نورٌ من بدرٍ فوق القمم

 

 

محمد الصفي

في صمت الجبال المهيبة، وأعماق الشامخات السود الأبية، على ثرى مران بين طيات الغيوم، حيث يلامس الأفق قمم العز، ويعانق الصخر الشموخ، وقف رجلٌ ليس ككل الرجال، جبينه نورٌ يتلألأ بحكمة الأنبياء وعزم الثائرين، وفِكرهُ متجسد يسري بين الأودية، تحيط به هيبة النور وبصيرة العارف، الذي رفع ذكرى زماننا حتى باتت أيامه غدًا مشرقًا للأمة، تهتف القلوب باسمه.

كان حضوره اشبه بمعراج سماوي، وإيمانه كالشمس لا تخبو، هُداه كالقمر ينير العتمة، وعطاؤه كالسحاب يجود بلا توقف، يجسد النور الذي يبدد الظلمات، والبصيرة التي ترشد دروب الضائعين، إذ لم يكن رجلًا عاديًا، بل فكرة ولدت من رحم القرآن الكريم، وعقيدة لا تنحني، وروحًا جعلت الأرض ثرىً مباركًا يضيء كما يضيء النجم في ليل حالك، وبنور رؤيته أعاد للنضال معناه النقي، وللرفض طعمه المهيب.

حين اشتدت المحن، واستحكمت قيود الطغاة، وكانت الأرض تختنق تحت وطأة الظلم، انبثق “حسين ابن بدر الدين” من بين الظلمات كمنارة تهدي الحائرين، صادقًا في كلماته، ثابتًا في مواقفه، مجسدًا معراج الحق الذي يصعد به المستضعفون إلى قمم الكرامة، بصوت يفيض بالحياة، ارتجفت من رجعه قلاع الطغيان، وزلزل عروش الأباطرة، وايقظ النفوس من سباتها، وعلّم العالم أن القتل في سبيل الله ليس إلا بوابة للخلود.

في لحظة الصراع، وبين حروب الحقد التي أُحيط بها كهفه البسيط “جرف سلمان”، حيث كان السماء غطاؤه والصبر زاده، خط خارطة جديدة للإنسانية، فلم يكن قائدًا عاديًا، بل رمزًا للثورة الحقيقية، يكتب على جبين الزمن درسًا خالدًا بالدم في سبيل المبادئ على صفحات التاريخ، فكان كما قال أحدهم: “من أولئك الذين لا تفصل السطور عن السلوك، ولا يخون القول لديهم العمل.”

إنه، الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي، الذي كانت تُغير الطائرات عليه، كأنها تحمل على أجنحتها ثقل العالم بأسره، وكيف لهم أن يصلوا إلى مقامٍ أبدعته السماوات؟ شموخًا لا يُدرك، وهب الأمة حياة من روحه، نورًا من دمه، وبذور فكر لا يذبل ولا يجف، رضوان الله عليه.

قد يعجبك ايضا