(نص+ فيديو) فيديو كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى هروب المارينز الأمريكي من صنعاء وحول آخر المستجدات 12 شعبان 1446هـ | 11 فبراير 2025م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في هذه الكلمة نتحدث عن ثلاث مناسبات:
المناسبة الأولى هي: الذكرى السنوية للهروب المذل للمارينز الأمريكي والجنود الأمريكيين من صنعاء:
وبهذه المناسبة نتوجه أولاً: بالحمد لله، والشكر له، ربِّ العالمين، وولي المؤمنين، ونصير عباده المستضعفين، الذي حقق لشعبنا اليمني المسلم العزيز هذا الانتصار العظيم، بكل ما يترتب عليه من نتائج مهمة نتحدث عنها في سياق هذه الكلمة.
ثانياً نتوجه بالمباركة والتهاني لشعبنا اليمني العزيز، هذه نعمةٌ كبيرةٌ من الله، وهي أيضاً نصرٌ عظيمٌ لهذا الشعب، وإنجازٌ كبيرٌ حققه الله على يديه، عندما نتأمل في أهمية ما تحقق، وما منَّ الله به على شعبنا، وما أنجزه على يدي هذا الشعب العزيز، من طردٍ للأمريكيين من صنعاء، وهروبهم المذل بكل ما تعنيه الكلمة، عندما نتأمل في ذلك نرى فعلاً الأهمية الكبيرة لما تحقق، وأنه يعتبر بالفعل نعمةً عظيمةً وانتصاراً حقيقياً، وإنجازاً كبيراً؛ لأنه يعني فشل المشروع الأمريكي في السيطرة التامة على بلدنا، بكل ما يترتب عليها من نتائج وخيمة، وكوارث رهيبة على شعبنا العزيز في دينه ودنياه، ولذلك فإن الذي حققه الله لشعبنا العزيز، ومنَّ به عليه، وأنجزه له على يديه لثورته وجهوده، وكان ثمرةً كبيرةً ومهمة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، في الخلاص من الهيمنة الأمريكية والسيطرة الأمريكية، هو:
أولاً: أعاد وحفظ لشعبنا العزيز كرامته الإنسانية، وهذه مسألة مهمة جداً؛ لأن ذلك لابدَّ منه في أن يكون شعبنا العزيز شعباً حُرّاً، لا يخضع للسيطرة الأمريكية؛ لأنه لا يمكن لأي شعبٍ في كل الدنيا أن يكون شعباً حُرّاً، في الوقت الذي تسيطر أمريكا عليه في كل شؤونه، لا يمكن أبداً أن تجتمع الحرية لشعب مع سيطرة أمريكا عليه، فما منَّ الله به على شعبنا من إنجازٍ كبيرٍ وانتصارٍ عظيمٍ هو حفظ لشعبنا العزيز كرامته الإنسانية، ببقاء حُرِّيَّته، وحفظ وصون حُرِّيَّته واستقلاله.
وحفظ أيضاً لشعبنا العزيز عِزَّته الإيمانية؛ لأنه لا يمكن أبداً أن تجتمع العزة الإيمانية لشعبٍ مسلم، مع سيطرة الأمريكيين عليه، وتدخلهم في كل شؤونه، ومساعيهم لطمس هويته.
لا يليق بشعبنا العزيز أن يكون في صنعاء حفنةٌ من المجرمين الأمريكيين، الكافرين، المجرمين، الفاسقين، الفاجرين، بكل ما هم عليه من كفر، وإجرام، وحقد، وفسق، وفجور، وتبنٍ للشذوذ الجنسي والمفاسد اللاأخلاقية، بكل ما هم عليه من رجسهم، ونجاستهم، وفسقهم، وسوئهم، وعدوانيتهم، يتحكمون بهذا الشعب، الذي هو شعبٌ مسلم، أصيلٌ في انتمائه للإسلام، أصيلٌ في هويته الإيمانية، في هذا الشعب الكثير الكثير من أبنائه ممن يجسدون القيم الإيمانية والأخلاقية، وهم على درجة عالية من الالتزام الإيماني والأخلاقي.
هذا الشعب العزيز، الذي هو أكثر الشعوب محافظةً على القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، حتى في أعرافه، وعاداته، وتقاليده، لا يلق به أن يكون خانعاً لحفنة من المجرمين الأمريكيين المستهترين بكل القيم والأخلاق، يتبنون الشذوذ الجنسي، المفاسد اللاأخلاقية، يسعون للترويج لها، يجعلون ذلك من أولوياتهم العملية في أي بلدٍ يسيطرون عليه، يتعاملون بما هم عليه من سُكر، وخمر، ومخدرات، وإجرام، وفسق، واستهتار بكل المبادئ الإلهية، ثم يتَّجه إليهم المسؤولون من البلد ليصغوا لهم ويتقبلوا منهم كل الإملاءات، كل التوجيهات، كل الخطط، كل الأوامر؛ ويكونون هم بفسقهم، ونجاستهم، ورجسهم، وعبثيتهم، واستهتارهم بالقيم الدينية والأخلاقية، بل وعدائهم للقيم الإسلامية، والمبادئ الإسلامية، والأخلاق الإيمانية، أن يكون هم في موقع الآمر، الناهي، الموجِّه لشعبٍ قال عنه رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالِحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ)).
لو استمر ذلك، وتحقق ذلك للأمريكي؛ لما بقي لهذا الشعب أي عِزة إيمانية، لكان في موقفٍ لا ينسجم أبداً مع انتمائه الإيماني، ومع هويته الإيمانية، ثم يكون حفنة من الفاسقين، المجرمين، المستهترين في منتهى الاستهتار بكل القيم، حتى القيم الفطرية الإنسانية المتعارف عليها بين كل البشر. إذاً فالنعمة عظيمةٌ على شعبنا العزيز، في تحرره من الهيمنة والسيطرة الأمريكية؛ لأن هروب المارينز الأمريكي من صنعاء، والجنود الأمريكيين من صنعاء، كان يعني فشل المشروع الأمريكي في السيطرة على بلدنا.
ثم عندما نأتي إلى البرنامج الأمريكي في أي بلدٍ تسيطر عليه أمريكا، وبالذات وبالدرجة الأولى في البلدان المسلمة، سواءً في العالم العربي أو في غيره، هو برنامج عدواني، برنامج مدمر، برنامج كارثي؛ ولذلك كان البرنامج الأمريكي الذي يعمل عليه الأمريكيون أثناء تواجدهم في صنعاء، وكان تواجدهم في موقع الآمر الناهي، المسيطر النافذ، الذي يصغي له كل المسؤولين، من هم في الصف الأول، من هو في مستوى مسمى رئيس وفي موقع الرئاسة، أو وزير… أو غير ذلك، كان برنامجهم أن يتَّجهوا ببلدنا إلى حافة الانهيار، إلى الانهيار التام في كل المجالات، وكان هذا شيئاً واضحاً، ولطالما تحدثنا عن الكثير من تفاصيله:
كيف فعلوا في المسار السياسي، واستثمروا في الأزمات السياسية، وعملوا على تأزيمها أكثر وأكثر، وما كان يرتبط بهذا من تفاصيل.
كيف فعلوا على المستوى العسكري؛ من أجل أن ينهاروا بالقوة العسكرية في البلد، وأن يعززوا سيطرتهم العسكرية للقواعد؛ ولذلك لو استمر لهم هذا المسار، لكانت قواعدهم قد انتشرت في كل المواقع الاستراتيجية في البلد.
كيف فعلوا على المستوى الاقتصادي، وكيف كانوا يتجهون بالبلد إلى الانهيار الاقتصادي التام، بالرغم من توفر الموارد الاقتصادية، ولم يكن البلد في حالة حصار، ولا في حالة حرب معلنة، ومواجهة مع دول خارجية بشكلٍ واضحٍ وصريح، معركة عسكرية ونحوها.
كيف فعلوا لاختراق الجانب التعليمي، والجانب الصحي، والجانب القضائي… وكل المجالات، كانوا ينخرون مؤسسات الدولة بكلها كالسوس، كانوا يعملون على اختراق الحالة الشعبية، كانوا يحاولون أن يتحكموا حتى بالخطاب الديني.
كانوا يشتغلون في كل الاتجاهات، ولكن بهدف الوصول إلى النتيجة التي يريدونها، وهي: الانهيار ببلدنا في كل المجالات، واحكام سيطرتهم التامة على هذا البلد في كل شيء: على المستوى العسكري، على المستوى السياسي، على المستوى الاقتصادي، بما يخدمهم هم ويحقق مصالحهم، وبما فيه الشر والخسران التام لشعبنا العزيز، هذا ما كانوا يعملون عليه، وكانت الأمور واضحة، التفاصيل كثيرة، ويستحضرها الإعلام في كل المجالات، كيف كانت الأمور تتَّجه وإلى أين؛ ولهذا كانت سيطرتهم سيطرة عدوانية، وبرنامجهم عدواني بكل ما تعنيه الكلمة، والعمل على الخلاص من سيطرتهم ضرورة بكل الاعتبارات.
أمَّا من لديهم توجهات أخرى، توجهات مبنيةٌ على أساس الاسترضاء للأمريكي، فهي توجهات غربية بكل ما تعنيه الكلمة، بمثل ما كان عليه الحال في الجانب الرسمي آنذاك، وكذلك لدى البعض من القوى والمكونات والأحزاب، لديهم غباء رهيب استفاد منه الأمريكي بشكلٍ كبير، وفعلاً الأمريكي يستفيد بالدرجة الأولى- ولاسيَّما في العالم العربي والاسلامي في المقدمة- يستفيد من الغباء الرهيب، ومن الضلال المبين، في من ينظرون اليه نظرةً غبية، غير واقعية إطلاقاً، ولا صحيحة البتَّة، من ينظرون إلى الأمريكي أنه فاعل خير، وأنه جهة يمكن الاعتماد عليها، لتحقيق المصالح والمكاسب، سواءً لهم، لنظام كنظام، أو سلطة كسلطة، أو حزب كحزب، أو بلد كبلد، من ينظر هذه النظرة من شعوب أمتنا، أو من أنظمتها، أو من مكوناتها، أو أحزابها، أو قواها؛ فنظرته غبية وخاطئة، وهو في ضلالٍ مبين بذلك؛ لأن الأمريكي في واقع الحال، وهي من الأمور الواضحة، والأمور الثابتة، والأمور الجلية، التي تستند إلى الوقائع والحقائق، وتستند أيضاً إلى القرآن الكريم، فيما تحدث به عن أعداء هذه الأمة، من فريق الشر والخطر من اليهود والنصارى، الذين يتجهون بالعداء لأمتنا، التَّوجُّه الحقيقي بالنسبة للأمريكي هو يعتمد على جانبين أساسيين:
الجانب الأول هو: السيطرة بطمع وبحقد:
يعني: السياسة الأمريكية تجاه أمتنا في مختلف بلدانها وشعوبها، هي: التوجه للسيطرة عليها؛ وبالتالي كل ما يمكن أن يحقق لهم هذا الهدف من خطط، من أساليب، من سياسات، هم يستخدمونها؛ للوصول إلى هذا الهدف، يعني: هم لا يحملون إرادة الخير لأمتنا، ولا يتَّجهون في علاقاتهم مع بلدان أمتنا الإسلامية، في العالم العربي أو في غيره، لفعل الخير، وإرادة الخير، والمصالح المشتركة، وبالنوايا الطيبة والحسنة، وبالروح الإيجابية والأخلاقية.
من ينظر إلى الأمريكيين على أنهم جهة خير، وأطياب، ومحترمين، ولا يريدون إلا المصالح المشتركة، وقلوبهم محترقة، ويحملون الألم لأوضاع شعوبنا، يريدون أن يهتموا بالإنسان وبحقوق الإنسان في بلداننا؛ فهو غبي بكل ما تعنيه الكلمة، وضال، أضل من حمار أهله، في منتهى الضلال والغباء والجهالة؛ فالأمريكي طامع، وجشع ويحمل النزعة الاستعمارية، ولاسيَّما تجاه أُمَّتنا، مع أنه يحمل الطمع تجاه بقية البلدان، ويسعى على الاستحواذ بالدرجة الأولى، وأن يحظى دائماً بنصيب الأسد من كل ثروات البلدان، من كل مصالحها، أن تكون هي بكلها تحت سقف مصالحه، مصالحه أولاً، ثم ما بالك بأمتنا التي يعاديها، ثم مصالح الآخرين لا تأتي إلا على الهامش، على الهامش، بالقدر الذي يخدم المصالح الأمريكية، وهناك شواهد، يعني: في كل مرحلة، عندما نسمع ما يقوله [ترامب]، ويعبِّر به عن الأطماع الأمريكية، حتى في بلدان غير إسلامية؛ أمَّا في البلدان الإسلامية فهم يتنافسون عليها، ويتسابقون عليها، ((كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتهَا)) في الحديث النبوي الشريف، فعلاً يعتبرون هذه الأمة أكلة، قصعة ووجبة، ويعتبرون من يملك الثروات الهائلة منها بقرةً حلوباً.
لكن فيما يتعلق حتى ببقية البلدان، [ترامب] في هذه المرحلة يُعبِّر وبشكلٍ صريح ومكشوف، أكثر من اللازم؛ لأن العادة في الأسلوب الأمريكي هو اعتماد الخداع، وأن يكون هناك غطاء بعناوين زائفة لأهدافهم الطامعة، والاستعمارية، فهم يجيدون نهب الشعوب والاستئثار بخيراتها، ويعطون لذلك عناوين، وتمثل غطاءً لها، لكن [ترامب] الذي ميَّزه عن سابقيه من الأمريكيين، من الساسة والقادة: أنه يتحدث بصراحة، ولا يتحمل أن يُقدِّم تلك العناوين التي تغطي الأهداف الحقيقية لأمريكا؛ ولذلك أتى ليتحدث عن كندا، أتى ليتحدث عن جزيرة كبيرة للدنمارك، وصل الحال بالدنمارك أن قالوا للأمريكيين: [إذا كان هدفكم من الجزيرة ما فيها من ثروات، ما فيها من نفط، ما فيها من معادن، ما فيها من ثروات، فاخذوا كل ما فيها، لكن لا تصادروها بالكامل على بلدنا]، هذا ما قاله الدنمارك، هم يعرضون الآن هذا العرض على الأمريكي: أن يأخذ من تلك الجزيرة الكبيرة كل ما يشاء ويريد، ما فيها من ثروات، لكن ليبقى اسمها على أنها من الدنمارك، يطمع في قناة بنما، يتحدث بصراحة، يغير اسم خليج المكسيك، ويسميه بخليج أمريكي… وهكذا يتوجه بشكلٍ واضح. الفارق هو ماذا؟ هو في الأسلوب، أنه يتحدث بصراحة، وإلَّا السياسة الأمريكية وفي كل مرحلة هناك شواهد كثيرة، الواقع يشهد بمدى الطمع والجشع الأمريكي.
ولذلك في أي بلد يتاح للأمريكيين أن يسيطروا عليه، ويلقون كل التسهيلات لذلك، والانبطاح التام أمامهم، ممن ينبغي أن يقف بوجههم، (سلطة ونظام، ثم شعب معه)، فهم يتعاملون باستغلال إلى أقصى حد لتلك الفرصة، يعني: يعتبرون الانبطاح أمامهم، والقبول بسيطرتهم، وفتح كل الأبواب لهم، يعتبرونها فرصةً ثمينة لإحكام سيطرتهم، لا يعتبرون المسألة مسألة إيجابية، وتعامل محترم، وانفتاح يجب أن يقابل بانفتاح، ومراعاة لمصالح هذا البلد؛ لأن أهله بحكومتهم، بسلطتهم، بأحزابهم، بقواهم، بمكوناتهم، تعاملوا بإيجابية كاملة مع الأمريكي، مدُّوا له الأيدي، واحنوا له الرؤوس، واخضعوا له الرقاب، وفتحوا له كل الأبواب؛ فيقابل هذه الإيجابية الكبيرة بإيجابية أيضاً، ويراعي حقوقهم، يراعي مصالحهم، يراعي ما لهم، لا، الأمريكي متوحش، مستكبر، مفلس من الأخلاق والقيم، جشعٌ جداً، يعتبر المسألة مسألة فرصة أُتيحت له بدون عناء، ثم يذهب إلى استغلالها إلى أقصى حد، دون أي اعتبار، لا لاستقلال ذلك البلد، ولا لحُرِّية شعبه، ولا لحقوق ومصالح شعبه؛ هم الأمريكي هو مصالحه، هذا هو الاعتبار الأول بالنسبة للأمريكي، والأساس الأول الذي يتحرك عليه، ويتعامل من خلاله مع البلدان، وهو تجاه أمتنا الإسلامية، في بلدانها العربية وغيرها، مع الطمع يحمل الحقد، ويحمل النظر المستهترة يعني: ليس للإنسان المسلم (سواءً كان عربي، أو غير عربي) ليس له أي قيمة، أي احترام لدى الأمريكي، مهما كان هو من جهته إيجابي، ومتودد، ومسترضٍ، وفاتح المجال للأمريكي لكل شيء، هذا لا يُقَرِّبه من الأمريكي لينظر اليه نظرة إيجابية ومحترمة؛ إنما ينظر اليه أيضاً نظرةً محتقرةً أكثر، يحتقره أكثر.
الأساس الثاني لدى الأمريكي، الذي يتعامل من خلاله مع شعوب أُمَّتِنا بالذات في العالم العربي أولاً، وما عداه من العالم الإسلامي، لكن بالدرجة الأولى حتى في العالم العربي، هو: المشروع الصهيوني.
المشروع الصهيوني هو مشروعٌ أمريكيٌ إسرائيليٌ مشترك، يؤمن به الأمريكي، بالقدر الذي يؤمن به الإسرائيلي، وهو مشروعٌ تدميري عدواني، يستهدف أمتنا استهدافاً خطيراً، يهدف إلى:
احتلال رقعة جغرافية كبيرة من بلدان أمتنا، وهذه الرقعة الجغرافية التي يريدها أن تكون أكبر دولة.
ثم بعثرت وتجزئت ما عداها.
يسعى إلى مصادرة المقدسات، ليس فقط المسجد الأقصى، مسرى النبي “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، بل ومكة والمدينة، هذا جزءٌ من المشروع الصهيوني.
السيطرة على مكة والمدينة جزءٌ من المشروع الصهيوني، واضحٌ في كل أدبياته، كتابات، كتب، مؤلفات، خطط، تصريحات، حقائق واضحة، يعني: ليست مسألة ادِّعاء، أو اتهامات، أو هواجس، أو اتهام في النوايا، هم يُصَرِّحون بذلك.
رقعة جغرافية كبيرة من هذه الأمة للسيطرة المباشرة والاحتلال المباشر، تحت عنوان [إسرائيل الكبرى]، وإن كان على مراحل؛ لأن المسألة- فعلاً- مسألة كبيرة، يعني: المشروع الصهيوني في أهدافه هو مشروع كبير وخطير جداً، وصعب التنفيذ؛ لأنه تدميري جداً، ويستهدف أمة بأكملها، ولكن هم يعملون على تنفيذه من خلال مراحل.
بقية البلدان تبعثر، تجزأ:
تكون خاضعة للسيطرة الأمريكية.
تكون في وضعية من الضعف، والبعثرة، والشتات، والغرق في الازمات، والتناحر تحت كل العناوين، لا تستطيع أن تفعل شيئاً ضد الإسرائيلي والأمريكي.
تكون ثرواتها لصالح الأمريكي والإسرائيلي.
تكون المواقع الجغرافية الأكثر مناسبةً للقواعد العسكرية لصالح الأمريكي والإسرائيلي.
تكون حتى الثروة البشرية بالشكل الذي تفيد الأمريكي والإسرائيلي فحسب.
تُطمس الهوية، وتُسْلَب هذه الأمة من كل ما هو معنوي، من مبادئ وقيم، ومن كل فكرٍ صحيحٍ، من كل المبادئ، من كل الهدى الإلهي، الذي يمكن أن يبني هذه الأمة لتكون بمستوى مواجهة ذلك العدو.
يعني: هم يعرفون الإسلام، لديهم من يتخصص في المعرفة بالإسلام كدينٍ عظيم: [ما هي مبادئه؟ ما هي أخلاقه؟ ما هي قيمه؟ ما هي التعليمات التي فيه؟]، كل ما كان منها بشكلٍ يمكن أن يبني هذه الأمة، لتحظى أولاً برعايةٍ من الله ونصر وتأييد إلهي، ولتكون أمةً قوية، كل المبادئ، كل التعليمات، كل القيم والأخلاق التي تبني هذه الأمة من جديد، لتكون في مستوى يمثل إعاقةً أمام ذلك المشروع الصهيوني، فهم يستهدفونها؛ ولذلك جزءٌ كبيرٌ من نشاطهم يستهدف هذه الأمة: على المستوى الثقافي، على المستوى الفكري، على مستوى الإضلال والإفساد، والتمييع اللاأخلاقي:
نشر الفواحش، الرذائل، المخدرات، الخمور.
استهداف فئة الشباب بشكل كبير جداً.
الاستهداف بالحرب الناعمة بشكلٍ مكثفٍ جداً.
الإضلال في كل شيء:
استخدام التعليم للإضلال واختراقه.
اختراق الإعلام واستخدامه للتأثير على الرأي العام؛ لكي يحمل التصورات التي تخدم الأمريكي، ويبنى عليها توجهات تخدم الأمريكي والإسرائيلي.
فالأمريكي هو أيضاً يبني في حساباته وسياساته تجاه أمتنا في أي بلد، وفق ما يخدم أيضاً المشروع الصهيوني، هذه من الثوابت التي تبنى عليها السياسات الأمريكية، والتوجهات الأمريكية.
ولـذلك التوجه الأمريكي يشكل خطورة على كل بلدان أمتنا بدون استثناء، وإن كانت الخطورة تتجه بدايةً نحو بلدان بشكل أكبر، ويؤجل بلداناً أخرى، فهو يعمل عليها في مسارات أخرى، لكنه يستهدف بشكل مكثف بلداناً، ثم يتَّجه إلى بلدان أخرى، هذه حقيقة ثابتة، والمشروع الصهيوني تدميري وعدواني، لا يمكن التأقلم معه، لا يمكن لأي شعبٍ من شعوب أمتنا أن يتأقلم معه، يخسر أي شعب يريد أن يتأقلم، أو يتقبل، كل شيء: دنياه وآخرته، ويخسر حُرِّيَّته واستقلاله، يخسر كرامته الإنسانية، يخسر عزته الإيمانية، تطمس هويته، يشقى في الدنيا، ويُعذَّب في الآخرة.
هكذا يجب أن ننظر جميعاً إلى الأمريكي وإلى الإسرائيلي، إلى الأمريكي؛ لأن البعض من أبناء أمتنا بل والكثير ينظرون إلى الأمريكي على أنه شيء يختلف عن الإسرائيلي، كلاهما وجهان لعملة واحدة، التوجهات استعمارية، عدوانية، طامعة، جشعة، وأيضاً المشروع الصهيوني الذي يؤمنون به، ويجذرونه باسم الدين عندهم، هو في نفس الوقت يتأقلم مع أطماعهم، وأهوائهم، ورغباتهم الاستعمارية، هكذا يجب أن ننظر إلى الأمريكي؛ ولـذلك فكل السياسات التي تبنى على نظرة غبية غير واقعية إلى الأمريكي، هي سياسات تخدم الأمريكي، يعني: سياسة الاسترضاء، التي ترى في الأمريكي أنه جهة مثل أي دولة أخرى في العالم، لديه مصالح معينة، يمكن التفاهم معه بما يراعي مصالح بقية البلدان والشعوب، هذه نظرة غير واقعية، ويبنى عليها سياسات خاطئة، تؤثِّر على الأمة، تؤثِّر على الشعوب بنفسها، وعلى البلدان بنفسها، وخطر، وضياع؛ لأنها تفيد الأمريكي، تفيد الأمريكي من جهتين:
الجهة الأولى: تفيده في استغلاله لبعضٍ من الأنظمة والمكونات والقوى، التي تحمل هذه النظرة الغبية، ثم تتَّجه لتتأقلم مع الأمريكي، وتتعاون معه، في إطار سياسة الاسترضاء والتودد، وتحقيق المكاسب والمصالح في ظله.
يعني: هناك أنظمة، هناك مكونات، هناك قوى تعتبر نفسها ذكية، والبعض من قادتها يعتبرون أنفسهم عباقرة في الذكاء السياسي، والفهم السياسي، والنظرة السياسية، وفي تصورهم أنه يمكن أن يقفوا مع الأمريكي، وأن يوالوه، وأن يتحالفوا معه، وأن يتعاونوا معه، وأن يتَّجهوا بالعداء الشديد تجاه أبناء أمتهم، أطياف أخرى وأطراف أخرى من أبناء أمتهم الأمريكي في حرب معها، في مواجهة معها، في استهداف عدائي مكشوف وواضح ضدها، فهم يتجهون معه على أساس أنهم سيحققون معه المكاسب والمصالح، وأنه سيرعى لهم ذلك، وسَيُقَدِّر لهم هذه الوقفة معه ولصالحه، ثم في الأخير سيسلمون هم، إنما سيحققون أيضاً المصالح معه، يشاركونه في الاحتلال لبلدان عربية وإسلامية أخرى، يشاركونه أيضاً في نهب ثرواتها، ويحصلون معه على مصالح معينة… وهكذا، اندماج معه في المشروع.
هذه نظرة غبية، نظرة غبية بكل ما تعنيه الكلمة، الأمريكي يستغلهم، ويعتبرهم سُذَّجاً وأغبياء، يستغلهم إلى حين الاستغناء عنهم، في مرحلة الاستغناء عنهم لن يرعى لهم أي جميل أبداً، ولن يقدر لهم أي جهد قد بذلوه معه مهما كان، مهما بلغ، لن يقدره لهم أبداً وسيتخلص منهم؛ لأنهم هم أيضاً في إطار الاستهداف، هم ضمن مشروعه الاستهدافي، هم جزء من هذه الأمة، بلدانهم نفسها هي جزء من هذا الاستهداف، جزءٌ من هذه الأمة المستهدفة، ضمن الخطة الأمريكية كمستهدفين، ولكن الأمريكي لا يمانع في أن يستغلهم، أن يستفيد منهم، من أموالهم، من طاقتهم البشرية، يقاتلون معه، يسخِّرون وسائلهم الإعلامية معه، يُضَحُّون في سبيله، يفعلون كل شيءٍ من أجله.
لا بأس أن يستفيد منهم في ذلك، لكن إلى نهاية المطاف، إلى حين مرحلة الاستغناء ثم يتعامل معهم بطريقة أخرى، وهناك شواهد كثيرة تاريخية، شواهد من البريطاني ما قبل الأمريكي، هناك من راهنوا عليه وخسروا في نهاية المطاف، وشواهد مع الأمريكي نفسه حتى من الزعماء العرب، هناك منهم من فعل كذلك وفي الأخير خسر، في الأخير يوم كانت مصلحة الأمريكي في أن يتخلص منه، تخلص منه بكل سهولة، هناك من الزعماء العرب من قدَّم نصيحة ووصية، وصية في نهاية المطاف بعد أن خسر حكمه، وسلطته، ونفوذه، وكل شيء، وقال: [بأن الأمريكيين ليسوا بأوفياء، لا تثقوا بهم، هم يتخلون عمَّن وقف معهم]، والشواهد كثيرة، لسنا في سياق الحديث عن تفاصيلها.
لكن هذا كله مبنيٌ على ماذا؟ على النظرة الغبية تجاه الأمريكي كيف ينظر إلى أمتنا، كيف هو في التعامل مع أمتنا، على أي أساس يبني تعامله مع أمتنا.
ثم أيضاً البعض يتَّجهون أيضاً بسبب النظرة الغبية- كما قلنا- أن يفتحوا له كل الأبواب، وأن يدخل في كل المجالات، أن يرحبوا به، وأن يزيحوا من أمامه أي عوائق، وليتفضل إلى بلدانهم، ليعمل فيها ما يشاء ويريد، وهم بذلك يتيحون له الفرصة- كما قلنا- من أجل أن يحكم سيطرته، {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ}[الحشر:2]، هم يمكنونه هم بأنفسهم من أن يصل بهم في نهاية المطاف إلى الضياع، ويحكم سيطرته عليهم من جديد، بعد أن يسلبهم من كل مقومات المنعة، والتماسك، والثبات، بعد أن يخترقهم في كل المجالات، ويخترق شعوبهم أيضاً، ويستقطب من داخلها، ويحوِّل بوصلة العداء عنه؛ ليصل إلى النتائج بكل سهولة.
هذه الإشكالية الكبيرة في واقع الأمة: بين من نظر لأمريكا نظرةً غبيةً فتعاون معها، وتماها معها، وبين من أيضاً فتح لها كل الأبواب، هي التي تعطي فاعلية في الواقع للأمريكي، تعطي له- فعلاً- إمكانية التأثير في داخل الأمة بشكلٍ كبير، وهذا للأسف شيءٌ واضحٌ في واقع الأمة.
لاحظوا، عندما يتخذ الأمريكي- مثلاً- قراراً عدوانياً ضد أي بلد مسلم، في العالم العربي أو غيره، قرار- مثلاً- بالحضر الاقتصادي في مجال اقتصادي، يلتزم به العرب أشد من التزامهم بالقرآن، هم ليسوا حول القرآن، أكثرهم ليسوا حول القرآن، لكن وكأنه وحيٌ مُنَزَّلٌ من السماء، لا يجوز مخالفته، يحاولون أن يلتزموا به حرفياً، وأن يُنَفِّذوه، فتكون فاعليته بماذا؟ بالتنفيذ العربي له، بتنفيذ البلدان له، بالتزامهم به، يتوجه الأمريكي توجهاً عدائياً ضد بلد، تتحرك الوسائل الإعلامية في العالم العربي، في معظم العالم الإسلامي، معه، داعمةً لموقفه، وهكذا، هم من يعطون فاعلية حتى في داخل بلدانهم، يعطون تأثيراً، فرصةً للتأثير في الموقف الأمريكي حتى عليهم.
الحالة هذه أيضاً من الخنوع، من السياسة الغبية، في التبعية للأمريكي، في التماهي معه، في الاستجابة له، كانت أيضاً مما تجلى أثناء معركة (طوفان الأقصى)، وما كان يجري على قطاع غزَّة، الشعب الفلسطيني، الشعب المظلوم والمضطهد، الذي هو جزءٌ من هذه الأمة، فلسطين بما فيها من المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، الذي هو من أهم مقدسات هذه الأمة، مسرى رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، فلسطين جزءٌ من بلدان العرب، من البلاد العربية، جزءٌ لا يتجزأ، جزءٌ واضح؛ مع ذلك كان الموقف في العالم العربي، في العالم الإسلامي بشكلٍ عام وبالدرجة الأولى في البلدان العربية ومن جهة الأنظمة العربية، كان ما بين متواطئٍ ومتخاذل، في معظمه ما بين متواطئ وبين متخاذل، في الوقت الذي اتَّجهت أمريكا بكل إمكاناتها، إلى درجة المشاركة مع الإسرائيلي، في الاستهداف للشعب الفلسطيني في غزَّة، في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزَّة، في تجويع الشعب الفلسطيني في غزَّة، في تجويع الشعب الفلسطيني في غزَّة، كان يتضوَّر جوعاً، يموت الأطفال من شدة الجوع، ومن شدة البرد… ومن غير ذلك، وبالقتل والإبادة بالقنابل الأمريكية، والمحيط العربي يتفرج، أنظمته تتفرج، لم تتجه في أي موقفٍ عمليٍ جاد أبداً، موقف عملي أكثر من مسألة قمم تسطر بيانات لا أكثر، بل على العكس، حتى الخطوات البسيطة، الأعمال البسيطة، المواقف البسيطة جداً، يعني: في المقاطعة للعدو الإسرائيلي في بعض الأمور.
على سبيل المثال: النظام السعودي، الذي استضاف عدة قمم لإصدار بيانات وانتهى الأمر، لم يتخذ إجراءً بحضر أجوائه ومطاراته على الطيران الإسرائيلي، هذه خطوة كان بإمكانه أن يعملها، سلطنة عمان أقدمت على هذه الخطوة، تضامناً منها مع الشعب الفلسطيني، وانزعج العدو الإسرائيلي من ذلك، حضرت أجوائها على الطيران الإسرائيلي، لكن النظام السعودي ولا حتى مثل هذا الموقف: أن يحضر أجوائه ومطاراته على الطيران الإسرائيلي، أن يمنع تدفق الصهاينة إلى بلاد الحرمين الشريفين، العدوان على أشده في قطاع غزَّة، ومشاهد الفيديوهات التي ينشرها الصهاينة من الرياض، ومن أماكن متعددة في المملكة العربية السعودية، وهم يرقصون، ويلعبون، ويحتفلون، ويمارسون طقوسات معينة، لم يوقف حتى هذا الخطوة، وخطوات أخرى، يعني: كان بإمكانه أن يقوم بإنهاء التصنيف لحركة حماس، ولكتائب القسام، وللإخوة المجاهدين في فلسطين بالإرهاب؛ لأنه يصنفهم بالإرهاب، أن يلغي هذا التصنيف، لم يتخذ هذه الخطوة، أن يُفرج عن معتقلي حماس المظلومين، الذين ليس لهم أي ذنب، ولا فعلوا بالنظام السعودي أي شيء؛ وإنما لموقفهم ضد العدو الإسرائيلي اعتقلهم، أن يُفرِج عنهم، خطوات بسيطة جداً، لم يُقدِم ولا على واحدة منها، لماذا؟
لأن الأنظمة العربية لم يكن عندها إرادة لأن تتخذ أي موقف عملي، عملي وليس بياني كلام في الهواء، مهما كان، متاحاً ممكناً، على المستوى الإنساني لم تجرؤ الأنظمة العربية أن تجتمع في موقف موحد، وتفرض إيصال الغذاء منها إلى الشعب الفلسطيني، الذي يتضوّر جوعاً في قطاع غزَّة.
الأنظمة المطبعة، الخائنة لأمتها، لم تتراجع عمَّا يسمونه باتفاقية [إبراهام]، وهكذا، يعني: لم يكن هناك أي اتجاه جاد لأي موقف، كان هناك من هو متواطئ واستمر في تواطئه، من هو متخاذل واستمر على خذلانه مهما حدث في فلسطين، وهذه كانت إشكالية واضحة جداً في الواقع، هذا نتيجةً لماذا؟ لذلك الخضوع، لذلك الخضوع، لتلك التبعية، لذلك الاسترضاء للسياسة الأمريكية.
كان التحرك المتميز على مستوى الساحة الإسلامية في مناصرة الشعب الفلسطيني، كان لمحور القدس والجهاد والمقاومة، كان لجبهات الإسناد، هي التي وقفت مواقف عملية، ومع ذلك انشغل البعض بالإساءة إليها، وبالدعم الإعلامي المكشوف والواضح جداً، الواضح جداً لإسرائيل، دعم إعلامي لإسرائيل، وتحرُّك عدائي إعلامياً ضد جبهات الإسناد، لماذا؟ لأنها قوى متحررة من الهيمنة الأمريكية، ليست خاضعة، ليست مُتَّبِعة، موقف بلدنا رسمياً وشعبياً ما كان ليكون بهذا المستوى من الوقوف مع الشعب الفلسطيني وقفةً صادقةً جادة، بسقفٍ عالٍ، وفي المقدمة الموقف العسكري في العمليات الصاروخية، والعمليات البحرية، ومنع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وخليج عدن، وباب المندب، والبحر العربي، ما كان ليكون لو لهذا التوجه المتحرر من الهيمنة الأمريكية، والخضوع لأمريكا؛
ولـذلك نشاهد من؟ نشاهد من جنَّدوا أنفسهم لأدوات أمريكا- يعني: عبيد لعبيد أمريكا- كيف كان موقفهم؟ ماذا كانت وقفتهم؟ ماذا عملوا لنصرة الشعب الفلسطيني؟ مع أن تحالف العدوان يسيطر على كل الساحل اليمني المطل على بحر العرب، وعلى كل الساحل اليمني المطل على خليج عدن، ويسيطر بشكلٍ مباشر على باب المندب، ويسيطر على جزء من الساحل على البحر الأحمر، مع كل ذلك لم يتحرك من تجندوا معه ولا لعملية واحدة ضد السفن الإسرائيلية، ضد السفن الإسرائيلية، ولا لعملية واحدة، وبإمكانهم أن يتحركوا عملياً، لم يكن لهم أي موقف عملي يساند الشعب الفلسطيني؛ بل كان منطقهم تجاه موقف بلدنا، الذي هو موقف مشرِّف بكل ما تعنيه الكلمة وواضح، ويفعل بلدنا كل المستطاع عسكرياً، وتحركاً شعبياً، وفي كل المجالات، كان منطق أولئك المتجندين مع تحالف العدوان نفس المنطق الإسرائيلي، نفس منطق [نتنياهو]، نفس منطق بقية المجرمين الصهاينة، لا يختلف عنه أبداً.
ولذلك نجد الفارق الكبير ما بين من يتحرك حُرّاً عزيزاً، لا يخضع للهيمنة الأمريكية وللسيطرة الأمريكية، ولا التبعية للأمريكي والإسرائيلي، وما بين مواقف الآخرين، الذين يخضعون للأمريكي، توظَّف هذه الحالة من الخضوع من جهة الأمريكي لمصلحة الإسرائيلي؛ لأن الأمريكي يهمه المشروع الصهيوني، فيخضع من خضعوا له بما يخدم المشروع الصهيوني.
ولـذلك كانت نتيجة ما هم عليه من تخاذل وتواطئ خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، على مدى خمسة عشر شهراً، بكل ما فيه من إجرام، ووحشية، وطغيان: أن يطمع الأمريكي منهم فيما هو أكثر؛ ولهذا نرى الآن الجنون الأمريكي، الجنون الأمريكي عندما يطرح الأمريكي الآن على بعض الأنظمة العربية: أن تستقبل هي الفلسطينيين عندما يقوم بتهجيرهم؛ لِيُهجِّر الشعب الفلسطيني من قطاع غزَّة إلى بلدانهم، هذا الطرح الذي هو غير عقلاني، واستهجنه كل العالم، وبدا غريباً جداً، ووضع الأنظمة العربية في وضع حرج جداً، وضع محرج للغاية، يعني: طرح بشع، وضعهم في مأزق غريب؛ لأنه لا يمكن الاستجابة لهذا الطلب الأمريكي، إلا ويكونون في وضعية مهينة للغاية للغاية للغاية، قد تنازلوا كلياً عن كل قيمةٍ للقضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت في حرج أمام شعوبهم إلى أنهى حد.
الطرح الأمريكي استهجنه الأوروبيون، وهم المتحالفون مع الأمريكي، والمرتبطون معه في مصالح كثيرة، واستهجنته مختلف بلدان العالم، مختلف الدول، فإذا قبل به بعض الأنظمة العربية، يكون هذا مُخزياً لهم إلى أنهى حد من الخزي، ومثَّل هذا مشكلة عليهم.
لماذا طمع الأمريكي، وتجرأ على أن ينطق بهذا الكلام، وأن يُقدِّم هذا الطلب؟ لما كانوا عليه سابقاً من تخاذل، من تواطئ… وغير ذلك؛ لـذلك الأمريكي لا يزال يكرر موقفه وكلامه، ويطرح ما يطرحه، بالرغم من أنهم أعلنوا- وهو موقفٌ جيد أن يعلنوا رفضهم لهذا الطلب الأمريكي، وأن يكون لهم موقفٌ قويٌ ضد هذا الطلب الأمريكي- لكن الأمريكي لا يزال يكرر بأنهم سيقبلون في النهاية، يعني: يطمع، هو يطمع فيهم أن يتنازلوا حتى عن موقفهم الذي أعلنوه حالياً، لماذا هذا الطمع؟ لما كان من سوابقهم السيئة جداً.
ففي هذا الظرف الراهن يجب أن يكون الموقف قوياً وثابتاً، هناك إجماع الآن، إجماع من جهة الفلسطينيين، إجماع من جهة الأنظمة العربية، إجماع عالمي على استهجان ورفض الموقف الأمريكي؛ لأنه موقف عدواني، بشع، مفضوح، يُعتبر فضيحة بكل ما تعنيه الكلمة، أن يتكلم الأمريكي بأنه يريد أن يُهجِّر الشعب الفلسطيني من قطاع غزَّة، ويريد أن يحتل غزَّة هو، ثم فيما بعد ذلك يطرح [ترامب] مسألة أنه يريد أن يشتري قطاع غزَّة، وكأنه عقار للمساومة والبيع والشراء، وليس جزءاً من وطن وبلد أصيل.
لكن هكذا هي النظرة الأمريكية، والاستهتار الأمريكي بكل شيء: استهتار بالقوانين، بالأنظمة، بالمبادئ، بالقيم، بالأخلاق، ليس عنده أي اعتبار لأي شيء مهما كان، مهما كان، يهمه أجندته ومصالحه، وما يحقق أطماعه هو والإسرائيلي معاً.
المهم الآن هو الثبات على الموقف، بالنسبة للأنظمة العربية، موقفها المعلن تجاه مسألة التهجير من قطاع غزة موقف جيد، لكن يجب أن تثبت على هذا الموقف، وألَّا تساوم ما فيه أبداً، وألَّا تقايض في هذا الموقف في اتجاهات أخرى عدائية ضد الشعب الفلسطيني، وتضر بقضية الشعب الفلسطيني؛ لأن الأسلوب الأمريكي والإسرائيلي هو أسلوب مخادع، يطرح أحيانا سقفاً أعلى، ثم يدخل أيضاً لمقايضات ومساومات، لكن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وتكون بما يحقق مكاسب مرحلية، للوصول إلى الهدف الذي لم ينجح في الوصول إليه، ليصل إليه فيما بعد، فيجب أن يكون هناك حذر أيضاً من هذا، وأن يتَّجه الجميع للوقفة الصحيحة.
يعني: الأمريكي الآن طرح، كما يقال في المثل: (إذا أحببت ألَّا تُطاع فاطلب ما لا يستطاع)، طلب من الأنظمة التي تتفاهم معه، تتعاون معه، تتماهى معه، طلب منها مطلباً لا يستطاع، يصعب عليها أن تُنفِّذ هذا المطلب، إذاً هذه فرصة لها، لأن تتَّجه اتجاهاً تتعلم أن تقول فيه: [لا]، أن تقول لأمريكا: [لا]، أن تخرج عن حالة الخنوع والتبعية والطاعة، أن تخرج من بيت الطاعة الأمريكي وتتعود لتقول: [لا]، وأن تتَّجه من جديد كل أمتنا بمختلف بلدانها وأنظمتها وقواها لتتعاون، لتتفاهم، في إطار هذا الموقف الذي يرفض التوجه الأمريكي، لا يسمح أبداً بمسألة التهجير للشعب الفلسطيني، لا من غزَّة، ولا من الضفة الغربية، ولا من القدس، ولا من أي مكانٍ ولا بقعةٍ في فلسطين.
الموقف من التهجير للفلسطينيين يجب أن يكون موقفاً قوياً ثابتاً، وأن يمثل الالتقاء عليه فرصة لتعزيز هذا التعاون، تقوية هذا الالتقاء، ليتحول إلى تعاون وتفاهم، والتفاف جاد حول هذا الموقف؛ لأنه ليس من مصلحة أحد أن يقبل بذلك أبداً، فهي فرصة للتحرر، لقول: [لا] للأمريكي، لمنع تنفيذ أهدافه العدوانية التدميرية ضد أُمَّتِنا، وأيضاً للوعي بأن كل الخيارات الأخرى التي تطرحها الأنظمة العربية، والزعماء العرب، هي خيارات غير مجدية، لا عند الأمريكي، ولا عند الإسرائيلي.
الإسرائيلي واضحٌ تماماً في أنه لا يمكن أن يقبل بإقامة دولةٍ فلسطينية على جزءٍ من فلسطين، لا يريد هذا، واضحٌ في ذلك، في الكِنِيسِت، في مواقف كبار مجرميه، والمسألة واضحة في هذا.
فإذاً إصرار العرب على أن يطرحوا دائماً خيار حل الدولتين، الدولتين، الدولتين، وخيار القبول بأن يكون للفلسطينيين جزء ضئيل جداً من فلسطين، وأن يصادر بقية فلسطين لصالح العدو الإسرائيلي، وهذا الجزء الضئيل تكون عليه مسمى دولة، بدون أن تكون دولة حتى حقيقية، وأن تكون خاضعة للإسرائيلي بدون جيش، بدون قوى عسكرية، بدون إرادة حُرَّة، ولا سياسة خارجية… ولا أي شيء، ولا تتمتع حتى بحقوقها كاملة، هذا الخيار لا ينجح، وليس مجدياً؛ ولـذلك ينبغي أن يغيروا سياساتهم، أولاً: تجاه المقاومة الفلسطينية والمجاهدين في فلسطين، أن تغيّر الأنظمة العربية سياستها السلبية تجاههم، أن تحتضنهم، أن تدعمهم مادياً، وإعلامياً، وسياسياً، وليس هناك أي حرج عليها، هم يستندون إلى كل دليل، يعني: موقفهم موقف شرعي، إسلامي، ديني، إنساني، بوفق القانون الدولي، وفق مواثيق الأمم المتحدة، وفق كل الاعتبارات، هم شعبٌ يكافح عن أرضه، عن حقه، عن حقوق مشروعة معترف بها بكل الاعتبارات؛ ولـذلك المفترض أن يغيروا ذلك، وأن يقفوا موقفاً صحيحاً.
الآن الخطورة في الموقف الأمريكي على الضفة، والعدو الإسرائيلي يرتكب الجرائم في الضفة الغربية، ويعتدي في جينين، في طولكرم… في أماكن أخرى من الضفة الغربية، أمام ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية يجب أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي ضاغط؛ لإيقاف ذلك، ومساند للشعب الفلسطيني، وأمام ما يقوم الأمريكي به أيضاً من مؤامرات على الضفة وغزَّة معاً، يجب أن يكون هناك موقفٌ قوي.
السفير الأمريكي لدى العدو الإسرائيلي يقول: بأنه ستتحقق نبوءات توراتية في عهد إدارة [ترامب]، ويعني بذلك: المشروع الصهيوني، وهذا في المقدمة يُبشِّر الإسرائيليين بالسيطرة على الضفة ومصادرة الضفة الغربية.
هنا يتضح أنه ليس هناك أفق حتى للسلطة الفلسطينية، التي هي- للأسف الشديد- بجهازها القمعي تتعاون مع العدو الإسرائيلي، حتى في هذه الأيام هي تواكب الاعتداءات الإسرائيلية في جنين، وطولكرم… وغيرهما، تواكبها، وتتعاون مع نفس العدوان والاعتداءات الإسرائيلية، وتقوم بعمليات موازية، تعتقل بها، تخطف بها، تقتل بها، يعني: تتعاون بشكلٍ مباشر مع العدو الإسرائيلي، على أي أساس؟! هل هناك أفق سياسي تأمل فيه، في ظل هذا التوجه الأمريكي المعلن الواضح والصريح، المتنكر لكل الحقوق الفلسطينية، والذي هو متنكرٌ أيضاً لكل ما قد سبق من اتفاقيات وغيرها؟!
المفروض أن السلطة الفلسطينية تُغيِّر من توجهاتها السلبية، المرحلة هي مرحلة التوحد والتعاون من الجميع، مهما كانت التباينات سابقاً، ومهما كانت الخيارات سابقاً، الأمور جلية وواضحة، أمام هذه الغطرسة الأمريكية، وأمام هذا العدوان الأمريكي، والتنكر البشع المستهجن من كل العالم، يجب أن يكون هناك توحد على المستوى الفلسطيني، والعربي، والإسلامي، الدول الأخرى على المستوى العالمي تستهجن الطرح الأمريكي وتنتقده، لكن لن يرقى استهجانها إلى موقف عملي، هذه المهمة هي مهمة من؟ هي مهمتنا نحن المسلمين، إذا كُنَّا ننتظر من الصين، أو من الأوروبيين، أو ننتظر من روسيا، أو ننتظر من أي بلدٍ في العالم أن يقاتل ضد الإسرائيلي وضد الأمريكي على فلسطين، هذا وهمٌ وسراب، الآخرون موقفهم السياسي، الإعلامي، قد يصل أحياناً إلى مستوى متقدم على مستوى خطوات اقتصادية، كما في بعض الدول الأوروبية، لكن الموقف القوي هو في عهدة المسلمين والعرب؛ ولـذلك يجب أن يتوحد الجميع على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي، وأن يكون لهم موقف حاسم تجاه التوجهات الأمريكية.
وبإمكان الجميع، إذا استعانوا بالله، ووحدوا موقفهم، أن يُفشلوا التوجه الأمريكي، يعني: البعض يتصور أن أمريكا إذا أرادت شيئاً فإنما تقول له كن فيكون، لا، يمكن للأمريكي أن يفشل، عندما قال [ترامب] بأنه سيشتري قطاع غزَّة، ممن؟ من أهالي غزَّة؟ من هو في مثل ما عليه أهالي غزة، من وطنية، وحُرِّيَّة، وشرف، وعِزَّة، وصمود، وإباء، وتضحية، وهم الذين وقفوا وقفةً ثابتةً، وتمسكوا بحقهم على مدى خمسة عشر شهراً في ظل ما يعانونه من إبادة جماعية، وتدمير شامل، وعدوان لا نظير له في كل الدنيا، هل تتصور أيها الغبي الأحمق أن أولئك الشرفاء بعد كل هذا الصمود الذي لا مثيل له، والتضحية الكبيرة، سيبيعونك وطنهم؟ ممن ستشتري غزَّة؟ جاهل مائق، أحمق أرعن، يتعامل كتاجر في كل شيء، ويتصور أن الآخرين سيساومونه في كل شيء.
الظروف مواتية، بعد أن وصل الأمريكي إلى هذا المستوى من الانكشاف والفضيحة، وطلب المستحيل، الظروف مواتية للعرب، للمسلمين، للفلسطينيين، أن يتوحدوا في موقفهم هذا، ضد مساعي أمريكا لتهجير الشعب الفلسطيني من غزَّة، ومن الضفة، ومن أي بقعةٍ في فلسطين، هذه مسألة مهمة.
والإسرائيلي عليه أن يدرك أنه مهما كانت رهاناته على الأمريكي، لن يصل إلى تحقيق أهدافه، إن اتَّجه إلى التصعيد- وهو الآن يماطل في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق- إن اتَّجه إلى التصعيد، فهذا التصعيد سيقابله صمودٌ من الشعب الفلسطيني، وثباتٌ من الشعب الفلسطيني، وفشلٌ إسرائيلي، مع الشعب الفلسطيني سيقف أحرار هذه الأمة، نحن مستمرون في موقفنا، أيدينا على الزناد، حاضرون للاتجاه الفوري للتصعيد ضد العدو الإسرائيلي، إذا عاد للتصعيد على قطاع غزَّة، إذا تصور أن بإمكانه أن يعود إلى عدوانه الشامل على قطاع غزَّة، في ظل هذا الاحتضان الأمريكي، الذي وفارق في الموقف الأمريكي هو الكلام، وإلَّا فـ[بايدن] وإدارته كانوا يفعلون مع الإسرائيلي بمثل ما يفعله [ترامب]، ضخوا له القنابل، شاركوه بكل شيء، قدَّموا له كل الدعم، الفارق هو في المنطق الترامبي الذي هو منطقٌ مفضوحٌ ومكشوف، هذا هو الفارق.
ولـذلك الإسرائيلي إذا تصور أنه سيحقق أهدافه مع [ترامب] ضد قطاع غزَّة، فهو خائبٌ بإذن الله تعالى؛ لأن الشعب الفلسطيني سيقابل ذلك بالصمود، ومعه أحرار هذه الأمة، ونحن- كما قلنا- سنقف وقفةً كاملة، عسكرياً وفي غير المجال العسكري، في كل المجالات، خطط [ترامب] وفريقه، و[نتنياهو] المجرم ورفاقه المجرمين، هي خطط غير قابلة للنجاح، حتى على كيان العدو أن يعرفوا هذه الحقيقة: أن تلك الخطط خطط غير قابلة للنجاح، وأن الالتفاف على الاتفاق، والعودة إلى العدوان والتصعيد، لن تحقق لهم لا نتائج خروج الأسرى بدون صفقة تبادل، بل تمثل خطورةً عليهم، وفي نفس الوقت لن تحقق لهم أي أمن، ولا اطمئنان، سيعودون إلى حالة وظروف وأجواء الحرب، ومخاطر الحرب، في الوضع الأمني، في الوضع العسكري، في الوضع الاقتصادي نفسه، مهما كان الدعم الأمريكي؛ ولـذلك فليس من مصلحتهم أن يتَّجه المجرم [نتنياهو] إلى عدوان جديد، ويتصورون أن الأمور ستكون مريحة، وسَتُنَفَّذ كل الخطط التي هي غير قابلة للتنفيذ، الهدف الإسرائيلي واضح، ولكنه لن يتحقق بإذن الله تعالى.
فيما يتعلق بلبنان، نحن نرقب باستمرار ما يجري هناك، ونحن نؤكد على ثبات موقفنا مع إخوتنا في المقاومة الإسلامية في لبنان، ومع الشعب اللبناني، الهدف الإسرائيلي من التمديد ومعه الأمريكي، كان واضحاً، هو: مواصلة العدوان في تدمير ما بقي في القرى اللبنانية من مساكن ومنازل وتجريف الأراضي الزراعية والمزارع، وقلع أشجار الزيتون؛ ولـذلك في كل هذه الفترة من التمديد ما الذي يفعله العدو الإسرائيلي هناك؟ تدمير ونسف للمباني بالألغام، إحراق لبعضها، جرف للأراضي الزراعية، تخريب حتى للطرق ما بين البلدات والقرى، في بلطجة وإجرام وعدوانية، مكشوفة، يعني: ليس هناك ما يسمونه بهدف أمني، هدف عدواني، وليس هناك- أصلاً- أي هدف أو عنوان يبرر الاستمرار في الاحتلال لجزءٍ من لبنان؛ ولـذلك نحن إلى جانب إخوتنا في المقاومة الإسلامية وحزب الله، ومع الشعب اللبناني، وحاضرون في أي مرحلة تصعيد أو عدوان شامل على لبنان، إذا اتَّجه العدو الإسرائيلي إلى ذلك، أن نقف وقفةً كاملة، على المستوى العسكري وغيره، مع الشعب اللبناني، ومع إخوتنا في المقاومة اللبنانية.
فيما يتعلق بالمناسبة الثانية: فيما يتعلق ببلدنا من المناسبات، تحدثنا هذا في إطار المناسبة الأولى، وهي: مناسبة طرد الأمريكيين وهروبهم المذل من صنعاء، المناسبة الثانية في هذه الذكرة، هي: ذكرى ثورة الحادي عشر من فبراير 2011:
وكانت ثورةً شعبيةً خرج فيها الشعب اليمنى، لكن اتَّجهت القوى الخارجية على رأسها أمريكا، لمحاولة السيطرة على هذه الثورة، والمصادرة لإرادة شعبنا اليمنى، وعملت من خلال قواها وأذرعها على أن تصادر على شعبنا العزيز إرادته الحُرَّة من هذه الثورة، وأهدافه منها، فتعرضت هذه الثورة للاختراق، بركوب الموجة من أدوات الخارج، إلَّا أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر صححت المسار، وإلا فكان الخارج فعلا قد نجح في احتواء هذه الثورة؛ ولـذلك فالامتداد والنجاح لهذه الثورة هو تحقق بثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
هناك مناسبة أخرى، هي: ذكر انتصار الثورة الإسلامية في إيران على نظام الشاه، الذي كان عميلا لأمريكا وإسرائيل:
في هذه المناسبة نتوجه بالتهاني والمباركة لإخوتنا في الجمهورية الإسلامية قيادةً وشعباً، انتصار الثورة الإسلامية في إيران كان مكسباً عظيماً للشعب الإيراني المسلم، ومكسباً كبيراً للقضية الفلسطينية.
ما قبل الثورة الإسلامية في إيران، كان الشاه ونظامه عميلاً لأمريكا، وعميلاً لإسرائيل، عميلاً واضحاً لإسرائيل، ومتعاوناً مع الإسرائيلي، تغيَّر هذا تماماً عندما أتت الثورة الإسلامية، وانتصرت في الجمهورية الإسلامية في إيران، تحولت إيران إلى أكبر سند على مستوى البلدان العربية والإسلامية للقضية الفلسطينية، وللشعب الفلسطيني، ولمجاهدي فلسطين، هي مكسب للعرب، الشاه لم يكن هو ونظامه لمصلحة العرب؛ لأن أكبر تهديد على العرب هو العدو الإسرائيلي، لم يكن لي يقف مع العرب ضد إسرائيل، الآن الجمهورية الإسلامية تقف مع العرب ضد الإسرائيليين وقفةً واضحة وصريحة، وتوجهها ودِّي ومكسب للمسلمين جميعاً.
الجمهورية الإسلامية- كما قلنا- وقفت مع الشعب الفلسطيني، مع مجاهديه بثبات ووفاء منذ انتصار الثورة الإسلامية، وإلى الآن لم تُغيِّر ولم تُبَدِّل، سعت وتسعى باستمرار إلى علاقات ودِّية وأخوية، وحسن جوار مع العرب، حتى مع الأنظمة التي تتخذها عدواً من أجل أمريكا، ومن أجل إسرائيل، تسعى الجمهورية الإسلامية إلى تحسين العلاقات معها.
المنطق الذي تسعى أمريكا إلى أن يكون منطقا سائداً في العالم العربي: أن إسرائيل هي صديق العرب، وأن إيران هي العدو والخطر، هو منطق إسرائيلي، ومنطق أمريكي مخادع، يسخر حتى من العرب، عندما يستجيب البعض للمنطق الإسرائيلي والأمريكي ويتبناه، فهذا هو عين الغباء، وعين السذاجة، وهو الضلال، هو الضلال، إذا وصل الإنسان إلى أن يلتبس عليه الحال، فلا يميِّز بين العدو والصديق، فالحيوانات تميِّز بين أعدائها وأصدقائها من الحيوانات، يصل الإنسان بذلك إلى مستوى متدنٍ دونما عليه حتى الحيوانات، من المؤسف أن يتبنى البعض المنطق الإسرائيلي بنفسه، بقيت إسرائيل تتكلم لفترة طويلة، ثم انتقل هذا المنطق بنفسه إلى آخرين من العرب، يستمرون أربعة وعشرين ساعة في الكلام به دون توقف، أكثر حتى من الأذكار عند المؤمنين: [إيران إيران، العدو هو إيران، الخطر هو إيران… وهكذا]، يعني: أكثر مما يسبح المؤمنون من تسبيحات، هذا غباء رهيب جداً، والبعض عمالة بكل ما تعنيه الكلمة.
إسرائيل هي عدو هذه الأمة، عدو العرب أولاً، خطرها على العرب يصل أولاً؛ لأنها تريد احتلال بلدانهم هم، وعدو لإيران، وعدو لكل المسلمين، وخطر على الجميع؛ ولذلك في هذه المرحلة حتى مع الجنون الأمريكي والترامبي، من واجب المسلمين أن يتفاهموا، أن يتعاونوا، أن يلتقوا، أن تجتمع كلمتهم، وأن يلتفوا جميعاً حول موقفٍ موحَّد، ضد مساعي أمريكا وإسرائيل.
من يتصور أنه سيكسب الأمريكي فهو واهم، الأمريكي- أيها العرب- من الممكن أن يأخذ أموالكم، كل أموالكم، وهذا بالنسبة للأمريكي أمرٌ يسعده، لكن مهما قدمتم له من مال، ومواقف، ودعم، فكل همه هو خدمة الإسرائيلي، أنتم بالنسبة له مجرد مستغلين، يسميكم بالبقر الحلوب، من لديه المال منكم ويقدِّم له المال، يعتبره بقرةً حلوباً؛ ومن لا مال له، يريد أن يضحي بنفسه، بروحه، بحياته، أن يقاتل مع الأمريكي، يريد منكم أن تقاتلوا في سبيله بالنفس والمال؛ من أجل خدمته هو والإسرائيلي.
همُّ الأمريكي في المنطقة هو الإسرائيلي؛ ولـذلك لا يرعى للآخرين أي حرمة، ولا أي اعتبار، ولا أي قيمة، ولا يستحي، وهو يجاهر بأنه يريد من الآخرين كلهم ما يخدم به الإسرائيلي، فهناك فرصة للتحرر من هيمنة الأمريكي.
في ختــــام الكلمــــة، نؤكد على موقفنا الثابت، المبدئي، والإنساني، والأخلاقي، والديني، في نصرة الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزَّاء على كل المستويات: عسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً، والجهاد بالنفس والمال بكل ما نستطيع، لن نتردد في ذلك أبداً، بأعلى سقف نستطيعه، ونسعى إلى ما ليس بوسعنا لكي نصل إليه بمعونة الله تعالى، ونحن حاضرون حتى للتدخل العسكري، في أيِّ جولة تصعيد ضد غزَّة، في أيِّ وقتٍ من الأوقات.
نؤكد أيضاً على موقفنا الثابت في رفض السيطرة الأمريكية على بلدنا مهما كان، هذه الذكرة هي ذكرى ليومٍ تاريخيٍ لشعبنا العزيز، وانتصارٍ إلهيٍ عظيم، في الخلاص من السيطرة الأمريكية، والهيمنة الأمريكية، نحن سنعمل على الدوام على صون هذا المكتسب العظيم، وهو حُرِّيَّة شعبنا واستقلاله؛ لأن هذا مهم في الكرامة الإنسانية، وفي العزَّة الإيمانية.
تحقق هذا المكتسب العظيم بفضل الله تعالى، وبوعي وحركة وثورة شعبنا العزيز، وهذه الحُرِّيَّة وهذا الاستقلال سيعمُّ- بإذن الله- ربوع اليمن.
موقفنا هذا ضد الهيمنة الأمريكية، وضد السيطرة الأمريكية، هو الذي يعبِّر عن إرادة شعبنا العزيز، وينسجم تماماً مع هويته الإيمانية، هو شعبٌ ينتمي للإيمان، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون:8]، ونحن في إطار هذا الموقف نتحرك كما قلنا: حُرِّيَّتنا دين، عِزَّتنا إيمان، لن نخضع إلا لله تعالى، ونحن نعتمد عليه، ونتوكل عليه، ونثق به، وهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي قال في القرآن الكريم: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40].
موقفنا هو حاسم وثابت، مهما كانت التحديات؛ لأنه يستند إلى أسس لا يمكن التفريط بها، ولا المساومة عليها، يستند إلى الإنسانية، والأخلاق، والدين، والقيم، وهو موقفٌ راشد، على بصيرةٍ من أمرنا، نحن ندرك المخاطر الحقيقية للسيطرة الأمريكية، وأن ذلك خسارةٌ للدين والدنيا، خسارةٌ لمستقبل أي بلدٍ مهما كان.
ولهذا فالدرس الكبير من هذا اليوم، من هذه الذكرة، في الهروب المذل للمارينز الأمريكي من صنعاء، وهم يُحطِّمون هم أسلحتهم بأيديهم في صنعاء، قبل هروبهم في المطار، الدرس الكبير جداً هو: أنه عندما يتحرك شعبٌ بإرادة صادقة، وتوكلٌ على الله تعالى، فإنه ينتصر، وإنَّ الله يمدُّه بالمعونة، مهما كان الطغاة في إمكاناتهم المادية، مهما كانت لديهم من قدرات عسكرية، هربوا بذل، حطَّموا هم أسلحتهم وهربوا، خرجوا ليتآمروا من بعيد على بلدنا، وليورطوا الأغبياء ليقاتلوا بالنيابة عنهم ويدفعوا لهم المال في نفس الوقت.
موقف الأمريكي هو يعتمد بالدرجة الأولى على الاختراق، على استغلال الآخرين؛ وإلَّا فهو ضعيف أمام كل شعب يتحرك بإرادة جادّة وصادقة ويتوكل على الله، لدى شعوبنا كل عناصر القوة: إيمانها بالله، توكلها على الله، انطلاقتها على أساس توجهات الله تعالى، بقيم دينها، بأخلاق دينها، هذا عنصر قوة، تحظى به الشعوب بنصرٍ من الله، ومعونةٍ من الله، وتحظى بالثبات في موقفها؛ لأنها تستند إلى دعم معنوي هائل، إلى أسس قوية جداً، وهذا ما رأيناه في الدرس من هذا اليوم، هرب الأمريكيون من اليمن، بعد أن كانوا فيما سبق يقفون بطغيان وتكبر، تنحني أمامهم رؤوس كل المسؤولين، يخضعون لهم، يخشعون أمامهم، يستذلون الكل، يتدخلون في كل الأمور بغرور وكبر، ثم هربوا بذلة من اليمن.
رأينا ثمرة الصمود، والاعتماد على الله، والتحرك على أساس إرادة جادّة لدى الشعوب، في موقف الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، بالرغم أن الظروف كانت صعبة للغاية، من حيث الإمكانات في نقطة الصفر، ماذا كان رأس مال الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة؟ هو الإيمان، الإيمان بالله، الإيمان بقضيتهم، الإيمان في التمسك بحقوقهم المشروعة، في أن يكونوا أحراراً، ألَّا يقبلوا بالخنوع والخضوع لأعدائهم، وكانت النتيجة لصالحهم، اليوم الثاني في قطاع غزة كان يوماً للانتصار الفلسطيني، كان يوماً حماسياً، ظهرت فيه كتائب القسام بكل شموخ وعزة، وكذلك معها بقية رفاقها المجاهدين من الفصائل الفلسطينية الأخرى، هذه هي ثمرة من ثمرات الانتصار.
الثورة الإسلامية في إيران انتصرت؛ لأن الشعب الإيراني المسلم تحرَّك وهو يحمل إرادة الخلاص من الهيمنة الأمريكية، والسيطرة الأمريكية، من خلال الشاه الذي كان عميلاً ذليلاً تابعاً لأمريكا وإسرائيل، وانتصر الشعب الإيراني المسلم.
في لبنان، حزب الله مَنَّ الله على يديه بالانتصارات الكبيرة، في مراحل متعددة، بعد أن كان العدو الإسرائيلي قد وصل إلى بيروت، ثم هُزِم وأُذل وطُرد، وأتى تحرير عام 2000، بانتصارٍ تاريخيٍ إلهيٍ عظيم؛ لأن المقاومة وحاضنتها الشعبية حملت الإرادة والإيمان، واتّجهت بقوة، فانهزم العدو الإسرائيلي أمامها، وانهزم في 2006 هزيمةً مذلة بكل ما تعنيه الكلمة، وانهزم في هذه المواجهة، التي كان يريد من خلالها أن يقضي بشكلٍ كامل على حزب الله، وأن يُنهي المقاومة في لبنان نهائياً، وأن يُخضع لبنان له وللأمريكي، حتى عندما أتى تشكيل الحكومة في لبنان، بكل وقاحة يتحدث الأمريكيون عن اعتراضهم عن تمثيل حزب الله والمقاومة في هذه الحكومة، فشلوا في ذلك.
على شعوبنا أن تكونوا واثقةً بالله تعالى، وأن تتَّجه الاتجاه الصحيح، الذي يكفل لها حُرِّيَّتها وكرامتها الإنسانية، ويحفظ لها حقوقها المشروعة، ويحفظ لها دينها ودنياها، وعليها أن تنظر النظرة الصحيحة تجاه الأمريكي، من هو؟ ما هي أهدافه؟ ما هي توجهاته؟ أنه عدوٌ حقيقيٌ لهذه الشعوب، بأطماعه، وبتبنيه للمشروع الصهيوني، وكذلك في نظرتها للعدو الإسرائيلي؛ وبالتالي ما هي الخيارات الصحيحة، والمواقف الصحيحة التي تتبنها هذه الأمة.
ونقول لكل الآخرين الذين ألَّهوا أمريكا، وينظرون إليها- كما قلنا- نظرة أنها إذا أرادت للشيء أن يكون إنما تقول له كن فيكون، نقول: جربوا في الحد الأدنى أن تكفوا عن التورط مع أمريكا، اتركوها، اتركوها لوحدها، وانظروا كيف ستكون، أمريكا ظهرت ذليلة، وهربت من اليمن في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في هذه الذكرة، هربت، وهرب المارينز الأمريكي، ظهرت في موقفها الضعيف.
وشعبنا العزيز في إسناده للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وشعبنا يسانده بالعمليات البحرية ضد العدو الإسرائيلي وسفنه، والسفن التي تحمل البضائع له، وفي العمليات أيضاً المساندة لاستهداف العدو الإسرائيلي إلى عمق فلسطين، أتت أمريكا لتساند العدو الإسرائيلي، وأعلنت عدوانها على بلدنا، لكنَّ شعبنا بإرادته الإيمانية، وتوجهه الإيماني، ثبت على موقفه، فهل سقطت السماء على الأرض؟
بقي شعبنا العزيز على مدى خمسة عشر شهراً يخرج خروجاً مليونياً أسبوعياً، متمسكاً بموقفه، موقف عسكري، موقف شامل، العمليات مستمرة، الصواريخ استهدفت حتى حاملة الطائرات، عدة حاملات طائرات التي هربت، واستهدفت السفن والبوارج الحربية، أمريكا نفَّذت غارات جوية، أتت بطائرة الشبح من أمريكا لتقصف، استخدمت قاذفات القنابل، استخدمت مختلف ترسانتها الحربية، لكن بقي شعبنا صامداً، ثابتاً، موجوداً، حاضراً، حُرّاً؛ لأنه يعتمد على الله، ويتَّجه هذا التوجه الصادق، هذا هو الخيار الصحيح، والموقف الصحيح، ونحن ثابتون على ذلك، مهما كانت التحديات.
نحن نثق ونؤمن- وهذا ما يجب أن يستحضره الجميع، في كل أنحاء الوطن العربي، في كل العالم الإسلامي- نثق بوعد الله تعالى الوعد الحق، بزوال الكيان الإسرائيلي المؤقت، هذا وعد الله، آياته في كتابه، هذا جزءٌ من ديننا، وهو جزءٌ من يقيننا وإيماننا؛ ولـذلك علينا أن نكون مطمئنين في خياراتنا الصحيحة، ومواقفنا الصحيحة، تجاه العاقبة المحتومة، التي وعد الله بها عباده المتقين، وتجاه أيضاً الوعد الإلهي، الذي سيتحقق حتماً، وسيزول الكيان العدو، المجرم، المغتصب، المحتل، الإسرائيلي، الخسارة في نهاية المطاف هي لليهود الصهاينة، هي لمن معهم أيضاً ومن والاهم، عاقبة الخسران والندم.
أَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
الله أكـــــــــــبر
الـموت لأمريكـــا
الـموت لإسرائيــل
اللعنة على اليهود
النصــــر للإســلام