا خير دليل على مدى استقلال، وحرية وسيادة القرار اليمني، والموقع المتقدم الذي يحتله في مقارعة الهيمنة والتبعية لدول الاستعمار والانحلال ودول نهب خيرات الشعوب”، معتبرًا أن “الأمل معقود في الإسراع في تحقيق البناء المؤسّسي الكفيل بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والعدالة والأمن والتنمية الحقيقة والمستدامة.
في مجال التصنيع الحربي يمكن القول إن التطور الكبير والسريع في هذا المجال فاق كُـلّ التوقعات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وما توفير الأسلحة والذخائر، بل وإعادة تأهيل الطيران الحربي والانتقال إلى صناعة الطيران المسيّر، ومنظومات الصواريخ بمختلف أنواعها، جعلها تصل إلى مستوى تجاوز كونه أدَاة ردع لدول العدوان، بل وأدَاة مواجهة وتهديد حقيقي لدول الاستعمار وبالأخص الكيان الصهيوني.
أما في المجال الزراعي، فتكفي الإشارة إلى الخطوة الكبيرة في التوسع في زراعة القمح في محافظة الجوف، متجاوزين الاتّفاقيات التي تمنع اليمن من زراعته، هذا إلى جانب التوسع في زراعة العديد من المحاصيل الزراعية كالثوم والعديد من الفواكه مع منع استيراد الكثير منها مقابل تشجيع الزراعة المحلية.
أما في مجال الأمن، فالحمد لله تعالى، تعيش المناطق خارج سيطرة دول العدوان حالة أمن لم تعرفه من قبل، بل ومن أفضل دول المنطقة، وذلك بفضل الله وإخلاص ويقظة رجال الأمن، والذين استطاعوا تفكيك معظم خلايا وشبكات التجسس والعمالة، ما وجه ضربة قاضية لمشاريع التخريب، والفوضى والانحلال لليمن، بل وتعرية شعارات دول الاستعمار في الحرية والتنمية والتحضر والحكم الرشيد ونحوها”.
إشراقات الثورة:
ويسترسل محافظ عدن، طارق سلَّام، في حديثه عن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في ذكراها العاشرة قائلاً: “لقد مثّلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد -وما تزالُ- مكسباً وطنيًّا ودينيًّا وأخلاقيًّا لكل يمني حر وشريف، حَيثُ إن هذه الثورة العظيمة التي كانت نتاج الوعي الثوري والوطني والضرورة الملحة لتفادي حالة الارتهان والعمالة لأنظمة خائنة عميلة مكنت العدوّ من استباحة الأرض اليمنية وتدنيسها ونهب ثروات الوطن ومقدراته”.
ويضيف: “النجاحات العظيمة التي تحقّقت في ظل ثورة 21 سبتمبر المجيدة في مختلف المجالات ورغم ما تواجهه هذه الثورة من عدوان ظالم وحصار جائر يجعلنا نقف أمام منجز عظيم وإشراقة جديدة للشعب اليمني بفضل الله وقيادة الثورة المباركة، يقود دفتها السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، حَيثُ تمضي بلادنا نحو مستقبل واعد مشرق يلبي طموحات الشعب اليمني وتطلعاته في العيش بحرية وكرامة واستقرار بعيدًا عن التدخلات الخارجية وانتهاك السيادة اليمنية، الذي كان من أبرز وأهم أهداف الثورة المباركة التخلص منها واستعادة حرية وسيادة البلاد، ومع هذا الاستقلال والسيادة الوطنية برزت المنجزات التي تحقّقت من صناعات عسكرية وحربية وقوة يمنية فرضت هيمنتها في المياه الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى استقلال القرار اليمني ونعمة الأمن والاستقرار وغيرها من الإنجازات التي لا يتسع المجال لذكرها”.
ويتابع: “في ظل حرية القرار والسيادة اليمنية الخالصة، أصبحت بلادنا تخطو أكثرَ عزماً بخُطَىً واثقة وعزيمة فولاذية نحو بشائر الخير لهذا الوطن والمواطن فتجسد ذلك في مؤشرات النهضة الزراعية والصناعية والخدمات الأَسَاسية للمواطن واهتمام الدولة بالأسر الفقيرة ودعم المشاريع الصغيرة وكلّ هذا ما كان ليتحقّق لولا صمود شعبنا اليمني العظيم وثباته الكبير في وجه أعتى أنظمة الاستكبار والإرهاب العالمي”.
ويواصل: “لا شك هنا أن الوضع الاقتصادي لليمن قبل الثورة المباركة كان يتجه نحو منحدرات خطيرة ومؤامرة كبيرة كانت تحاك من قبل الدول العشر التي كانت تهيمن على القرار اليمني وتسعى من خلاله إلى نهب ثروات البلاد، كما يحصل في الدول الإفريقية، وهي محاولة باءت بالفشل بفضل الله وحنكة القيادة اليمنية ووعي الشعب اليمني في مواجهة هذه المؤامرة ودحرها، وبفضل الله سيجد هذا الشعب الصامد والمجاهد ثمرة صبره وكفاحه عما قريب ويكون وقتها قد اجتث الأعداء والمتآمرين إلى غير رجعة”.
10 أعوام من الصمود والبناء والمقاومة:
من جانبه يضع الدكتور خالد السبئي -عضو مجلس الشورى- عنواناً عريضاً لثورة الـ٢١ من سبتمبر.. على أنها ثورة الصمود والمقاومة والبناء معاً، حَيثُ وضوح المؤشرات في عشرة أعوام.
وفي مناسبة العام العاشر لثورة ٢١ سبتمبر تتعزز الهُــوِيَّة الوطنية، ويتأكّـد حق الشعب في تقرير مصيره، وتذكيره بمسؤولية الجميع في بناء يمن قوي مستقل، يسوده العدل والمساواة.
ويعتبر الدكتور السبئي أن ثورة 21 سبتمبر تمثل محطة هامة في تاريخ اليمن، حَيثُ جاءت كحركة تصحيحية لمسار الثورات السابقة، تلك الثورات التي كانت تحمل أهدافاً عظيمة، لكنها تحولت إلى شعارات أفرغت من مضامينها بعد استيلاء بعض القوى عليها وتصفيت قياداتها، مقابل خدمة أجندات خارجية وتحقيق أهداف شخصية.
ويستدعي الدكتور السبئي حالة من حالات الضياع إبان النظام السابق، حَيثُ “لم يكن بإمْكَان أي شخص مغادرة البلاد أَو تعيين موظف في منصب حكومي دون موافقة قوى إقليمية كانت مشرفة على الملف اليمني، وما تبقى من تلك الأنظمة العميلة هم أُولئك الذين يعادون اليمن ويعملون تحت مظلة القوى الإقليمية، يعملون من داخل فنادقهم في المنافي والشتات كعبيد لتنفيذ أجندات أسيادهم على حساب أبناء الشعب اليمني، الذي يقاوم بصمت على أرضه بقيادته الوطنية، والتاريخ هو أكبر شاهد على ذلك”.
وعن الصمود اليمني في مواجهة العدوان على كافة أشكاله يسرد المستشار السبئي بكثير من التفاصيل أنه “خلال عشر سنوات، تعرضت ثورة 21 سبتمبر لعدوان شرس استهدف الأرض والإنسان، مدفوعًا بمؤامرة إقليمية ودولية، سببها ما تمتلكه اليمن من ثروات طبيعية، وعلى رأسها النفط والغاز، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي”.
ويشير إلى أن اليمن تتعرض لمؤامرات مُستمرّة تهدف إلى إلهائها عن أداء واجبها تجاه شعبها، لتحقيق تطلعاته كغيره من الشعوب، كلما قامت الثورة أَو حركة تصحيحية لتلبية مطالب أبناء الشعب، تم التآمر على قادتها واستبدالهم بعملاء محليين لتنفيذ أجندات استعمارية، ورغم كُـلّ ذلك، وإيمانًا بقضية شعبها، بقيادة حكيمة، رفعت الثورة شعار “يد تحمي ويد تبني” لتحقيق تطلعات أبناء الشعب في الاستقلال الوطني وسيادة القرار، وقدمت قوافل من الشهداء من خيرة أبنائها، مشكّلة قوة صلبة في وجه المؤامرات، وتحولت اليمن، رغم الصعوبات، من دولة مستهدفة إلى دولة صمود ومقاومة، ودولة مصنعة من الطلقة إلى الصاروخ، وهذا لم يكن في الحسبان، حَيثُ حولت اليمن بقيادتها الحكيمة مشاكلها إلى فرص حقيقية، أفضت إلى إنجازات كبيرة أهمها الإنجاز العسكري، بعد أن كانت اليمن في الماضي القريب تستورد كُـلّ شيء من الخارج كدولة مستهلكة وغير منتجة؛ بسَببِ المؤامرات عليها حتى أصبحت دولة فاشلة خلال حكم الأنظمة السابقة.
ويسرد السبئي إنجازات الثورة في عشرة أعوام في نقاط أهمها:
– تغلبت على الحصار المفروض عليها بريًّا وبحريًّا لمدة ثمانية أعوام.
– دعمت مظلومية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي المدعوم أمريكيًّا وغربيًّا، حَيثُ حقّقت انتصارات كاسحة في مواجهة الاحتلال.
إنجازات عسكرية بارزة:
– اليمن أول دولة عربية تمتلك تكنولوجيا فرط صوتي.
– اليمن أول دولة في العالم تسقط 10 طائرات إم كيو9 في عشرة أشهر.
– اليمن أول دولة منذ الحرب العالمية الثانية تهزم البحرية الأمريكية من خلال استهدافها حاملات الطائرات في مياهها، مما ألحق خسائر بالقوات الأمريكية والغربية وأجبرها على الرحيل.
أما على مستوى الأهداف التي حقّقتها الثورة:
المستوى السياسي:
– الاستقلال والسيادة: استعادة السيادة الوطنية ومواجهة التدخلات الخارجية.
– حرية صنع القرار: بناء نظام سياسي يعكس إرادَة الشعب بعيدًا عن الضغوط.
البناء المؤسّسي:
– تعزيز المؤسّسات الحكومية وتحسين الأداء الإداري.
التصنيع الحربي:
– تطوير قدرات الدفاع الوطني ورفع مستوى الجاهزية العسكرية.
– صناعة الأسلحة من الطلقة إلى الصاروخ يمنية 100 % بفضل أبناء الوطن من الخبراء والمهندسين في المجالات العسكرية.
الزراعة:
– تعزيز الإنتاج الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال ما دشّـنته في عدد من المحافظات، وعلى رأسها محافظتا الحديدة والجوف.
الصحة:
– تحسين النظام الصحي وتوفير الخدمات الصحية الأَسَاسية ومنها الخدمات الصحية المجانية للبسطاء ومحدودي الدخل من الشعب اليمني وهذا في ظل العدوان والحصار، فكيف سيكون في ظل الاستقرار وانتهاء العدوان؟
التوجّـه نحو الصناعة الاستهلاكية:
– تعزيز الصناعة المحلية لتلبية احتياجات السوق.
تفكيك خلايا أمريكا:
– اتِّخاذ إجراءات لمواجهة النفوذ الأمريكي وتعزيز الأمن الوطني.
العودة للبناء الوطني:
– إعادة بناء الوطن من خلال مشاريع تنموية تعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات.
صحيفة المسيرة – إبراهيم العنسي