التصعيد اليمني يفاقم القلق الإسرائيلي والتخبط الأمريكي
موقع أنصار الله . تقرير | يحيى الربيعي
تتصاعد المخاوف في الكيان الإسرائيلي من جدية التهديدات التي أطلقها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي. إذ أكد السيد القائد، أن اليمن على موقفه فيما يتعلق بالمهلة المحددة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، والقوات المسلحة على أهبة الاستعداد لتنفيذ العمليات”، مشيراً إلى أن الإجراءات العسكرية ستكون حيز التنفيذ منذ لحظة انتهاء المهلة المحددة (أي فجر اليوم) إن لم تدخل المساعدات إلى قطاع غزة”.
في السابع من مارس الجاري، أوضح السيد القائد أن مسؤولية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة تقع على عاتق الأنظمة العربية والإسلامية، ودعا لضرورة الضغط لفعل ذلك. و لفت إلى أن اليمن ومن منطلق المسؤولية الإيمانية لا يمكن له السكوت وسيفرض الحصار على العدو الإسرائيلي مقابل الحصار على غزة الحصار، في خطوة تعكس تصميم اليمن على دعم الفلسطينيين.
وبغض النظر عن استمرار الدعم الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني، فإن اليمن ماضية في خطتها لنصرة أبناء غزة، غير مبالية بالعواقب. وأن عدم تراجع الكيان الصهيوني عن قرار إغلاق منافذ الإمداد إلى غزة يمثل سبباً كافياً لتحويل البحر الأحمر إلى ساحة حرب مفتوحة ضد السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى موانئها في الأراضي المحتلة.
وعيد صنعاء نافذ من اليوم الثلاثاء
في نوفمبر 2023، قامت البحرية التابعة للقوات المسلحة اليمنية باحتجاز السفينة الإسرائيلية “جلاكسي ليدر”، في خطوة شكلت إيذاناً ببدء عملياتها ضد الكيان الصهيوني باستهداف أي سفينة إسرائيلية أو متجهة نحو “إسرائيل” أو خارجة منها. أعلنت القيادة اليمنية أيضاً عن إيقاف أي حركة ملاحة تجارية تتم عبر البحر الأحمر لصالح الكيان المحتل، مؤكدة أن هذه الإجراءات مرهونة بوقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة، والذي بدأ في السابع من أكتوبر واستمر 15 شهراً.
تتصاعد المخاوف الإسرائيلية من عودة هذه التهديدات إلى حيز التنفيذ بعد انتهاء المهلة التي منحتها اليمن للوسطاء للضغط على الكيان بالسماح بعودة تدفق المساعدات ومواد الإغاثة إلى سكان غزة.
خلال العدوان على غزة ترجمت القوات المسلحة موجهات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى عمليات استهداف مباشرة لنحو 25 سفينة إسرائيلية و30 سفينة تجارية أمريكية و13 سفينة بريطانية و72 سفينة مرتبطة بالعدو الإسرائيلي والاشتباك مع 78 قطعة عسكرية أمريكية، ما أدى إلى تعطيل شامل لأي حركة ملاحة إسرائيلية في الممر الملاحي التجاري في البحر الأحمر. استمر هذا الوضع إلى أن أعلنت القيادة وقف هجماتها في اليوم نفسه الذي أُعلن فيه وقف إطلاق النار في غزة في يناير الماضي. ومع ذلك، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي استمرت بعض أسابيع قام العدو الإسرائيلي قبل عشرة أيام بإغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة مرة أخرى، وأوقف تدفق المساعدات إليها. قوبلت هذه الخطوة الإسرائيلية بحملة تنديد واسعة، نظراً لتداعياتها المحتملة في تفاقم معاناة الغزيين الذين يعيشون ظروفاً إنسانية كارثية بسبب الحرب والحصار.
ورداً على الإجراء الإسرائيلي بإغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة مرة أخرى، وإيقاف تدفق المساعدات إليها، وجه السيد القائد عبد الملك الحوثي تحذيراً توعد فيه “إسرائيل” بالعودة إلى استهداف سفنها في البحر الأحمر إذا ما أصرت على مواصلة إغلاق المعابر. منح السيد القائد الوسطاء مهلة أربعة أيام فقط للضغط على “إسرائيل” لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مهدداً باستئناف العمليات العسكرية في البحر الأحمر في حال عدم الاستجابة، مؤكدا في خطابه أن “الحصار سيُقابل بالحصار”.
حظي هذا الملف بتفاعل واسع من رواد منصات التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، قال رئيس قسم الاستشارات في شركة (إي أو إس ريسك جروب) للمخاطر البحرية، مارتن كيلي، إن “قوات صنعاء معروفة بتنفيذ تهديداتها، وأنه إذا لم تدخل المساعدات إلى غزة فإن العمليات البحرية ضد المصالح والسفن الإسرائيلية في البحر ستعود بالفعل كما أعلن قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي”، مشيراً إلى أن الرد الانتقامي من جانب الولايات المتحدة و”إسرائيل” سيؤدي إلى تجدد الحرب في المنطقة. وأضاف كيلي في تدوينة رصدت له على منصة “إكس” أن اليمنيين “لديهم تاريخ في تنفيذ تهديداتهم، ما يشير إلى أن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر قد تستأنف بحلول 11 مارس 2025 إذا لم تستأنف إسرائيل تسليم المساعدات إلى غزة”.
الأثر الاقتصادي للحصار اليمني
من الناحية الاقتصادية، يرى مراقبون أن الهجمات اليمنية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ دفعت شركات الشحن والتأمين إلى تغيير مسارها وإعادة توجيه سفنها عبر رأس الرجاء الصالح الأطول حول أفريقيا، ما ضاعف التكاليف وخلف أزمة متصاعدة في التجارة العالمية. كشفت منصة “بروجكت 44” للخدمات اللوجستية في تقرير لها أن إبحار سفن الحاويات في البحر الأحمر تراجع بنسبة 78% في مايو من العام الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2023. حيث أكد الخبير الاقتصادي “خوجا كاوا” أن الحصار اليمني الكامل على إمدادات الكيان المؤقت المسمى بـ”إسرائيل” في البحر الأحمر يكلف 10 ملايين دولار يومياً على الأقل، مبيناً أن تغيير المسار حول أفريقيا “يجعل التجارة غير مربحة”.
الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة “بليخانوف” الروسية أشار في تصريحات نقلتها وكالة “نوفوستي” الروسية إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية على مدار شهر من هذا الحصار الكامل يقدر بنحو 4 مليارات دولار، ما يعني أنها وخلال 15 شهراً، بلغت 240 مليار دولار.
وبين أن تصعيد الوضع في البحر الأحمر قد يؤدي إلى عدد من المشاكل الاقتصادية لـ”إسرائيل”، وسيتم توقف نقل البضائع البحرية مع أوروبا وآسيا. مؤكداً أن الكيان الصهيوني ينفذ كامل تجارته الخارجية تقريباً عن طريق البحر عبر قناة السويس والبحر الأحمر، وهذا الطوق يشل استيراد البضائع إليها وتصديرها منها.
وأضاف “خوجا” أن التكاليف اللوجستية ستزداد، موضحاً أنه سيتعين على الكيان المؤقت المسمى بـ”إسرائيل” البحث عن طرق بديلة لتسليم البضائع، على سبيل المثال، حول أفريقيا، ما سيزيد بشكل كبير من أعباء النقل. وأردف: “سينخفض الدخل من الترانزيت عبر الموانئ. موانئ إيلات وأسدود الإسرائيلية تجني الأموال عن طريق نقل البضائع بين آسيا وأوروبا. وهذا التدفق سينخفض بسبب الحصار”.
بدوره، قدر مدير التحليلات في شركة “كروس” أندريه ليبيديف، احتمال تراجع حركة الملاحة في ميناء “إيلات” أم الرشراش المحتلة – الذي يتحمل الحصة الأكبر من الخسائر – بنسبة 85% والإيرادات بنسبة 80% منذ بدء هجمات القوات اليمنية على السفن التجارية في البحر الأحمر”.
ونوه بأن “إيلات” قد لا يبدو أهم موانئ الكيان، وهو أقل أهمية بكثير من حيفا وأسدود على البحر الأبيض المتوسط، إلا أنه الميناء الوحيد الذي يتيح لـ”إسرائيل” الوصول مباشرة إلى طرق التجارة نحو الشرق، متجاوزة العبور في قناة السويس.
وخلص ليبيديف إلى أن “إعادة هيكلة طرق التجارة من إيلات عبر المتوسط وحول أفريقيا ستزيد وقت السفر بمقدار أسبوعين إلى 3 أسابيع، الأمر الذي سيزيد بشكل كبير من تكاليف الشركات التجارية، ويجعل التجارة غير مربحة”.
اعتراف أمريكي بالضعف الاستخباراتي
في سياق متصل، كشف موقع The War Zone الأمريكي عن مفاجأة مدوية، وهي أن الولايات المتحدة لا تملك صورة واضحة عن حجم ترسانة القوات المسلحة اليمنية (بقيادة أنصار الله) أو مصادرها، وذلك على الرغم من مرور 18 شهراً على بدء هجماتهم. وأشار الموقع إلى أن هذه الهجمات كبدت قطاع الشحن الأمريكي والصهيوني خسائر فادحة تقدر بنحو 200 مليار دولار، وتسببت في غرق سفينتين ومقتل أربعة بحارة واحتجاز آخرين كرهائن. بحسب الموقع.
ونقل الموقع تصريحات عن مسؤول دفاعي أمريكي كبير قوله: “لا نزال في حيرة بشأن عدد الأسلحة التي يمتلكها اليمنيون أو من أين يحصلون عليها جميعاً. المسلحون مبتكرون للغاية عندما يتعلق الأمر بتطوير ترسانتهم”. وأضاف المسؤول أن الضربات الجوية الأمريكية لم توقف قدرة اليمنيين على إنتاج الأسلحة واستخدامها حسب الرغبة.
وأعرب المسؤول الأمريكي عن احترامه لقدرات اليمنيين (بقيادة أنصار الله) في تطوير الأسلحة، مشيراً إلى أنهم “يجربون باستمرار، وهم مبتكرون إلى حد كبير”. وأضاف: “في بعض الأحيان نفاجأ ببعض الأشياء التي نراهم يفعلونها، ما يجعلنا في حيرة”.
وإضافة إلى أنه، وعلى الرغم من أن مدى مخزون الأسلحة لدى القوات المسلحة اليمنية لا يزال غير معروف للأمريكان، إلا أن المسؤول الأمريكي يرى أن اليمنيين “يقومون بالكثير من عمليات الإنتاج داخلياً، مع احتمال وجود بعض المكونات الرئيسية القادمة من خارج اليمن”، مختتما تصريحاته بالإشارة إلى أن تأثير الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على مواقع متفرقة من اليمن لا يزال غير واضح.
قلق متزايد في واشنطن و “تل أبيب“
لم تقتصر تداعيات تهديدات القيادة اليمنية الأخيرة على مجرد تعطيل حركة الملاحة الصهيونية والمرتبطة بها في البحر الأحمر وزيادة تكاليف الشحن. بل إن الأمر وصل إلى حد إثارة مخاوف حقيقية في واشنطن و”تل أبيب”، اللتين تدركان جيداً مصداقية التهديدات اليمنية وقدرة اليمنيين على تنفيذها. وتشمل التهديدات اليمنية سيناريوهات متعددة، من بينها استئناف إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية وتشديد الحصار البحري على الممرات الملاحية في البحر الأحمر، الأمر الذي يهدد حركة التجارة المتجهة إلى ميناء أم الرشراش “إيلات” بالتوقف مرة أخرى.
ويأخذ الكيان المؤقت المسمى بـ”إسرائيل” هذه التهديدات على محمل الجد، خاصةً في ظل التقييمات التي تشير إلى أن اليمنيين لديهم مواقف مستقلة وأن فقاعات القصف الإسرائيلي لم يغير من عزمهم على دعم الفلسطينيين في غزة وحزب الله في لبنان.” لكن، ومع ذلك، يبدو أن الكيان المؤقت يعول بشكل كبير على الدعم الأمريكي في مواجهة هذا التحدي المتزايد، ففي حال استأنف حربه على غزة، يتوقع الكيان المؤقت أن تقف إدارة ترامب إلى جانبه في القتال ضد اليمنيين. ويعكس هذا التعويل استراتيجية إسرائيلية ثابتة في الاعتماد على الولايات المتحدة في كل الخطوات العدوانية التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني.”
وفي سياق متصل، كشف موقع “تاسك آند بربوز task and purpose” الإخباري الأمريكي، والذي يديره جنود ومحاربون قدماء في الجيش الأمريكي، عن معلومات صادمة حول استنزاف مخزونات البحرية الأمريكية من صواريخ الدفاع الجوي نتيجة العمليات القتالية في البحر الأحمر. وأشار الموقع إلى أن البحرية اضطرت إلى اللجوء إلى استخدام طلقات المدافع عيار 5 بوصات لإسقاط الطائرات بدون طيار، وهو ما يعكس حجم الضغط الذي تتعرض له القوات الأمريكية.
ونقل الموقع عن القائد البحري المتقاعد “برايان كلارك” من معهد هدسون أن البحرية الأمريكية استخدمت صواريخ للدفاع الجوي منذ بدء العمليات القتالية في البحر الأحمر في أكتوبر 2023 أكثر من تلك التي استخدمتها في كل الأعوام منذ عملية عاصفة الصحراء في تسعينيات القرن الماضي. وأوضح كلارك أن هذه الفترة شهدت أكبر عدد من المعارك البحرية التي خاضتها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وأن تكلفة هذه العمليات تقدر بأكثر من مليار دولار من الصواريخ الاعتراضية.
معارك شرسة وتحديات أكبر في مواجهة الطائرات بدون طيار
الأكثر إثارة هو تحذير كلارك من أن البحرية الأمريكية ستحتاج إلى سنوات لتجديد إمداداتها من الصواريخ، وهو ما يضعها في وضع سيئ للغاية في حال اندلاع حرب مع الصين. وأشار كلارك إلى أن الولايات المتحدة قد تنفد أسلحتها في غضون أيام قليلة من القتال في حال حدوث غزو لتايوان، وذلك بسبب صعوبة تصنيع هذه الأسلحة وتعقيد سلسلة التوريد الخاصة بها.
وللتدليل على شراسة المعارك التي خاضتها البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، أشار الموقع إلى أن المدمرة يو إس إس كارني قضت في 19 أكتوبر 2023، 10 ساعات في إسقاط 15 طائرة بدون طيار وأربعة صواريخ كروز، فيما وصفته البحرية بـ “أشد اشتباك قتالي تشنه سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية”.
كما أشار الموقع إلى أن اليمنيين هاجموا في نوفمبر 2024 مدمرتين للبحرية الأمريكية، يو إس إس ستوكديل ويو إس إس سبروانس، بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية وصواريخ كروز.
بالإضافة إلى ذلك، كشف الموقع عن تحديات أخرى تواجهها البحرية الأمريكية في مواجهة الطائرات بدون طيار اليمنية، حيث أشار إلى أن هذه الطائرات غالباً ما تحلق على ارتفاع منخفض للغاية أو قريبة جداً من السفينة بحيث لا يمكن ضربها بالصواريخ. وأوضح كلارك أن الصواريخ لها مدى أدنى أيضاً، وهو ما يجعلها غير قادرة على الاشتباك مع الطائرات بدون طيار الصغيرة التي تقترب بدرجة كافية من السفينة.
استنزاف مخزونات البحرية الأمريكية
تتسع دائرة القلق في واشنطن، خصوصا، بعد التقارير الإعلامية التي كشفت عن استنزاف مخزونات البحرية الأمريكية من صواريخ الدفاع الجوي، والتي جاءت الاعترافات الرسمية لتؤكد حجم الأزمة. ففي تقرير إخباري نشرته صحيفة “جينز” المتخصصة في المعلومات الاستخباراتية الدفاعية مفتوحة المصدر في نوفمبر 2024، نقل الموقع عن الأميرال البحري “كافون حكيم زاده”، قائد مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية الثانية آنذاك، قوله إن العمليات القتالية في البحر الأحمر وضعت سفن البحرية الأمريكية وبحارتها في مواجهة عدد غير مسبوق من هجمات الطائرات بدون طيار المعادية.
الأمر الأكثر إثارة هو تصريح حكيم زاده بأن أحداً “لم يتصور على الإطلاق أنهم قد يرون [تهديدات] بدون طيار بهذا الحجم”، وهو ما يعكس مدى المفاجأة التي أحدثتها قدرات اليمنيين المتطورة في مجال الطائرات بدون طيار.
لم يكتف حكيم زاده بهذا التصريح، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث أشار إلى أن مخزونات الذخائر الأمريكية وصلت إلى “مستوى منخفض بشكل خطير” نتيجة هذه العمليات المكثفة. هذا الاعتراف الصريح من مسؤول عسكري رفيع المستوى يضيف وزناً إضافياً إلى المخاوف المتزايدة بشأن قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة في ظل التهديدات المتزايدة.
تصعيد غير مسبوق
هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، في وجهة النظر الأمريكية، تتحول إلى زلزال يهدد أسس التفوق العسكري الأمريكي، ومصدر قلق استراتيجي عميق في واشنطن. فالاعترافات الرسمية من مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى، والتقارير الإعلامية التي تكشف عن استنزاف الذخائر الأمريكية، تؤكد أن الولايات المتحدة تواجه تحديات غير مسبوقة على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية.
وفي تطور مفاجئ، يأتي تحذير السيد القائد عبد الملك الحوثي ليضيف بعداً جديداً لهذه الأزمة المتفاقمة. ففي ظل استمرار “إسرائيل” في إغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة ومنع دخول المساعدات، وجه السيد القائد إنذاراً نهائياً، مهدداً باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر مجدداً إذا لم يتم فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية. وحدد مهلة أربعة أيام للوسطاء للضغط على الكيان، مؤكداً على مبدأ “الحصار سيُقابل بالحصار”.
هذا التطور يضع المنطقة على صفيح ساخن، ويثير تساؤلات جدية حول مستقبل الصراع في المنطقة العربية. فهل ستستجيب “إسرائيل” للضغوط الدولية وتفتح المعابر، أم أنها ستغامر بتصعيد عسكري غير مسبوق في البحر الأحمر؟ وهل ستتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على مصالحها في المنطقة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها والخسائر الاقتصادية المتصاعدة؟.
الساعات القادمة ستكشف عن الإجابات، ولكن المؤكد أن هجمات القوات المسلحة في البحر الأحمر قد غيرت قواعد اللعبة، وكشفت عن نقاط ضعف في القدرات العسكرية الأمريكية، وأجبرت واشنطن على إعادة النظر في استراتيجيتها في المنطقة. فهل أخذت واشنطن العبرة من المعركة البحرية السابقة ؟ أم أنها تغامر وتدخل نفسها في نفق مظلم لا تعلم كيفية المخرج منه؟ هذا ما ستكشفه الساعات المقبلة.