خليل الحية: الطوفان جعل قضية فلسطين الأولى وشعبنا خط بمقاومته تاريخًا جديدًا
موقع أنصار الله – متابعات – 3 ربيع الآخر 1446هـ
قال عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية لحركة حماس، خليل الحية، إن عامًا على بَدء طوفان الأقصى مَرَّ على فلسطينَ عامة، وغزةَ خاصة، وشعبُنا الفلسطيني يَخطُّ بمقاومته ودمائِه وثباتِه تاريخاً جديداً بعدما اندفعت نخبة القسام، نحو أرضنا المحتلة عام 48 لتسطر ملحمةً استثنائية، فقد حطم عبورُ السابع من أكتوبر المجيد، الأوهامَ التي رسمها العدو الإسرائيلي لنفسه، واستطاع أن يقنع بها العالم والمنطقة، عن تفوقه وقدراته المزعومة.
وأضاف الحية في تصريح صحفي بمناسبة مرور عام على معركة طوفان الأقصى، يوم الأحد، أن “النخبةُ المجاهدة استطاعت خلال ساعات معدودة، تركيعَ الكيان الإسرائيلي وتحييدَ أهمِ فِرَقِ جيشِه، ويتركهم بين قتيل وأسير وجريح، ولا زال أبناءُ القسام وفصائلِ المقاومة، يُسطّرون أروع المعارك وهم يدافعون ويذودون عن أهلهم وذويهم”.
وتابع: “أهلَنا في غزة، إن التَّجليَ الأكبر لمعاني العزةِ والصبرِ والتضحيةِ، كان منكم سمة وسجية، وقد أكدتم أنكم شعبٌ ثابتٌ معطاءٌ، يقدم هذه التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى، وهدم البيوت والمنازل والمساجد والجامعات والبنى التحتية، ويتنقل بين الخيام البالية الممزقة وينزح تحت القصف والتدمير، إلا أنكم بقيتم شعبا شامخاً عصيّاً على كل محاولات التهجير والاقتلاع، ثابتاً في أرضه ووطنه رغم ما لاقيتم من أصناف العذاب وأشكال الإرهاب، وتعرضتم لأبشع حرب إبادة، وللمجازر اليومية والتي كان آخرها مجزرتي دير البلح وجباليا الصمود الليلة الماضية”.
وأردف الحية: “أهلَنا وشعبَنا في الضفة المنتفضة رغم جراحها النازفة، والاستيطان الذي يمزق مُدُنَها وقُراها ومخيماتِها، وتواجِهُ بمقاومة متصاعدة، محاولاتِ التهويدِ واغتصابِ الأرض، والاغتيالات وتقطيع الأوصال”، مضيفًا “لعل ردَّ شباب المقاومة هناك: في جنين ونابلس وطولكرم والخليل، في عملياتهم البطولية وليس آخرها العملية المزدوجة في يافا المحتلة، يقول بوضوح: هذا هو الطريق لمواجهة الخطر الداهم على شعبنا وقضيتنا ولا طريق سواه”.
وأكد الحية وقوف الحركة مع الشعب الفلسطيني في القدس، حيث يحاول المحتل حسمَ الصراع ويسعى إلى تقسيم الأقصى زمانًا ومكانًا، وصولًا إلى أحلامه بهدمه وإقامة هيكله المزعوم مكانه.
وأكمل قائلاً: “نستذكر شعبنا في مخيمات اللجوء والشتات، التي لطالما كانت وقودَ الثورةِ والمقاومة، وحافظة على مفاتيح العودة، وها هي اليوم تَستأنف وتشاركُ في الطوفان الهادر، وتحية لشهدائها وجرحاها وعلى رأسهم الأخ أبو الأمين فتح شريف وإخوانه الذين استشهدوا من قبله ومن بعده”.
وقال الحية: “ولا ننسى أهلنا في الـ 48 حيث فشلت كل محاولات الأسرلة على مدى 76 عاما، وبقي أهلُنا متمسكين بأصالتهم، وكونهم جزءاً لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني، ورأينا اليوم عملية بئر السبع البطولية على طريق التحرير وزوال هذا الاحتلال”.
الطوفان جعل القضية الفلسطينية الأولى في العالم
وعبّر قائلاً: “شعبَنا الفلسطيني المجاهد، لقد بدأت هذه الملحمةُ البطولية الوطنيةُ الكبرى، في الوقت الذي أصبحت فيه فلسطين قضيةً منسيةً، غائبةً عن مقررات القِمم واللقاءات، حبيسةَ الأدراج، ويسعى عدوُّنا لتحويلها من قضية شعب يناضل من أجل حريته، وإنهاء احتلال جاثم على أرضه، إلى قضيةٍ إنسانية، وتحسين حياة، ومتطلبات معيشة، بل ويسعى بكل الوسائل لتهجير هذا الشعب”.
وأكد أن “الطوفانُ جاء والاحتلالُ يَعيثُ في المنطقة فساداً، يخترق أسوارَ شعوبِها، ويَعقدُ الاتفاقياتِ الأمنيةِ والعسكرية والاقتصادية، ساعياً لبناء تحالفات تحقق له التمكين والهيمنة، ويعملُ جاهداً لتصفية قضيتنا، من خلال تهويدِ القدسِ والاستيلاءِ على الأقصى، وتوسيعِ الاستيطان والتهجيرِ، ومواصلةِ حصارِ غزة، ويرفضُ الاعترافَ أو الإقرارَ بأيٍّ من حقوقنا الوطنية، فكان لابدَّ من استعادةِ قضيتِنا، وضربِ قواعدِ مشروعِ الاحتلال”.
وشدد الحية بالقول: “نستطيع أن نقول اليوم وبثقة، إن القضيةَ الفلسطينيةَ باتت هي القضية الأولى في العالم، وأدرك الجميعُ أنه لا أمنَ ولا استقرارَ في المنطقة، ما لم يأخذ شعبُنا حقوقَه كاملة، ونكرر ونقول للجميع لا أمن ولا استقرار في المنطقة ما لم يأخذ شعبنا حقوقه كاملة”.
وأضاف: “لقد وجهت المقاومةُ في السابع من أكتوبر، ضربةً إستراتيجيةً للعدو على المستوى الأمني والعسكري، حيث أظهرت الفشل الذريع لمختلف مكونات منظومتِه العسكريةِ والأمنية، وكبّدتْهُ خسائرَ غير مسبوقة في تاريخه، وأدرك من خلالها أن وجودَه كاحتلال لا مستقبل له، وأنّ شعبَنا مستمرٌ بجهاده ومقاومته، حتى طردِ الاحتلال عن أرضنا عاجلاً أم آجلاً، ولأول مرة في تاريخ الصراع منذ العام 1948 يقف العدو أمامَ المحاكم الدولية كمجرم حرب، متَّهَماً بالإبادة الجماعية، وتُتخذ القرارات بجلب قادته كمجرمي حرب”.
وأكد الحية أن المعركة أزالت الأقنعةَ عن وجوه قادة الاحتلال، ورأى العالمُ طبيعةَ الكيانِ الحقيقية، فانطلقتْ حركةُ التضامنِ مع شعبنا -والتي نعبر عن تقديرنا العميق لها- في كل قارّاتِ العالمِ جميعا، وبدأت الروايةُ التي نسجها العدو الصهيونيُّ عن نفسه تتحطم، التي تقوم على الخرافات والأساطير، وباتت الدعواتُ واضحةً بضرورة إنهاء المظلمة التاريخية، التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ نحو مائة عام.
تحية تقدير لجبهات الإسناد
وأعرب الحية عن تقديره أبطال المقاومة الإسلامية في لبنان، الذين انخرطوا منذ اليوم الأول لإسناد غزة في معركتها، وقدموا حتى اللحظة آلاف الشهداء والجرحى، حتى تحولت الآن جبهةَ لبنان بفعل العدوان الإسرائيلي إلى جبهةِ قتالٍ رئيسية.
وتابع: “نقول لإخواننا في المقاومة الإسلامية في لبنان وشعب لبنان: إن الدم الدم والهدم الهدم، نحن معاً وسوياً، فدماءُ الشهيد القائد إسماعيل هنية، التي تعانقت مع دماء الشهيد القائد حسن نصر الله ودماءِ كل المجاهدين في الميدان، تصنع فجراً جديداً لأمتنا، عنوانُه الأقصى، وطريقُه نحو القدس”.
وأردف: “كما نحيي إخواننا في اليمن الثائر المقاتل، حيث شكلت ضرباتُ أنصار الله، نقلةً حقيقيةً في طبيعة المعركة، فضلاً عن المَسيراتِ والمليونيات، التي ربما كانت الأضخمَ في التضامن مع شعبنا، وكانت أقوالهم أفعالاً وصواريخَ ومُسيّراتٍ تقطع آلاف الأميال، لتضرب في قلبِ مركزِ العدوِ ومدنِهِ وتجمعاتِه”.
وأكمل الحية: “وعلى ذات الطريق، إخوانُنا في الجمهورية الإسلامية، إسناداً ودعماً لمقاومتنا وشعبنا فقد ثأروا قبل أيام لدماء قادة المقاومة، لدماء القائد الشهيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الذي استهدفه الاحتلال “الإسرائيلي” على أرض إيران، ولدماء القائد الشهيد حسن نصر الله، وشاهدنا صواريخَهم شُهُبَاً تملأ سماءَ فلسطينَ المحتلة، وتعيد صياغة المشهد من جديد”.
الحية: كما شاهدنا المُسيّراتِ والصواريخَ العراقيةَ، التي أكدتْ أنّ العراقَ بحاضره وتاريخه مع فلسطين، وفي قلب المعركة، بما يتوفر من إمكانات وطاقات، ونرى جموعَ الأمةِ وأحرارَ العالمِ يشاركونَ في مَسيراتٍ وتظاهراتٍ ومليونياتٍ، وفي غزة سمعنا رصاصَ المجاهد ماهر الجازي على حدود الأردن مع فلسطين، وتكبيرات المجاهد حسن التركي في القدس، وهما يثأران للشهداء والأطفال والنساء، ويؤكدان أن في الأمة أحراراً يبذلون أرواحهم على طريق الجهاد والعزة والكرامة.
ما فشل الاحتلال بفرضه بالقوة لن يأخذه على طاولة المفاوضات
وأشار الحية إلى أن الحركة بذلت عبر عام كامل، كلَّ الجهود من أجل وقف العدوان على شعبنا في غزة، ولجم هذا العدو، وإنهاءِ معاناة شعبنا، وخُضنا من أجل ذلك مفاوضاتٍ من خلال الوسطاء في قطر ومصر، وأكدّت استعدادها التام، للوصول إلى اتفاق يحقق وقف العدوان بشكل تام ودائم، والانسحاب الكامل والشامل من قطاع غزة، مع إعادة الإعمار وإنهاء الحصار والتوصل لصفقة تبادل للأسرى جادة، كما رحبت ودَعوت إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 2735 بخصوص وقف العدوان.
وشدد الحية قائلاً: “رغم كل المسؤولية والمرونة التي أبدتها الحركة في كل المحطات والمراحل إلا أن رئيس حكومة الاحتلال ينيامين نتنياهو وحكومَته الفاشية كانوا يماطلون ويعطلون في كل محطة، لذلك نؤكد اليوم ونقول ليسمعها القاصي والداني: “ما رفضناه بالأمس لن نقبله في الغد، وما فشل الاحتلال بفرضه بالقوة لن يأخذه على طاولة المفاوضات”.
وأكد الحية مواصلة الحركة جهودها وتحركها على مختلف الصُعد، بالتعاون مع قوى أمتنا وحكوماتٍ صديقة على مستوى المنطقة والعالم، من أجل إنهاء الحصار ووقفِ العدوان وتوفيرِ السبل الكريمة لحياة كريمة لشعبنا.
وقال الحية: “سنعمل على إعادة إعمار غزةَ، بسواعد أبنائها ودعم أشقائها كما كانت وأفضل، فهناك الفِرقُ المكلفة التي تعمل في مجال الإغاثة والإيواء، ومعالجة المشاكل الطارئة بكل ما نستطيع ووفق إمكاناتنا المتاحة، وفِرق قائمة تُحضر المشاريع لإعادة الإعمار وإزالة آثار العدوان”.
وتدخل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، عامها الثاني على التوالي، يوم غد، حيث يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانه على القطاع بمساندة أمريكية وأوروبية، وتقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و870 شهيدا، وإصابة أكثر من 97 ألفا و166 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.