العدوان على سوريا يأتي في سياق تثبيت معادلة الاستباحة لشعوب أمتنا

موقع أنصار الله | القول السديد |

 

العدو الإسرائيلي نفَّذ عدواناً كبيراً على سوريا في اتجاهين:
• الاتجاه الأول هو: التوغل بقواته إلى عمق سوريا، لاسيَّما في جنوب سوريا، والمناطق المحاذية للجولان السوري:
وفي هذا الجانب قامت قواته بالاجتياح البري إلى ما يسمى بالمنطقة العازلة، ثم تقدمت وصولاً إلى جبل الشيخ السوري الاستراتيجي، وامتد اجتياح الجيش الإسرائيلي إلى مناطق، ومدن، وبلدات، في جنوب سوريا، منها: الحميدية، والرواضي، ومنطقة القحطانية، والرويحينه، وبير عجم، والرفيد، والمثلث الحدودي بين سوريا وفلسطين والأردن، ومدينة حَضَر، ومدن وبلدات أخرى، وصولاً إلى القريب من ريف دمشق، والمسافة المتبقية بينه وبين دمشق- بحسب المعلومات- تُقَدر فقط بخمسةٍ وعشرين كيلو، يعني: مسافة قريبة جداً من دمشق بنفسها، هذا يشهد على حجم هذا التوغل الإسرائيلي.
إضافةً إلى توغل آخر في المناطق المحاذية من سوريا للبنان، وهو هناك أيضاً توغل وامتداد وانتشار، ولا يزال أيضاً الاحتمال قائماً بأن يمتد ويتوسع أكثر مما قد توسع واجتاح.

وفي إطار ذلك التوسع والاجتياح، تموضع في مناطق متعددة، واستجوب المواطنين في بعض المدن وبعض البلدات، وحقق معهم، ورفع العلم الإسرائيلي في تلك المناطق، ولم يواجه أي مواجهة، لم يحضر أحدٌ للتصدي له، أو لمواجهته، أو لمنعه، بكل بساطة، واحتلال وسيطرة بكل وقاحة، دون أي اكتراث لا للشعب السوري، ولتلك الجماعات التي سيطرت على سوريا، ولا لداعميها، وكذلك دون أي مبالاة بالعالم كله، والعناوين الدولية، لا قوانين دولية، ولا مواثيق أمم متحدة، ولا أعراف دولية… ولا أي شيء، طالما- بالنسبة للعدو الإسرائيلي- توفرت له فرصة للاحتلال، فهو يريد الاحتلال؛ للقتل، فهو يريد القتل؛ ولــذلك هو ليس فقط ينتظر الفرص، إن أتت الفرص، فهو جاهزٌ لاستغلالها الاستغلال السيء، العدواني، على أمتنا في كل أنحاء بلدانها، وإن لم تأتِ الفرص، يسعى لصنعها، وتهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ مخططاته ومؤامراته.

يضاف هذا الاحتلال الجديد، والتوغل والاجتياح إلى مناطق واسعة في سوريا، إلى الاحتلال السابق، لما كان محتلاً له من سوريا، إلى الجولان السوري المحتل، وغيره أيضاً، ومع ذلك هناك الاحتلال الأمريكي أيضاً في مناطق من سوريا، حيث منابع النفط السوري، تلك المناطق التي اختارها الأمريكي ليحتلها، وليجعل له قواعد عسكرية عليها، وليمارس على الفور عملية النهب الواضح والعلني والمكشوف للنفط السوري، وبيعه وأخذه، والاستفادة منه.
هذا اتجاه من اتجاه العدوان الإسرائيلي على سوريا.
• أمَّا الاتجاه الآخر فهو: أكبر عدوانٍ جويٍ إسرائيليٍ لتدمير القدرات العسكرية لبلدٍ عربي منذ نشوء الكيان الإسرائيلي الغاصب المحتل الإجرامي:
عدوان جوي غير مسبوق، لم يسبق للعدو الإسرائيلي أن نفَّذ مثله لاستهداف القدرات العسكرية لأي بلدٍ عربي، ووصل الحال إلى أن العدو الإسرائيلي أعلن أنه دمَّر في عدوانه ذلك 80% من القدرات العسكرية لسوريا، في ليلة واحدة ويوم دمَّر 80% من القدرات العسكرية لسوريا، القدرات التي بنتها سوريا على مدى عقود من الزمن، من أموال الشعب السوري، من إمكاناته، من عرق جبين الشعب السوري، وهكذا عدوان وبلطجة بكل وقاحة، أمام مرأى ومسمع الدول العربية، والجامعة العربية، والعالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي، أمام مرأى ومسمع من دول العالم، من المنظمات الدولية، من الأمم المتحدة، من مجلس الأمن… من الكل، وبكل وقاحة، دمَّر في عدوانه ذلك:
– القوات الجوية لسوريا، استهدف أسراب الطائرات (الميج) وغيرها، ودمَّرها، وما يلحق بالقوات الجوية من إمكانات ووسائل.
– واستهدف القوات البحرية لسوريا، وقام بتدميرها.
– واستهدف الدفاع الجوي بكل منظوماته؛ لتدميره.
– واستهدف أيضاً المصانع العسكرية لسوريا.
– واستهدف كذلك مراكز البحث العلمي، المراكز العلمية المهمة، التي يعتمد عليها السوري في دراساته وأبحاثه لعملية التطوير والتصنيع، وهي ذات طابع حضاري في الأساس وعلمي، واستهدفها، هو لا يحترم العلم، ولا المراكز العلمية والبحثية، هي بالنسبة له هدف لتدميرها عندما تكون بأيدي العرب والمسلمين.

وهذا العدوان يأتي في هذا السياق، في السياق الواضح، وهو: تثبيت معادلة الاستباحة؛ لأنها المعادلة التي يُصِرّ ويسعى الإسرائيلي، بدعمٍ وشراكةٍ أمريكية، على فرضها على شعوب أمتنا وبلدان أمتنا، أن تكون هذه البلدان في أي وضعٍ كانت، سواءً كانت بلداناً تحت عنوان توجه مواجه للعدو الاسرائيلي، فالمعركة معها قائمة؛ أو بلداناً قررت أن يكون لها توجه معاكس، ألَّا تعادي الإسرائيلي، وأن تعلن أنَّها لا تعاديه، ولا تتخذه عدواً، وأنها مستعدةٌ للتعاون معه، كل هذا ليس مجدياً أمام هذه المعادلة التي يريد الاسرائيلي والأمريكي فرضها، وهي: أن تكون شعوب أمتنا وبلدانها مستباحةً للعدو الإسرائيلي بشكلٍ كامل، أن تكون الشعوب فيها مهدرة الدم، فللإسرائيلي أن يقتل متى تحركت فيه شهية القتل والإجرام، أن يقتل من أراد وكم أراد، أن يقتل إمَّا على الجملة، أو أن يقتل بالإفراد، إفراداً، أو جماعات، أو إبادةً جماعية، أن يكون هذا المجال مفتوحاً أمامه، ودون ردة فعل، أن يجتاح من الأراضي ويصادر من الأراضي ما يشاء ويريد، وكذلك دون اعتراض، دون ردة فعل، ولو بأبسط ردة فعل، وكذلك نهب الثروات ومصادرتها.

هذه المعادلة هي أساسيةٌ في إطار العنوان الذي يعلنه الإسرائيلي، وأعلنه قبله ومعه، ويكرره في اعلانه الأمريكي معاً: [الشرق الأوسط الجديد]، هذا معنى الشرق الأوسط الجديد، معناه: أن تكون كل بلداننا مستباحةً للإسرائيلي، والأمريكي كذلك، يأخذ آبار النفط التي يشاؤها ويريدها بكل وقاحة، وبدون اعتراض، يأخذ المناطق التي يريدها لتكون قواعد عسكرية دون اعتراض، والمناطق التي فيها ثروات لنهب ثرواتها دون أي اعتراض، أو امتعاض، أو احتجاج، أو استياء، ويريد أن يصل بهذه البلدان وبهذه الشعوب إلى أن تكون راضيةً مرحبةً مؤيدةً غاضةً للطرف عن كل ما يفعله الإسرائيلي والأمريكي مهما كان، مهما بلغ في الوقاحة، في العدوان، في الإجرام، في الظلم، في الإساءة، في الاستهتار، في الاستخفاف بهذه الشعوب، في الاحتقار لها، ومهما كانت الحقوق المصادرة، ما الذي يُصادر؟ هو الحُرِّيَّة لهذه الشعوب، تصادر حُرِّيَّتها أمريكياً وإسرائيلياً، يُصادر استقلال هذه البلدان، تصادر كل حقوقها في بلدانها، في ثرواتها، في سائر الحقوق التي هي معروفة.
فالإسرائيلي يتحرك أولاً: لتثبيت هذه المعادلة، يريد أن يُثَبِّتها في سوريا، وما بعد سوريا كذلك، وغير سوريا كذلك.

 

كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ 12 ديسمبر 2024م

قد يعجبك ايضا