خطاب السيد عبدالملك … دعوة للمصالحة الوطنية
لقد كان خطاب السيد عبدالملك مغاير لكل الخطابات السابقة اتسم بالوضوح والشفافية العالية فقد جاء في مرحله سياسيه حرجه تمر بها اليمن بحيث تتطرق للعديد من المواضيع ذات الحساسية التي تهدد استقراره سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بل يمكن القول انه كان خطابا وطنيا شاملا احتوى على الكثير من الاشارات والرسائل والتحليلات المنطقية التي تهدف الى النهوض بواقع الوطن وتكون الخطاب من محورين احداهما تاريخي محاولا من خلاله ربط الماضي بالحاضر مظهرا دوره واثره على المجتمعات الإسلامية فيما كان المحور الاخر متعلقا بالوضع المحلي والظروف والازمات التي تشهدها الساحة الوطنية .
في المحور الاول اكد السيد على العلاقة الوثيقة بين عاشورا الامام الحسين وذكرى استشهاد الامام زيد عليهم السلام مؤكد على دور هذه الثورات في شحذ الهمم ودورها النفسي والعقلي والعلمي في بناء الانسان المقاوم الحر الرافض للعبودية والاستكبار وعلاقة الماضي بالحاضر من خلال الامتداد للظالمين والمجرمين للسيطرة على المجتمعات الإسلامية بمواردها وخيراتها كما اكد السيد على ضرورة احياء هذه المناسبات لما تحمله في طياتها من رمزيه للحق والنور كونها مشاريع حملت الاسلام ومنهجه وتعرض السيد للمعوقات والعقبات التي واجهت هذه المشاريع والتي حاولت اجهاضها وتشويهها والسيطرة على مخرجاتها والتقليل من شانها في النهوض بواقع الامه كما تعرض السيد بالتفصيل لدور الامام زيد عليه السلام في صناعة امه مقاومه تكافح من اجل الحرية والعدالة وترفض العبودية والخنوع .
في المحور الثاني من الخطاب انطلاق السيد من غياب الاعتبارات الوطنية لدى الكثير من القوى السياسية وانشغالها عن الكثير من القضايا الوطنية الكبرى و لجوأها الى دائرة الاستغلال للبلاد من خلال التودد للخارج عبر تقديم تسهيلات داخلية الامر الذي اسهم وبصوره مباشره في التفريط باستقلال وسيادة الوطن مما ادى الى خضوع الوطن شعبا وانسانا للوصاية بل اكد السيد على ان هذه القوى اصبحت تقف في وجه أي مشروع وطني يدعو الى السيادة والكرامة والاستقلال للشعب اليمني مناقشا وبصوره منطقيه السبب الرئيسي وراء وصول هذه القوى الى هذه المرحلة مؤكد انه نتيجة حتميه لغياب القيم والمعايير الدينية والإنسانية وغياب مفهوم التعايش الوطني المشترك على اسس جامعه والدخول في علاقات عميقه مع القوى الأجنبية الامر الذي رفع نسبة السيطرة على الوطن .
لم يغيب الملف الامني عن السيد والذي تعرض له كونه الحدث الابرز على الساحة السياسية اليمنية بحيث تسأل السيد عن دور المؤسسة العسكرية والأمنية وبالأخص وزارة الداخلية في ظل الفلتان الامني الذي تشهده اليمن وعن المصالح التي تعمل لأجلها داعيا وزيرها ان لا يكون ضحيه لجهة سياسيه حزبيه معينه كما اكد السيد على التعطيل الممنهج لدور الجيش والامن ورفض السماح للمؤسسة الأمنية بالقيام بمهامها في تحقيق الامن وحماية المجتمع من آلة القتل الممنهج والتي تستهدف العديد من القيادات العسكرية والأمنية والناشطين الحقوقيين والسياسيين والاعلاميين من اصحاب المشاريع الوطنية واستغرب السيد من توافق جميع جرائم الاغتيالات في طريقة واسلوب ومكان التنفيذ بحيث كانت جميع هذه العمليات بسيطة واضحه وغير معقده ويسهل السيطرة عليها وايقافها واكد السيد على ان جميع الاغتيالات قد تمت في العاصمة صنعاء والتي اصبحت مركز رئيسي للتصفيه والقتل مع التواجد الامني العالي فيها واعتبر ان تحرك مثل هذه العصابات بحريه وبساطه يؤكد على التسهيلات المقدمة له من قبل جهات نافذه .
اعتبر السيد ان الدعوات المستمرة ذات الطابع الطائفي والعنصري تهدف الى فتح جبهات حروب متعددة تسهم في اغراق واحراق اليمن بالحروب والمشاكل والتي تلاقي الدعم والتأييد من الكثير من القوى المحلية التي تقدم الدعم المالي والفني وتتلذذ بقطع الطرقات ومحاصرة المدن واختطاف المواطنين كما ناقش السيد الحالة الهستيرية لدى بعض القوى لاستهداف المصالح الحيوية من خلال استهداف القطاعات العامة والخاصة والتي تأثر وبصوره مباشره على المواطن اليمني وتسهم في خلق الكثير من الازمات الاقتصادية والاجتماعية سواء من خلال استهداف انابيب النفط والكهرباء او من خلال استهداف التجار واصحاب المشاريع الاستثمارية بالقتل او الاختطاف الامر الذي يسهم في اضعف المجتمع ويؤكد على الدخول في مرحله جديده من الاستهداف من قبل العابثين في الوطن داعيا المؤسسة العسكرية الى الاطلاع بواجباتها من خلال ارساء وتدعيم الامن والاستقرار عبر منع حالات الاغتيالات والحروب والتقطعات والاختطافات .
لقد اكد السيد على رفضه السير في الدعوات المشبوهة التي تهدف الى تدمير التعايش السلمي في المجتمع معبرا عن وعي سياسي عالي وشعور بالمسؤولية الوطنية بحيث اكد السيد على ان جريمة اغتيال الشهيد الدكتور عبدالكريم جدبان جريمة سياسيه بامتياز رافضا صبغها بالصبغة الطائفية معبر عن افلاس القوى صاحبة مشروع الاغتيال وانحرافها عن القيم والاعراف من خلال استهدافه الشهيد وهو اعزل مسالم وفي مكان مقدس متحدثا عن شخصية الشهيد الدكتور عبدالكريم جدبان ودوره والقيم الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية السامية التي حملها الشهيد وسار من اجل تحقيقها بل اعتبر السيد ان استهداف الدكتور عبدالكريم يعد استهداف لمبدا العيش المشترك واستهدافا للمشاريع الوطنية التي تسعى الى حماية الوطن وصلاح حالها كما وصف السيد هذه القوى بالجاهلة والفاشلة مؤكدا على علاقاتها بالمشاريع الصيهوامريكيه .
اشاد السيد بالمواقف المشرفة التي تحرك بها بعض اعضاء مجلس النواب عقب جريمة اغتيال الدكتور عبدالكريم جدبان والتي دعت الى مسألة الحكومة والى سحب الثقة منها ودعت الى تشكيل حكومة كفاءات معبرا السيد عن ان مثل هذه التحركات من قبل بعض اعضاء مجلس النواب تؤكد على دورهم في حماية الوطن عبر مكافحة الفساد وايقاف المشاريع العبثية التي تهدف الى شق صف المجتمع مؤكدا على ان الاجماع الوطني على ادانه جريمة اغتيال الدكتور عبدالكريم جدبان يمكن ان يتحول الى حاله من الاصطفاف الوطني والذي سيسهم في حماية الوطن عبر ايجاد حاله من الاستقرار الامني و السياسي والاجتماعي .
تسأل السيد عن السبب الذي يحول دون استهداف القيادات الإصلاحية مؤكد على ان وزارة الداخلية اصبحت مؤسسه حزبيه اقطاعيه تابعه لتجمع الاصلاح معبرا عن اسفه لسير حزب الاصلاح في مشروع اخوانة الوزارات ومعبرا عن اسفه لهذه التصرفات الأنانية والإقصائية السلبية التي يسير بها حزب الاصلاح متوجها اليهم برسائل صادقه تدعوهم الى السير في مشاريع وطنيه تحمي الجميع وتسهم في ارساء قواعد وطنيه بدلا من الدخول في صفقات مع الخارج محذرا ايها من المراهنة على القوى الخارجية المعروفة بغدرها وخيانتها وتسأل السيد مستغربا عن سبب رفض حزب الاصلاح عبر كتلته في مجلس النواب القيام بأي ردة فعل تجاه الحكومة من خلال مساءلتها او سحب الثقة منها معبرا عن استغرابه للتناقض بين اقرار واعتراف حزب الاصلاح بفشل الحكومة ورفضهم لمساءلتها .
تعرض السيد وبصوره مقتضبه للأوضاع الاقتصادية متحدثا عن ما يعانيه المجتمع من فقر وجوع وضعف اقتصادي وانتشار للمرض والجريمة كنتيجة حتميه لسوء ادارة البلاد ومواردها بحيث اكد السيد على الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة و مؤكد على ان المعالجات التي تسير فيها الحكومة من خلال القروض والمنح والمساعدات تتناقض مع التوجهات الحكومية للجرع الامر الذي يسهم اكثر في اغراق اليمن بالكثير من المشاكل والديون الغير مجديه .
لقد كان الاعلام ودوره حاضرا وبقوه في خطاب السيد عبدالملك والذي ناقش دوره واثاره والرسائل الإيجابية التي يجب ان يقدمها للمجتمع بحيث اكد السيد على ان بعض الجهات الإعلامية تسهم وبصوره مباشره في السيطرة على المجتمع وتوجهاتهم معبرا عن استغرابه من المعايير المزدوجة لدى هذه الجهات الإعلامية من خلال تغطيتها للأحداث الغير وطنيه التي تهدف الى تغذيه الطائفية والعنصرية وشرعنت الاختراق للسيادة الوطنية ما يسهم في تعزيز الاختلاف والانقسام الداخلي كما تخدم الفوضى وتسير في المشاريع المشبوهة للقوى الخارجية والداخلية .
ونظرا لما تفتضيه المصلحة الوطنية فقد توجه السيد الى جميع القوى المحلية بمد اليد للدخول في مرحله جديده من المصالحة الوطنية تفضي الى ايجاد ارضيات مشتركه بين جميع هذه القوى دون استثناء منطلقا من تنفيذ اول مخرجات مؤتمر الحوار ومن ثم الدخول في عمليه متكاملة يتم من خلالها تنفيذ جميع المخرجات كلا بحسب اهميته داعيا الجميع الى استشعار الخطر المحدق بالوطن و الى عدم المراهنة على الخارج والعمل ضمن المشروع الوطني المتمثل بمؤتمر الحوار مؤكد على ضرورة الانتهاء من نقاش المواضع الحساسة والتي كانت هدف وغاية الحوار كما اكد السيد على ضرورة التوافق على المرحلة التأسيسية القادمة والتي ستسهم في تدعيم الوطن وتسمح ببناء وطنا متكامل يحمي الجميع ويحفظ الحقوق والحريات .