اغتيال الجنيد : حين تفضح الاغتيالات من يحركها

اليد التي اغتالت الناشط بسام عبد الغني الجنيد هي نفسها اليد التي تغتال يوميا الضباط و الجنود و تغتال احلام و طموحات شعب و مستقبل وطن ..
لا يمكن فصل حادثة اغتيال الجنيد عن حوادث الاغتيال الأخرى التي اصبح جليا انها عمل منظم يقف خلفه لوبي اجرامي معروف و يعرف بنفسه دائما عبر صمته و تجاهله ، وعدم اتخاذ اي موقف تجاه هذه الحوادث اليومية ، و تعاطي اعلامه معها بكل برود ، و بقاء رجالاته و عناصره بمنأى عن رصاصات القتلة .. هذه علامات كافية لنتعرف على الأيادي التي تقتل يوميا بدراجات نارية أو بعبوات ناسفة ، بل تكاد تكون الاغتيالات بمثابة الشهود التي تدلنا على هوية القتلة ..
تعز التي تلعب الدور الأبرز في مسيرة الثورة و تحمل حلم المدنية أصبحت منذ اللحظة الاولى هدفا لهذا اللوبي الإجرامي الذي عمد و لا يزال يعمد الى جعلها مسرحا للعنف و نموذجا للانفلات الأمني و ضحية للعابثين بحيث يصبح تحرك الصوت المدني مستحيلا في ظل الواقع الذي تم صناعته خصيصا لها ..
و لعل اغتيال الجنيد اليوم يعمق جراح المأساة ، و يعزز القناعات بأن المستهدف هو الوطن و ليس فئة او جماعة بعينها ، و يلفت إلى قراءة أبعاد جديدة للمخطط الذي يحاك لتعز بشكل خاص و لليمن ككل .  مع اقتراب لحظات حسم مؤتمر الحوار و اعلان نتائجه و الاتفاق على الاجراءات المفترض اقرارها لتنفيذ ما افرزه الحوار ، و هو ما يراد الالتفاف عليه بنفس طريقة الالتفاف
على مطالب التغيير من قبل ، سواء عبر تعكير الأجواء و مفاقمة الأزمة و تصوير الوضع في اليمن بالخطير بهدف استدعاء التدخلات الخارجية التي لا شك انها جاهزة لتأتي بحلول جاهزة و مبادرات جاهزة لتفرضها كحل وحيد سيحضى بقبول جاهز تتوافق عليه القوى السياسية المتقاسمة نفسها و التي تنصب نفسها و كيلا عن الشعب و عن بقية القوى الوطنية الرافضة للتسويات و الصفقات التي تعزز سلطة المتقاسمين و تمكنهم من فرض اجنداتهم و مشاريعهم الضيقة ..أو عبر محاولات لصناعة الخوف و الرعب و الريبة التراكمية في نفوس الناشطين و القوى الوطنية و الاعلاميين و الحقوقيين ، يرافقها حملات شراء ذمم و ولاءات و دفع اثمان الاسكات ، و تقديم اغراءات و مناصب و مشاريع و وووو الخ لكثير من الفاعلين سواء السياسيين منهم او الاعلاميين و الناشطين و غيرهم
كما ان تحركات المشترك المشبوهة هذه الأيام و تركيزه على الترويج لنفسه كممثل للثورة و اعادته الى الواجهة لتكريس نفسه كطرف من طرفين وحيدين في البلد .. و أيضا توقف الطرف المقابل ممثلا بالمؤتمر برئاسة صالح و فريقه عن حملاته المعترضة على بعض القضايا كالتمديد و غيره و تركيزه على مهاجمة انصار الله و الحراك ، اضافة الى سكوت الطرفين و تجاهلهما لما يجري من انفلات و استهداف للجيش و الناشطين و تباطؤهما معا في اتخاذ موقف مشترك او منفصل تجاه ما تمر به اليمن من تأزيم ممنهج يعبر عنه غياب وزراء الحكومة المشتركة عن الحدث و كأنه لا يعنيهم ….. الخ كلها مؤشرات على ان ثمة طبخة تعد خلف الكواليس ستنتج مخرجات ملتوية لأهم القضايا في الحوار مثل ( قضية الجنوب و صعدة و بناء الدولة و العدالة الانتقالية ) و هي المخرجات التي حتما سيتوافق عليها المشترك و صالح ، بحيث يتم التسويق لها بكونها الحلول الممكنة و بكونها اقصى ما يسمح به الوضع المتردي و المنفلت ، و بالتالي تعطى الغطاء الدولي و المحلي و يصبح من يعترض عليها معرقلا و مخربا و داعيا الى فتنة  و يجب مواجهته ..
و لهذا و غيره يتم افتعال كل هذه المظاهر الأمنية المخيفة و كل هذا الوضع الخطير و الذي جاء اغتيال الشهيد بسام عبد الغني الجنيد مساء اليوم ضمن سلسلة مترابطة في مخطط يعمد الى خلط الأوراق و تخويف و استهداف القوى و الاصوات الفاعلة التي تقف عائقا امامه و على رأسها الحراك و انصار الله و أبناء تعز حملة مشاعل الثورة و التغيير ..

قد يعجبك ايضا