السيد القائد: الشعبُ اليمني يمتلكُ ترسانةً حربية متطورة لا تمتلكها الكثير من الدول
||صحافة||
أفرد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه أمس بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 21 سبتمبر مساحةً للحديث عن أهدافها، وواقع اليمن قبل وبعد الثورة.
وأكّـد السيد القائد أن “السفير الأمريكي قبل الثورة كان هو صاحب القرار الأول، والنافذ الأول الذي يملي على الجميع ما يشاء ويريد، ويفرض عليهم ما يريد في كُـلّ المجالات التعليمية، والأمنية والعسكرية والاقتصادية”، لكنه بعد ثورة 21 سبتمبر فقد السيطرة، وهرب من البلد، ومعه المارينز الذي كان معه قاعدة في صنعاء بجوار السفارة الأمريكية، وكانوا من خلالها يسيطرون ويتحكمون من قلب العاصمة صنعاء على القرار السياسي في البلد.
ولفت السيد القائد إلى أن الشعب اليمني وفي إطار هذا التوجّـه والثورة ينعم بالحرية والاستقلال، ويتخذ الموقف، الذي تمليه عليه إرادته وإيمَـانه وانتماؤه للإيمان، ومسؤوليته الإيمانية والإنسانية، وهو يقدر ما يشاء هو، ويتحَرّك كيفما يشاء هو، وينعم بالحرية والاستقلال، والعزة والكرامة.
ويوضح السيد القائد أن من أبرز أهداف ثورة 21 سبتمبر هو الحفاظ على الهُــوِيَّة لشعبنا، مبينًا أن الأعداء يستهدفون الأُمَّــة بشكل عام، وكلّ المجتمعات البشرية، موضحًا أن الشعب اليمني قد نال حصته من هذا الاستهداف، في هُــوِيَّته الإيمانية.
وقال: “الاستهداف الأمريكي للشعب اليمني العزيز هي مسألة واضحة، فهم يتحَرّكون في كُـلّ المجالات على المستوى الثقافي والفكري والأخلاقي، وعلى مستوى السيطرة على الوعي والتوجّـه والسيطرة على كُـلّ شيء، وهو استهدافٌ عن طريق الحرب الناعمة”، مُشيراً إلى أن الشعبَ اليمني كان يعاني من الاستهداف في هُــوِيَّته الإيمانية، من خلال مسارَينِ، الأول، هو مسار “التمييع” الذي يفقد الشعب اليمني وكلّ شعوب الأُمَّــة الانتماء الإيماني، وثباته على الأخلاق والقيم الإيمَـانية، وهو استهداف رهيب، للإفساد الأخلاقي، وهذا واضح من خلال التوجّـه الأمريكي، حَيثُ أصبح التبني لجريمة الشذوذ شيئاً واضحًا، ونشر الفساد بكل أشكاله ونشر المخدرات، وكلها تخدم للفساد وتروج له.
ولفت السيد القائد إلى أن الحفاظ على هذه الهُــوِيَّة، حالة ظاهرة جِـدًّا، كما هي حالة قائمة في واقع شعبنا من خلال محافظته الإيمانية، وتمسكه بمبادئ الدين وقيمه، وكذلك حالة واضحة على مستوى الأنشطة التثقيفية والتعليمية ومختلف الأنشطة، والمواقف والتوجّـهات، وهذا شيء يتميز به شعبنا بوضوح.
وَأَضَـافَ أن “من المعالم الواضحة للحفاظ على الهُــوِيَّة الإيمانية لشعبنا العزيز ترسيخ التمسك بالقرآن الكريم وفرض الالتزام به، وهي حالة قائمة لدى شعبنا العزيز، وأن يكون مرجعية تحته كُـلّ شيء، القوانين والمواقف والأنظمة وغيرها”، منوِّهًا إلى أن “التمحور حول رسول الله وترسيخ الاتباع والتعظيم لرسول الله وترسيخ الاقتدَاء والتأسي برسول الله محمد، وهذه مسألة بارزة في واقع الشعب اليمني؛ لأَنَّ مسألة التمحور حول القرآن والرسول هي معالم كبرى في الانتماء القرآني”.
ويزيد: “في السياق نفسه يأتي الاهتمام المتميز بذكرى المولد النبوي الشريف، ويكون موسماً مُستمرّاً على مدى أسابيع، بما فيها الفعالية الكبرى التي يقيمها الشعب اليمني في الثاني عشر من شهر ربيع الأول”، لافتاً إلى أنه في هذا العام كان الحضور الشعبي الواسع جِـدًّا بما لا مثيل له في كُـلّ العالم، وكان الحضور أكثر من أي عام، وكانت الحشود التي توافدت إلى الساحات كبيرة جِـدًّا، مليونية بكل ما تعنيه الكلمة، موضحًا أن شعبنا بوعيه وانتمائه الإيمَـاني، وفي سياق ترسيخ هُــوِيَّته الإيمَـانية وحفاظه وثباته أحيا هذه المناسبة بشكل عظيم، وتجلى فيها مدى اعتزازه بالنعمة الإلهية الكبرى”.
الجهادُ في سبيل الله:
وجدَّد السيدُ القائدُ في هذه المناسبة الحديثَ عن الجهاد في سبيل الله، مؤكّـداً أن من معالم الحفاظ على الهُــوِيَّة الإيمانية لشعبنا هو إحياؤه للجهاد في سبيل الله، لافتاً إلى أن ذلك تبيَّن من خلال موقف الشعب الواضح والصريح والثابت لنصرة الشعب الفلسطيني رغم كُـلّ الأحداث والمخاطر من جانب الأعداء.
ولفت السيد القائد إلى أن بعضَ الشعوب أَو الحكومات تكفيها أيةُ قضية لتصرفَها عن الاهتمام بهذا الموضوع، لكن الشعب اليمني وعلى الرغم من كُـلّ ما حصل عليه من مؤامرات وجرائمَ رهيبة، وحصار شديد إلا أن تمسكه بهذه القضية المحورية لنصرة الشعب الفلسطيني بقيَ ثابتاً ولم يتراجعَ عنه قيد أنملة، فكان حاضراً في الساحات، وصوته عاليًا، على امتداد السنوات العشر الماضية.
وأوضح أن الشعب اليمني بعد عملية “طوفان الأقصى” استمر على موقفه الثابت وهو الجهاد في سبيل الله، فناصر الشعب الفلسطيني في جميع المجالات، من خلال الأنشطة والتبرعات، والحضور المليوني في الساحات بشكل مُستمرّ، منوِّهًا إلى أن هذا الموقف هو في إطار الجهاد في سبيل الله، وهو من منطلق إيمَـاني، فالشعب لم يترك هذا، ولم يتخلَّ عنه، لا خشيةً من أمريكا وبريطانيا والدول الغربية والأنظمة الإقليمية المتحالفة، ولم تؤثر عليه الضغوط الاقتصادية والإنسانية.
وقال: إن “تهديدات الأعداء ومؤامراتهم لم توقف الشعبَ اليمني، ولم يتراجع أبداً؛ لأَنَّ انطلاقته في موقفه هي انطلاقة إيمَـانية، وشعوره بالمسؤولية الدينية؛ فهو لم يتفرج كغيره، وهذا الموقف الواضح للشعب اليمني العزيز لحمل راية الجهاد في سبيل الله، هو من معالم الحفاظ على هُــوِيَّته الإيمانية، ومن النتائج المهمة لثورة 21 سبتمبر”.
ويتساءل السيد القائد –يحفظه الله- في سياق خطابه: “ماذا لو بقيت السيطرة الأمريكية على البلد كما كانت عليه قبل الثورة؟”.
ويرى السيد القائد أنه لو استمرت السيطرة الأمريكية، لغابت المعالم الإيمانية في كُـلّ شيء، وفي كُـلّ مجال؛ فالأمريكي كان يعمل ضمن برنامج واضح، لما يخدم أمريكا و”إسرائيل”، ولكانت حالة التطبيع هي السائدة على الموقف الرسمي لارتباطه بالأمريكي والإسرائيلي.
الحفاظُ على مؤسّسات الدولة:
ويواصل السيدُ القائد سردَ أهم أهداف ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، مؤكّـداً أن من أهمِّها إعادةَ بناء مؤسّسات الدولة على أَسَاسٍ من الحرية والاستقلال والهُــوِيَّة الإيمانية والتوجّـه لما فيه خدمة شعبنا العزيز.
ويفنِّدُ السببَ الرئيسَ في الاهتمام بالقدرات العسكرية والأمنية على غيرها من قطاعات الدولة، لافتاً إلى أنه قد بدأ العمل من خلال تطوير القدرات العسكرية، وبنائها لخدمة الشعب اليمني؛ ولكي يستطيع من خلالها الدفاع عن الشعب اليمني، وحماية مكتسبات الثورة.
ويقول: “لقد وصلنا في بناء القدرات العسكرية إلى مستوى كبير، إلى هذه الدرجة التي بات الشعبُ يمتلكُ فيها ترسانةً حربيةً متطورة لا تمتلكها الكثيرُ من الدول؛ فالقوة الصاروخية هي عنوانٌ لهذا البناء المتطور الفعَّال والمهم، وذراع لصالح شعبنا ضد أعداء أمتنا، وكذلك تطوير القوة البرية، وتوفير متطلباتها من الاستخدام العسكري؛ فالتصنيعُ العسكري بات في مستوى متقدم وممتاز جِـدًّا، فيما تمتلكه القوات المسلحة في البلد”.
ويضيف: “شعبنا يدرك ما عاناه في إطار الثورة؛ فالأعداء يفرضون سيطرتهم على بلدان أمتنا حتى بالقوة العسكرية، فإذا فشلوا بالوسائل الأُخرى يتحَرّكون بالجانب العسكري، وكم هي حروب الأمريكي على شعوب العالم بالسيطرة عسكريًّا؛ فهو حين يفشل في الاحتواء عبر الأساليب الأُخرى يتجه عسكريًّا بدون تردّد، أَو يشكل تحالفات معينة، ويتحَرّك من خلالها للغزو العسكري، وتوجيه الضربات العسكرية المدمّـرة للشعوب، ويرتكب أبشع جرائم الإبادة دون تحرج، وقد حصل هذا في بلدان أُخرى كفيتنام وغيرها”.
وبناءً على الشرح المفصَّل الذي وضَّحه السيد القائد، فيما يتعلقُ بالأولوية في بناء القدرات العسكرية، فَــإنَّه وبدون اهتمام بهذه القدرات، فلن يكون لأي بناء آخر أية أهميّة؛ لأَنَّ ما هو موجود من الخدمة قد اتجه الأعداء إلى تدميره، وهذا ما ركز عليه تحالف العدوان بإشراف أمريكي، عن طريق تدمير المنشآت الخدمية والاقتصادية بشكل كبير؛ فالأعداء سعوا لاحتلال بلدنا، وأرادوا أن يحتلوه بالكامل، وكانت عناوين حملاتهم العسكرية واضحة، فكانوا يريدون السيطرةَ على كُـلّ البلد، والاحتلال عسكريًّا”.
من هنا يؤكّـد السيد القائد أهميّة الاهتمام ببناء القدرات العسكرية والأمنية قبل غيرها؛ فهي تحمي البلد من الاحتلال، وتحافظ على الهدف الأول للثورة، وهي الحرية والاستقلال، وتحمي مكتسبات الثورة؛ لأَنَّ قوة الردع تحفظ كُـلّ جهد من سيطرة الأعداء، وبالتالي فقد كان هذا ضرورة لحماية البلد، ولاستكمال دحر العدوان من المناطق التي احتلها.
ويوضح -حفظه الله- الفرقَ بين أحرار ثورة 21 سبتمبر، وأُولئك المرتزِقة المنضوين تحت الراية الأمريكية والإسرائيلية، مؤكّـداً أن الفرق كبير وهو مثل الليل والنهار؛ فالتشكيلات العسكرية من المرتزِقة التي بناها الأعداء بعقيدة عسكرية، هي لخدمة الأمريكيين وتمكينهم من البلد والسيطرة عليه، وهي حالةٌ مختلفةٌ عن العقيدة القتالية لثورة 21 سبتمبر.
الشراكة الوطنية:
ومن ضمن الأهداف الأَسَاسية لثورة 21 سبتمبر هي الشراكة الوطنية -كما يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله- وترسيخ الهُــوِيَّة الجامعة، وإطفاء نيران الفتن، مُشيراً إلى أن من أهم ما يسعى إليه الأعداء هو تمزيق النسيج الاجتماعي لبلدنا، وهم واضحون في ذلك؛ فهم يسعون للتفرقة تحت عناوينَ متعددة سياسية وطائفية ومناطقية، وكلُّ إعلامهم يصُبُّ في هذا الاتّجاه؛ فمواقفهم وأنشطتهم، تتمثل في زرع الفتنة، وتتجه في هذا الإطار لزرع الفُرقة بين الشعب اليمني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، لخدمة الأمريكي والإسرائيلي وأدواته الإقليمية.
ويرى السيد القائد أن ترسيخَ مبدأ الشراكة الوطنية، ونبذَ الإقصاء، والسعيَ للَمِّ الشمل، وإطفاء نيران الفتن، والمشاكل الاجتماعية، هي مشاريع ثورة 21 سبتمبر، وهي تتنافى مع مشاريع الأمريكي التي مشاريعه تندرج ضمن البعثرة، والتجزئة والتقسيم في كُـلّ شيء.
ومن الأهداف المهمة لثورة 21 سبتمبر –بحسب السيد القائد- هو السعي للبناء الحضاري على أسس إسلامية قرآنية، والسعي للبناء المعرفي الذي يحقّق ذلك، مبينًا أننا “نمتلك الرؤية والمفاهيم والحافز؛ لأَنَّنا في حالة صراع شامل مع أعداء الأُمَّــة، ونحتاج إلى الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي للنهضة بالبلد كضرورة للأمن القومي لمواجهة الحصار والاستغلال، ولدينا المفهوم الإسلامي للبناء الحضاري المتميز”.
وفيما يتعلق بهذا الجانب؛ فبرامج العمل، والتوجّـه للبناء الاقتصادي، هي في هذا الإطار، رغم الظروف الصعبة للبلد؛ فهذا التوجّـه له أهميّة كبرى، كما يقول السيد القائد؛ لأَنَّ الأعداء لا يريدون أن يكونَ توجّـه الشعب اليمني هو البناء؛ فهم يريدون شعبنا ألا يتحَرّك في أي مجال، حتى على مستوى الجانب الاقتصادي، هم يتَّجهون لمحاربة أي نشاط عملي يساعدُ بلدَنا على البناء والإنتاج.
وأوضح السيدُ القائدُ إلى أن الشعبَ اليمني كان لديه توجُّـهٌ مميزٌ في الجانب الاقتصادي، ولا سيَّما القطاعَ الزراعي، حَيثُ أثمر هذا التوجُّـهُ في الجانب الزراعي، وكان مثمراً، وله نتيجةٌ وله الأثر، حَيثُ حقّق فائضاً للتصدير في المحاصيل الزراعية من الفواكه، وهو يعاني ويحاصَر، مؤكّـداً أنه لو بقيت السيطرة الأمريكية للبلد لَكان البلد يتجهُ للانهيار في كافة المجالات.
صحيفة المسيرة