النظامُ السعودي يستسلمُ لترامب ويقرر دفعَ الفاتورة الجديدة
موقع أنصار الله || صحافة محلية || إبراهيم السراجي/ صدى المسيرة
مركَزُ بحوثٍ عالمي يؤكد أن إسرائيلَ التزمت مؤخراً بدعم التحالف السعودي مقابل قاعدة جوية في تعز على البحر الأحمر
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: تدميرُ البارجة السعودية أمرٌ مقلق
أعطى أحدُ مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفسيراً لاستثناء السعودية من القرارِ الأمريكي الذي قضى بحظر رعايا 7 دول إسلامية وعربية من دخول الولايات المتحدة، عندما قال إن الرياضَ أَصْبَـحت أَكْثَـرَ قرباً من إسرائيل، وهو ما أعطى النظامَ السعودي ميزةً لدى الإدارة الأمريكية.
المستشارُ الأمريكي ظهر في برنامج إخباري على شاشة قناة “فوكس نيوز” الأمريكي وأجاب على سؤال حول سبب استثناء السعودية من القرار الأمريكي، فكانت تلك إجابتُه الصريحةُ والتي قال فيها إن ترامب استثنى السعودية؛ لأنها باتت مقربة من إسرائيل.
ويحظى النظام السعودي بحماية أمريكية نظيرَ ذلك القُرب من إسرائيل التي باتت تشعر بالتماهي مع ذلك النظام للدرجة التي ترى فيها صحيفةُ “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن تدميرَ بارجة سعودية من قبل الجيش واللجان الشعبية في البحر الأحمر يعد أمراً مقلقاً، ففي الوقت الذي كان امتلاكُ العرب لسلاح نوعي يعد مقلقاً لإسرائيل، فقد باتت اليوم تخشى على السعودية من تعرضها سلاحها النوعي المتطور للتدمير في عرض البحر.
وضعت الحربُ السورية الكثيرَ من النقاط على حروف كانت غامضةً حول العلاقة بين السعودية وإسرائيل، لكن العدوانَ على اليمن أكمَلَ الصورةَ وجعلها واضحةً، فالنظام السعودي والكيان الصهيوني منذ بدء العدوان أظهرا تنسيقاً واضحاً وعلنياً للدرجة التي جعلت رئيسَ الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتغنى في كُلّ مناسبة وحوار تلفزيوني بقُرب السعودية من الكيان والتحالف الذي فرضته المصالح بينهما.
السعوديةُ وعدت إسرائيل بقاعدة جوي في تعز
لكن ما هو سِر القلق الإسرائيلي من تدمير البارجة السعودية في عرض البحر؟ تكمُنُ الإجابة في محورين أساسين، الأول هو الخشية الإسرائيلية من امتلاك اليمن لسلاح نوعي وقدرات ومهارات قتالية في البحر في ظل ما هو ثابتٌ من سعي إسرائيل لأن تكونَ القوةَ الوحيدة في محيط عربي ضعيف، أما المحورُ الثاني والعملي الأهم هو ما كشَفَ عنه مركَزُ البحوث العالمية في كندا في تقرير نُشِر مؤخراً حول طموح إسرائيل لامتلاك قاعدة جوية في تعز على البحر الأحمر.
تقريرُ مركز البحوث العالمية قال إن إسرائيل التزمت مؤخراً بشكل رسمي بدعم التحالف السعودي المدعوم من الناتو والذي يشن حالياً حرباً عدوانية ضد اليمن، والأهم من ذلك، هو أن إسرائيل تفكر في أَوْ تطمح إلى أن تكونَ لديها قاعدة جوية في تعز على البحر الأحمر.
الكشفُ عن الطموح الإسرائيلي يفسِّرُ بشكل أكبر مبعثَ القلق الإسرائيلي من تدمير البارجة السعودية التي أطلق عليها اسم “المدينة”، ذلك أنها كانت تؤدي مهمة عدوانية ضد الشعب اليمني من جهة، وتشارك في حرب ترى إسرائيل أن انتصارَ العدوان فيها سيجعَلُ بناء قاعدة جوية إسرائيلية أمراً متاحاً.
ويرصد التقرير الكندي تقاريرَ كشف عن لقاءٍ سابقٍ بين رئيس الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي الجنرال “غادي ايزنكوت” مع السفير الأردني ونظيره السعودي، “خالد بن فيصل بن تركي”، وذلك في عمّان، عاصمة الأردن، وخلال مناقشة الوضع في اليمن قال السفير السعودي إن حرب الاستنزاف في اليمن قد غيّرت استراتيجية المملكة التي باتت على استعداد الآن لاستخدام تجربة إسرائيل.
وبحسب التقرير تجاوَبَ السفيرُ الإسرائيلي وقال إن الكيانَ مستعد للتعاون العسكري مع السعودية في اليمن. لكنه أشار أَيْضاً إلى أن هذا التعاونَ يعتمد على تزويد إسرائيل بقاعدة جوية في تعز على البحر الأحمر – وهي الجبهة الغربية.
المالُ وإسرائيلُ سبيلُ السعودية إلى ترامب
تصريحاتُ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية والتي شهدت هجوماً حاداً وغيرَ مسبوقٍ ضد السعودية، والتي قال إن عليها أن تدفع الأموال نظيرَ حمايتها من قبل الولايات المتحدة خلال العقود الماضية، إلى جانب تصريحاته في تلك الفترة بمساندة إسرائيل بشكل غير مسبوق أيضاً، كلها دفعت النظامَ السعودي للاستسلام لشروط ترامب والقبول بالفاتورة المالية الضخمة لاستمرار الحماية الأمريكية للنظام.
ومنذ استلام ترامب للسلطة رسمياً في 20 يناير الماضي ظلت السعودية تقدِّمُ الرسائلَ تلو الرسائل التي تؤيّد سياسة ترامب في الشرق الأوسط، وكان النظام السعودي يشعُرُ بتصاعُدِ القلق في أوساطه، كلما أجرى ترامب اتصالاتٍ مع زعماء العالم، ويستثني الملك السعودي ويتجاهل التصريحات السعودية المتودّدة إلى أن جاء الاتصال من ترامب بالملك السعودي الذي شهد استسلاماً تاماً للنظام السعودي أمام شروط ترامب.
في البيان الصادر عن البيت الأبيض حول نتائج المحادثة الهاتفية بين ترامب وسلمان، تعمّد الأولُ في البيان أن يكشفَ للعالم أن النظامَ السعودي استسلم للشروط الأمريكية وقرّر دفع الفاتورة الجديدة.
وكشف البيان الصادر عن البيت الأبيض عقب الاتصال الهاتفي، أن ترامب وسلمان اتفقا على تمويلِ محاربة الإرهاب، وهو ما سيكونُ بطبيعة الحال تمويلاً سعودياً، فترامب جاء ليحصلَ على الأموال وليس لينفقَها.
كما تعمد البيت الأبيض أن ينشُرَ توضيحاً إضافياً قال فيه إن المحادثات بين ترامب وسلمان شهدت أَيْضاً الاتفاقَ على تمويل المنطقة الآمنة في سوريا والتي أعلن ترامب في عدة مناسبات سعيه لإقامتها، وهو مرة أُخْـرَى سيكون تمويلاً سعودياً.
وقد كان واضحاً في البيان الصادر عن البيت الأبيض أن النظامَ السعودي قرر الاستسلام الكامل لترامب، وأن الأخير قرر أن يكشفَ ذلك أمام الملأ، فالبيان بحسب وكالة رويترز، أكد أن سلمان دعا ترامب لقيادةِ محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط، وليس ذلك فحسب، بل والمشاركة في بناء مستقبل السعودية اجتماعياً واقتصادياً.
قد يبدو غريباً للعالم أن تكونَ هناك دولة تدعو رئيسَ دولة أُخْـرَى ليشارك في بناء المستقبل الاجتماعي لها، وكأن سلمان يدعو ترامب لرسْم العادات والتقاليد الجديدة في السعودية، بحسب الثقافة والتوجه الأمريكي، بل وللمنطقة كلها.
البيت الأبيض قال حرفياً في البيان إن ملكَ السعودية دعا ترامب “لقيادة جهود الشرق الأوسط لهزيمة الإرهاب والمساعدة في بناء مستقبل جديد اقتصادياً واجتماعياً” للمملكة والمنطقة.
ضمنَ معادلة المال مقابل الحماية قرَّرَ النظامُ السعودي المُضيَ في الخضوع للرئيس الأمريكي الذي لم يسبقه أحدٌ في الهجوم على السعودية ولم يسبق لأي نظام غير النظام السعودي أن رد على ذلك الهجوم بهذا القدر من التذلل والاستسلام.