غليان في جنوب اليمن: «ثورة جياع» بوجه تحالف العدوان
|| صحافة ||
شارك الآلاف في تظاهرات في عدن والمحافظات الجنوبية، في إطار ما وُصف بأنه «ثورة جباع»، احتجاجاً على انهيار سعر الريال المتداول في المناطق الجنوبية وغياب الخدمات، مطالبين بإسقاط «المجلس الرئاسي» والحكومة التابعيْن للتحالف السعودي – الإماراتي، محمّلين إياهما، ومن خلفهما دول «التحالف»، المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع بسبب الخلافات الداخلية.
واستمرت الاحتجاجات في عدن، مساء أمس، لليوم الثالث على التوالي، واتسعت لتشمل محافظات لحج والضالع وأبين، وسط استمرار انهيار سعر صرف العملة المحلية، لتصل إلى أكثر من 2300 ريال للدولار الواحد وأكثر من 600 للريال للسعودي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وفي الوقت الذي اكتفت فيه حكومة أحمد بن مبارك، بالإعلان عن توفير كميات طفيفة من مادة الديزل لتزويد بعض المستشفيات ومطار عدن ومينائها بالكهرباء، حذّرت وزارة الصحة في تلك الحكومة من كارثة صحية جراء توقّف نشاط المستشفيات، في حين نبّهت وزارة الاتصالات إلى قرب توقّف خدماتها جراء نفاد الوقود. ومع تراجع آمال المواطنين باستجابة دول «التحالف» لمطالبهم، طالبوا برحيل هذه الدول، وسط شعارات سبق أن رُفعت في وجه الاستعمار البريطاني في ستينيات القرن الماضي، من مثل «برا يا استعمار، من أرض الأحرار… ولا تحالف بعد اليوم، إرحل إرحل يا محتل».
المحتجون يتهمون الإمارات بتدمير مقدّرات المحافظات الجنوبية وعلى رأسها مصافي عدن وميناؤها
واتّهم المحتجون التحالف السعودي – الإماراتي والحكومة المواليه له بتدمير المقدّرات الوطنية في المحافظات الجنوبية، وعلى رأسها مصافي عدن التي كانت تزوّد محطات الكهرباء بالطاقة على مدى عقود من دون توقف، وكذلك بالسيطرة على الموانئ الرئيسية والعمل على إفراغ ميناء عدن من دوره الملاحي لصالح الموانئ الإماراتية، ونهب الثروة المعدنية في حضرموت، وآخرها الرمال السوداء، من قبل الإماراتيين. وأشار عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن ما تشهده المدينة من انهيار خدمي هو نتيجة لسياسات تدمير ممنهجة نفّذها «التحالف» عبر أدواته المحلية، في إشارة إلى المكوّنات والفصائل الموالية للرياض وأبو ظبي.
وضاعف هذا الغضب الشعبي، الانقسام السياسي بين المكوّنات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، ودفع بها إلى تبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن الانهيار. واتّهم «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، الحكومة التي يشارك فيها، وفقاً لاتفاق الرياض، بالفشل والفساد، واعتبر انهيار منظومة الكهرباء في عدن عقاباً جماعياً تمارسه الحكومة في إطار حرب الخدمات التي تديرها في المدينة.
وللمرة الأولى، لم يهدّد «الانتقالي» بالتدخّل وفرض الإدارة الذاتية لإيرادات مدينة عدن، كون كهرباء المدينة تحتاج إلى 55 مليون دولار شهرياً كنفقات، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى التنصّل من مسؤولياتها، وتحميل «الانتقالي» مسؤولية إدارة الملف الخدمي، ولا سيما أن حزب «الإصلاح» يتّهم الأخير بطريقة غير مباشرة بإعاقة الأداء الحكومي، كونه يتحكّم بالملفّين الأمني والعسكري في عدن. ولذلك، كان موقف «الانتقالي» ضعيفاً واكتفى بتأييد مطالب المحتجّين، في حين هاجم رئيس الوزراء السابق، أحمد بن دغر، الحكومة وحمّلها مسؤولية تآكل شرعية الدولة وتفاقم معاناة المواطنين.
بدوره، حذّر «التكتل الوطني» للأحزاب والمكوّنات السياسية، المشكّل أواخر العام الماضي، بدعم أميركي، من خطورة الانهيار الخدمي والاقتصادي الكبير في المحافظات الجنوبية، وأرجعه إلى الفشل الإداري والفساد الذي يُمارس بشكل واضح من قبل حكومة عدن. وكان «المجلس الرئاسي» عقد اجتماعاً عاجلاً في مقر إقامته في الرياض، من دون أن يعلن عن أي حلول، ولو مؤقتة، للأزمات التي تعانيها عدن، فضلاً عن أن «الرئاسي» لم يستغث بالمملكة للحصول على دعم إسعافي من الوقود لتشغيل محطات الكهرباء في المدينة، وهو ما يعود إلى أن الديوان الملكي رفض طلباً سابقاً للمجلس في هذا الشأن.
الاخبار اللبنانية