اليمن: شوكة في خاصرة أمريكا و”إسرائيل” وتحدٍ يعيد تشكيل موازين القوى

موقع أنصار الله ||مقالات ||ماجد الكحلاني

منذ 7 أكتوبر 2023، تحوّل اليمن إلى رقعة شطرنج معقدة، حيث تجد أمريكا وإسرائيل نفسيهما محاصرتين بين أطرافها، عاجزتين عن تحقيق أي نقلة تُذكر. تصاعد الأحداث كشف عن قوة جديدة ترتسم ملامحها في الشرق الأوسط، حيث اليمن بثباته ودعمه لغزة أصبح لاعبًا يصعب تجاهله.

في هذا المشهد، برزت فجوة استخباراتية كالهوة السحيقة التي تعجز عن ردمها أي تكنولوجيا متقدمة. كما وصفت صحيفة التلغراف، وجدت إسرائيل نفسها تبدأ من الصفر، تُحاول رسم خارطة معلوماتية ليمنٍ أشبه بقلعة حصينة تغيب عنها النوافذ.

أما الحوثيون، فقد أظهروا براعة لا مثيل لها في التخفي والانتشار. وكأنهم شجرة عملاقة تمتد جذورها في كل زاوية من زوايا المجتمع اليمني، متغلغلين بمهارة تجعل اقتلاعهم مستحيلاً. هذا المشهد الذي وصفته جوزليم بوست يعكس تحدياً مقلقاً لواشنطن وتل أبيب، حيث تبدو قدراتهم العسكرية كصخرة تتحطم عليها أمواج الغارات الجوية.

وفي خضم هذه التعقيدات، بدت ما تسمى بالشرعية في عدن كمن يستظل بظل شجرة لكنه لا يجني ثمارها. اعتماد إسرائيل على حكومة المرتزقة في عدن لتقديم المعلومات الاستخباراتية أشبه بمن ينتظر الماء من بئر جافة، لتتوالى الإحباطات وتزداد الفجوة اتساعاً بين الطموح والواقع.

وعلى صعيد البحر الأحمر، تجلت هشاشة الردع الغربي عندما استهدفت القوات اليمنية حاملة الطائرات يو أس أس هاري أس ترومان، لتتحول من رمز للقوة إلى سفينة تبحث عن ملاذ آمن شمالاً. هذه الضربة أشبه بسهم أصاب قلب السفينة، مؤكداً أن الهيمنة البحرية الغربية ليست سوى قناع هش.

تصاعد الأحداث الميدانية لم يكن سوى انعكاس لفشل متكرر في الاستراتيجية العسكرية، كما أشارت صحيفة معاريف. ضربات جوية وصواريخ دقيقة لم تفلح في زحزحة الصخرة اليمنية قيد أنملة، لتبدو تلك الجهود كمن يحاول حفر الجبال بالإبر.

وفي الوقت الذي يُفترض أن تكون المساعدات الإنسانية بارقة أمل، باتت في نظر إسرائيل كمن يروي جذور شجرة يُحاول قطعها. هذه المفارقة تجسد الصراع العميق بين السياسات الإنسانية والرؤى العسكرية، حيث يتبدى الفشل في استيعاب تعقيدات المشهد اليمني.

وفي نهاية المطاف، هذا الفشل المتراكم كالسحب الداكنة التي تتجمع في سماء التحالف الغربي يفرض تساؤلات ملحة. هل يمكن لأمريكا وإسرائيل الاستمرار في نهج يعيد إنتاج الهزائم؟ أم أنه حان الوقت للاعتراف بأن اليمن، بذكائه وتكتيكاته، بات رقماً يصعب تجاوزه في معادلات المنطقة؟

في خضم التحولات الإقليمية المتسارعة، أصبحت اليمن قوة صاعدة لا يمكن تجاهلها، حيث أظهرت قدرتها على إفشال المخططات العسكرية والاستخباراتية لأعتى القوى العالمية. الدعم الثابت لغزة، والتكتيكات العسكرية الفعّالة، والقدرة على مقاومة الضغوط الدولية، جعلت اليمن مثالاً للإرادة الصلبة في وجه الغطرسة العسكرية.

أمريكا و”إسرائيل”، رغم امتلاكهما لأحدث التقنيات وأكبر التحالفات، تواجهان واقعاً جديداً يتطلب إعادة النظر في استراتيجياتهما. فالمعادلة تغيرت، واليمن، كطائر الفينيق الذي ينهض من الرماد، أثبت بثباته وذكائه أن الأرض ليست ساحة معركة فقط، بل رمز للإرادة التي لا تُقهر. وأنه ليس مجرد طرف في الصراع، بل صانع للتوازنات وقوة مؤثرة على مسرح السياسة الإقليمية والدولية.

 

قد يعجبك ايضا