العلاج النفسي أزمة كبرى في الكيان الصهيوني: إهمالٌ وتخبّط وفوضى

موقع أنصار الله – متابعات – 13 رجب 1446هـ

الوضع النفسي لجنود العدو الصهيوني الذين شاركوا في الحرب الوحشية على لبنان وغزة ما يزال يحتلّ حيّزًا من اهتمام صحافة العدو. صحيفة “هآرتس” نشرت اليوم كيف يتعاطى المسؤولون الصهاينة مع هذا الملفّ.

ضابط صحة نفسية في الاحتياط (أخصائي اجتماعي بالتدريب) تحدث إلى صحيفة “هآرتس” فقال: “في بداية الحرب، التقيتُ بقائد كتيبة حذرني قائلًا بازدراء: “لا تجرؤ على إدخال مفاهيم الهزيمة إلى عقول جنودي.. العلاج النفسي يضعف الجنود ويجعلهم يموتون في المعركة. “الآن هو وقت الانتقام والانتصار، ليس وقت البكاء”. ثمّ ضحك الضباط من حوله. كنتُ مصدومًا، لم أستطع الردّ”.

وبحسب الصحيفة، منع قائد وحدة ماغلان” السابق أفيئل بلحسان جنوده من حضور ورشات الدعم النفسي الجماعي خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب.

وتعليقًا على ذلك، رأى ضابط صهيوني في الوحدة أن هذا الموضوع “بالنسبة لـبلحسان، كان هذا في أدنى سلم الأولويات، فهو فضّل التركيز على المهام التي اعتبرها مرتبطة مباشرة بالقتال”. ضابط صهيوني آخر في الوحدة يروي أنه عندما طلب من بلحسان معالجة الأمر، ردّ عليه: “هذا مضيعة للوقت”، ولم يُسمح بالورشات إلا بعد أن أصدر الجيش تعليمات تُلزم كل وحدة بإجراء جلسات معالجة نفسية بعد خروجها من غزة، فوافق بلحسان على مضض. منذ ذلك الحين، ترك منصبه وتمت ترقيته إلى رتبة عقيد، وهو اليوم قائد لواء المظليين الاحتياطي 226.

 

أضرار نفسية مدى الحياة

بالموازاة، توضح الدكتورة ليا شلف، رئيسة فرع علم النفس في سلاح الجو الصهيوني سابقًا، أن القادة يجب أن يفهموا أن المشاكل النفسية لا تزول، بل تتراكم فقط، وتضيف أن شعور الجنود بأن قادتهم لا يرونهم أو لا يهتمون بمعاناتهم يمكن أن يؤدي إلى ضرر أكبر بكثير من الضرر الذي قد يلحق بالجندي لو شعر أن هناك من يفهمه، وتشرح: “عندما يمر شخص بصدمة ويظهر عليه أعراض تعيق قدرته على الأداء، ثم يسمع من قادته عبارات مثل “أنت خائن” لمجرد أنه طلب التحدث إلى مختص، فإن ذلك يخلق لديه مشاعر الذنب والإحباط والخجل”. وتردف أن المشكلة التي كان من الممكن حلها من خلال دعم مناسب، مثل محادثات مع مختص نفسي عسكري أو فترة راحة قصيرة، قد تتحول إلى ضرر دائم: “يمكن أن يظل هؤلاء الجنود جرحى للأبد، مع أضرار نفسية تستمر مدى الحياة”.

 

منع تقديم العلاج النفسي للجنود في الحرب

كذلك نقلت “هآرتس” عن مسؤولين في مجال الصحة النفسية في “جيش” العدو الصهيوني أن بعض القادة العسكريين منعوا تقديم العلاج النفسي للجنود خلال الحرب الأخيرة.

وقد أشار ضابط صحة نفسية إلى أن بعض الجنود الصهاينة، خاصة الشباب، رفضوا التحدث إليهم خشية اكتساب “سمعة سيئة” بين زملائهم. ولهذا السبب، يفضل بعضهم طلب المساعدة من منظمات خارجية لضمان عدم علم قادتهم أو تسجيلهم في السجلات العسكرية.

وتظهر بيانات جمعة “ساهر الإسرائيلية” التي تقدم دعمًا نفسيًا مجهول الهوية، أن هناك زيادة بنسبة 172% في طلبات المساعدة من مستوطنين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عامًا خلال الحرب، مقارنة بالفترة التي سبقتها.

 

3535 جنديًا صهيونيًا فقدوا أهليتهم للخدمة العسكرية

وتشير الإحصائيات، على ما تورد “هآرتس”، إلى أن “إسرائيل” تواجه عددًا غير مسبوق من المُصابين باضطرابات نفسية جراء الحرب. فقد كشف الجيش الصهيوني أن 3535 جنديًا فقدوا أهليتهم للخدمة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى آذار/ مارس 2024 بسبب حالتهم النفسية، كما اعترف بأن آلاف الجنود أُبعدوا عن المهام القتالية للسبب نفسه.

بالإضافة إلى ذلك، قالت وزارة الحرب إنها استقبلت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في مستوطنات غلاف غزة نحو 6500 جندي يعانون من مشاكل نفسية، فضلًا عن آلاف آخرين يعانون من تبعات الحروب السابقة.

ويتوقع المسؤولون الصهاينة أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى عشرات الآلاف في السنوات القادمة.

ويوضح ضابط صحة نفسية في الاحتياط لـ”هآرتس”: “من الصعب معرفة مدى انتشار الظاهرة، لكن من الواضح أن الجيش ليس لديه فكرة عن حجمها الحقيقي. هذا هو الحال عندما يخشى الجنود التحدث خوفًا من أن يتعرضوا للمضايقات من قبل القادة أو أن يغضب منهم أصدقاؤهم”.

 

حالات انتحار الجنود الصهاينة الى زيادة

وذكرت الصحيفة استنادًا لبيانات الجيش التي تم عرضها الأسبوع الماضي، أن 21 جنديًا انتحروا عام 2024، و17 عام 2023، مقارنةً بمتوسط سنوي يبلغ 12 حالة انتحار في السنوات العشر التي سبقتها.

ويُرجع “جيش” العدو الزيادة في عدد حالات الانتحار إلى الزيادة الكبيرة في عدد المجندين، وخاصة في صفوف الاحتياط. وبالفعل، من بين 28 جنديًا انتحروا خلال الحرب، كان 16 منهم من جنود الاحتياط.

وأفادت “هآرتس” أن الأرقام التي نشرها الجيش ليست نهائية، إذ ما تزال بعض الوفيات قيد التحقيق، وقد يُعاد تصنيفها لاحقًا كحالات انتحار.

من بين الأرقام غير المشمولة في إحصاءات الجيش، هناك حالات انتحار لجنود مسرّحين. وبحسب “هآرتس”، فقد انتحر تسعة جنود سابقين في العام الماضي بسبب مشاكل نفسية يعتقد أقاربهم بأنها ناجمة عن خدمتهم العسكرية، مقارنة بأربعة في عام 2023.

ومن بين هؤلاء، أربعة شاركوا في القتال في غزة.

قد يعجبك ايضا