غياب آلية التسويق.. تحديات تعيق توسع الاستثمار في قطاع الدواجن
عزوف 2000 مستثمر عن الاستثمار في قطاع الدواجن بسبب ارتفاع أسعار استيراد المدخلات وتقلبات أسعار السوق المحلي
قطاع الدواجن يستوعب فرص عمل لنحو 300 ألف مواطن وهو من القطاعات الاستثمارية الواعدة
وزير الزراعة: تطبيق آلية البيع بالوزن كحل لإنقاذ قطاع الدواجن وضمان استثمار مستدام
مدير عام الثروة الحيوانية: إنتاج قطاع الدواجن يتجاوز 380 مليار ريال، ويشكل 40% من إجمالي الإنتاج الوطني
مدير عام التسويق: الدور المحوري للإدارة العامة للتسويق في ضمان تنفيذ الآلية بالتعاون مع الجهات المختصة لتعزيز استقرار السوق واستمرارية الإنتاج
ضابط سلسلة قيمة الدواجن: أهمية تطوير استراتيجيات الإنتاج المحلية عبر الزراعة التعاقدية وتعزيز الاستثمار في مستقبل القطاع
تحقيق: يحيى الربيعي
في خضم التحديات الاقتصادية الكبرى التي تكتنف اليمن، يعاني قطاع الدواجن والبيض من تراجع ملحوظ، رغم أهميته الحيوية في تحقيق الأمن الغذائي. يُعتبر الدجاج والبيض من الاحتياجات الأساسية التي تضمن توفير غذاء صحي وآمن للمواطنين. وقد أشار قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في عدة محاضرات له إلى أن الاستثمار في هذا القطاع يتضاءل بشكل مقلق، ويرجع ذلك إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالعديد من مزارع الدجاج نتيجة العدوان.
في إحدى محاضراته الرمضانية، أكد قائد الثورة على أهمية تربية الدجاج في الأرياف وتأمين البيض البلدي كمصدر غذائي مستدام. حيث أشار إلى حاجة الأسر لتوفير غذاء صحي خالٍ من المواد الحافظة، مذكراً بأن الأسر في الماضي اعتمدت بشكل كبير على تربية الدواجن لتلبية احتياجاتها اليومية، مما أسهم في توفير كميات كافية من الحليب والبيض الطازج.
وعلى الرغم من هذه الإمكانيات، تواجه هذا القطاع تحديات بارزة، تتمثل في ضعف إنتاج الأعلاف، الذي يعتمد حالياً بشكل كبير على الاستيراد. هذا الأمر يؤثر سلباً على تربية الدواجن ويحد من القدرة الإنتاجية. وقد دعا قائد الثورة في محاضراته الرمضانية في الأعوام السابقة إلى ضرورة التركيز على تطوير الإنتاج المحلي للأعلاف كجزء من استراتيجية شاملة لدعم الثروة الحيوانية.
وانطلاقاً من الدروس المستفادة من التاريخ الإسلامي، حيث أكد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام على أهمية إدارة الثروات بشكل مسؤول، نجد أن هناك حاجة ماسة لتطبيق هذه المبادئ في عصرنا الحالي. فمن الضروري تضافر الجهود للعودة بالاستثمار في قطاع الدواجن والبيض إلى مساره الصحيح، مما يعزز الأمن الغذائي ويساهم في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
في سياق هذا التحقيق، تواصلنا مع الجهات المختصة بوزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، وأجرينا استقصاءً حول حلقات سلسلة قيمة الدواجن. نقدم للقارئ الحصيلة التي توصلنا إليها كما هي، لتسليط الضوء على الواقع الحالي ومقترحات تعزيز هذا القطاع الحيوي.
موجهات حكيمة
أوضح وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، الدكتور رضوان الرباعي، أن قطاع الدواجن يعتبر من أبرز القطاعات الاقتصادية الحيوية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، حيث يتيح فرصاً كبيرة لتوفير البروتين اللازم لجسم الإنسان، من خلال إنتاج اللحوم البيضاء وبيض المائدة. كما يُعتبر هذا القطاع من المجالات الاستثمارية الواعدة التي توفر فرص عمل لنحو 300 ألف مواطن.
وأكد الوزير أن هذا القطاع الهام تعرض للإهمال والتدمير الممنهج على مدى العقود الماضية، شأنه شأن بقية قطاعات وإدارات ومؤسسات القطاع الزراعي. كما أشار إلى الخسائر الكبيرة التي تعرض لها خلال السنوات العشر الماضية جراء العدوان والحصار، مما أثر بشكل كبير على أدائه وتسبب في توقف العديد من مزارع الدواجن. وقد أدى هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار المدخلات والمستلزمات مثل الأعلاف واللقاحات، مما جعل القطاع في حالة تذبذب وعدم استقرار. ونتيجة لذلك، توقف أكثر من 2000 مستثمر من صغار المربين عن ممارسة مهنة تربية الدواجن.
وتعزيزًا للتوجهات الحكيمة للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله ورعاه – الذي يوصي دوماً بالاهتمام بالاستثمار، وخاصة في قطاع الدواجن، وتشجيع الأسر على تربية الدجاج البلدي المنزلي، بالإضافة إلى منع الغش في البيع والشراء، كان من الضروري البحث عن حلول لإنقاذ هذا القطاع الاقتصادي. ومن هنا، تم تطبيق آلية البيع والشراء بالوزن للدواجن المحلية، كخيار استراتيجي.
ويهدف تطبيق آلية البيع والشراء بالوزن إلى حماية المربين الذين تعرضوا للخسائر، وقد تسبب ذلك في عزوف العديد منهم عن العمل والاستثمار في هذا القطاع. ومن المتوقع أن تساهم هذه الآلية في ضمان حصول صغار المربين على تكاليف الإنتاج مع تحقيق هامش ربح عادل. كما ستعود هذه الآلية بالفائدة على المستهلكين، حيث سيتمكنون من شراء الدجاج بأسعار مناسبة وجودة عالية وفقاً للتسعيرة المعلنة.
ودعا الوزير الجميع إلى التعاون والمشاركة الفاعلة في تنفيذ وتطبيق آلية البيع والشراء بالوزن للدواجن المحلية، وهي آلية معمول بها في جميع دول العالم. كما شدد على أهمية الاهتمام بتربية الدجاج البلدي في المنازل، لتلبية احتياجات الأسر من البيض واللحوم البيضاء. وذكر أيضًا ضرورة التوجه نحو توطين صناعة أعلاف الدواجن، مثل الذرة الشامية وفول الصويا، وزيادة كميات الإنتاج منها من خلال الزراعة التعاقدية عبر الجمعيات التعاونية الزراعية.
الإصرار والمثابرة في قطاع تربية الدواجن
من الموجهات إلى التوجيهات، ومنهما نعود إلى الحكاية من أسفل سلم السلسلة.. من قلب الريف اليمني، ومن تحت أشعة الشمس الذهبية، تنشأ القصة ملهمة عن الإصرار والمثابرة في قطاع تربية الدواجن في بلادنا. في إحدى المزارع النائية، يقف أبو أحمد، مربي دواجن يعود إلى سنواتٍ طويلة من العمل في هذه الصناعة. عُرف بقدرته على تحويل التحديات اليومية إلى نجاحات ملموسة، لكنه واجه مؤخرًا عاصفة من الصعوبات بسبب التقلبات في أسعار الأعلاف وارتفاع تكاليف الإنتاج.
أبو أحمد، الذي بدأ مشواره مع 100 دجاجة صغيرة، شهد رحلة مذهلة، حيث قام بتوسيع مشروعه حتى أصبح يملك آلاف الدواجن. ومع ذلك، فإن تحذيرات الاقتصاديين استمرت تتزايد حول ضرورة اتخاذ خطوات واضحة للحفاظ على استدامة هذا القطاع. “إن وضع سوق الدواجن يحتاج إلى كسب ثقة المستهلكين، وهذا لا يتحقق إلا من خلال آليات مناسبة للبيع”، يقول أبو أحمد، بينما يشير إلى حركة الدجاج في مزرعته، موضحا ما تتطلبه عملية الإنتاج من تكاليف مدخلات وعمالة ومستلزمات العناية من مواد نظافة وكهرباء وماء وخلافه.
عدم وجود آلية بيع عادلة
“صالح القطيبي، 70 عاما. مواطن” يقول: “اشتري الدجاجة بسعر يتراوح بين 3000-4000 ريال للدجاج في أحجام معقولة، وفي المتوسط من 1500-3000 ريال للأحجام الصغيرة، دون أي اعتبار للقيمة الوزنية التي يحتوي جسم الدجاجة. هذه الحالة تثير استياء كبيرًا لدي ولدى غالبية مستهلكي لحوم الدجاج، بل ويتساءل الجميع: إلى متى ستستمر هذه الفوضى في تسويق الدواجن وعدم إيجاد آلية بيع عادلة؟” كما يؤكد القطيبي أن أسعار الدجاج الحي في السنوات الأخيرة ارتفعت بشكل غير معقول، ولا تتغير رغم تغير حجم الدجاجة المتلاشي في صغر الحجم، مما يعكس جشع المسوقين وحالة من الإجحاف التي تلحق بالمستهلكين.
يتكبدون خسائر مستدامة
أحد منتجي الدواجن وآخر بائع تجزئة، واللذين كان لنا معهما دردشة، أكدوا فيها أنهم يعانون من الظروف المضطربة في السوق. يقول محمد زاهر، أحد كبار منتجي الدواجن، إنهم يتكبدون خسائر مستدامة، وكم من المستثمرين العاديين هجروا هذه المهنة بسبب العواقب المرهقة. لقد أغلقت الكثير من مزارع الدواجن أبوابها، وأصبحت خالية بعد أن واجه أصحابها أضرارًا فادحة بسبب الفوضى في البيع.
ويضيف زاهر أن الحل الوحيد يكمن في تنظيم التسويق عبر تنظيم عمليات التفاعل بين حلقات سلسلة القيمة للدواجن، وأن نظام البيع بالوزن هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك. ويؤكد قائلاً: “البيع بالوزن يضمن لنا كمنتجين رأس مال آمن ويمنحنا هامش ربح معقول، كما يضمن للمسوقين ربحًا حقيقيًا دون المساس بحقوق المستهلك.”
ويشير زاهر إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وما يفرضه ذلك من ضرورة رفع أسعار الدجاج لتحقيق هامش ربح مقبول. ويقول: “السعر يجب أن يُحدد وفقًا للهامش المعقول الذي تفرضه عملية الإنتاج ومتطلباتها من المدخلات من الاعلاف والمواد المطهرة وأجور العمالة القائمة على العناية بمراحل عملية الإنتاج، وليس وفقًا للضغوط السوقية بكل أشكالها الاستغلالية التي يتم التحكم بإدارة عملية البيع والشراء من خلالها.”
ويُدرك زاهر بوضوح أن سياسة استيراد الدواجن المجمدة من الخارج تُعقد المشكلة وتُوسع الفجوات الاقتصادية. لذا، يطالب زاهر وزملائه التجار الحكومة بضرورة إصدار قرار يحظر استيراد الدجاج المثلج لاسيما وأن الاستيراد يغرق السوق في مواسم زيادة العرض في السوق من الدجاج الحي المنتج محليا. مشيرا إلى أن البلاد في أشد الحاجة لتعزيز الإنتاج المحلي عبر سلسلة من الإصلاحات الحيوية. مؤكدا “يجب علينا تحسين سلسلة الإنتاج، وفتح السوق أمام المزيد من صغار المنتجين، وتفعيل مبدأ البيع بالوزن الذي يُعطي المستهلك الفرصة للحصول على القيمة الحقيقية للدجاج”.
مشيرا إلى أن هذا المبدأ ليس مجرد تحسين، بل هي فرصة حقيقية لتوسيع المنافسة المحلية العادلة وتقليص الاعتماد على استيراد الدواجن المجمدة. وخطوة ستعود بالنفع العظيم على اقتصادنا الوطني، خاصة وأن فاتورة استيراد الدجاج ومدخلات الإنتاج تفوق قيمتها 600 مليون دولار، مما يجعلها ثاني أكبر فاتورة بعد القمح.
بالميزان يتحقق العدل الفاصل
بدوره، أكد محمد شائع، بائع دجاج، أن الميزان هو المعادلة العادلة التي لن تتجاهل حقوق أي طرف. يقول: “الميزان من وجه نظري ضمان، لأن به يتحقق العدل الفاصل بين المنتج (المزارع وتاجر الجملة والبائع بالتجزئة والمستهلك. عندما تشترى الدجاجة وتباع بالوزن، فإن ذلك ضمان حدوث العدالة لكل طرف، وبالتالي تتم المحافظة على حق المزارع الذي اجتهد في تربية الدجاج، وحق الزبون الذي يدفع مقابل الحجم الحقيقي من وزن اللحم، بعيدًا عن حذلقة الاستغلال والمزايدة التي يمارسها البعض”.
التحول الفوري إلى نظام البيع بالوزن
وبالتوجه إلى الأخ عبدالعزيز الجنيد مدير عام الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، وأحد خبراء القطاع، والذي استقبالنا بحفاوة، وبدء يسرد حكاية الانطلاقة والتي بدأت بدعوة قوية للانتقال إلى نظام البيع بالوزن، كي يتم التأكد من حفظ حقوق جميع الأطراف قائلا:
بدأ نشاط تربية الدواجن لأغراض تجارية في بلادنا منذ الثمانينات مع مشاريع إنتاجية متواضعة حكومية، لتتطور بعدها بشكل متسارع من خلال الاستثمارات الخاصة. واليوم، تجاوز حجم الإنتاج الوطني لقطاع الدواجن 380 مليار ريال، مما يمثل 40% من حجم إجمالي إنتاج قطاع الثروة الحيوانية الذي يقارب 850 مليار ريال. هذا القطاع الحيوي يساهم بنسبة 19% من إجمالي الناتج المحلي، ويعكس الأهمية الكبيرة للاستثمار في تلبية احتياجات السكان، حيث يمثل قطاع الدواجن مصدرًا لأكثر من 76% من احتياجات المواطنين من اللحوم البيضاء.
ومع ذلك، فإن المتتبع لحالة الإنتاج والتسويق في هذا القطاع يلاحظ وجود تحديات متعددة. يشكل الاعتماد على مدخلات الإنتاج المستوردة، مثل الأعلاف والأمهات، والظروف الصعبة التي يمر بها الوطن بسبب الحرب والحصار، خطراً على استدامة القطاع. كما أدت السياسات التسويقية الحالية إلى تحقيق خسائر فادحة لرؤوس الأموال، حيث اضطر أكثر من 2000 مربي إلى مغادرة السوق بعد خسارة استثماراتهم بملايين الدولارات.
في قلب عملية إنتاج دجاج اللحم، يتجلى الأثر الكبير لمعدل التحويل الغذائي، حيث يتطلب الأمر 2 كيلوغرام من الحبوب لإنتاج 1 كيلوغرام من اللحوم البيضاء. وعند عرض الدجاج للبيع، يُظهر الوزن الناتج من التحويل بين المواد المدخلة والمنتجات النهائية. ومع ذلك، فإن الأسلوب الحالي الذي يعتمد على العرض والطلب القائم على البيع بالعدد، والذي لا يأخذ بالاعتبار الوحدات الوزنية التي تعبر عن التكاليف الحقيقية، مما أدى إلى تفاقم الأزمات السعرية وفقدان الاستقرار في السوق.
لذا، يتطلب الأمر التحول الفوري إلى نظام البيع بالوزن، لحفظ حقوق المنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولتحقيق العدالة في الأسعار. إن هذا الإجراء سيكون أساسياً لاستقرار الإنتاج ونمو القطاع، ويُعتبر من التشريعات الوطنية والدينية التي من الواجب على الجميع العمل على تطبيقها.
أربع مسارات من ضمنها الحملة الإعلامية
في سياق متصل، أشار نائب مدير عام التسويق والتجارة الزراعية، علي الهارب، إلى الجهود التي تبذلها الإدارة العامة للتسويق لتنظيم آلية البيع بالوزن، وذلك في إطار اللجنة التي تم تشكيلها بموجب توجيهات معالي الوزير للإشراف على تنفيذ هذه الآلية. ولفت الهارب إلى أن الإدارة قد ساهمت منذ البداية في إعداد مواد إرشادية وتوعوية لفائدة المزارعين ومنتجي الدواجن، بالإضافة إلى المسوقين والمستهلكين، موضحًا الفوائد التي ستعود عليهم من هذه الآلية.
وأكد الهارب أن الإدارة العامة للتسويق تلعب دورًا محوريًا في ضمان استمرارية تنفيذ هذه الآلية بالتعاون مع الجهات الأخرى، مثل الإدارة العامة للصحة الحيوانية، التي ستساهم بدورها في استمرارية الإنتاج، حيث ستعمل كل جهة وفق اختصاصها.
وأوضح الهارب أنهم يعملون حاليًا في أربع مسارات من ضمنها الحملة الإعلامية، حيث تتواكب جهود التسويق الزراعي مع هذه المسارات. أولها هو التوعية والإرشاد، وقد بدأت الحملة الإعلامية بشكل موسع وتهدف إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
المسار الثاني يتضمن تنظيم الاستيراد قبل أو خلال تنفيذ الآلية بفترة زمنية تسبق العملية. وتم اتخاذ خطوات لإيقاف الاستيراد وتنظيم الكميات التي تم منحها تصاريح مسبقة لدخولها، مما يضمن سير عملية التوريد بسلاسة أثناء تنفيذ الآلية.
فيما يخص المسار الثالث، ذكر الهارب أنهم سيقومون بالإشراف على الأسواق الزراعية وأسواق الجملة، سواء في أمانة العاصمة أو في المحافظات الأخرى، لضمان وجود موازين وتنفيذ الآلية على مدار العام، وذلك بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والصناعة لضمان الرقابة على المسالخ المتوسطة والصغيرة.
يتم أيضًا وضع ملصقات عند مداخل المسالخ تحدد أسعار الكيلوجرام والجرام الواحد، سواءً للذبح أو الحي، كجزء من جهود التوعية والإرشاد للمستهلكين حول كيفية الاستفادة من هذه الآلية.
أما في المسار الرابع، أوضح الهارب أنهم يعملون على تنظيم المدخلات، فعقب تنفيذ آلية البيع بالوزن، قد تطرأ زيادة في عرض المنتجات الزراعية أو في الطلب، لذا يسعون لتنظيم هذا الجانب. كما بدأت الإدارة في تنظيم مصادر الأعلاف، مع التركيز على إدخال كميات كبيرة لتعزيز انخفاض الأسعار وتقليل تكاليف الإنتاج بالنسبة للمنتجين، مما يسهم بشكل كبير في تعزيز فعالية آلية البيع بالوزن وتنفيذها على مدار العام.
في إطار الجهود المبذولة لتنظيم قطاع الدواجن، أشار الهارب إلى أن الإدارة العامة للتسويق تعمل بالتعاون الجهات المختصة على تنظيم توريد المدخلات الأخرى، بما في ذلك بيض الفراخ وبيض التفقيس والكتاكيت، وذلك لضمان عدم إغراق السوق بكميات كبيرة. فقد تم مؤخرًا اتخاذ قرار بإيقاف تصاريح استيراد بيض التفريغ منذ عشرة أيام كإجراء احترازي يهدف إلى الحفاظ على توازن السوق خلال الفترة القادمة.
وأكد أن المسار الرابع من استراتيجية تنفيذ الآلية التي انطلقت بموجب قرار وزاري صدر في عام 2021. وقد بدأت هذه الآلية في التطبيق على بعض المنتجات الزراعية، وتنفيذا لموجهات القيادة الحكيمة، تم تجاوز العديد من المشكلات التي واجهت العملية سابقًا، مما أعطى زخمًا للحملة الإعلامية الواسعة التي تستهدف توعية جميع الفئات المعنية، بما في ذلك المستهلكين والمسوقين والمنتجين، بالإضافة إلى مستثمري القطاع الخاص.
تتمثل الرسالة الأساسية لهذه الآلية في أنها تهدف إلى خدمة جميع الأطراف في القطاع، حيث لا تستهدف فئة واحدة فقط بل تهدف إلى تحقيق مصلحة الجميع. إن هذه التوجيهات تأتي تماشيًا مع توجهات السيد القائد، حفظه الله، الذي يسعى لضمان الاستمرارية والنجاح في تطبيق هذه الإجراءات.
وفي سياق تنظيم استيراد المدخلات، قال الهارب: يعد هذا إجراءً ضروريًا لتفادي إغراق السوق بكميات كبيرة من بيض التفريخ والكتاكيت. إذ أن زيادة العرض في السوق قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار، مما يضر بمصالح المزارعين ويؤدي إلى تراجع الإنتاج في السنوات القادمة. وبالتالي، يعد تنظيم هذه المدخلات خطوة حيوية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأشار إلى أن البلاد قبل عام 2019، كانت تستورد أكثر من 100 ألف طن من الدجاج المجمد، بينما انخفض الرقم الآن إلى 32 ألف طن، مما يشير إلى تخفيض نسبته تصل إلى 70%. وقد تم إبرام اتفاقيات مع المسوقين لشراء نسبة من الإنتاج المحلي في هذه الظروف الصعبة.
مضيفا “تجدر الإشارة إلى أن قطاع إنتاج الدواجن، كغيره من القطاعات، عانى من العديد من المشاكل نتيجة العدوان والحصار، حيث تم استهداف العديد من المنشآت والمزارع من قبل العدو السعودي الأمريكي، مما أدى إلى زيادة أسعار المدخلات. وفي هذا الإطار، تم الاتفاق مع مستوردي الدجاج المجمد على إنشاء مسالخ جديدة، حيث إن هناك عجزًا كبيرًا في مراكز التجميع والتغليف في هذا القطاع”.
تواصل الحكومة العمل على استيراد كميات محدودة من الدجاج المجمد من أجل سد الفجوة في السوق، وبالتزامن مع جذب المستثمرين لإنشاء مسالخ تستوعب الفائض من الإنتاج المحلي، مما سيمكن من تلبية احتياجات السوق والمطاعم وغيرها من الجهات التي تتطلب منتجات الدجاج المجمد.
بذلك، تعكس هذه الجهود التزام الحكومة والجهات المعنية بتحقيق التوازن في السوق وضمان حقوق كل من المنتجين والمستهلكين، مع التركيز على تحقيق الاستدامة في قطاع الدواجن.
ارتفاع الأسعار تحديات خطيرة تهدد مستقبل قطاع الدواجن
يرتبط ارتفاع الأسعار بتحديات خطيرة تهدد مستقبل قطاع الدواجن في بلادنا. فسيطرة مجموعة محدودة من المستثمرين على مختلف مراحل سلسلة الإمداد، بدءًا من فقس البيض مرورًا باستيراد الأعلاف وحتى الذبح والتسويق، جعلت القطاع عرضة للاحتكار، مما أدى إلى استنزاف موارده وإضعاف فرص نموه بشكل مستدام.
ولكن هناك أمل! يُظهر المهندس هلال الجشاري، ضابط سلسلة قيمة الدواجن، أهمية نظام البيع بالوزن كوسيلة لتعزيز الشفافية ومكافحة التلاعب الذي يمارسه بعض الوسطاء في السوق. فبيع الدجاج بالوزن يوفر خيارًا تنافسيًا يشجع المنتجين على تحسين جودة الدواجن وزيادة الأوزان، مما يسهم بشكل مباشر في استقرار الأسعار وتلبية احتياجات المستهلكين من دون ضغوط.
وبالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن نركز على تطوير استراتيجيات الإنتاج المحلية من خلال تطبيق الزراعة التعاقدية، وتشجيع الإنتاج المحلي للأعلاف واللقاحات، وتحسين سلالات الدواجن. هذه الخطوات ليست مجرد حلول مؤقتة، بل هي استثمارات حقيقية في مستقبل قطاع الدواجن ورفاهية جميع المعنيين.
وقد بدأنا بالفعل خطوات جادة في هذا الاتجاه! حيث تم تشكيل وحدات دواجن على مستوى كل جمعية ومديرية، وتم التشبيك مع مربي الدواجن لبدء تنفيذ مسح منشآت الدواجن في المحافظات. وقد استكملنا مسح الحديدة، التي تحتضن 80% من إجمالي الدواجن في البلاد، وبدأنا المسح في حجة وكل مناطق تهامة. إن هذه الجهود تُعَد خطوة هامة نحو النهوض بقطاع الدواجن وتعزيز الإنتاج المحلي.
خطتنا المستقبلية تتضمن تفعيل الزراعة التعاقدية وتأمين أعلاف الدواجن من خلال وحدات الدواجن والجمعيات الزراعية لتقليل فاتورة الاستيراد، مع التوجه لدعم المنتج المحلي. كما نهدف إلى تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع ضمن سلاسل القيمة، حيث سنركز على تنظيم وإدارة قطاع الدجاج التجاري، وعلى تحسين وزيادة إنتاج الدجاج البلدي.
لقد بدأنا بالفعل عملًا ميدانيًا مكثفًا، حيث تم إجراء دراسة شاملة للوضع الراهن لقطاع الدواجن، وبناء مصفوفة متكاملة تضم جميع الشركاء في السلسلة. وفي الأيام القريبة القادمة، سنجمع الشركاء لعقد ورشة عمل تهدف إلى تنفيذ هذه المصفوفة ضمن برنامج سلاسل القيمة للدواجن.
في الختام
أعلن المزارعون أحمد عياش والقطيبي وزاهر وشايع تأكيدهم القبول باعتماد نظام البيع بالوزن، مؤكدين أن البيع بالوزن كفيل بأن يجعل الجميع يلحظ الفرق. مشيرين إلى أن الخطوة ستمكن حلقات السلسلة من القدرة على إعادة هيكلة الأسعار ووضع آلية تضمن سير عمليات البيع والشراء بشكل عادل، مما يسمح للمنتج بتعويض خسائره في التربية، ويتم بناء سلسلة الأرباح وفق قواعد ربحية تكفل جذب مزيد من المستهلكين. “هنا، سيبدأ الشعور بسحر الربح يعود إليَّ، كما سأبدأ أرى نظرات الرضا لدى زبائني من المستهلكين” يقول “أبو أحمد” بابتسامة. معلقا “أما استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن المزيد من الخسارة ستعم الجميع، وسيفقد المستهلكون الثقة في أسعار الدجاج”.