عندما ترى واحداً من أسرتكم سباقاً إلى الخير حاول أن تشجعه ولا تثبطه
موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
إذا كان مقامك أعلى الله سيرفعني إلى مقامك تكريماً لك, كما حكى الله في القرآن الكريم إذا كان الأب صالحاً وابنه صالح وأولاده وزوجته يرفعون إلى مقامه تكريماً للأب, وتكريماً للأبناء والزوجة في ظل تكريم الأب {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ}(الطور21).
أليس هذا هو العمل الصحيح؟ هنا الذي في الأخير الأب سينفع ابنه والإبن ينفع أباه, أنت يكون مقامك رفيعاً, أبوك, زوجتك, أمك ترتقي إلى مكانك, هكذا داخل الأسرة, الله يحكي في القرآن الكريم بأنه داخل الأسرة الواحدة؛ لأن الأسرة الواحدة عندما كانت تشجع, عندما كانت تقف مع واحد منها يتحرك حركة صحيحة هي تشارك في العمل الصالح، قد لا تكون مشاركتها بالشكل الذي يحصل عليه هذا الإنسان من تكريم عند الله سبحانه وتعالى.
ولكن ومن تكريمه أيضاً أن بقية أفراد أسرته يرفعون إلى مقامه, هذه هي النتيجة الصحيحة, عندما يكون كل واحد منا من أفراد الأسرة, الذي يكون في المقام الرفيع سيسحب الآخرين معه إلى المقام الرفيع الذي هو فيه, بدل أن نكون في ساحة المحشر كل واحد يفكر ليت أنه ممكن أن يأخذوا أولادي بدل, ما هنا يوجد فارق كبير جداً بين الحالتين؟ فارق كبير جداً.
عندما يقول الله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}أنت عندما ترى واحداً من أسرتكم تراه سباقاً إلى الخير حاول أن تشجعه على أن يكون سباقاً إلى الخير, تراه ينطلق إلى المبادرة إلى الأعمال الصالحة شجعه في هذا, لا تثبطه, وليس هناك مبرر إطلاقاً لأن تثبطه؛ لأن كل ما يعمله هو في الأخير سينتهي إلى مصلحتك أنت, إذا أنت متجه في نفس الإتجاه, أما إذا الإنسان مجرم فهذا شيء آخر سيفصل عن أسرته, ويفصل نهائياً.
لكن أسرة صالحة, أسرة بوضع طبيعي, فعندما يرون أحداً من أفراد الأسرة عنده روح المبادرة والسبق في طاعة الله سبحانه وتعالى – في الأعمال وإن كانت أعمالاً خطيرة – لا يجوز أن يوقفوه بحال, إذا أوقفوه سيكونون هم صادين عن سبيل الله, وصادين عن عمل مصلحته في الأخير ستنتهي إليهم هم؛ لأنه إن كان الذي يدفعك إلى أن تصد ابنك أو أباك أو أخاك؛ لأنه يعطي جزءاً من أموالكم بسيطاً في سبيل الله, فأنت إذا أنت حريص على أموالكم، إرجع إلى القرآن الكريم الله يقول فيه: {وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}(الأنفال60).
لماذا تعارض؟ ما هو ناقص عليك شيء, وعد إلهي لن ينقص عليك شيء, سيخلف الله أضعافاً مضاعفة من حيث لا تشعر. إذاً فلماذا تصده عن الإنفاق في سبيل الله, أنت تصده؛ لأنك خائف عليه, وخائف لا يكلف عليكم في الأخير لمشكلة, [لا يَخَسِّرنا], وعبارات من هذه, وهو في سبيل الله, أنت الآن تأتي توقفه فيكون هو وأنت قاعدين عن عمل هو لله رضى, فتتحول القضية بالنسبة لكم إلى جريمة.
أتركه ينطلق في الأعمال الصالحة ستستفيد أنت من ورائه في الدنيا, وستستفيد أنت من ورائه في الآخرة؛ لأنه ربما هذا الواحد من أفراد أسرتنا يتحرك أفضل, سبَّاق ما استطعنا أن نصل إلى درجته نكون مؤمنين أيضاً يوم القيامة بتكريم الله له سيقربنا الله إلى مقامه.
أليست هذه هي الفائدة العظيمة, الفائدة العظيمة أنه واحد من أفراد أسرتك مهما بلغت أعماله وأنت في اتجاهه بإيمان, ولكن لاعتبارات معينة ما تهيأ لك أن تكون سباقاً كمثله لكن {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} كما قال الله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
فتلاحظ أن عمله في الدنيا, سبْقه في الدنيا, التكريم الذي حصل عليه من قبل الله سبحانه وتعالى بسبب أعماله وسبقه في الأعمال الصالحة, أنه في الأخير كان فيه فائدة ومصلحة بالنسبة لك أنت.. تُلحق به, بينما لو لم يكن هذا في أفراد أسرتك, هذا الشخص الواحد ربما لكان مكانكم عندما تدخلون الجنة دون بكثير,الله حكى عن الآخرة بأنها {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}(الإسراء21).
الآخرة فيها تفاضل, تفاضل واسع أكبر درجات, أكبر من فوارق الدنيا, في تفاضل الناس, في جزائهم, في مقاماتهم, في ما لديهم من نعيم, تتفاوت درجاتهم, الجنة واسعة جداً, والمقامات المعنوية فيها أيضاً متفاوتة جداً.
دروس من هدي القرآن الكريم
آيات من سورة الواقعة
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10 رمضان 1423هـ
اليمن – صعدة