حزب الله.. حين ينعي أمينه العام في قلب المعركة
ضياء أبو طعام
أراهم جميعاً، كباراً صغاراً، مذهولين، يبكون، يصرخون…هي الصدمة بلا شك..بل الفجيعة. اليوم أدرك جمهور المقاومة معنى أن تكون في مخيم الإمام الحسين عليه السلام على أرض كربلاء يوم العاشر من محرم. أحقاً استشهد القائد؟ أحقاً شمت العدو الدنيء؟
تعجز هذه الكلمات الآن عن مخاطبة السيد، فاليد التي ترتجف من هول الخبر لا يمكنها أن تكتب حرفاً عن سماحة السيد. لذا، أولى لها الآن الاحتماء خلف عباءة زينب الكبرى عليها السلام، وتسمع صوتها تناجي ربها: اللهم تقبل منا هذا القربان.
اليوم، بيئة المقاومة أمام اختبار المصداقية: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً. “يا زينب..لا تشقي عليّ جيباً، ولا تلطمي خداً، احفظي لي العيال والأطفال”. تسرد زينب عليها السلام بأنينها الحزين آخر وصايا الحسين. إذاً، نحن في اختبار مصداقية، في امتحان كبير، كبير جداً.
اليوم، تنظر المقاومة الاسلامية من التل الزينبي إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وتسمع وصيته في الحرب: “تد في الأرض قدمك، أعر الله جمجمتك وانظر إلى أقصى القوم”. وهكذا، يمكن أن يسأل كل محب وكل مغرض: لماذا نعى حزب الله أمينه العام، الرجل الأقوى حضوراً والأكثر تأثيراً في المنطقة على امتداد ما يناهز ربع القرن، ومتى؟!!! فيما وطيس الحرب يغلي؟ ماذا يعني هذا؟
إنها الحرب الأقسى على البيئة نفسياً، نعم…لا يمكن لأحد أن يصبّر الناس أو يهدئ من روعها، ولكن … هل بيان حزب الله يعبّر عن لحظة ضعف أو خوف؟ الإجابة تأتي من الجبهة.
لا شيء يعوّض السيد ولو احترقت كل “إسرائيل” بمن فيها، ولكن ماذا يعني أن نعي الأمين العام جاء على وقع تحية النار العسكرية باستمرار صليات الصواريخ التي أحرقت صفد خلال ساعات، أما ساعات ما بعد بيان النعي، فستكون كما قال سماحته في آخر كلمة له: الخبر فيما تشاهدون لا فيما تسمعون.
لم يكن أحدٌ في بيئة المقاومة مستعد لتخيل يوم يُعلن فيه عن استشهاد السيد حسن، لكنه كان دائماً يردد مع السيد في كل موسم عاشوراء: والله لو نعلم أنا نُقتل ثم نُحرق ثم نُذر في الهواء، يُفعل بنا ذلك ألف مرة، ما تركناك يا حسين.
استشهد الأمين العام، فيما النار تلتهم خيام الجمهور الذي خرج في ركبه طوال فترة توليه الأمانة العامة خلفاً للأمين العام السابق السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليهما، وهو يقول: ألسنا على الحق؟ إذا لا نبالي أن نموت محقين.
خطاب حزب الله الزينبي وقف ليقول اليوم والعين يملؤها الدم والدمع: ما رأينا إلا جميلا، فكد أيها العدو كيدك واسعَ سعيك وناصب جهدك، فوالله يا أميركا وإسرائيل ومن معكما من جمع الوحوش، لن تمحوا ذكرنا.
قالها حزب الله بهذه الروح، وبدأت مرحلة جديدة.
فلننتظر البيانات التالية، حين يصل الركب إلى محضر يزيد، ولكن ليس ليخطب هذه المرة، وإنما ليسيء وجوههم ويتبروا تتبيراً.
المصدر: موقع المنار