استنزافُ الكيان الصهيوني في مستنقع لبنان… عملياتُ حزب الله وبنكُ الأهداف الواسع

|| صحافة ||

شطحاتُ “إسرائيل” ومزاعمُ توجيه آلته العسكرية ضربةً قاسيةً لحزب الله اللبناني سرعانَ ما تبخَّرت.

بمُجَـرّد أن أكمل ناطقُ جيش العدوّ تقديمَ سردية كاذبة حول تدمير قدرات حزب الله، خرج متحدثٌ سابقٌ للجيش لنفي أُكذوبة الأمس.

نتنياهو المنتشي بإحداثِ الزوبعة والجريمة النكراء نجح لوقت محدود في إدخَال الإسرائيليين في نشوة انتصار وهمي بادعائه ضربَ حزب الله في العمق، في الوقت الذي استغل فيه جيش الاحتلال ارتدادات هذه الضربة الاستثنائية على مكانة حزب الله البيئية والأمنية والعسكرية، بقيام الطيران الإسرائيلي بقصف مرابض الصواريخ في الجنوب اللبناني.. تلك المرابض لم تكن غير خدعة من خدع الحرب.

هذه المرابض لم تكن سوى مُجَـرّد مواقع مهجورة تم تصنيفها لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كمرابض للصواريخ بناء على معلومات استخباراتية قديمة تعود لتموز / يوليو 2006.

ما بعد تلك النشوة والحديث عن استهداف 400 مِنصَّةِ إطلاقِ صواريخَ لحزب الله، باشر حزب الله كيان العدوّ بقصف مدن الشمال الإسرائيلي بالصواريخ، وإيصال رسالة من رسائل المقاومة بأن الرد القادم سيكون كَبيراً وكَبيراً جِـدًّا، وأن جريمة تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي لا تعدو عن كونها جريمة حرب، تخلو من الأخلاق والقيم الإنسانية العالمية وشجاعة القائد والمقاتل.

ما بعد تكرار قصف مناطق “حيفا” وَ”صفد” شهد الاقتصاد الإسرائيلي تراجعاً غيرَ مسبوق؛ بسَببِ الإجراءات الاقتصادية المختلفة، وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال حرب غزة الاستنزافية المتدحرجة.

بحسب ما ذكرت صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية الاقتصادية، فقد “ارتفع عجز موازنة إسرائيل إلى مستوى قياسي جديد بلغت نسبته 8.1 % من إجمالي الناتج المحلي؛ وذلكَ بسَببِ زيادة الإنفاق الحكومي والعسكري مع استمرار حربها على قطاع غزة ودخولها شهرها الـ12”.

كُلّ ذلك أَدَّى إلى خفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني لـ “إسرائيل” الشهر الماضي؛ لدرجة واحدة، من (A+) إلى (A)، وقد تتراجع إلى المستوى الائتماني (+B) في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة لشهره العاشر (14 أوغسطس الماضي)؛ فما بالكم وقد شارفت الحرب على انتهاء عامها الأول؟!

ناهيك عن إغلاق عدد كبير من الشركات الصغيرة في “إسرائيل” وفقًا لتقرير شركة معلومات الأعمال “كوفام بي دي آي”، في أنه من المتوقع أن تشهد دويلة الاحتلال إغلاق ما يصل إلى 60 ألف شركة في عام 2024 م، دون ما تم إغلاقه أواخر العام 2023م.

هذا التوقع القاتم، يأتي في الوقت الذي أغلقت فيه 46 ألفَ شركة أبوابَها بعد تسعة أشهر من الحرب على غزة، في أعقاب هجوم السابع من أُكتوبر.

وقال المتحدث باسم البنتاجون، الميجر جنرال باتريك رايدر، لصحفيين: “زيادة في توخي الحذر، نرسل عدداً صغيراً إضافيًّا من أفراد الجيش الأمريكي لتعزيز قواتنا الموجودة بالفعل في المنطقة”.

 

الحربُ الشاملة هدفُ نتنياهو:

يجدُ مجرمُ الحرب نتنياهو نفسَه بين مأزِقَينِ كبيرَينِ، ما بين استنزاف المقاومة الطويل لإمْكَانيات “إسرائيل” التي لم تتعود سوى حروب خاطفة بغطاء ودعم أمريكي غربي، وبين الدخول في حرب برية تعلم “إسرائيل” أنها فَـــخٌّ كبير، بل وربما الجحيم مع استذكار “إسرائيل” لجحيم الحرب البرية بحرب تموز 2006، فكيف بها اليوم والقوى قد تغيَّرت لصالح مقاومة لبنان؟!

مع هذا وفي ظل تراكم فشل المجرم نتنياهو، ليس مستبعدًا أن تكون هذه الغارات الإسرائيلية المكثّـفة على عشرات القُرى والبلدات في جنوبي وشرقي لبنانَ، التي تشكِّلُ الحاضنةَ الشعبيّةَ لحزب الله مُقدّمة لهُجوم بري بالدبابات والمدرعات، وبغطاءٍ جوي بطائرات الشبح و”إف 15 و إف 16″ على غرار ما حدث في قطاع غزة بعد السابع من تشرين أول/ أُكتوبر الماضي، والبدء بقصف بيروت ومطارها وضاحيتها الجنوبيّة على وجْهِ الخُصوص.

غير أن هذه ستكون تكلفتها ليست عالية فقط، بل ضخمة؛ فالمقابل “تل أبيب” بمحزون أهدافها الحساسة والثمينة على العدوّ، كما هي في “حيفا” بما تشمله من قواعد ومجمعات صناعية وكيبوتسات وموانئ ومطارات ومحطات ومنصات النفط وخزانات المشتقات، بما فيها الغاز عصب حياة “إسرائيل” إلى جانب بنية التكنولوجيا الإسرائيلية.

إبعاد قوّات “حزب الله” وكتائب الرضوان تحديدًا، عن الحُدود إلى ما بعد نهر اللّيطاني شمالًا لا يُمكن أن يتحقّق بالغارات أَو الضربات الجوية أَو الاثنين، معًا، وإنما بغزو بريٍّ “ناجح”، وهذا ليس سهلًا، وغير واقعي؛ لأَنَّ قوّات “حزب الله” جاهزة للرّد، مُضافًا إلى ذلك أنّها لن تكون لوحدها، وستجد دعمًا من كُـلِّ السّاحات الأُخرى، سواءً في فِلسطين المحتلّة، أَو اليمن، أَو العِراق، وربّما سورية وإيران.

عندما تشُنُّ المُقاومة الإسلاميّة العِراقيّة سِتَّ عمليّات هُجوميّة بالصّواريخ على قواعد العدوّ في الجولان المحتلّ، فهذا تأكيدٌ متجدِّدٌ بأن كُـلَّ أذرع المقاومة ستدخُلُ إلى الميدان بقوّة، وستكثّـفُ عملياتِها العسكريّة نصرًا للمُقاومة في لبنان، وقطاع غزة، وستكون المُفاجأةُ الكُبرى قادمةً من اليمن العظيم، ليس بالمُسيَّرات فقط، وإنّما بالصّواريخ الباليستيّة المُجنّحة فرط صوتي، وما صاروخُ الأسبوع قبل الماضي الذي وصل إلى قلب “تل أبيب”، وفشلت كُـلُّ الدّفاعات الجويّة الإسرائيليّة والأمريكيّة في اعتراضه وإسقاطه، إلّا “لجسِّ النّبض” والتّمهيد لصواريخَ أُخرى برُؤوسٍ حربيّة يبلُغُ وزنُها مِئاتِ الكيلوغرامات.

قوّاتُ “حزب الله” التي تعيشُ حَـاليًّا حالةَ استعداد قُصوى، قصفت بمئات الصّواريخ من طِراز “فادي 1″ و”فادي 2” مجمّعات صناعيّة عسكريّة إسرائيليّة شِمال حيفا لليوم الثّالث على التّوالي، مضافًا إلى ذلك وسّعت عملياتها في صفد وطبرية وضربت أهدافًا في الجليل الأدنى بالصّواريخ نفسها؛ ممّا يؤكّـد أنّ هذه الغارات الإسرائيليّة على عشرات القُرى اللبنانيّة لن تُرهِبَها، ولن تركعَها، أَو تفرضَ عليها الاستسلامَ والرّضوخَ للمطالب الإسرائيليّة بالانسحاب إلى شِمال اللّيطاني، والابتِعاد عن الحُدود.

والأكيد اليوم أن المُقاومة الإسلامية في لبنان تختلفُ كَثيراً عن المقاومة في قطاع غزة، من حَيثُ الخِبرة القتاليّة الضّخمة التي اكتسبتها سواءً من حرب التحرير اللبنانيّة عام 2000، أَو حرب تمّوز عام 2006، أَو حتّى الحرب السوريّة عام 2012 التي خاضتها إلى جانبِ الجيش العربي السوري في مُواجهة المُعارضة المسلّحة والمدعومة أمريكيًّا، مضافًا إلى ذلك قُدراتها العسكريّة الهائلة من المُسيّرات والصّواريخ (150 ألف صاروخ مُعظمها من النّوع الدّقيق والثّقيل). وخُطوط إمدَاد مفتوحة على مِصراعيها.

أيضًا، حاضنةُ المُقاومة اللبنانيّة قويّةٌ ومُتماسكة، والوَحدةُ الوطنيّة في ذروتها، ولم تؤثر فيها مطلَقًا الشائعات، وحملات التضليل، وأبرزها الرسائل النصيّة التي يرسلها الجيش الإسرائيلي مطالبًا بخُروج اللّبنانيين من منازلهم إلى أماكن آمنة يُحدّدها في لبنان، وقُوبلت هذه الحملة بالصلابة والصّمود والالتفاف حول المقاومة.

لقد تنبّأ أحدُ المعلّقين في الصحافة الإسرائيلية بأنّ “تل أبيب” ستُصبِحُ مثل مدينة “سيدروت” أكبر المُستوطنات في غلاف قطاع غزة، من حَيثُ هطول الصّواريخ عليها كالمطر، مع فارق أَسَاسي أنّ صواريخ حزب الله أقوى كَثيراً جِـدًّا وأكثر دقّة، وقُدرات تدميريّة بالمُقارنة مع نظيراتها لدى كتائب المُقاومة الإسلاميّة (القسّام وسرايا القدس والمُجاهدين) في قطاع غزة.

والمؤكَّـدُ أن مجتمعَ كيان العدوّ يثقُ فيما تقولُه المقاومة، وما يقولُه السيد حسن نصر الله أكثرَ من ثقته بقادته؛ لهذا يؤمن الشارعُ الإسرائيلي أن مشاكل “إسرائيل” ستتعاظمُ أكثرَ من ذي قبل، حَيثُ “إنّ المُقاومة اللبنانيّة لن تتخلّى عن قطاعِ غزةَ، ولن تسمحَ بالفصل بين الجبهتَينِ الشماليّة والجنوبيّة”، والأهمُّ من ذلك، أنّها ستُرحِّبُ بأيّ غزو برّي للجيش الإسرائيلي للأراضي اللبنانيّة، فهذه أُمنية ينتظرها الجميع؛ لأَنَّ التصدّي سيكون مُزَلزِلًا كما توعد سيد المقاومة.

فكما قالت القناةُ 12 الإسرائيلية، في تقرير بثته “إن حوالي 1.5 مليون إسرائيلي أصبحوا الآن في مرمى نيران حزب الله”.

بينما حيفا أصبحت فارغةً بعد سلسلة الانفجارات التي ظهرت تداعياتها بشكل فوري بما تضمه من كيبوتسات سكانية، فضلاً عن كونها المدينة الاستراتيجية للعدو مع “تل أبيب”.

من الجيد تذكُّرُ ما جاء في خطاب السيد نصر الله في الذكرى الرابعة لشهداء قادة النصر أوائل يناير 2024، حين قال: “من يفكِّرْ بالحرب معنا بكلمة واحدة سيندَمْ إن شاء الله، الحربُ معنا ستكونُ مكلفةً جِـدًّا جِـدًّا جِـدًّا… إذَا كُنا حتى الآن ‏نُدارِي الوضعَ اللبناني والمصالح الوطنية اللبنانية، فإذا شُنّت الحربُ على لبنان فَــإنَّ مُقتضى المصالح ‏الوطنية اللبنانية أن نذهبَ بالحرب إلى الأخير بدون ضوابط”.

ومع حرب الاستنزاف التي يواجهُها الكيانُ الإسرائيلي منذ عام في جديد تاريخ الصراع معه، يدركُ العدوُّ أنه يتعرَّضُ لهزائمَ متسلسلة، وبطيئة تقودُ إلى مرحلة الانهيار التدريجي من غزة إلى جبهة حزب الله إلى جبهة اليمن، والحصار الذي فرضته قواتُنا المسلحة على كيان العدوّ منذ نوفمبر 2023م، وإلى جانبها الاستهداف الذي تتبناه مقاومة العراق، وُصُـولاً إلى قيامها بعمليات عسكرية مشتركة حساسة مع القوات اليمنية ضد أهداف كيان العدوّ.

 

مستنقعُ استنزاف “إسرائيل”:

في الـ10 من سبتمبر نشر موقع مجلة “فورين بوليسي – Foreign Policy” الأمريكي مقالاً للخبير الأمريكي دينيس روس -الذي شغل مناصب عليا في مجال الأمن القومي والعلاقات الخارجية، في إدارات ريغان وجورج بوش الأب وكلينتون وأوباما، بما في ذلك مبعوث كلينتون إلى الشرق الأوسط. وهو “زميل متميز” في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الصهيوني في أمريكا، ويدرُسُ في جامعة جورج تاون – يتحدث عن واقع الصراع الحالي بين محور المقاومة والكيان الإسرائيلي-.

ويعتبر روس بأن نتنياهو وكيان الاحتلال الإسرائيلي قد وقعا في ما سمَّاه “فخَّ” صراع واستنزاف طويل الأمد. وهذا ما يؤكّـدُ من جديد، أن محورَ المقاومة استطاع بعد عام تقريبًا من معركة (طوفان الأقصى) تحقيق إنجازات استراتيجية بعكس “إسرائيل”.

سياساتُ “إسرائيل” الحالية تؤكّـد توجُّـهَها على هذا النحو، حَيثُ لا تجد فرصةً للحديث عن أي نصر، مقابل طموح نتنياهو الساعي للمغامرة التي ربما تحملُ في نهايتها خُلاصةً من أزماته مع الداخل الإسرائيلي المتخلخل، فيما تتحدث أصواتُ “إسرائيل” السياسيةُ أن كيانَهم يخوضُ الآن حروبَ استنزافٍ رغم ما تقومُ به من إبادة جماعية على سكان غزة، والضفة وعلى حدودِها الشمالية.

وفي ظل شعور قادة الاحتلال الإسرائيلي بالهزيمة في الإطار العام الإسرائيلي، وفشل نتنياهو في تحقيق اتّفاق بغزة يضمن تحقيق الشروط الإسرائيلية مع تزايد الضغط الشعبي لإتمام اتّفاق مع حماس يوصل لإطلاق سراح أسرى “إسرائيل” إلى جانب الضغط السياسي الإسرائيلي المعارض لسياساته، مع الوصول إلى مرحلة الملاحقة القضائية على مستوى الداخل والمستوى الدولي، تقرأ التحليلات اتّجاه “إسرائيل” لحرف بوصلة المواجهات صوب الشمال، حَيثُ حزب الله قد كشف عورة “إسرائيل” وأمنها الذي ظلت تتباهى به منذ وجودها الاحتلالي.

 

 بنكُ أهداف استراتيجي:

ما يظهر اليوم في ثالث أَيَّـام التصعيد، هو لجوء الكيان المحتلّ إلى ترهيب المواطنين في الضاحية الجنوبية لبيروت والمناطق اللبنانية الحدودية، وسعي نتنياهو لضمان تحول مشهد الصراع إلى حرب واسعة، في المقابل استهداف حزب الله أهدافاً حساسة في حيفا، حَيثُ تضم هذه المدينة الاستراتيجية، أهدافاً ومنشآت حساسة كثيرة، من قواعد عسكرية ومخازن أسلحة وصواريخ وموانئ بحرية ومطارات، إضافة إلى صور لمجمع الصناعات العسكرية لشركة “رافائيل” ومنطقة ميناء حيفا، التي تضم قاعدة حيفا العسكرية وميناء حيفا المدني ومحطة كهرباء حيفا ومطار حيفا وخزانات نفط ومنشآت بتروكيميائية، إلى جانب قيادة وحدة الغواصات وسفينة “ساعر 4” المخصصة للدعم اللوجيستي وسفينة “ساعر 5”.

ويقود حزب الله معركة الشمال بنوع من التروي، حَيثُ يضع مدينة “تل أبيب” مقابل بيروت، فيما تبدو “تل أبيب” هدفاً دسماً في حال استهدافها، وقد سقط عنها القناع الأمني، مع استهداف القوات المسلحة اليمنية لها عبر مسيَّرة “يافا” وصاروخ “فلسطين 2″، حَيثُ ظهرت معه المدينة الأولى، عارية بعيدًا عما تروج له قيادة كيان العدوّ من مستوى الأمن الذي تتمتع به؛ كونها أحد أهم مدن العالم ذات التطور التكنولوجي الكبير، وضمها لمئات الآلف من الشركات الصغرى وشركات عالمية تكنولوجية، إلى جانب أنها تضم وزارة دفاع الكيان الإسرائيلي، ومقرات التحرير للصحف الرئيسية، مراكز البنوك والشركات الكبرى، السوق المالي الإسرائيلي بما فيه بورصة “تل أبيب” وبنك هبو عليم أكبر بنوك “إسرائيل”، وغيرها من مراكز المؤسّسات غير الحكومية، إضافة إلى محطات الكهرباء ومحطات القطارات فيما أغلب السفارات الأجنبية ما زالت توجد في تل أبيب.

 

مرافقُ الصناعات العسكرية:

وفيما ذكرت أوساط إسرائيلية فَــإنَّ حزب الله مؤخّراً كثّـف جهوده لاستهداف مرافق الصناعات العسكرية في الجليل شمال فلسطين المحتلّة.

وَنشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” في وقت سابق بأنّ ما يدلل على أنّ حزب الله يقصد استهداف المصانع العسكرية في الشمال حقيقة أنه من يبادر إلى الإعلان عن استهدافها وليس الكيان الإسرائيلي، كما حدث بعدَ ما هاجم المصنع العسكري في كيبوتس سعسع، لافتة إلى أنّ حزب الله يعمد، بين حين وآخر، إلى استهداف مصانع تعود إلى شركة صناعة الوسائل القتالية الحكومية “رافائيل”، وتحديداً مصنعها في التجمّع الاستيطاني “هكريوت”، شمال مدينة حيفا، بالإضافة إلى مصانع عسكرية في منطقة الجليل.

استهداف شركة رفائيل لأنظمة القتال المتقدمة المحدودة؛ كونها المسؤولة عن تطوير وإنتاج الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع النشطة، ستتحول خلال أية حرب مقبلة واسعة أَو كبرى مع مقاومة حزب الله، إلى حجر عثرة ونقطة ضعف لجيش الاحتلال، فهي المسؤولة خلال الحروب، عن تأمين الاحتياطات اللازمة من الذخائر لمنظومات “إسرائيل” العسكرية، خَاصَّة القبة الحديدية ومقلاع داوود وصواريخ سبايك ضد الدروع.

وأغلب منشآتها تتواجد في منطقة شمالي فلسطين المحتلّة، بما فيها مقرها الرئيسي “معهد داوود” في “كريات يام” بالقرب من مدينة حيفا، والذي لا يبعد عن الحدود مع لبنان سوى 25 كيلومترًا تقريبًا، وهذا ما يجعلها عرضةً للضربات الصاروخية الدقيقة والمدمّـرة بسهولة، وربما عرضةً للسيطرة البرية عليها، خلال أية عملية لحزب الله بشكل شبيه بما حصل خلال عملية طوفان الأقصى، وهذه الشركة تضم في ملكيتها حوالي 30 شركة فرعية، كما لديها العديد من اتّفاقيات التعاون مع الشركات العسكرية العالمية وخَاصَّة الأمريكية منها كـ “لوكهيد مارتن”.

وتقوم بتصنيع أبرز المنظومات والأسلحة للجيش الإسرائيلي كصواريخ جو-جو قصيرة المدى موجهة بالأشعة تحت الحمراء شافير وبايثونن وصواريخ داربي- صاروخ جو-جو وأرض-جو موجه بالرادار متوسط المدى، وصواريخ بوباي جو-أرض ثقيل، وباراك المضاد للطائرات بحر-جو/ أرض -جو، ومنظومة صواريخ مضادة للدبابات.

إلى جانب أنظمة الدفاع الجوي، سبايدر والقبة الحديدية وقبة الطائرة دون طيار ومقلاع ديفيد ومنظومات دفاع وأنظمة إلكترونيات الطيران والقوات البرية والبحرية.

 

في مرمى نار المقاومة:

أما أسماء ومهام المراكز المختصة بالصناعات العسكرية في الجليل التي تقع تحت مرمى نيران حزب الله والبعض منها تم استهدافها بالفعل خلال طوفان الأقصى، فتشمل المصانع العسكرية في الجليل:

– إلبيت سيستمز المحدودة: إنتاج أنظمة قتالية للقوات البرية والجوية والبحرية، في مجال الإلكترونيات والكهرباء الضوئية والمدفعية والطيران والليزر والمسيّرات.

– شركة صناعات بناء السفن الإسرائيلية المحدودة: السفن العسكرية، سفن ساعر 4 و4.5، شيلداغ، سفن دورية من طراز سار 62، اكورفيت صغير موديل 72.

– cyclone manufacturing Inc: إنتاج هياكل الطائرات العسكرية.

– semi-conductor: المصنع الوحيد في الكيان الذي ينتج أجهزة الكشف الكهروضوئية (الصناعة العسكرية).

– معهد ليشم: تطوير وإنتاج أنظمة القبة الحديدية ومقلاع دود.

– (رافائيل) theradion: الأنشطة السيبرانية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

– معهد داوود: تدريب كبار الضباط وتطوير تعلم استراتيجية القيادة العليا.

– رافائيل لأنظمة القتال المتقدمة المحدودة: أنظمة الأسلحة وأنظمة الدفاع النشطة.

Metalcore industries ltd-: توريد المواد الخام لصناعة الطيران والفضاء والدفاع.

– شركة metal assemblies: أنظمة الاتصالات والأنظمة العسكرية ومعالجة الصفائح المعدنية للمركبات العسكرية.

– شركة عمتان كرميئيل: صناعة الأسلحة وتطوير وإنتاج الأسلحة الصغيرة والبنادق للجيوش وهيئات إنقاذ القانون في “إسرائيل” والعالم (تصنيع جميع أجزاء البندقية بما فيها السبطانة).

– سولتام سيستمز المحدودة: صناعة أنظمة المدفعية والذخائر.

– مختبر دوف لضمان جودة الإنتاج: فحص ومعالجة الأسلحة الصغيرة والأسلحة الصغيرة والذخائر.

– شركة cpc hi technologies: المنتجات الكهروميكانيكية العسكرية.

polycart technologies -: الحماية اللازمة للطائرات بدون طيار والرؤوس الحربية والصواريخ.

hatehof ltd-: تصنيع وحدات تزويد الطائرات بالوقود والمركبات المدرعة.

Apollo power-: المسيّرات في مجال التصنيع الكهربائي.

Bet shemesh engines ltd-: إنتاج أجزاء للمحركات النفاثة.

Maradine ltd-: أنظمة تحكم مسح ليزر mems وأدوات الدفاع.

– رافائيل-فرع شلومي: صناعات عسكرية.

قاعدة “عين شيمر” من القواعد العسكرية المهمّة جِـدًّا في الكيان المؤقت، واستهدافها حتى لو كان رمزيًّا، يشكّل ضربة قوية لمنظومات الدفاع الجوي والصاروخي الإسرائيلية (لا سيَّما على الصعيد الدولي)؛ كون هذه القاعدة تضم أهَمَّ هذه المنظومات: آرو (السهم).

 

 استهدافُ طبريا:

بالنسبة لطبريا المدينة التي تقع في المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلّة، في الجليل الأسفل وفي وادي طبريا، وهي المدينة الوحيدة على الشاطئ الغربي لبحر الجليل (أو بحيرة طبريا).

لذلك تعدّ هذه المدينة في الخطوط الأمامية من ناحية جبهة الجولان السوري المحتلّ، ولديها أهميّة كبيرة عند اليهود؛ كونها من المدن الأربعة المقدسة لديهم في التاريخ، مع اعتبارها اليوم مركزاً سياحيًّا مهماً، كما تشكّل مركزاً صناعيًّا وتجاريًّا إقليميًّا، حَيثُ إن أبرز الأهداف العسكرية والاقتصادية فيها، وجود 32 فندقاً فيها، تحوي 4145 غرفة.

كذلك الطريق رقم 77 والطريق رقم 90 (أحد الطرق الطولية الرئيسية في فلسطين المحتلّة الذي يصل مدينة “إيلات” بمستوطنة المطلة).

محطة حافلات مركزية مملوكة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومنطقة كيدمات جليل الصناعية، قاعدة هار نيميرا، وهي قاعدة استراتيجية لجيش الاحتلال، التي استهدفها حزب الله في الرد على استشهاد المجاهد ميثم العطار (الذي اغتيل في مدينة شعث)، وبحسب وسائل الإعلام الأجنبية، والإسرائيلية فَــإنَّ هذه القاعدة المجهولة لدى الكثيرين في كيان الاحتلال، هي مكان تخزين الأسلحة النووية وغير التقليدية، قاعدة بيلون (قاعدة فرقة باشان الخَاصَّة بالجولان ومزارع شبعا المحتلّة)، وقاعدة تسالمون غدان التدريبية، وقاعدة شمشون التابعة لفيلق التكنولوجيا والاتصالات: 32.

 

عاصمةُ الجليل الأعلى:

وبالنسبة لصفد، المدينة التي تعتبر عاصمة الجليل الأعلى، وتطل على بحيرة طبريا من الجنوب الشرقي وسلسلة جبال ميرون من الغرب، فخلال حرب تموز / يوليو 2006، تعرضت لهجوم شبه يومي بوابل من صواريخ المقاومة في لبنان، ونزح معظم سكانها ومستوطنيها حتى ما بعد الحرب، وخلال معركة طوفان الأقصى، كانت المقاومة تستهدفها بشكل دوري، لا سِـيَّـما قواعد الجيش الإسرائيلي في جبل ميرون وقاعدة القيادة الشمالية (دادو) التي تعدّ أحد أهم الأهداف العسكرية فيها.

 

صحيفة المسيرة – إبراهيم العنسي

قد يعجبك ايضا