هكذا يُردَعُ القرش!
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدُالكريم الوشلي
بين عدد من المرافق الخدمية المدنية، استهدف العدوُّ الأمريكي الصهيوني البريطاني -عصرَ الخميس في إحدى جولات غاراته العدوانية الهمجية الهادفة إلى التأثيرِ على الموقف اليمني المساند لغزة- مطارَ صنعاء الدولي متسبِّبًا في إلحَاقِ دمارٍ ببُرْجِ المطار وصالاتِ المسافرين ومَرَافِقِه المختلفة وإصابة عدد من العاملين في المطار، وكان من بين المصابين أحد الموظفين التابعين للأمم المتحدة ضمنَ وفدٍ من منظمة الصحة العالمية التابعة لها تزامَنَ وجودُه في المطار مع تنفيذ غارات العدوان؛ وهذا ما رفع سقفَ توقعات الكثير بأن يكون للأمم المتحدة موقفٌ أعلى نبرة من معتاد مواقفِها المجافية لمقتضيات ميثاقِها في كُـلّ القضايا الخاضعة التي يفرضُ المزاجُ الأمريكي فيها أمثالَ تلك المواقف، لكنَّ ما حدث خيَّبَ تفاؤُلَ تلك التوقعات.
فكلُّ ما تفتقت عنه مهنيةُ أنطونيو غوتيرش ومسؤوليتُه وموقفُه كرأس أول للمنظمة الأكبر في عالمنا المسماةِ (الأمم المتحدة) هو أن “الضرباتِ الإسرائيليةَ” -حسب وصفه- لمطار صنعاء وموانئِ الحديدة والكهرباء تثيرُ قلقَه!
هذا الموقف الهزيل المخزي بكل ما فيه من خفة وتعويم للمعاني والقيم وتمييع لمفهوم الشعور بالمسؤولية وإهانة لمقتضياتها، مثَّل شاهدًا جديدًا على ما آل إليه وضعُ الأمم المتحدة التي حوَّلتها دولُ الهيمنة والاستكبار الغربي والعالمي المسيطرةُ عليها -لا سِـيَّـما أمريكا- إلى منظِّفٍ آلي لجرائمها وجرائم حلفائها وأعوانها وخُدامها في المنطقة والعالم وعلى رأسهم الجزار الصهيوني، وهذا يعني أن العالم بألحِّ احتياج اليوم إلى رمي هذه الخرقة المعثوثة والمهترئة والبحث عن ناظم جديد للعلاقات بين دُوله جديرٍ بالثقة والمسؤولية المفترضة المناطة به في تأمين التوازن لتلك العلاقات والحد من تغوُّلِ حيتانِ المجتمع الدولي الكبار وأسماكِ القرش فيه على الدول والشعوب المستضعَفة كما هو حالُ العالم اليوم مع القرش الأمريكي الصهيوني الذي وصلت أسنانُه الحادة المجنونةُ إلى العظم من أجساد أهل غزة وطفولتها ولمَّا يشبَعْ بعدُ، وما زال نَهَمُه إلى التهام المزيد يطوي المسافات في سوريا ولبنان والعراق والحبل على الجرار حتى آخر بلد من بلدان منطقتنا المنكوبة، بما فيها تلك التي تتوهَّمُ أنها بمأمنِ التودد إلى هذا الوحش القاتل الغادر الماكر وتنامُ على سراب الصلح معه بين شِدْقَيْهِ الفاغرين واللذَّين لا وجود في قاموسهما سوى لشيء واحد هو الافتراس والقضم دون تمييز بين قريب أَو بعيد!
والشيء أَو الخيار الوحيد المنجي من مصير التحول إلى مضغة ميتة مستقرة في بطن هذا الحوت المسعور الذي لا يشبع من لحوم ودماء ضحاياه وفرائسه وخيراتهم ومقدراتهم وحقول قمحهم وغازهم ومياههم وهوائهم وشمسهم وتاريخهم وثقافتهم وروحهم وهُويتهم وكل مقومات وجودهم هو -كما يقولُ الواقعُ، وحسبما تُثبِتُه التجربةُ العملية- الوقوفُ في وجهه برجولة وإيمان وثبات تماماً كما يفعل أحرار هذه الأُمَّــة ومجاهدوها الذين آمنوا بالله حقَّ الإيمان وأيقنوا بوعده بالنصر؛ لأَنَّهُ الأصدقُ والأقوى وأسلموا زِمامَهم له وانطلقوا في سبيله يسطِّرون هذه الآيات العظمى في الصبر والثبات والإثخان المنكل بعدوهم والكاسح لخطره والمحطِّم لأنيابه الشرسة وغطرسته في غزةَ ولبنانَ واليمنِ وسائرِ جبهات التصدِّي له التي يقفُ اليمنُ في صدارتِها وخندقِها الأول.
هنا فقط يجدُ المعتدي القاتِلُ المتوحِّشُ الرادعَ الفعليَّ لخطره الجامح واللجامَ الكابحَ لأطماعِه المنفلِتة وغطرسته المتمادية ودمويته المفرطة.