نص كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة تمام عام لعملية طوفان الأقصى

كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”

بمناسبــة تمــام عــام منــذ عمليــة طوفــان الأقصـى

الأحد 3 ربيع الثاني 1446هـ 6 أكتوبر 2024م

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

بتمام عام منذ العملية البطولية الجهادية الفلسطينية (عملية طوفان الأقصى)، التي نفذتها كتائب القسام، وبما تلاها على مدى العام من عدوانٍ صهيونيٍ إجراميٍ على قطاع غزة، وكذلك الاعتداءات الصهيونية الإجرامية في الضِّفَّة والقدس، وما تلا ذلك أيضاً من عدوانٍ صهيونيٍ إجراميٍ وحشيٍ على لبنان، المحصلة لعامٍ كامل، وما وصلت إليه الأحداث والتطورات في ظل ذلك، على مستوى جبهات الاسناد والواقع الدولي والإقليمي، نتحدث عنه في هذه الكلمة باختصارٍ إن شاء الله.

ونبدأ بالحديث عن المحصلة الإجرامية الوحشية للعدو الصهيوني، باستهدافه لقطاع غزة، وكذلك في جنوب لبنان، وفي لبنان بشكلٍ عام؛ أمَّا فيما يتعلق بأهمية العملية المباركة (عملية طوفان الأقصى)، نتحدث عنها عَقِب ذلك أيضاً، مع تعليقٍ عن أهميتها، ونتائجها، وما يترتب عليها، وعن مسؤولياتنا كأمة مسلمة في المرحلة الراهنة، وفي ظل هذه التطورات على مدى عامٍ كامل، وعن مستقبل هذه القضية على ضوء هذه الأحداث، وعلى ضوء الثوابت الإسلامية والقرآنية.

فيما يتعلق بحجم الإجرام للعدو الصهيوني، في عدوانه على قطاع غزة على مدى عامٍ كامل، فالعدو الإسرائيلي شن أكثر من (ربع مليون) غارة وقصفٍ مدفعي على قطاع غزة، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود، وهناك ما يقارب (مائة وخمسين ألف شهيد، ومفقود، وجريح) في قطاع غزة، واستخدم العدو الإسرائيلي حوالي (مائة ألف طِن من المتفجرات)، من خلال القنابل والصواريخ والقذائف التي قدَّمها له الأمريكي، ليقتل بها الأهالي في قطاع غزة، ويسعى لإبادتهم جماعياً، وقتل الجميع (رجالاً ونساء، أطفالاً وكباراً وصغاراً)، من تلك الأطنان من المتفجرات: أكثر من (عشرة آلاف طِن) هي عبارة عن ألغام مؤقتة لم تنفجر بعد، وذلك بهدف تفخيخ قطاع غزة، وإلحاق الخسائر المستمرة بالأهالي والسكان.

عدد جثامين الشهداء التي لم تحظَ بالدفن، ولم تصل إلى المستشفيات، وتلاشت وبليت: (سبعة آلاف وثمانمائة وعشرين شهيداً)، لم تسجل بياناتهم في إطار تسجيل ما يصل إلى المستشفيات، وهذه كلها أعدادٌ تقديرية؛ نتيجة للظروف الصعبة جداً في قطاع غزة، واختفاء الكثير من الجثث سببه: استخدام العدو الإسرائيلي لأسلحةٍ وقنابل أمريكية محرمة، مما يعرف أنه محرمٌ استخدامه دولياً، وهي أسلحة محرمة، وذات تأثير للإبادة الجماعية والتدمير الشامل، واستهدف العدو الإسرائيلي بها تجمعاتٍ بشرية للأهالي بشكلٍ مباشر، أثناء تجمعاتهم، وفي مختلف المناطق في قطاع غزة.

حشد العدو الصهيوني كل مقدراته، ومن خلفه أمريكا، وبريطانيا، والغرب، الداعم له لمهاجمة غزة، المدينة الساحلية، التي هي من أصغر المدن، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود، بحسب المساحة الجغرافية، وهي مكتظةٌ بالسكان، وهاجمها العدو الإسرائيلي بجيشٍ قوامه (ثلاثمائة وخمسين ألفاً) من الجنود النظاميين والاحتياط، بحسب بعض التقديرات، ودفع بعددٍ من الفرق العسكرية، ما يقارب خمس فرق عسكرية، وبغطاءٍ ناريٍ بحريٍ، وبريٍ، وجويٍ، وحربيٍ، وتجسسي، هو الأعنف والأكثر همجيةً في تاريخ الحروب، وعلى مدار الدقيقة بشكلٍ مكثفٍ جداً.

فيما يتعلق بحصاد المجازر الإجرامية الصهيونية في قطاع غزة، التي استهدف بها العدو الإسرائيلي الشعب الفلسطيني في غزة:

خلال عامٍ من الإجرام نفَّذ العدو الإسرائيلي ما يقارب الـ(ثلاثة آلاف وسبعمائة مجزرة) بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، أبرز تلك المذابح المروِّعة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، التي لن ينساها كل ذو ضمير، وتبقى صفحةً سوداء في ذاكرة التاريخ:

  • لن تنسى الذاكرة البشرية مذبحة مستشفى المعمداني: ما يقارب (خمسمائة شهيد، وسبعمائة جريح) بضربةٍ واحدة.
  • لن ينسى ذوو الضمير في العالم مذبحة مخيم جباليا: أكثر من (أربعمائة ما بين شهيدٍ وجريح).
  • مذبحة مدرسة الفاخورة: (مائتين بين شهيد وجريح).
  • ستلاحق لعنة مذبحة الطحين، التي كان شهداؤها ما يقارب ألف ما بين شهيد وكذلك جرحاها، (ألف ما بين شهيدٍ وجريح)، واستهدف العدو الإسرائيلي بها النازحين، وسفك دماؤهم على أكياس المساعدات، اللعنة لتلك الجريمة ستلاحق الصهاينة، ولن تسقط عنهم تبعاتها.
  • لا ينبغي أن تنسى الإنسانية مذبحة مستشفى الشفاء: (أربعمائة شهيد وجريح)، وجرى فيها إعدام (ثلاثمائة فلسطيني) بدمٍ بارد، من المرضى، من الأطفال والنساء والمعاقين، الكثير منهم أعدموا وهم على أسِرَّة المستشفى.
  • سبع مقابر جماعية في داخل المستشفيات.
  • مذبحة الخيام في رفح: (ثلاثمائة بين شهيدٍ وجريح).
  • مذبحة مخيم النصيرات: (سبعمائة بين شهيدٍ وجريح).
  • مذبحة المواصي: (أربعمائة بين شهيدٍ وجريح).
  • مذبحة مدرسة التابعين: أكثر من (مائة شهيد وجريح).

وكم هي الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني، وقتل بها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، من الأطفال والنساء، والكبار والصغار، على مستوى جرائم بالمجازر الجماعية، وعلى مستوى الإعدام للأطفال، للنساء، في الشوارع، في الطرقات، وكذلك للشيبان، للطاعنين في السن، للمرضى منهم، حتى وهم في منازلهم.

استخدم العدو كل وسيلة للقتل والإبادة، إضافةً إلى القتل بالسلاح، بالتدمير، السعي للإبادة بالتجويع، بما لا مثيل له في أي بلد في العالم، وعلى مرأى ومسمع من دول العالم، وفي مقدمتها الدول المسلمة في العالم العربي وغيره.

أمريكا في كل إجرام العدو الصهيوني كانت شريكاً، وكانت ممولاً: أمريكا تقتل، وتصنع، وتموِّل المآسي في الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف قرن من الزمان وإلى اليوم، تضخ كمياتٍ كبيرة من الأسلحة إلى العدو الإسرائيلي، منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، منذ فترة ما بعد الوَهَنّ والترهُّل والتراجع البريطاني والغربي، الذي كان يشارك العدو الإسرائيلي عملياً، بقواته وجيوشه، في اعتداءاته على الدول العربية في خمسينات وستينات القرن الماضي، بعد ذلك تولَّت أمريكا رعاية الكيان الإجرامي.

خلال عامٍ من العدوان على غزة، شيَّد شيطان الحروب الأمريكي جسراً جوياً وبحرياً، لإمداد الصهاينة بأفتك وسائل القتل والإبادة، حيث نقلت مئات طائرات الشحن الجوي العملاقة، بالإضافة إلى أكثر من مائة سفينة، عشرات آلاف الأطنان من تلك الوسائل الإجرامية.

كان الأمريكي مسارعاً في العدوان وبشكلٍ فوري، وقدَّم أسلحة بمليارات الدولارات، لدعم كيان العدو الإسرائيلي، من اليوم الثاني (الثامن أكتوبر) قدَّم على الفور اثنين مليار دولار، في الثلاثة الأشهر الأولى من العدوان فقط أكثر من مائة صفقة سلاح، وسيَّرت أمريكا خلال تلك الأشهر الثلاثة أكثر من (مائتين وأربعين طائرة شحن جوي)، وأكثر من (عشرين سفينة) مليئة بالأسلحة، إلى كيان العدو.

الصفقات مستمرة شهرياً، وعلى مدار العام لم تتوقف، وآخرها الشهر الماضي: صفقة بمليارات الدولارات، ولا تكاد تُسَلَّم صفقة سلاح إلَّا والتالية جاهزة، هذا من غير الصفقات والهبات الضخمة، من الطائرات المقاتلة، والمروحيات، والطائرات المسيَّرة، إضافةً إلى الإدارة والاستخبارات، وإرسال الأساطيل لتهديد دول المنطقة، والدخول في حرب حقيقية مع اليمن، والاعتداءات المتكررة على العراق، كل ذلك اسناداً للعدو الإسرائيلي، ومشاركةً له في عدوانه وإجرامه.

وباعتراف تقارير أمريكية: [تُنفق إسرائيل أغلب أموال الضرائب الأميركية لشراء الأسلحة والمعدات، التي تصنعها شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية]، يعني: يعترفون بأنها تشتري سلاح أمريكي، لكن بالمال الأمريكي نفسه، ولا تخسر فلساً، غير الهِبَات والمُنَح والصفقات السرِّيَّة، فهي كثيرةٌ أيضاً، وأنه رغم أن إسرائيل لديها صناعة أسلحة خاصة بها، إلَّا أنها تعتمد بشكلٍ كبير على الطائرات والقنابل والأسلحة الأخرى الأمريكية في عدوانها على غزة. منذ أكتوبر 2023 شحنت الولايات المتحدة عشرات آلاف الأطنان من الأسلحة، التي يقول الجيش الإسرائيلي: [أنها كانت حاسمة لدعم القدرات العملياتية للجيش الإسرائيلي، في عدوانه على قطاع غزة].

على الجانب السياسي، تحرَّكت أمريكا واستكلبت وأوقفت ومنعت خمسة قرارات لمجلس الأمن، لفرض هدنة، أو إيقاف لإطلاق النار، فكانت تعترض وتستخدم الفيتو لمنع ذلك.

تحرَّك قادتها إلى الكيان الصهيوني، للتضامن والدعم، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي المجرم [بايدن]، وأبرز مسؤولي الإدارة الشيطانية في (واشنطن) زار الكيان حوالي عشر مرات.

قمعت السلطات الأمريكية البلطجية التظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية بوحشية، وتصرفت بكل همجية بحق الطلاب السلميين، لمجرد أنهم رفضوا جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.

سعت لتخدير القوة العربية والإسلامية بالأمل الكاذب والموهوم، من خلال مساعيها المخادعة، تحت عنوان (وقف إطلاق النار)، ولكن دون جدوى؛ إنما كانت عملية تخدير، تُغطِّي على المستوى السياسي للعدو الإسرائيلي جرائمه ليستمر.

فيما يتعلق أيضاً بالإجرام الصهيوني في قطاع غزة، في استهداف القطاع التربوي والتعليمي:

  • حرم العدوان الصهيوني (ثمانمائة ألف) طالب فلسطيني من التعليم في قطاع غزة:
    • أكثر من (ستمائة وخمسين ألف) في التعليم الأساسي والثانوي.
    • أكثر من (مائة ألف طالب) في مؤسسات التعليم العالي الجامعي.
    • أكثر من (خمسةٍ وثلاثين ألف طالب) في رياض الأطفال.
  • استُشهِد منذ بداية العدوان: ما يقارب (اثني عشر ألف) طفل فلسطيني في سن التعليم، واستشهد (سبعمائة وخمسين) معلماً وموظفاً تربوياً، واستشهد (ألف ومائة طالب) في التعليم الجامعي، واستشهد (مائة وثلاثين) عالماً وأكاديمياً وأستاذاً جامعياً.
  • دمَّر العدو الإسرائيلي في قطاع غزة 93% من المباني المدرسية، بشكلٍ كليٍ أو جزئي، ما يقارب (ستمائة وخمسين مدرسة)، وما يقارب (مائة وثلاثين منشأة) إدارية وأكاديمية، في الجامعات، والكليات، والمعاهد في قطاع غزة.

كذلك على المستوى الصحي:

دَمَّر العدو الإسرائيلي في قطاع غزة القطاع الصحي بشكلٍ شبه كلي تقريباً، استهدف كل المستشفيات والمراكز الصحية، وبلغ عددها: مائة واثنين وستين منشأة صحية ومستشفى، وخرج نسبةٌ كبيرةٌ منها عن العمل كلياً، وما تبقى منها يُقدِّم الحد الأدنى من الخدمات الصحية.

كذلك استهدف وبشكلٍ ممنهج الكادر الصحي، بالقتل والاختطاف، واستشهد خلال عام ما يقارب الـ(ألف شهيد) من الكوادر الصحية، وخطف العدو الإسرائيلي أكثر من (ثلاثمائة) من الكوادر الصحية.

على مستوى الاستهداف للمساجد في قطاع غزة:

في حرب العدو المعلنة على الإسلام، دمَّر (ثمانمائة وأربعة عشر مسجداً)، وهو ما نسبته 79% من المساجد في قطاع غزة، انتهك حرمات المساجد، وأحرق المصاحف فيها، وقتل الناس في المساجد، قتل المصلين، وآخر تلك المجازر: ما حصل الليلة الماضية من قصف وتدمير مسجد في دير البلح، بداخله نازحين، واستشهد وجرح على إثر الجريمة العشرات من الفلسطينيين.

استهدف العدو الإسرائيلي أيضاً المقابر، وبشكلٍ ممنهج ومقصود في قطاع غزة:

استهدف (تسعة عشر مقبرة)، منها: ثمان مقابر دمَّرها كلياً.

كذلك في الضفة الغربية:

هناك اعتداءات مكثفة للعدو الإسرائيلي، استهدفت الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ولم يكن الإجرام الصهيوني في الضفة الغربية وليد طوفان الأقصى، بل هو متواليةٌ تاريخية من الإجرام بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية، فمنذ أقدم العدو الإسرائيلي على حرق المسجد الأقصى، وما قبله من الجرائم الصهيونية، مروراً بمجزرة المسجد الإبراهيمي، وجرائم القتل، والاختطاف، والتعذيب، والترويع، وتدنيس وتخريب المُقَدَّسات، مستمرٌ كسلوكٍ إسرائيلي.

ما قبل طوفان الأقصى، بإمكان الجميع أن يتذكر عملية (كاسر الأمواج الإجرامية)، عندما شنّ العدو الإسرائيلي عدواناً على الضفة، استُشهد فيه أكثر من مائة فلسطيني، وخاصةً في (نابلس، وجنين).

خلال العام الماضي، صعَّد العدو من إجرامه ووحشيته تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسَّع من عمليات القتل والاختطاف بشكلٍ كبير، وزاد عدد المختطفين عن (أحد عشر ألف فلسطيني)، والشهداء ما يقارب (سبعمائة وخمسين شهيداً)، وتجاوز عدد الجرحى (ستة آلاف ومائتين جريح).

قطعان المغتصبين المجرمين، الذين يطلق عليهم [المستوطنون]، زادوا من الأعمال العدائية تجاه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، من خلال هجماتهم العدوانية، واستلاب الأراضي من الفلسطينيين، بعض الإحصائيات رصدت ما يقارب من (ألف وأربعمائة اعتداء) من قطعان المستوطنين المغتصبين خلال العام الماضي.

تهجير ثمانية وعشرين تجمعاً سكانياً فلسطينياً، يضم مئات العائلات وآلاف الفلسطينيين: في سعي العدو لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، يواصل العدو سياسة تدمير المنازل والمنشآت الفلسطينية، وفي تقريرٍ للأمم المتحدة: فإن العدو الإسرائيلي هدم ما يزيد عن (ألف وسبعمائة منشأة فلسطينية)، منها: ما يزيد عن سبعمائة منشأة مأهولة، ونَفَّذ العدو أكبر عملية استقطاع للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حيث بلغ مجموع ما تم اقتطاعه: ما يقارب الـ(سبعة والعشرين ألف دونم) خلال النصف الأول من العام 2024.

المقدسات الإسلامية، في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي، تعرضت لانتهاكاتٍ كبيرة، واقتحم عشرات آلاف الصهاينة المسجد الأقصى، بعض التقديرات تشير إلى ما يزيد على (خمسين ألف صهيوني)، وخلال تلك الاقتحامات مارسوا كل أنواع الاستفزاز والتدنيس، عبر الغناء والرقص، وترديد الخرافات الصهيونية، ونفخ الأبواق اليهودية، والإساءة إلى الإسلام والقرآن، وإلى نبي الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وإلى المسلمين، وإلى الشعب الفلسطيني.

أعلن الوزير الصهيوني المجرم [بن غُفِير] عن نيته بناء كنيسٍ يهودي في المسجد الأقصى، وبشكلٍ علني، كما تم اعتماد مبلغ يصل إلى نصف مليار دولار لتنظيم تلك الاقتحامات وتمويلها.

وهكذا هو المسار الإجرامي العدواني، الذي لم يكن وليداً للطوفان الأقصى، أو ما بعدها، بل يأتي ضمن سياق تاريخي، كله عدوان وإجرام من قبل العدو الإسرائيلي، منذ [وعد بلفور] المشؤوم، وبداية تجميع اليهود إلى فلسطين، اِتَّبَعَ الصهاينة سياسة المجازر، والمذابح الوحشية بحق الفلسطينيين، قبل إعلان تأسيس الكيان، تشير التقديرات إلى عشرات المذابح، وجرائم الإبادة الجماعية، التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني؛ أمَّا بعد إعلان الولادة غير الشرعية لكيان العدو المحتل، فقد واصل سياسة الإجرام والمذابح بحق الشعب الفلسطيني بشكلٍ كبير ومتكرر، ومنها: مذبحة (دير ياسين) الشهيرة.

تلك المجازر المبكرة كان لها هدف: إشباع غريزة القتل والإجرام، وأيضاً التسبب في نزوح الملايين من سكان فلسطين، من منازلهم، وقراهم وبلداتهم، في العامين (ما بين 1448م إلى 1449م).

حرب الإبادة، التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، هي امتداد لتلك الأساليب، التي يسعى العدو الصهيوني من خلالها إلى: محو الهوية الفلسطينية، وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وبلده؛ من أجل إحلال المحتلين الصهاينة، وإيجاد هوية صهيونية مختلقة ومزيفة على الأرض الفلسطينية.

حرب الإبادة، التي يشنها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب، يُضْفَى عليه أيضاً طابعٌ من الخرافات الصهيونية، كما ذكر ذلك المجرم [نتنياهو] في إحدى خطاباته، في أكتوبر 2023م، عندما قال وهو يخاطب الصهاينة: [عليكم تَذَكُّر ما فعله عماليق كما جاء في كتابنا المُقَدَّس]، وهو في واقع الحال لا يَتَّبِع كتاباً مقدساً، لا هو ولا غيره من الصهاينة اليهود المجرمين، الذين نبذوا كل تعليمات الله، وكفروا بكل كتب الله، وهم الامتداد للنهج الإجرامي الذي قتل أنبياء الله، وهم يَتَّبِعُون تعليمات الشياطين، ومنها: ذلك النص الشيطاني الباطل، الذي لا يَمِتُّ بصلة إلى كتاب الله ولا إلى تعليمات الله؛ وإنما هو من نسج الشياطين، يقولون فيه: [لا تعفو عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً]، هذا هو نهجهم، وتلك هي ثقافتهم ومعتقداتهم.

حرب الإبادة ضد غزة والعرب كررها العديد من الصهاينة، وتحت مُسَمَّى [الحرب المُقدَّسة]، يعتبرون الإبادة للشعب الفلسطيني، وغيره من الشعوب العربية، والقتل بجرائم الإبادة الجماعية، للأطفال والنساء، وللجميع، يطلقون عليه حرباً مقدَّسة، كما قال أحد المجرمين، أحد حاخامات اليهود في محاضرةٍ له: [لا تبقوا نفساً على قيد الحياة]، يعتبرون هذا في سياق حربٍ يَصِفُونها بالمقدَّسة، فيسعون إلى قتل الحياة بكلها، وإبادة الأحياء بشكلٍ كامل.

تلك هي النظرة اليهودية تجاه العرب كل العرب، وتجاه المسلمين كل المسلمين، لا يمكن أن تُفَصَّل على مقياس عربيٍ مُعَيَّن، ولا مسلمٍ مُعَيَّن، بل كل عربيٍ ومسلم.

في مقابل كل ذلك الإجرام والطغيان، وحرب الإبادة الجماعية، والتجويع، والحصار الشديد، كان صمود المجاهدين في غزة صموداً عظيماً، ومعه صمود الأهالي، وصبرهم، وثباتهم، وتماسكهم، يعتبر صمود المجاهدين والشعب الفلسطيني في غزة صموداً كبيراً، وتاريخياً، ولا مثيل له في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولا في تاريخ العرب في صراعهم مع العدو الإسرائيلي، في ظل نُدرة الإمكانات، وحالة الحصار، والخذلان الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً، أثبت هذا الصمود أن الإمكانات والعُدَّة والعتاد لا يمثل رقماً حاسماً في المعارك.

لعامٍ كاملٍ تواصل فصائل المقاومة المعركة والقتال ضد العدو الإسرائيلي، الذي يشاركه الأمريكي في عدوانه، وبإمكانات الغرب الضخمة، تواجه فصائل المقاومة المعركة والقتال ضد العدو الإسرائيلي بثباتٍ كبير، في منطقة صغيرة جداً، محاصرة بشكلٍ كلي لما يقارب عشرين عاماً من الحصار، من بعد انسحاب العدو الإسرائيلي منها، استمر العدو الإسرائيلي بالتحكم في كل ما يدخل ويخرج من وإلى قطاع غزة.

على سبيل المقارنة، دولٌ كبرى ذات إمكانيات ضخمة، وجيوش كبيرة، وبمساحات شاسعة، لم تصمد لأيام، أو أسابيع، عندما تعرضت لغزوٍ يفوقها في الإمكانات، ولو بشكلٍ بسيط، تقهقرت جيوشها، وأعلنت استسلامها لخصومها، في شواهد تاريخية عديدة:

  • خلال الحرب العالمية الثانية، اجتاحت ألمانيا دولاً أوروبية عديدة، بمساحات شاسعة، وجيوش كبيرة، خلال أسابيع معدودة.
  • سقطت فرنسا، التي كانت من أكبر الدول الأوروبية في أقل من شهرين، ولها جيش كبير، وموارد هائلة وضخمة، حيث كانت تحتل وتنهب دولاً كثيرة في أفريقيا، وفي قارات العالم الأخرى.
  • سيطرت ألمانيا على بلجيكا، هولندا، الدنمارك، النرويج، بولندا، يوغسلافيا، اليونان… وغيرها من الدول الأوروبية، بعضها في أيامٍ معدودة.
  • في الصراع العربي مع العدو الإسرائيلي، وفي حرب النكسة في العام 1967م، لم تصمد الجيوش العربية أمام العدو الإسرائيلي لأكثر من ستة أيام، واستسلمت أمام العدو الإسرائيلي، بالرغم مما تمتلكه من العُدَّة والعتاد، وهي جيوشٌ كبيرة، البعض منها كان يفوق ما لدى العدو الإسرائيلي في العدد والعُدَّة بحسب التقديرات.

ولـــذلك، أمام كل العدوان، والهمجية، والإجرام الإسرائيلي، والمظلومية للشعب الفلسطيني، التي هي مظلوميةٌ طويلة، فقد كانت عملية طوفان الأقصى ضرورةً بكل ما تعنيه الكلمة، وتأتي في إطار الحق المشروع، الذي يمتلكه الشعب الفلسطيني، في مواجهة العدو الإسرائيلي المحتل، والغاصب، والمجرم، والقاتل، والظالم، والذي لا يمتلك أي مشروعيةٍ، لا في احتلاله لفلسطين، ولا في ظلمه للشعب الفلسطيني، وما يرتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني.

طوفان الأقصى هو عملٌ فلسطينيٌ بطوليٌ، يستند إلى الحق بكل الاعتبارات، كنتيجة طبيعية لحربٍ عدوانيةٍ وإجراميةٍ على الشعب الفلسطيني في أرضه، طوال مائة وخمس سنوات من الاحتلال، ونهب الأرض، والقتل، والإبادة الجماعية، والتهجير، والاعتداء على المقدسات، توزعت تلك الفترة من الزمن بين ثلاثين سنة من الإجرام البريطاني، والعصابات اليهودية الصهيونية، التي جلبها البريطاني إلى فلسطين، وخمسةٍ وسبعين عاماً من السيطرة والاحتلال والإجرام الصهيوني.

تاريخٌ مأسويٌ من الإيغال في الدم الفلسطيني، والعدوانية المفرطة، التي تستند إلى الخرافات، والسرديات المغلُوطة، والأطماع غير المشروعة، والأباطيل والأكاذيب، فطوفان الأقصى هو امتدادٌ طبيعيٌ لحالة المقاومة والصمود الفلسطيني، والتي تبلورت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى: في ثمانينات القرن الماضي، والثانية: في بداية الألفية، بعد الإخفاقات العربية، والتَّخلِّي العربي عن فلسطين، منذ الاتفاقات المذلَّة في 1974م، وما تبعها من هروب وتخلٍ عربيٍ كليٍ عن فلسطين.

خلال السنوات الأخيرة، سعى العدو الإسرائيلي، وبدعمٍ غربيٍ واسعٍ وتآمرٍ وتواطؤٍ عربي، لتنفيذ مخطط خطير؛ لتغييب القضية الفلسطينية، وإماتتها كلياً، واتَّجه العالم الغربي- كذلك- لسوق الخونة من منافقي الأمة، إلى اتفاقية ذُلٍ وانبطاحٍ وارتداد، تحت مسمى [التطبيع]، وكان الحبل على الجرار، حيث تتساقط الدول تباعاً في الحضن الصهيوني، وتستعد غيرها للقفز إلى براثن العدو، وتسليم أمرها له، وتصفية القضية الفلسطينية بشكلٍ تام.

الشعب الفلسطيني، الذي كان يعاني بشدة؛ نتيجةً للحصار، والقتل اليومي، ومصادرة الأرض، لم يكن يلوح له أي أملٍ في الأفق، أو ضوءٌ في نهاية النفق المظلم، الذي عمل العدو الإسرائيلي، وداعموه الغربيون والمنافقون العرب، لإدخال الفلسطينيين إليه، فلسطين كان يراد لها أن تتمزق وأن تطمس قضيتها، وكيان العدو يحقق أهدافه، بدون حتى أن يدفع أو يخسر مقابل ذلك أي ثمن، وصلت فصائل المقاومة إلى حتمية المواجهة.

الطوفان حقق نجاحاتٍ كبيرة، لا ينكرها إلا الخونة، والمتصهينون، والمنحطون، والأغبياء الجاهلون، وكاد العدو لإسرائيلي أن يغرق تماماً، وأن ينهار كلياً، لولا محاولات الإنقاذ الغربية والعربية، وعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، والمخططات التي كان العدو الإسرائيلي وداعموه من الغرب والعرب قد حاكها، فشلت وافتضحت بشكلٍ كامل.

أعاد طوفان الأقصى الحياة لثقافة الجهاد في سبيل الله في أوساط الأمة، وبدون أي ضعفٍ أو استسلام، مهما كانت التضحيات، طوفان الأقصى أنهى حروب العدو الإسرائيلي الخاطفة، وأدخله في معمعة حروب الاستنزاف والمواجهة الطويلة، وأنهك العدو وداعميه الغربيين.

ثم أطماع العدو الصهيوني، في واقع الحال لا تقف أبداً عند فلسطين، بل تمتد إلى بقية العرب، إلى بقية الدول المجاورة لفلسطين، وكذلك برغبة السيطرة وطمع السيطرة على المنطقة بكلها، أطماع العدو الإسرائيلي في الأرض العربية ليست سرديات وروايات تحكى، هي مشاريع ماثلة، يجري العمل عليها على الأرض، وتوفر لها إمكاناتٌ ضخمة، تشهد عليها الحروب العدوانية، التي شنتها وتشنها العصابات الصهيونية، واحتلال بلدان عربية، ويُنَظَّرُ لها، وَتُدَرَّس في مناهجهم وكتبهم، التي يذكرون فيها تلك الأحلام والخيالات بكل وقاحةٍ وصراحةٍ ووضوح.

حمل المجرم [نتنياهو] خريطةً أمام العالم، في الأمم المتحدة، تلغي كلياً الدولة الفلسطينية المنقوصة، ويحمل الجنود الصهاينة خريطةً لما تُسمَّى إسرائيل الكبرى على ذراعهم، يتبجح القادة الصهاينة بتلك الأطماع، وسط حالةٍ من التخاذل والهروب العربي من الواقع،

المجرم الصهيوني، الذي يسمَّى عندهم بـ[وزير المالية] في حكومة العدو وقف على منصة، وأمامه خريطة تضم (فلسطين، والأردن)، كان ينبغي لتلك الخطوة أن تُحَرِّك النظام الأردني، وأن تثير حفيظته، وأن تُحَرِّك وتثير قادة الأنظمة العربية، الذين يتبجحون بالعروبة، ويتحدثون عن الحضن العربي.

المجرم [نتنياهو] أعلن صراحةً عن معركته، التي يسعى من خلالها لتغيير وجه الشرق الأوسط، وذلك الإعلان يوضح حقيقة تلك الأطماع. تقارير غربية فَسَّرت أماني المجرم [نتنياهو]، بعد اغتيال سماحة السيد الشهيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، بتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، بالتركيز على عدة نقاط، ملخصها:

  • تغيير موازين القوى في المنطقة لصالح العدو الإسرائيلي.
  • والقضاء على حركات المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة.
  • والقضاء أيضاً على مشروع الدولة الفلسطينية.
  • والسيطرة على عدة أنظمةٍ عربيةٍ، وتجنيدها وتجنيد جيوشها لخدمة العدو الصهيوني، والقتال في سبيله، ومواجهة من يعادون، وكذلك تحت عنوان [المواجهة لإيران].
  • وضمان بقائها (بقاء العدو الإسرائيلي) القوة العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط.
  • وإعادة تشكيل الحدود، والهيمنة الإقليمية، (إجراء تغييرات، وضم بلدان، وتقسيم بلدان… وغير ذلك).
  • واستغلال الانقسامات الداخلية في العالم العربي، وذلك من أجل المزيد من بعثرة هذه الشعوب وتفكيكها، وإيصالها إلى أدنى مستوى من الضعف والعجز، والانهيار التام.
  • وإعادة تعريف قواعد الاشتباك، مما يسمح للعدو الإسرائيلي بتوجيه ضربات مؤلمة وقاتلة ومدمرة في أي بلدٍ عربيٍ أو إسلامي، دون الحاجة إلى حرب، ودون ردة فعلٍ أو اتخاذ موقف.
  • وإعادة هيكلة التحالفات الدولية.
  • وتعزيز علاقات إسرائيل مع القوى العالمية الكبرى، فضلاً عن توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع القوى الناشئة، مثل: الصين، والهند. وهذا التحالف مع القوى العالمية الكبرى، يمنح العدو الإسرائيلي نفوذاً استراتيجياً عالمياً.

خلاصة المسألة: أنَّه يريد لكيانه المعتدي، الغاصب، المجرم، أن يكون هو المهيمن والمسيطر على المنطقة بكلها، ثم أن يوظِّف سيطرته تلك لتشكِّل نفوذاً عالمياً له في بقية العالم، وأمام بقية دول العالم، وأن يكون هو المسيطر، والمهيمن، والمتحكم في وضع المنطقة بكله، والمستأثر به فيما يخدم مصالح العدو الإسرائيلي، ويفيده لتحقيق نفوذ عالمي، هذا هو المقصود، وهذا هو الحال، وهذا هو التحدي، وهذه هي الآمال التي يسعى العدو الصهيوني لتحقيقها في الواقع العربي، وعلى حساب الأمة الإسلامية بكلها.

نُقِلَ عن مسؤولٍ بريطاني يعمل في وزارة الخارجية البريطانية، اعترافه بالقول: [إسرائيل دولةٌ أمنية]، هكذا يعبِّر، هي ليست دولة، هي مجرد عصابات إجرامية وحشية، [إنه لا يريد أن يكون محبوباً، بل يريد أن يكون موضع خوفٍ وسطوة، وتعتمد على الهيمنة، ولم تنظر قط إلى الحرب باعتبارها مسابقةً شعبية]، يعني: يريد العدو الإسرائيلي أن يكون الجميع في المنطقة العربية، والأمة الإسلامية، خاضعين له بذل، وهوان، واستسلام، وإذعان لهيمنته المطلقة.

المجرم [جاريد كوشنر]، مستشار المجرم [ترامب] لشؤون الشرق الأوسط، قال: [الشرق الأوسط غالباً ما يكون صلباً، لا يتغير فيه شيءٌ يذكر، اليوم أصبح سائلاً، والقدرة على إعادة تشكيله غير محدودة، لا تضيعوا هذه اللحظة]، هذه هي آمالهم، هذه هي أطماعهم التي تشكِّل تهديداً حقيقياً لكل العرب، ولكل المسلمين.

الأنظمة العربية في تعاملها مع تلك الأطماع، أو تعاملها تجاه ما يجري في غزة، تتعامل بشكلٍ مؤسفٍ ومخزٍ بكل ما تعنيه الكلمة، في مقابل العدوان الصهيوني على غزة، والمجازر والمذابح المروِّعة، المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، نجد بعض الدول العربية تنفق المليارات من الدولارات في إلهاء الشعوب، وفي إشغالها عمَّا يجري هناك، وفي مساعي تمييعها، والزَّجِّ بها نحو الاتجاهات الأخرى: في المياعة والضياع بكل ما تعنيه الكلمة، ونحو التفاهة، واللا اهتمام، واللا شعور بمسؤولية، ينفقون المليارات للإفساد، والإغواء، والإلهاء، بحفلات الرقص والمجون، والانحلال الأخلاقي؛ وبالتالي يعملون على احتواء أي تحرك عربي أو مسلم بأساليب كثيرة:

  • حالة الإلهاء هي واحدةٌ من تلك الأساليب.
  • وحالة الإرهاب الإعلامي، وتوجيه الاتهامات، والتثبيط، والتهويل، والتخذيل، والإرجاف، هي كذلك من الوسائل التي يعتمدون عليها في احتواء أي تحرك جاد لنصرة الشعب الفلسطيني.

في تقريرٍ أمريكيٍ يقول: [بعد عامٍ كامل، الأمر الأكثر إثارةً للاهتمام، هو ما لم يتغير في المنطقة، فالدول العربية لم تتخذ موقفاً أكثر صرامةً تجاه إسرائيل، ولا تزال السعودية تغازل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على الرغم مما حدث في غزة، وهذا يدل على متانة هذه العلاقات، بعض الأنظمة العربية يعمل وكأنه جماعة ضغط في الغرب، من أجل تسريع وتيرة التسليح للعدو الإسرائيلي]، يعني: يعملون هناك في الغرب لحثِّ الغرب، لحث الدول الغربية على الإسراع بالدعم بالسلاح للعدو الإسرائيلي، حتى الأمريكيين، والناس في الغرب باتوا مندهشين مما يحصل من قبل الأنظمة والحكومات العربية، وحتى من مواقف بعض الشعوب العربية.

مع كل هذا التخاذل، ومع حجم ذلك الدعم للعدو الإسرائيلي، ومع حجم العدوان الإسرائيلي، لكنَّ حتمية الزوال للعدو الإسرائيلي هي حتميةٌ من الثوابت الدينية، والتاريخية، والكونية، وهي لابدَّ أن تتحقق، فرغم كل ذلك، ورغم كل تلك الأماني والآمال للعدو الإسرائيلي، فهي أطماع وأهواء، لا تستند إلى شرعية، ولا تستفيد إلَّا مؤقتاً من حالة التخاذل والخيانة، وذلك لا يخلِّص العدو الإسرائيلي من حتمية زواله.

يدرك العدو المجرم، وداعموه الغربيون، بحتمية زوال الكيان المجرم، والنبتة الشيطانية، والورم الخبيث في جسد الأمة، لا تخلو تصريحاتهم من الحديث عن الزوال لذلك الكيان، وفي نقاشاتهم، وخطبهم، وأبحاثهم، ودراساتهم.

العدو الإسرائيلي بنفسه يؤمن بتلك الحتمية، المجرم [نتنياهو] له كلامٌ قال فيه: [سأجتهد كي تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة، فالتاريخ يعلِّمنا أنه لم تعمّر دولةٌ للشعب اليهودي أكثر من ثمانين سنة]، وفي ذلك إدراكٌ كامل من أوقح مجرمٍ صهيوني بحتمية الزوال.

تلك الحقيقة لا تكاد تغادر أفكار قادة الكيان المجرم، ومنهم المجرم الصهيوني [أيهود باراك]، الذي كتب مقالاً في صحيفة صهيونية يبدي مخاوفه من زوال كيانهم، العديد من اليهود الذين يقدَّمون على أنهم فلاسفة، يذكرون تلك الحقيقة، وأحدهم قال أيضاً: [لدى العالم العديد من الصور لإسرائيل، لكنَّ إسرائيل لديها صورة واحدة فقط لنفسها، صورة شعبٍ في طريقه إلى الزوال].

تلك الحقيقة لا تخفى حتى على الداعمين الغربيين، وعلى رأسهم أمريكا، فالمجرم السيء [ترامب] يعلنها صراحةً، بأن العدو الإسرائيلي سوف يزول في غضون عامين، في حال لم يتم انتخابه، فهل ممكن أن يتكلم بمثل هذا الكلام عن احتمالية زوال شعبٍ من الشعوب في أي دولةٍ أخرى من دول العالم، حتى لو كانت دولةً صغيرة، وكان حجمها صغيراً، وهي دولةٌ حقيقيةٌ، وشعبٌ متجذرٌ له هويته، وله وجوده الحقيقي والتاريخي؟! لا يمكن أن يتحدث أحدٌ عن زواله بمثل تلك الطريقة في الحديث عن العدو الإسرائيلي، إلَّا لأنه كيانٌ غير شرعي، وهو كيانٌ مغتصب، لا جذور له، ولا يمتلك أي مقومات للبقاء.

المخابرات الأمريكية في تقريرٍ لها، توقَّعت أيضاً سقوطاً للكيان الإسرائيلي عبر الهجرة العكسية، وعودة اثنين مليون ونصف مليون يهودي إلى أمريكا، ومنهم قسمٌ كبير لا يزال يحتفظ بالجواز الأمريكي، ومتجهزٌ للهروب في أي وقت، ومليون ونصف المليون يهودي إلى روسيا وأوروبا، وهي الأماكن التي قَدِموا منها إلى فلسطين.

لا تكاد تفارق خيالات اليهود جدلية البقاء، وحتمية الزوال، والعدو الإسرائيلي لا يستطيع الخروج من أزمة الوجود مهما أجرم وأفرط في الإجرام، وما يزيد من تلك الهواجس هي التغيرات الكبيرة في المنطقة، ونمو حركات الجهاد والمقاومة، وانتفاضة الشعب الفلسطيني المتوَّج بطوفان الأقصى، ومعركته المقدَّسة، التي عززت من حقيقة الزوال لدى الصهاينة؛ لــذلك لجأ الصهاينة إلى ذلك المستوى الرهيب من الإجرام، لمحاولة الهروب من الواقع الذي لابدَّ منه.

إسرائيل مع كل ذلك، هي أيضاً باتت مع كل إجرامها الفظيعة، والرهيبة، والوحشية، منبوذةً في هذه المرحلة دولياً وعالمياً، وبأكثر من أي وقتٍ مضى، وهناك اعترافات أمريكية بأنَّ الصهاينة يواجهون أضراراً جسيمة، ربما تمتد لأجيال، إشارات نبذ إسرائيل ثقافياً واقتصادياً عميقة، حتى في البلدان الأوروبية، وحدث وتكرر في عدة بلدان، ما يشهد على ذلك، إضافةً إلى الدول الآسيوية، التي يمنع بعضٌ منها دخول الإسرائيليين الذين يحملون جوازات إسرائيلية إليها.

كذلك على مستوى انخفاض السياحة الوافدة إلى فلسطين المحتلة، وكذلك في الاستطلاعات، وُجِدَ أنه في واحدٍ وثلاثين دولة، قال معظم من أجري معهم الاستطلاع: [أنَّ إسرائيل مصدرٌ للشر]، ما بين مائة وثلاثين إلى مائة وخمسين دولة ترفض ادعاءات الصهاينة، والرواية الأمريكية التي تدَّعي زوراً بأنَّ إسرائيل تتصرف دفاعاً عن النفس.

أمَّا فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، وقد نتج عنه إلى الآن- حسب الإحصاءات الرسمية- عددٌ كبيرٌ من الشهداء، (ألفين وستة وثلاثين) شهيداً، (وتسعة آلاف وستمائة وثلاثة وخمسين) جريحاً، فإنَّ حزب الله ومجاهديه الأعزاء لا يزال ثابتاً، وثبات أقدام مجاهدي حزب الله أرسخ من الجبال؛ ولــذلك لاحظنا من أول محاولة تقدم قام بها العدو الإسرائيلي في حدود فلسطين المحتلة مع لبنان، وعندما حاول أن يتقدَّم لأمتار، واجه مواجهةً شرسةً جداً، ودخل في ورطةٍ حقيقية، حيث تصدى له رجال ومجاهدو حزب الله من المسافة صفر، وهذا يدل على مستوى الصبر والانتظار لقتال العدو.

أبطال مجاهدي حزب الله كان شعارهم: (إنَّا على العهد يا نصر الله) في كل معاركهم، قبل استشهاد سماحة السيد الشهيد “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”؛ أمَّا بعد استشهاده، فقطعاً ويقيناً أنَّ هذا العهد صار أوكد، وأرسخ، وأقوى، ويجري دافع الوفاء له مجرى الدم في الشرايين، وكما أكَّد سماحة السيد الشهيد “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، أنَّ جبهة جنوب لبنان ستتحول إذا هاجمها الجيش الإسرائيلي إلى وحل، وإلى فخ، وإلى كمين، وإلى هاوية، وإلى جهنم لجيش العدو، نقول لسماحة السيد الشهيد:

ها هم رجالك الأبطال- أيُّها السَّيِّد الشهيد- يوفون بما توعَّدت به كاملاً غير منقوص، وها هو عويل الأعداء، وصراخهم يرتفع من أول تقدُّمٍ متري، يتحدثون عن عمليةٍ قاسية، ومكلِّفة، وكارثية.

 

ها هم رجال حزب الله الأبطال، يواصلون ويستمرون في استهداف المواقع، والمراكز، والثكنات العسكرية، والمستعمرات المغتصبة؛ رداً على استهداف العدو للمدنيين، ونصرةً لغزة، وها هم يوسِّعون العمليات بوتيرةٍ عالية، فهل فَقَد المجرمون الصهاينة الأغبياء السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”؟! فالسيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” في قلب، ووجدان، وروح، وسواعد، وعمل، وجدّ عشرات آلاف المقاتلين، المجاهدين، الأبطال، وخطاباته وكلماته وتوجيهاته تحيي فيهم روح المسؤولية، وتمدهم بالمزيد من العزم، وشهادته وتضحياته حوَّلتهم إلى مجاهدين استشهاديين، مستبصرين، منتصرين بإذن الله تعالى.

وكان للسيد الشهيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، حديثٌ في أحد خطاباته في الشهر الرابع من العدوان على غزة، كان مما قال فيه: ((ما نقوم به في لبنان، على مستوى جبهتنا المساندة لغزة، هو بالدرجة الأولى استجابةٌ صادقةٌ للمسؤولية الإنسانية، والأخلاقية، والإيمانية، والدينية، الملقاة على عاتق كل واحدٍ منا، هو استجابةٌ لهذه المسؤولية، نحن في الدرجة الأولى هنا، منسجمون مع إنسانيتنا، مع قيمنا الأخلاقية، ومع مسؤوليتنا الشرعية والدينية، التي سنسأل عنها يوم القيامة، ويجب أن نعدَّ للقيامة جواباً، وفي هذا لا تأخذنا لومة لائم، ما يجري على أهل غزة في كل يوم، وفي كل ساعة، يجب أن يهزَّ ضمير كل إنسانٍ في هذا العالم، يجب أن يزلزل وجدان كل الناس في هذا العالم، ويجب أن يستشعروا المسؤولية، ماذا يجب عليهم أن يفعلوا تجاه هذا العدوان، وهذه الكارثة الإنسانية، إنسانياً وأخلاقياً ماذا يجب أن يقولوا؟ وماذا يجب أن يفعلوا وأن يعملوا؟ والأهم هي المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في الدنيا يمكن أحد أن يحاسب ولا يحاسب، ويسأل ولا يسأل، في النهاية الأحداث تنتهي، والناس تنسى، والدنيا فانية، ولكن الأهم والأخطر هو المسؤولية يوم القيامة، عندما نقف بين يدي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويُسأل كل واحدٍ مِنَّا عن هذه الحادثة المُرَّة والمؤلمة، وسَنُسْأل، كل من سمع في العالم، هذا لا يخص الفلسطيني واللبناني، كي تعملوا لنا حدوداً جغرافية عن المسؤولية، والأردني، والمصري، والسوري، والإيراني، والعراقي، واليمني، هذا يشمل كل البشر، كل إنسانٍ على الكرة الأرضية، عَلِم، سَمِع، شَهِد، عَرَف بما يجري على أهل غزة، تترتب عليه مسؤوليةٌ شرعيةٌ، ويوم القيامة سيسأل، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” سيسأل هذا الانسان، سيسأل أفراداً، وسيسأل جماعات، وسيسأل الأمم، وسيسأل شعوباً، سيسأل أفراداً وجماعات عمَّا قمنا به، ماذا فعلتم؟ من شأننا في الدرجة الأولى أن نأتي يوم القيامة وأيدينا مليئة، ولدينا جواب نفتخر به، ونعتز به، وهذا الجواب اليوم هو شهداؤنا، دماؤنا، الآلام والمعاناة، مواجهة الأخطار، التحديات، مواجهة كل الاحتمالات، الإنجازات، البطولات، حضور المقاتلين في الجبهات في أصعب الظروف، الذين يحملون دماءهم على الأكف، هذا هو جوابنا يوم القيامة)).

وبات للسيد الشهيد “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” بعد استشهاده الجواب الكافي، الشافي، الوافي، المبرئ للذمة، الذي يبيِّض الوجه يوم القيامة، في ساحة الحساب والجزاء. هذا على مستوى وصف مجريات الأحداث.

وكخلاصةٍ لما مضى، يتَّضح لنا جميعاً السياق الذي أتت فيه عملية طوفان الأقصى، في سياقٍ واضح: شعبٌ محتل على مدى خمسةٍ وسبعين عاماً، من قِبَل الصهاينة اليهود، وما قبل ذلك من بريطانيا، ومن العصابات الصهيونية اليهودية، استمر ذلك الاحتلال، الذي معه ظلمٌ شاملٌ وكامل، قتلٌ يومي، اغتصاب، تدميرٌ للمنازل، انتهابٌ للأرض، استهدافٌ حتى لأشجار الزيتون، كذلك عدوانٌ على الناس، واختطافٌ لهم، وتعذيبٌ لهم في السجون.

يمتلك الشعب الفلسطيني ومجاهدوه الأعزاء كل الحق في الجهاد في سبيل الله، وفي المقاومة، وفي العمل على إخراج ذلك المحتل، واستعادة أرضهم، واستعادة الحرية والاستقلال لهم، بكل الاعتبارات: الشرعية، الدينية، الإنسانية، الأخلاقية، القانونية، حتى في مواثيق منظَّمة الأمم المتحدة، والقانون الدولي… وغيره؛ ولــذلك عندما قاموا بما قاموا به في عملية طوفان الأقصى، فهم يستندون إلى الحق الكامل بكل الاعتبارات.

وهي عملية ضرورية كما قلنا، في سياق مساعٍ غير مسبوقة، وخطوات خطيرة، كانت قد رُتِّب لها ترتيباً كاملاً؛ لتصفية القضية الفلسطينية، بتعاونٍ عربيٍ مكشوف، وببرنامجٍ مشترك ما بين أمريكا، وما بين إسرائيل، وما بين أنظمةٍ عربية، ودولٍ غربية، وكان مساراً واضحاً لتصفية القضية الفلسطينية.

الشعب الفلسطيني عانى كثيراً من الخذلان أولاً، منذ اليوم الأول الذي تحرَّك فيه الكيان الصهيوني لإعلان كيانه، وسعيه للاحتلال الشامل لفلسطين، عانى الشعب الفلسطيني من خذلان معظم العرب، ومعظم المسلمين.

لم تشهد المنطقة العربية، ولا العالم الإسلامي بكله، تحرّكاً جاداً بحجم ما هناك من تحديات ومخاطر تستهدف الشعب الفلسطيني، ويعاني منها، كان هناك تحركات أشبه بتحركات وقتية، وعشوائية، ولحظية، تفاعلية لمرحلة معينة، تواجه شيئاً من الصعوبات والتحديات، ثم تنكمش وتتراجع، دون أن يكون هناك برنامج عمل مدروس ومشترك في العالم العربي، في العالم الإسلامي عموماً، للوصول إلى نتيجة حاسمة لدحر الأعداء من فلسطين، ونصرة الشعب الفلسطيني، والاحتفاظ بفلسطين والمقَّدسات في فلسطين، ما بعد ذلك كان هناك أكثر من الخذلان: الإقصاء، والتغييب لهذه القضية، وبات التغييب في الواقع العربي من معظم الأشياء:

  • من الاهتمام السياسي.
  • من المناهج الدراسية.
  • من الإعلام.

من أكثر الأشياء، ثم وصولاً إلى التواطؤ والتآمر من أنظمة عربية، برزت في مسار ما يسمونه بالتطبيع، وهو مسار الولاء لإسرائيل، وتمكينها من الهيمنة على المنطقة بشكلٍ عام، والدخول تحت الخضوع لها، والاستسلام لها، وتحت قيادتها، وتمكينها من الدور الذي يريده الأمريكيون، والذي تريده دول الغرب لها في المنطقة، التسليم بذلك الدور بشكلٍ كامل، ذلك الدور الذي عبَّر عنه في آخر ما عبَّر عنه المجرم [نتنياهو]، في تغيير وجه الشرق الأوسط؛ ليكون منطقةً تحت الهيمنة الإسرائيلية، التي يكسب بها العدو الإسرائيلي نفوذه العالمي.

فيما يتعلق بأهمية العملية: هي أهميةٌ كبيرة، هي ضرورة، ولها تأثيراتها الكبيرة، ونتائجها المهمة، فقد وجَّهت ضربةً كبيرةً جداً، وقاسيةً جداً للعدو الإسرائيلي، والمشهد المهم للعملية في السابع من أكتوبر، هو مشهدٌ رهيبٌ ومهمٌ وكبيرٌ وعظيم، لا يمكن أن يمحى من الذاكرة الإسرائيلية؛ لأنه وجَّه ضربةً هزَّت كل تلك الغطرسة الإسرائيلية.

العدو الإسرائيلي الذي كان يقدِّم جيشه على أنَّه جيشٌ لا يقهر، وأنَّه أقوى جيشٍ في المنطقة، ويريد من كل الدول العربية وغيرها في العالم الإسلامي بكله أن تكون خائفةً منه، مرتعبةً منه، ذليلةً أمامه، مستسلمةً له، كان في ذلك المستوى من الانهيار، والذل، والهزيمة، والانكسار، في عملية طوفان الأقصى، واهتزَّ الكيان الإسرائيلي بكله هزةً عنيفةً جداً؛ وإنما تحرَّك الأمريكي على الفور، ومعه البريطاني، ودولٌ غربيةٌ أخرى من جهة، لتدارك حالة الانهيار، وحالة الاهتزاز الكبير جداً، الذي اهتزَّ به الكيان الإسرائيلي، كلهم بادروا لمحاولة دعمه، ومساندته، ومحاولة تشجيعه، وخاضوا المعركة معه، لاسيَّما الدور الأمريكي، الدور الأمريكي هو أخذ الراية (راية العدوان والإجرام)، وتحرَّك بكل ثقله، بالدعم، والمشاركة، والمساندة، ومن المعروف ما فعله الأمريكي منذ الثامن من أكتوبر، بل من اليوم الأول نفسه ماذا عمل، وماذا يعمل بشكلٍ مستمر على مدى هذا العام بكله.

عملية طوفان الأقصى أعادت للقضية الفلسطينية حضورها إلى صدارة الاهتمام العالمي، بعد أن حاول الآخرون أن يغيِّبوها من المشهد تماماً، ألَّا تحضر لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى الإعلامي، ولا على مستوى الاهتمام العملي، وأن تتغيب تماماً؛ لشطبها نهائياً؛ وبالتالي التمهيد لتصفيتها وتصفية كل حقوق الشعب الفلسطيني.

ثم إنها أيضا فرملت وأوقفت المسار الذي كان يقوده من يُسَمُّون أنفسهم بالمطبعين، مسار الموالين لإسرائيل، والذين اشتغلوا ليس فقط بتوجيههم نشاطهم إلى الداخل الفلسطيني؛ وإنما على مستوى الساحة بكلها، هم اتجهوا لفرض حالة التطبيع بشكلٍ عام في الواقع العربي، وكانوا يعملون لذلك، لم يكونوا ليكتفوا بأنهم هم اتَّجهوا في مسار الانحراف، والخيانة، والعمالة، بل كانوا يعملون على أن يتَّجه الجميع معهم لنفس الاتجاه؛ وبالتالي تتحول كل بلدان المنطقة تحت الهيمنة الإسرائيلية، وخاضعةً للعدو الإسرائيلي، ومستسلمةً له، ومعروف ما اتَّجهت به تلك الدول، أو تلك الأنظمة، في عمالتها، وخيانتها، وتطبيعها:

  • اتَّجهت إلى المناهج الدراسية، اتَّجهت لتحريفها بما يخدم العدو الإسرائيلي، وبإزاحة أي شيء في المناهج الدراسية، أو في الأنشطة التعليمية الرسمية في بلدانها، يحافظ على الهوية الإسلامية لشعوبنا، ويحافظ على الرؤية الصحيحة، والموقف الصحيح، والفهم الصحيح، والنظرة الصحيحة تجاه القضية الفلسطينية، والنظرة إلى العدو الإسرائيلي كعدو.
  • اتَّجهت إلى الخطاب الديني لتحريفه، وتزويره، وتغييره.
  • واتَّجهت أيضاً اتجاهاً ينسجم تماماً مع توجهات الأعداء في الحرب الناعمة، لاستهداف أبناء أمتنا: على المستوى الأخلاقي، على المستوى القيمي، على مستوى المواقف والتوجهات الصحيحة، والرؤى الصحيحة، والأفكار الصحيحة، اتَّجهت بأمتنا نحو التبعية والخضوع التام لأعدائها.

فهذه الأحداث (بعد عملية طوفان الأقصى، والعملية بنفسها) أعادت الأمة إلى مربع الموقف، والتحرَّك، والجهاد في سبيل الله تعالى، وأعادت الاشتباك والمواجهة مع العدو، وهو ما لابدَّ منه، لابدَّ من المواجهة للعدو، البديل عن المواجهة للعدو، البديل عن الجهاد في سبيل الله تعالى ضد العدو الإسرائيلي، هو تمكين العدو الإسرائيلي من السيطرة، تمكينه أيضاً من تنفيذ أجندته العدوانية والعدائية ضد أمتنا، هو يتَّجه بشره، بحقده، بمؤامراته العدوانية، هو لا يريد السلام لأحدٍ من أبناء أمتنا، ولا يريد لهم أن يكونوا حتى في الوضع الطبيعي، كحال بقية الشعوب على وجه الأرض، هو يريد من الجميع أن يكونوا أذلاء، مستسلمين، وهو يعادي في هذه الأمة أيضاً إسلامها، وقيمها، ويريد أن يطمس معالم هذا الإسلام، كل المعالم المهمة في هذا الإسلام، ويعادي حتى مقدَّساتها، وما يقوله عن مكة والمدينة، وعن شعائر الحج… وغير ذلك معروف في كتبهم، في تصريحاتهم، في أقوالهم… وغير ذلك.

من نتائج هذه العملية المهمة جداً: أنها فرزت واقع الأمة بجلاء؛ ليتبين من هو الصادق من الكاذب؟ من هو الذي يتحرك بمصداقية لنصرة القضية الفلسطينية، والوقوف مع الشعب الفلسطيني، ومن هو الذي في الاتجاه الآخر، يتحرك بما يخدم العدو الصهيوني على كل المستويات؟ من الذي حوَّل وسائله الإعلامية، وأبواقه الإعلامية إلى خدمة العدو، تتحدث دائماً بما يخدم العدو؟ تحاول أن ترجف، أن تهوِّل، أن تخيف الأمة، أن تزرع اليأس، وتحاول- في نفس الوقت- أن توجِّه الاتهامات، وأن تزرع الشك تجاه المجاهدين في كل جبهات الإسناد، قبل ذلك المجاهدين في قطاع غزة، يسيء إلى الفلسطينيين، يحاول أن يثبط الآخرين من أبناء الأمة عن أي موقفٍ لنصرتهم، يسيء بكل أشكال الإساءات.

أمَّا فيما يتعلق بمسار المعركة وتطوراتها، فمعروف عن العدوان الهمجي الإسرائيلي، الذي اعتمد تكتيك الإبادة الجماعية، والتدمير الشامل، ثم الاغتيال للقادة، ومن ذلك استهدافه لشهيد الأمة الإسلامية، القائد المجاهد الكبير/ إسماعيل هنية “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، واستهدافه أيضاً لسماحة الأمين العام لحزب الله، السيد الشهيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، واستهدافه لقادة آخرين من المجاهدين.

العدو الإسرائيلي اتَّجه بكل ما يملك من وسائل القتل والتدمير، وأيضاً استخدم وسيلة التجويع، التجويع والحصار الشديد الذي هو مستمرٌ فيه ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتدمير للبنية الصحية، اتَّجه اتِّجاهاً عدوانياً إجرامياً، ولكن هل سيحقق له النتائج التي يسعى للوصول إليها؟ مهما ارتكب من جرائم، ومهما نفَّذ جرائم الإبادة الجماعية، والاستهدافات، والاغتيالات، لن يصل إلى النتيجة التي يريدها، ولن يغيِّر المآل الحتمي الذي هو متَّجهٌ إليه، وهو الهاوية والسقوط، والزوال المحتوم.

هو يتمكن من أن يرتكب جرائم القتل والجرائم، يتمكن من قتل الآلاف من الأطفال والنساء، وفعل ذلك، ولكن هل ذلك يعتبر إنجازاً عسكرياً؟ هل جرائم الإبادة الجماعية، وقتل الناس في بيوتهم، وأسواقهم، ومساجدهم، ومدارسهم، وقتل الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء، هل يعتبر إنجازاً عسكرياً؟ هل إلقاء القنابل الأمريكية، التي تهدِّم المنازل في المدن، والأحياء السكنية، وتدمِّر القرى، هل هو إنجازٌ عسكري؟ ليس إنجازاً عسكرياً.

نحن نرى ما عليه إخوتنا المجاهدون الأعزاء في قطاع غزة، من تماسك، وثبات، ومن استمرارٍ في عملياتهم القتالية، وهم في ذلك المستوى من الحصار الشديد جداً، وما يواجهونه من الاستهداف الشامل لقطاع غزة، وفي وضعيةٍ صعبةٍ للغاية، لكنهم مستمرون، ينكِّلون بالعدو، يدمِّرون آلياته العسكرية، هذا الصمود، هذا التماسك، هذا الثبات، هو الذي يعتبر إنجازاً فعلياً وحقيقياً، قتالٌ حقيقي في موقف الحق، وتماسكٌ في أصعب الظروف، وإفشالٌ- بمعونة الله تعالى- لأهداف العدو، الذي كان يريد أن يحتل قطاع غزة بالكامل، ثم أن يقضي على أي تواجد للمجاهدين في القطاع، ثم أن يسعى لتهجير أبناء القطاع، وأن يستعيد أسراه بدون صفقة تبادل؛ لكنَّه فشل في أهدافه تلك.

التجويع للأطفال والنساء، التجويع للسكان في قطاع غزة، وحصارهم، ومنع وصول الغذاء لهم، والدواء لهم، هل هو إنجازٌ عسكري؟ هل هو إنجازٌ فعليٌ وحقيقي؟ ليس إنجازاً، هو إجرام.

خلال هذا العام امتلك العدو الإسرائيلي، وراكم رصيده الهائل من الإجرام، وليس من الإنجاز، وكذلك هو الحال في عدوانه على لبنان، استهدف البعض من القادة في حزب الله، واستهدف سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد الشهيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، لكن ماذا؟ هل يعتبر ذلك إنجاز له، أنه يدمِّر الضاحية الجنوبية بالأحزمة النارية، أنَّه يسعى إلى تدمير القرى في الجنوب، وتدمير البلدات في مناطق متعددة من لبنان، وأن يقتل الناس: أطفالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، هل يعتبر ذلك إنجازٌ له؟ ألم يفشل ويخفق في المواجهة في بداية الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة؟

في بداية العمليات البرية، التي أعلنها بعنجهية، وطغيان، وحقد، وصوَّر للجميع في وسائل إعلامه وتصريحاته، وكأنَّه سيقدم بدون أي عائق، وأنه لن يتصدى له أحد، ويتصور أنَّ إخوتنا المجاهدين في حزب الله قد انهارت معنوياتهم، وتحطَّمت معنوياتهم بفعل جرائمه واستهدافه للقادة، ولسماحة الأمين العام لحزب الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، فماذا كانت النتيجة؟ صُدِم العدو الإسرائيلي، ورأى أنهم على ما عرفهم عنه سابقاً، وبأكثر من ذلك، فيما هم عليه من الثبات، والاستبسال، والصمود، فيما هم عليه أيضاً من الروحية الإيمانية الجهادية الحسينية، التي تثبت بمعونة الله تعالى، الذي ينزِّل السكينة في قلوب المؤمنين، ويربط على قلوبهم، ها هم برزوا له لمواجهته من المسافة صفر، وكبَّدوه الخسائر المباشرة، وها هم تحت نداء (لبيك يا نصر الله) يوجِّهون له الضربات المستمرة، بالقصف الصاروخي، الذي يصل إلى مختلف المناطق، التي توجه إليها عمليات القصف الصاروخي، وها هم على ما هم عليه من تماسكٍ وثبات، وها هي الساحة اللبنانية، فيما هي عليه أيضاً من تماسك وتضامن وتعاون، هو حال أغلب الأطياف اللبنانية، وأغلب الشعب اللبناني، الذي يدرك أنَّ ذلك العدوان هو خطرٌ على لبنان بكله، وأنَّ العدو الاسرائيلي هو عدوٌ لكل اللبنانيين، وخطرٌ عليهم جميعاً.

والميزة لإخوتنا المجاهدين في حزب الله: أنهم بادروا هم قبل غيرهم، منذ نحو أكثر من أربعين عاماً لمواجهة العدو الإسرائيلي، وأنجز الله على أيديهم انتصار التحرير، وأنجز على أيديهم أيضاً الانتصار التاريخي العظيم في 2006 لدحر العدو الإسرائيلي، ومنعه من جديد عن احتلال لبنان، وينجز على أيديهم- بإذنه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- انتصاراً تاريخياً عظيماً في هذه الجولة المهمة من المواجهة والتصعيد.

العدو الإسرائيلي إذا كان يتصوَّر أنَّ قتله لسماحة الأمين العام لحزب الله: السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، سيوهن العزائم، ويحطِّم المعنويات، ويدفع إلى الاستسلام؛ فهو واهمٌ ومخطئ.

إنَّ أثر تضحيات القادة العظماء، والشهداء الأبرار، هو المزيد من العزم، والاستبسال، والثبات، والتفاني، والشعور بمسؤولية أكبر مما قد مضى  للوفاء لهم، وللوفاء لنهجهم الحق، ولموقفهم الحق، وللوفاء لتضحياتهم في سبيل الله تعالى، وفي إطار الموقف الحق، وهذا ما عليه مقاتلو حزب الله، هم يحملون هذه المشاعر: مشاعر النبل، والوفاء، والقيم الإيمانية، والشعور بالمسؤولية أكثر مما قد مضى، والتأثر العميق الوجداني والنفسي عند سماع تلك النداءات، والكلمات، والخطابات، التي قدَّمها سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد الشهيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، هي اليوم لمن يسمعها أكثر، وأعمق، وأقوى تأثيراً في الوجدان، والنفوس، والمشاعر، وأكثر حافزاً ودافعاً للعمل، وثباتاً في الموقف، وهذا هو ما لم يكن يتوقعه العدو الإسرائيلي، الذي لا يتعلَّم الدروس مما قد مضى، لا في فلسطين، ولا في لبنان.

استهدف الشهيد المجاهد الكبير/ اسماعيل هنية “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، وهو يتوقع أن مقاتلي كتائب القسام ستنهار معنوياتهم، وأنَّ الشعب الفلسطيني سيصاب بالإحباط، والنتيجة معاكسة، ها هم إخوتنا في جبهة فلسطين، الجبهة الأولى، والخندق الأول في مواجهة العدو، ثابتون، وهكذا هو الحال في كل جبهات الجهاد؛ لأن المجاهدين فيها ينطلقون من وعيٍ وبصيرةٍ عالية، ومنطلقٍ إيمانيٍ راسخٍ ثابت، للجهاد في سبيل الله تعالى.

فيما يتعلَّق بدور جبهات الإسناد إجمالاً، كان من أهم المميزات لهذه الجولة في الصراع مع العدو الإسرائيلي، على مدى عامٍ كامل، هو جبهات الإسناد في لبنان، وتحوَّلت جبهةً أساسية وساخنة مع العدو الإسرائيلي، كما هو حال جبهة فلسطين، وفي العراق واليمن، هذه جبهات الإسناد التي استمرت على مدى هذا العام، وهي تتَّجه للتصعيد أكثر وأكثر ضد العدو الإسرائيلي، وتسعى لتطوير قدراتها أكثر وأكثر في التصدي للعدو الإسرائيلي، وإسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، لم يسبق لهذه الحالة مثيلٌ في كل الخمسة والسبعين عاماً التي مضت، كانت هناك في مراحل معينة تحركات للجيوش العربية، سرعان ما هُزِمت، ثم توقفت، كان هناك أيضاً بعض التحركات المحدودة هنا أو هناك؛ أمَّا في هذه الجولة من المواجهة مع العدو الإسرائيلي، فإنَّ من بركات عملية طوفان الأقصى، هو أنَّ نرى في ساحة الأمة هذه الجبهات (جبهات الإسناد) الثابتة، الوفية، المستمرة، التي تتَّجه إلى التصعيد أكثر وأكثر:

  • جبهة الإسناد في لبنان، ومعروفٌ ما هي عليه.
  • جبهة الإسناد في العراق، والتي تتجه إلى تصعيدٍ مستمر، وإلى فاعليةٍ أكثر في عملياتها، واعترف العدو الإسرائيلي في هذه الأيام بالقتلى والجرحى من جنوده؛ نتيجةً لتلك الضربات.
  • جبهة الإسناد في اليمن، الجبهة التي اتَّجهت بفاعلية منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، واتَّجهت بعمليات جادة وقوية، وكان من أثر ونتائج هذه العمليات المهمة هو: منع العدو الإسرائيلي من الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، وباب المندب، وبحر العرب، والاستهداف للعدو الإسرائيلي إلى داخل فلسطين المحتلة، والاستهداف له أيضاً في ما يرتبط به من سفن إلى المحيط الهندي، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم استمرت هذه العمليات وتطوَّرت وصولاً إلى المرحلة الخامسة، مع تطوير القدرات العسكرية، وصنع صاروخ (فلسطين2)، ومسيَّرة (يافا)، التي تصل إلى عمق كيان العدو، وتستهدف يافا المحتلة؛ لاستهداف العدو الإسرائيلي هناك، ولا يزال هذا العمل مستمراً، ولا تزال الجهود مستمرة في تطوير القدرات، وفي الارتقاء في مستوى الأداء، وفي زيادة الفعل أكثر وأكثر.

إضافةً إلى التفاعل الشعبي غير المسبوق، والذي لا مثيل له، لا في العالم الإسلامي ولا في غيره، ما يخرج من المظاهرات والمسيرات المليونية بشكلٍ مستمر، كل هذه الأشهر، كل هذا العام، دون كللٍ ولا ملل، خروجاً مليونياً في كل الساحات، هذا لا مثيل له، لم يسبق له مثيلٌ في اليمن نفسه تجاه أي قضية، أو موقف، وكذلك في العالم العربي والإسلامي، وفي بقية العالم.

  • ثم وصولاً في تطورات المعركة إلى ما يحصل اليوم من مواجهة مباشرة ما بين الجمهورية الإسلامية في إيران، التي كانت ولا تزال داعماً دعماً بكل ما تستطيع للشعب الفلسطيني ومجاهديه، ومجاهدي لبنان، دعماً على المستوى العسكري بالإمكانات العسكرية، وكذلك بالتدريب العسكري، وما وفَّرته في هذا الجانب، ودعماً سياسياً، لا تقف مثله، ولا تقدِّمه أي دولة عربية، أو أي دولة إسلامية، ودعماً إعلامياً، ودعماً مالياً، ثم هي أيضاً تدعم جبهات الإسناد، وتقف مع جبهات الإسناد، ثم وصولاً إلى الاشتباك المباشر ما بينها وبين العدو الإسرائيلي.

العدو الإسرائيلي، الذي هو عدوٌ للأمة الإسلامية بكلها، والذي توجَّه شره بدايةً- ومن قبل الثورة الإسلامية في إيران- على العرب قبل غيرهم، احتل أرض العرب أولاً، قتل العرب أولاً، أسر من العرب أولاً، أذلَّ وأهان الكثير من العرب، كل شره اتَّجه نحو الساحة العربية، فلسطين التي هي أرضٌ عربية، مع أنها أيضاً بلدٌ مسلم، وقضيتها قضيةٌ إسلامية، الواجب فيها على كل المسلمين، لكن الواجب قبل ذلك على العرب قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم.

خريطة إسرائيل الكبرى، التي تستهدف دولاً عربية، معروفة من النيل إلى الفرات، والتَّوجه الطامع لدى العدو الصهيوني في السيطرة على العرب، التحريض العدائي في الكتب، في المناهج الدراسية، في التثقيف اليهودي، متوجِّهٌ إلى العرب قبل غيرهم.

لكن الجمهورية الإسلامية تقوم بواجبها الإسلامي، على نحوٍ متميز عن كل الدول الإسلامية، في المنطقة العربية وغيرها، لدعم الشعب الفلسطيني، وقضيته، ومجاهديه، ودعم الإخوة المجاهدين في لبنان، ودعم الشعب اللبناني، الذي تعرَّض أيضاً للغزو، والاحتلال، والظلم، والقتل… وكل أنواع الجرائم التي ارتكبها ضده العدو الإسرائيلي، وكذلك الوقوف مع سوريا، الوقوف مع كل الدول العربية.

الوقفة الإيرانية هي وقفةٌ إسلامية مع العرب قبل غيرهم، في مواجهة عدوهم، الذي هو العدو الإسرائيلي، الذي اتَّجه شره، وخطره، وعدوانه، وإجرامه، واحتلاله عليهم، والساحة ساحتهم، كلما توسَّع العدو الإسرائيلي، أين يتوسع؟ إلَّا في بلاد العرب، وأرض العرب؛ ولــذلك هذه القضية هي قضية تعني المسلمين جميعاً، وهي تعني العرب قبل غيرهم، والجمهورية الإسلامية وقفت كسندٍ إسلامي لقضيةٍ إسلامية، وسندٍ للمسلمين العرب، للعرب أنفسهم، لكن الأمريكي والإسرائيلي بخبثهم، وأيضاً باستسخافهم لبعض العرب، يوصِّفون القضية على أنها قضية إيرانية، ويقولون للعرب: [أنتم أيها العرب لا شأن لكم بما يحدث في فلسطين، لا شأن لكم عندما يقوم العدو الإسرائيلي باستهداف لبنان العربية، وسوريا العربية، والأردن العربي، ومصر العربية، وأي بلد عربي، لا شأن لكم بذلك، لا شأن لكم بأن الإسرائيلي احتل فلسطين العربية، واضطهد شعبها العربي المسلم، وصادر عليه حريته واستقلاله، لا شأن لكم بكل مؤامرات إسرائيل، عن خرافتها الكبرى فيما تسعى إليه، من إنشاء كيان يشمل جزءاً كبيراً من البلدان العربية، والأراضي العربية، من النيل إلى الفرات، هذا لا شأن لكم به، من يتحرك ضد إسرائيل لمنعها من احتلال الأرض العربية، فهو إيراني، ليس له قضية، ليس له موقف؛ إنما هو مجرد عميل لإيران، من يجاهد من الفلسطينيين لاستعادة أرضه، ودفاعاً عن شعبه، ولمواجهة العدو الإسرائيلي، الذي يقتل الشعب الفلسطيني في كل يوم، ويعذِّب الفلسطينيين في معتقلاته وسجونه، ويعمل ما يعمل من نهب، وتدمير المنازل، واقتلاع لأشجار الزيتون، ومصادرةٍ للأراضي، من يقف في وجهه من أبناء الشعب الفلسطيني، فليس له أي قضية! لماذا يفعل ذلك؟! إنه مجرد عميلٍ لإيران، عليه أن يتوقف عن ذلك، على العرب أن يسمحوا للإسرائيلي أن يحتل أرضهم، ويصادر حريتهم واستقلالهم، وإلَّا فلو وقفوا ضده، فهم إيرانيون عملاء لإيران].

هذا استسخاف الذي قام به الأمريكي والإسرائيلي، وكان منطقاً أمريكياً إسرائيلياً تَلَقَّفَهُ عملاؤهم من العرب، وباتوا يتحدثون به ليل نهار، وكأنه لا شأن لنا كعرب بالتهديد الإسرائيلي الذي هو علينا قبل غيرنا، والاعتداءات الإسرائيلية التاريخية، على مدى عقود من الزمن ضد بلداننا العربية، هذا هو استسخاف، هذا هو تنكر للحقائق، التي هي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وهو احتقار للعرب، تصويرهم بأنهم لا شأن لهم بأنفسهم، لا شأن لهم بقضاياهم، لا شأن لهم بأرضهم ولا بعرضهم، لا شأن لهم بحريتهم، ولا باستقلالهم، ولا بكرامتهم، ولا بحياتهم، ولا بشؤونهم، وعليهم فقط أن يسلِّموا للعدو الإسرائيلي؛ حتى لا يُتَّهَموا بأنهم عملاء لإيران.

إيران هي بلدٌ مسلم، والجمهورية الإسلامية في إيران منذ بداية الثورة الإسلامية وإلى اليوم هي وقفت مع المسلمين لأداء واجبها المقدَّس في القضايا الإسلامية، وعلى رأسها: قضية فلسطين، والأقصى الشريف، والمقدَّسات في فلسطين، والمعركة اليوم في ذروتها، وباتت الجمهورية الإسلامية في إيران تدخل في مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي، وهذه المواجهة المباشرة هي بين الجمهورية الإسلامية مع الشعب الفلسطيني، مع الشعب اللبناني ومجاهديه، مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه، مع أحرار هذه الأمة، مع أبناء هذه الأمة، في مواجهة العدو الإسرائيلي، الذي هو عدوٌ للمسلمين جميعاً، وفي مقدِّمتهم: العرب، هذا هو الواقع الحقيقي لما يجري، فما يحاول بعض العملاء، وبعض الذين تورَّطوا في الخيانة والعمالة مع العدو الإسرائيلي، والمطيعون لأمريكا، أن يرسموه عن صورة أخرى، أن يرسموا به هذا الواقع بصورة زائفة، لا حقيقة لها، وكأن المشكلة فقط هي مشكلة بين العدو الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية، ولا شأن للعرب بها، وليس فيها قضية إسلامية، ولا قضية تعنينا بأي اعتبار، ما يجري يعنينا بكل اعتبار: بالاعتبار الإنساني، والأخلاقي، والقيمي، والإسلامي، والديني، والإيماني، والقومي… وبكل الاعتبارات، والقضية هي بهذا الشكل، وتطوراتها هي على هذا المستوى.

ولهذا فإننا في جبهة اليمن مستمرون في موقفنا المبدئي، الإنساني، الأخلاقي، الديني، الإيماني، لنصرة الشعب الفلسطيني ومجاهديه، مع إخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، مع الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، مع إخوتنا في لبنان، مع إخوتنا في حزب الله، مع الجمهورية الإسلامية في إيران، مع إخوتنا في العراق، مع كل أحرار الأمة، الذين يقفون في إطار النهوض بالمسؤولية المقدَّسة، بالجهاد في سبيل الله ضد العدو الصهيوني، الذي هو عدوٌ لله، عدوٌ للإنسانية، عدوٌ للإسلام والمسلمين، عدوٌ للعرب جميعاً، ما يفعله من إجرام واضح، هو بكل تلك الوحشية، والإجرام، والطغيان، والعدوان، مع شراكةٍ أمريكية، ودعمٍ أمريكي، من الواضح أنَّ مسؤوليتنا جميعاً هي أن نقف ضده، لا يقف معه إلَّا مجرم، ظالم، فاسد، سيء، مستبيح للدماء والحرمات، ولا يثبِّط عن الموقف ضده، إلَّا إنسانٌ منافق، وخائن، متنكر لقيم الإسلام، ومبادئ الإسلام، وتعاليم الإسلام.

نحن في جبهة اليمن، قصفنا على مدى عام بأكثر من (ألف صاروخ ومسيَّرة)، وكذلك استخدمنا الزوارق في البحار، واستهدفت قواتنا المسلحة (مائة وثلاثة وتسعين سفينة) مرتبطة بالعدو الإسرائيلي، ومرتبطة بالأمريكي والبريطاني، وتم إسقاط (أحد عشر طائرة مسيَّرة مسلحة أمريكية)، من نوع [MQ9]، وجبهتنا العسكرية مستمرة مع تطوير القدرات، نستمر بكل ما نتمكَّن، ونسعى لما هو أكبر، كما كررنا ذلك كثيراً.

فيما يتعلَّق أيضاً بأنشطتنا على كل المستويات هي مستمرة، أنشطتنا الشعبية مستمرة، أنشطتنا في كل المجالات: في التبرعات المالية… في غير ذلك، جبهتنا الإعلامية تتحرك باستمرار في إطار هذه المعركة، وفي هذا الموقف المقدَّس.

نحن نتحرك كشعبٍ مسلم، هويته إيمانية، يمن الإيمان والحكمة، جهاده من إيمانه، وموقفه من إيمانه، وعزته من إيمانه، ونحن ثابتون في إطار هذا الموقف الذي هو جهادٌ في سبيل الله تعالى، وحملٌ لراية الإسلام، ولراية الجهاد في سبيل الله تعالى، ونحن على ثقةٍ تامة، ونحن نؤمن إيماناً قاطعاً ويقينياً بأنَّ وعد الله سيتحقق في زوال العدو الإسرائيلي: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء:7]، يتحقق الوعد الإلهي: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8]، سُنَّةٌ ثابتةٌ إلهيةٌ في تدبير الله تعالى، كما هي في إطار توجيهاته، ونهجه، وشرعه، وما ألزم به عباده المؤمنين، مسؤولية نتحرك فيها ونحن نثق بأن الله سينجز هذا الوعد العظيم:

  • حتمية زوال العدو نؤمن بها إيماناً يقينياً، بإيماننا بكتاب الله، وآيات الله، وبالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
  • خسارة الموالين للعدو الإسرائيلي، نؤمن بها قطعاً، كما ذكر الله ذلك في كتابه الكريم (في سورة المائدة)، وتوعَّدهم جميعاً: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة:52-53]، سيصبحون خاسرين، ونادمين، ومفضوحين، ومكشوفين، هذا مآلهم المحتوم.
  • والنتيجة الحتمية للموقف الإيماني، الذي اتَّجه فيه المؤمنون لأداء واجبهم المقدَّس، بالجهاد في سبيل الله، بالولاء لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هي النتيجة التي وعد الله بها: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:56].

هذه المآلات الحتمية، التي تؤول إليها هذه المعركة وهذا الصراع، مهما واجهنا في الطريق من صعوبات، ومهما قدَّمنا من تضحيات، ومهما واجهنا من تحديات.

نحن نواجه الأعداء على كل المستويات، نواجه عدوانهم العسكري على بلدنا، من الأمريكي والإسرائيلي، خلال هذا العام نفَّذوا عمليات قصف جوي وبحري على بلدنا بعدد: (سبعمائة وأربعة وسبعين عدواناً)، ونتج عن ذلك: (اثنان وثمانون شهيداً)، وكذلك (ثلاثمائة وأربعين مصاباً)، عدوانهم العسكري مهما بلغ، ومهما وصل، ومهما كانت التضحيات، لن يثنينا عن موقفنا، ونحن نواجههم، ونتصدى لهم، ونضرب- بعون الله- سفنهم، وبارجاتهم، وحاملات طائراتهم، ولن نتردد في فعل ما نستطيع في هذا السياق، وفي هذا المسار العسكري:

  • هم يحاولون أن يضغطوا علينا اقتصادياً وإنسانياً، واتَّجهوا في هذا المسار، وشعبنا صابر، بالرغم من حجم المعاناة الكبيرة.
  • حربهم الإعلامية هي مستمرةٌ على الدوام، وأبواقهم لا تسكت لا ليلاً ولا نهاراً، وهي توجه كل ما لديها من أكاذيب، ودعايات زائفة، وأباطيل، وخرافات نحو شعبنا، لكن شعبنا اليوم على مستوى عالٍ من الوعي والبصيرة، فلا إعلامهم يؤثر عليه في وعيه، ولا يشككه في موقفه، ولا يضعفه في توجهه، ولا يضربه في روحيته ونفسيته.
  • حربهم السياسية مستمرة.
  • حربهم الأمنية مستمرة، والمسار الأمني هو مسارٌ هام، ومنَّ الله فيه بالكثير من التأييد، وكم فشل الأعداء عندما افتضحت الكثير من شبكاتهم وخلاياهم التي تتجسس، أو تخرِّب، وأصبحت الآن في المعتقلات والسجون.

مسارنا مستمرٌ في معركة (الفتح الموعود، والجهاد المقدَّس)، أيضاً على مستوى الأنشطة الشعبية التي بلغت إلى (سبعمائة وستين ألفاً وتسعمائة واثنين وسبعين) ما بين مظاهرة، وفعالية ووقفة، وكذلك فيما يتعلَّق بأنشطة التعبئة، على مستوى المسير العسكري، والعروض العسكرية، والأنشطة العسكرية الأخرى، كالمناورات، التي بلغت إلى (ألفين وثمانمائة وستة وستين نشاطاً).

نشاط كبير، وعمل يليق بهذا الشعب، هو من إيمانه كما قلت، هو من مصاديق انتمائه الإيماني المميز، الذي شهد له به رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، عندما قال: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ))، ونحن على ثقةٍ بالله تعالى، ربنا العظيم، أنَّ العاقبة الحسنة لكل هذا الجهد والجهاد، ولهذا الموقف المشرِّف، ولهذه الأنشطة، والأعمال، والاهتمامات، التي هي من منطلقٍ إيماني، هي ما وعد الله به عباده المتقين، المؤمنين، المجاهدين، الصابرين، الثابتين، من حسن العاقبة، ومن النصر المحتوم، ومن العزة، ومن الكرامة، وشعبنا العزيز يفتخر بهذا الموقف الذي هو فيه، وهو في الموقف المشرِّف.

إنَّ الخزي واللوم هو على الآخرين، على المتواطئين مع العدو الإسرائيلي، على الذين يقفون في صفه، على الذين يناصرونه بأي شيء، حتى من يناصر العدو الإسرائيلي بالكلمة الواحدة، من يؤيِّده بكلمةٍ واحدة، يصبح شريكاً معه في كل تلك الجرائم التي يرتكبها، ويصبح معه من الظالمين، من المجرمين، من الموعودين بعذاب الله الأليم.

توجَّه إخوتنا في حركة حماس بالدعوة لشعوب أمتنا الإسلامية، والدعوة لأحرار العالم، بأن يخرجوا في ذكرى طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر، وأن يتحركوا بالمظاهرات، والمسيرات، والأنشطة، والفعاليات.

أقول لإخوتنا في حركة حماس، وفي كتائب القسام، وفي الحركات الفلسطينية المجاهدة، في حركة الجهاد الإسلامي، وسرايا القدس، وكل الحركات التي تجاهد في فلسطين: نحن إلى جانبكم، وشعبنا هو سندٌ لكم، يتحرك معكم بكل ما يستطيع، عندما توجِّهون مثل هذه الدعوة، ستجدون شعبنا اليمني المسلم العزيز بوفائه، بصبره، باستجابته المميزة، يخرج يوم الغد- إن شاء الله تعالى- خروجاً مليونياً مشرِّفاً، لا مثيل له في أي بلدٍ في العالم، وأنا أقول هذا وأنا أعرف شعبنا العزيز في استجابته، ووعيه، ومنطلقه الإيماني، ووفائه، وكرمه، واهتمامه الكبير بهذه القضية، التي يتحرك فيها من منطلقٍ الإيمان، والاستجابة لله تعالى، والجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

هذا الأسبوع، سيكون الخروج فيه يوم الاثنين، بدلاً عن خروج يوم الجمعة القادم؛ استجابةً لإخوتنا في حماس، وأيضاً لم تستحقه هذه الذكرى لتلك العملية البطولية العظيمة، التي صنعت تحولاً كبيراً في مسار القضية الفلسطينية، هي جديرةٌ بالخروج الشعبي الواسع، والتفاعل الكبير.

ولهذا أدعوكم يا شعبنا العزيز للخروج يوم الغد- إن شاء الله تعالى- خروجاً مليونياً كبيراً في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، وحسب الترتيبات المعتمدة.

نَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا جَمِيعاً بِنَصْرِه: فِي فِلَسْطِينَ، وَفِي لُبْنَان، وَفِي اليَمَن، وَفِي العِراق، وَالجُمهُورِيَّة الإِسْلَامِيَّة فِي إِيرَان، أَنْ يَنْصُرَ أُمَّتَنَا الإسْلَامِيَّة فِي مَوقِفِهَا الإِسْلَامِيّ وَالدِّينِيّ، وَالحَقّ المَشْرُوع، وَقَضِيتِهَا العَادِلَة.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

 

قد يعجبك ايضا