مما يقي من التأثر بالضلال: المقاطعة للقنوات المضلة والارتباط بالهدى 

موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

اليهود لهم دورٌ أساسي؛ لأنهم كانوا هم من عملوا على الزيغ بالنصارى، والانحراف بهم إلى درجة الشرك، اخترقوهم، ويعملون أيضاً في الوسط الإسلامي في أسلوبهم الخطير جدًّا للإضلال، وللتحريف والانحراف بالمسلمين، الله قال عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، يقول عنهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100]، وهم يحرِّكون من يواليهم من النصارى في هذا السياق، في حربهم ضد الإسلام والمسلمين، وفي الاستهداف بالحرب الناعمة الفكرية، الثقافية.

والخطر الكبير في هذا الجانب هو– في عصر الإنترنت، في عصر القنوات الفضائية- التلقي الفوضوي، التلقي الفوضوي؛ لأن ما يصل بالناس إلى مستوى الانحراف الكبير في عقائدهم الدينية، وفي معتقداتهم ومفاهيمهم التي يحسبونها على أنها من الدين الإلهي، هو الضلال، كما تحدثنا بالأمس، وكما وضَّحنا على أساس قول نبي الله إبراهيم فيما ذكره الله عنه، مخاطبا لأبيه آزر: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الأنعام:74].

الضلال هو الذي يصل بالناس إلى أن يدينوا بالباطل، حتى الباطل المكشوف، السخيف، الواضح البطلان، الذي لا يحتاج إلى دليل، مثلما شرحنا شرحاً تفصيلياً عن قصة الأصنام، وصناعتها، وشرائها، أو إهدائها مثلاً، ثم يعتقدونها آلهة، يعني: أمر سخيف في غاية السخافة! لكنَّ الضلال هو يفعل هكذا بالبشر: يجعل الإنسان يتقبَّل ما هو في منتهى السخافة والبطلان، ما هو في أعلى مستوى من وضوح بطلانه، فيعتقده، ويتشبث به، ويُصرّ عليه، لو أمكن للبعض أن يعتقدوا أنه ليس هناك في الأرض لا ليل ولا نهار، لفعلوا ذلك يعني، يمكن للضلال أن يصل بالإنسان إلى مثل هذه الدرجة من التنكر لأوضح الحقائق وأجلاها وأبينها، فالمشكلة الخطيرة جدًّا على الكثير من المسلمين هي: التلقي الفوضوي والعشوائي من القنوات الفضائية، من الإنترنت.

ولذلك تصل الحال بالبعض من المسلمين في كثير من المجتمعات، وفي بعضها أكثر، يعني: حسب الإحصائيات: أن أكثر دولة من بلدان المسلمين فيها حالة ارتداد عن الإسلام هي السعودية، هذا حسب الإحصائيات التي تُقدَّم، فيها ارتداد صريح يعني عن الإسلام، يعني: ناس يخرجون من الإسلام بالكامل، ويعلنون ردتهم عن الدين الإسلامي، إمَّا بعضهم إلى الإلحاد، وبعضهم إلى النصرانية، وبعضهم إلى ملل أخرى، لكن لماذا؟ هناك أيضاً في اليمن، في مختلف البلدان، من يحصل لهم مثل هذه الحالة، مما يتحول إلى البهائية، أو الأحمدية، أو غيرها من الملل الأخرى.

الكثير منهم يتأثر بماذا؟ لأنه يقوم بمتابعة قنوات فضائية تدعو لذلك الضلال والباطل، وهو ليس محصناً بالهدى، ليس لديه لا اليقين، ولا المعرفة الكافية؛ فيتأثر بشبهاتهم، وهم يفلسفون للضلال والباطل بزخارف القول، التي يتأثر بها من لا يمتلك الوعي، ولا المعرفة، ولا الفهم، ولا اليقين، ينخدع، والبعض من خلال الإنترنت، كثيرٌ ممن ضَلُّوا وارتدوا وانحرفوا عن طريق الإنترنت، والبعض عن طريق دعاة، دعاة للضلال؛ لأن للضلال دعاةٌ ورعاة:

  • دعــاة: يدعون إليه، يُقدِّمون للناس الشُّبه، يتفلسفون له؛ لإقناع الناس، ولخداعهم، وينفق عملهم في الخداع بزخارف القول والشبه، على من لا يمتلك لا وعياً، ولا معرفةً، ولا يقيناً، ولا بصيرةً في دينه، وهو مضطرب ومرتبك.
  • وهناك رعاة: وهم المستفيدون، من مثل: سلطات ظالمة، قوى نافذة، ترى أنها مستفيدةً بنفوذ سياسي، أو مستفيدةً مادياً، أو بنفوذ اجتماعي، أو مقامات معنوية… أو غير ذلك، شرحنا عن هذه النقطة، وعن بعض الملوك: كيف كان فرعون، وكيف كان النمرود، الذي يُقدِّم نفسه على أنه من آلهتهم، ويُدَجِّنون له الناس إلى هذه الدرجة، وهو ارتاح للموضوع، فالمسألة خطيرة جدًّا.

ولهـذا مـن أهــم الأشيــاء التي تقـي مـن التأثُّــر بـذلك الضـــلال هــو:

  • المقاطعة، المقاطعة للقنوات الفضائية، للمواقع المضلة، القنوات الفضائية المُضِلَّة التي تنشر الضلال، لا تتابع أي قناة تنشر الضلال، قاطعها، لا تتابع أي مواقع على الإنترنت تروِّج للباطل وتُقدِّم الشُّبه، اعمل على مقاطعتها، هذه مسألة مهمة، {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:68]، المقاطعة، المقاطعة هي حل لأكثر الناس؛ لأن أكثر الناس لا يمتلكون من الوعي والمعرفة والفهم ما يتحصنون به من الشبه؛ وبالتالي يتأثرون بالشبه.

كذلك من دعاة الضلال، دعاة الضلال أينما كانوا، فالمهم هو مقاطعتهم، عدم الإصغاء لهم، عدم التقبل منهم، وهذه مسألة مهمة جدًّا.

  • ثانياً: الارتباط بالهدى، الإنسان بحاجة إلى أن يرتبط بالهدى، وبالهداة، وطريق الهداية، وأن يحاول أن يستبصر، أن يكون واعياً، أن يكون فاهماً، أن يكون على معرفة بدينه، بالأسس المهمة لدينه، بالمبادئ الأساسية، هذه مسألة مهمة جدًّا، وأن يعرف أين هي قنوات الهداية، ومصدر الهداية، وطريق الهداية؛ ليرتبط بها، وأن يدرك الإنسان بشأن هذين العنوانين: (الهدى، والضلال) أنهما الأساس، يعني: مسيرة الإنسان في حياته: إمَّا أن تكون على هدى، وهذا فيه النجاة؛ وإلا فلن تكون إلا على ضلال، وفي هذا الهلاك والخسران والعياذ بالله، والله علَّمنا حتى في الصلاة، كيف نعي أهمية هذه المسألة، في قوله تعالى يعلمنا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: 6-7].

 

المحاضرة الرمضانية الخامسة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله ” 5 رمضان 1446هـ

قد يعجبك ايضا