بدموع الفرح ومشاعر النصر .. شمال غزة يستقبل العائدين إلى الديار
موقع أنصار الله – فلسطين – 27 رجب 1446هـ
ارتعش جسد اللاجئة الفلسطنية رائدة الكحلوت، وهي ترى مشاهد عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى المدينة وشمالها، وعاشت “للحظة تحقيق حلم عودتها إلى المجدل”، وهي تردد أناشيد العودة مع العائدين.
وتشعر الكحلوت “40عاما” مع عودة النازحين اليوم، أن رؤيتها لبلدتها التي هجر منها جدها ووالدها، في اقتربت، وهي تقول ذلك متلهفة مدمعة العينين، مما شاهدته اليوم من العودة إلى الديار.
وزحف آلاف الفلسطينيين النازحين وسط وجنوب قطاع غزة، صباح اليوم الإثنين، في مشهد مهيب يفيض بالأمل عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، للعودة إلى شمال القطاع بعد عامٍ وأربعة أشهر من النزوح القسري.
وسار النازحون مشياً على الأقدام انطلاقاً من منطقة “تبة النويري” غرب مدينة النصيرات، مروراً بمحور نتساريم، بعد انسحاب جيش العدو الإسرائيلي منه.
كما توافد النازحون المتواجدين على شارع صلاح الدين؛ المرور بمركباتهم الساعة التاسعة صباحاً؛ نحو غزة، وذلك وفق ما نص عليه الاتفاق بين فصائل المقاومة الفلسطينية و “إسرائيل”.
وجاءت عودة النازحين بعد عام وثلاثة أشهر من التهجير والنزوح بسبب حرب الإبادة الشاملة، ولاقوا فيها عذابات الفقد والجوع والتشرد، والمنع من العودة، حتى جاء اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لينص على عودتهم لديارهم، رغمًا عن أنف الاحتلال ومخططات جنرالاته
“مقطع من عودتي للمجدل”
وأمام هذه المشاهد الفارقة بحياة الفلسطينيين، تقول اللاجئة سماح لوكالة “صفا”: “ارتعشت وبكيت كثيرًا، فرحت وحزنت، وكل المشاعر اختلطت في قلبي حينما رأيت النازحين يعودون”.
وتضيف “أنا لاجئة ونزحت من مخيم جباليا لجنوب قطاع غزة، واليوم عدنا للشمال، وشعرت كأننا نعود للمجدل، بل إنني أكاد أتيقن أن عودتنا قريبة، لأسباب كثيرة”.
منها “أن هذا الشعب لا شيء يكسره، وهو يأخذ حقه بيده، مهما طال الزمن وفعل به الاحتلال، يبقى جبارًا في صموده، متشبثًا بأرضه ووطنه، فرغم إبادتنا اليوم، يعود النازحون لديارهم”.
“اليوم نرى مقطعًا من يوم العودة، نرى نكبة سنين قد اقتربت نهايتها، مع هذا المشهد”، يقول اللاجىء الفلسطيني محمد أبو عيشة، من عسقلان.
وما يزال يكبر أبو عيشة مع العائدين لديارهم اليوم، وهو يردد: “إذا كانوا قد عادوا بعد كل هذه الإبادة التي تفوق أضعاف مضاعفة لما فعله الصهاينة في أجدادنا عام 1948، فكيف لا نعود نحن”.
“ما أخذ بالدم يعود به”
ويضيف الستيني أبو عيشة في حديث لوكالة “صفا”، أن ما أخذ بالدم لا يعود إلا بالدم، ونعلم أن عودة النازحين اليوم كان ثمنها دماء الآلاف من أبناء شعبنا، ونحن مستعدون لأن نفدي أرضنا بالمزيد من الدماء حتى ترضا.
ويكمل “حتى نعود لعسقلان القريبة، حتى نعود كما عاد أهلنا في الشمال اليوم بفاتورة الدم والبارود”.
وبينما عاد رجال اليوم ليهيئوا الخيام أمام بيوتهم، تتلهف نساءهم وأطفالهم للحاق بهم غدًا أو بعد غدٍ.
وتقول اللاجئة فاطمة نوفل لوكالة “صفا”: “عاد أبي وإخوتي اليوم لغزة، يجهزون لنا المسكن هناك ويتفقدون ديارنا، والحمد لله على هذه العودة”.
ولكن نوفل تعد الوقت الذي يمر وكأنه أيام، بانتظار إذن والدها لهم باللحاق بهم، وهي تقول: “أشعر بشيء غريب، من صباح اليوم، فلم نكن مع هول الإبادة وكل ما مررنا به من مأساه ونزوح ودمار، أن ينتهي هذا الرعب بالعودة”.
وتستطرد “نحن على أحر من الجمر ننتظر انتهاء أبي من تجهيز مسكننا، نريد أن نعيش في خيمة هناك، ولا أن نبقى مشردين مهجرين”.
ويعيد ملف عودة النازحين من حنوب لشمال قطاع غزة اليوم، باب الأمل لدى مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم عام النكبة 1948، بالقصف والمجازر والتشريد، ويقوي إيمان هؤلاء بقضيتهم التي ما زالت عالقة، تحاول “إسرائيل” إغلاقها وطوي ملفهم، عبر عدة أساليب على مدار سنوات طوال، ليس آخرها قرار إلغاء وكالة “أونروا” التي أنشأت من أجل تحمل مسؤوليتهم حتى يوم العودة.
وفي 19 يناير الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس و”إسرائيل”، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتخللها إفراج كتائب القسام عن عدد من أسرى العدو بغزة مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، كما نصت على عودة النازحين من جنوب قطاع غزة لشماله، ويتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت “إسرائيل” بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.