“انتفاضة القدس”.. إرادة انتصار ترفض المساومة
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، وإرهاب كيان الاحتلال المُنظم ضد الفلسطينيين وأرضهم المُغتصبة يتصاعد، يقابله عمليات فدائية لم تتوقف رغم ذلك الإرهاب المُمارس، على الرغم من كافة المحاولات الساعية إلى إجهاض كل عمل فلسطيني مقاوم يسعى إلى إعادة البوصلة إلى مسارها الطبيعي بعد انحرافه لسنوات طويلة بفعل سُلطة لا سلطة حقيقية لها، ما زالت تلهث وراء مسار المفاوضات العبثيّ مع الاحتلال.
وأمام ذلك المسار العبثيّ الذي وُلد منذ إبرام اتفاق “أوسلو” المشؤوم، لم يدّخر الشعب الفلسطيني أيَّة أساليب لاستعادة حقوقه وثوابته المسلوبة، كان وما يزال أبرزها المقاومة والانتفاضة، تُعبر عن إرادة شعبية واسعة ترفض المساومة.
“انتفاضة القدس”، لا تزال أبرز تلك الأساليب التي يتخذها الشعب الفلسطيني كرد على سياسات الاحتلال التوسعية والتهويدية والإعدامات الميدانية وغيرها من تلك السياسات العدوانية، وستمضي بوتيرة متصاعدة، لأنها مرتبطة بوجود الاحتلال، وفق ما يقوله مراقبون ومختصون في الشأن الصهيوني.
وضمن أحداث انتفاضة المتواصلة؛ أصيب (5) صهاينة مساء الخميس الماضي بجراح مختلفة في عملية فدائية مزدوجة (طعن وإطلاق) نار وسط مدينة “بتاح تكفا” شرق تل أبيب. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إن منفذ العملية يبلغ من العمر (18عامًا) وأطلق النار صوب إحدى الحافلات في شارع “البارون هيرش” على مدخل سوق المدينة؛ ما تسبب بإصابة 3 صهاينة بجراح وصفت ما بين طفيفة ومتوسطة.
فيما واصل الشاب عمليته فطعن صهيونيين بـ”مفك” كان بحوزته وانسحب من المكان، قبل اعتقاله في مكان قريب وهو من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.
وبحسب الصحيفة فقد أغلقت شرطة الاحتلال الشارع الذي وقعت فيه العملية وشرعت بأعمال بحث وتمشيط خشية وجود مشتركين آخرين، فيما وصف شهود العملية قائلين: إن “الناس فروا بكل اتجاه واحتموا داخل المحلات القريبة”.
الرد الامثل
مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين داود شهاب، أكَّد أن استمرار وتصاعد العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه هي الرد الأمثل على سياسات التوسع والضم والتهويد والاستيطان التي تنتهجها قوات الاحتلال لطرد أهلنا وتهجيرهم والتضييق عليهم.
وأوضح شهاب أن العمليات البطولة ضد قوات الاحتلال تُعبر عن جميع أبناء شعبنا في ظل تخاذل العالم عن رفع الظلم، واتِّخاذ مواقف تردع إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا.
وقال: إن “محاولات الاحتلال لتشريع الاستيطان وتهويد القدس ستفشل أمام إرادة شعبنا الذي يدافع عن حقّه ولا يقبل أبداً المساومة أو التفريط به، داعياً السلطة الفلسطينية إلى وقف التنسيق الأمني والتخلي عن كل الأوهام التي كانت سبباً في المأزق الراهن والتي وفرت للاحتلال الفرصة لتنفيذ مخططاته التوسعية والعدوانية.
ستمضي وتستمر
المحلّل المختص في الشأن الصهيوني عادل شديد، أكّد أن “انتفاضة القدس” ستمضي وتستمر لأنها مرتبطة بوجود الاحتلال وما يمارسه من إرهاب وإجرام ضد الفلسطينيين، في ظل غياب واضح للدور الرسمي الفلسطيني .
وقال شديد: ” تأتي هذه الانتفاضة لملء هذا الفراغ، وتنفيذ العمليات الفدائية في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة، ولا إمكانية لوقف هذه الانتفاضة نهائياً؛ لأن أسباب اندلاعها ما زالت قائمة وموجودة وتتعمّق يوماً بعد آخر”.
واستدرك: “لكنها لن تتطور بشكل سريع وتصل إلى حالة جماهيرية وشعبية منظمة؛ وذلك بسبب غياب القوى السياسية الرئيسية الفاعلة عن دعم الانتفاضة والانخراط فيها، ويبقى تطورها مرتبطاً بسلوك الاحتلال الوحشي وأين سيصل في ظل الإدارة الأمريكية بزعامة دونالد ترامب”.
وشدّد على أنه ومهما صعّد الاحتلال من جرائمه وتصعيده تجاه الفلسطيني إلا أنه لن يستطيع كسر إرادة وعزيمة شعب محتل يعاني من شتى أنواع وصنوف العذاب، وبالتالي كل العمليات الفدائية التي تُنفذ تأتي في إطارها الطبيعي، وهي تؤكد فشل كل الإجراءات الأمنية التي تسعى لإجهاض الانتفاضة ووقفها.
ونوّه إلى أن الاحتلال يرى في الانتفاضة نوعاً من “الإزعاج” في ظل ما تسببه من حالة عدم استقرار أمني لدى جبهته الداخلية، متسائلاً: “لكن الأهم هل يمكن توظيف هذه العمليات لتؤدي إلى الوصول لإنجاز سياسي فلسطيني ملموس؟”.
وأضاف لابد من العمل على توظيف ما يجري من عمليات لجهة انتزاع إنجازات على الصعيد السياسي الفلسطيني، واصفاً اعتماد الجانب الفلسطيني المتمثل بالسلطة الفلسطينية على نهج المفاوضات والمفاوضات فقط مع الاحتلال بـ”الخطأ الكبير”، وإهمال كل الخيارات الأخرى وعلى رأسها المقاومة.
وتابع: “المفاوضات في ظل إلغاء كل الخيارات الأخرى تبقى حالة عبثية ولم تؤدِّ إلى تحقيق أي إنجاز سياسي فلسطيني، مرجحاً تصاعد العمليات الفدائية على المستوى النوعي خلال الآونة المقبلة، في حال لوحظ توظيف صهيوني للإدارة الأمريكية الجديدة بزيادة الاستيطان وتهويد القدس وعمليات القتل والإعدامات الميدانية.
صعوبة السيطرة عليها
بدوره، اتّفق الكاتب والمحلّل السياسي المختص في الشأن الصهيوني محمد مصالحة مع سابقه في توقع تصاعد انتفاضة القدس، وصعوبة السيطرة على العمليات الفدائية وتوقعات حدوثها لاسيما بالتزامن مع انسداد الأفق السياسي، وتصاعد وتيرة جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين وانحياز “ترامب” وإدارته الأمريكية لمواقفه بشكل واضح.
ورأى أنه وبالرغم من التوقعات الكبيرة بتصاعد العمليات خلال الفترة المقبلة؛ إلا أنها لن تصل إلى درجة النوعية في التنفيذ، خصوصاً في ظل المحاولات الصهيونية المستمرة لوقفها، وما وصفه بـ “التعاون الأمني” الذي تتمسك به السلطة مع الاحتلال. وقال: “إن التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال استراتيجية غير مقبول بالنسبة للفلسطينيين”.
وأشار إلى “أنه ورغم توافر كافة الظروف الميدانية الا أن اشعال الانتفاضة بحاجة من الفلسطينيين إلى العمل على إتمام المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام الداخلي، ما يسمح بترتيب أية توجه سياسي مستقبلي فيما يتعلق بإدارة الصراع مع الاحتلال”، وفق قوله
واعتبر أن إجراءات الكيان المُشرعنة للإرهاب على الأرض خصوصاً الأخيرة منها والمتعلقة بشرعنة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة ستؤجج الصراع، وتدفع باتجاه اشتعال الأوضاع.
المصدر/ الاستقلال + سرايا القدس