اليقين .. اهميته وآثاره وتجلياته 

موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

اليقين مسألة مهمة وأساسية في دين الله، يعني: ليس فقط على مستوى الأنبياء، الأنبياء درجتهم في اليقين درجة عالية جدًّا، والرسل، رسل الله وأنبياؤه لن يصل أحد إلى مستوى يقينهم، لكن مسألة اليقين هي مسألة أساسية في طريق الإيمان بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لكل المؤمنين، في المقدمة الرسل والأنبياء- كما قلنا- على درجة عالية جدًّا، ولكن ولكل المؤمنين لابدَّ من اليقين.

ولهذا يأتي في مواصفات المتقين في القرآن الكريم، يقول الله تعالى: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}[البقرة:4]، يقول الله “جَلَّ شَأنُهُ”: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:15].

{ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}، ماذا يعني هذا؟ اليقين، اليقين. يعني: هم على درجة عالية من اليقين؛ فلـذلك لم يخالطهم أي ريبٍ: اضطراب، قلق، شك، عدم تصديق لبعض الأمور، فهم على يقين تام:

  • تجاه وعد الله، هم على يقين بأن الله يفي بوعده.
  • تجاه الوعيد الإلهي، هم يؤمنون بذلك إلى درجة اليقين.
  • الحقائق التي عرضها الله لهم في القرآن الكريم، ما يتعلق أيضاً بالغيب وعالم الغيب، كل ما هو مطلوب من الإنسان أن يؤمن به، يؤمنون به إيماناً قائماً على أساس اليقين، في مستوى اليقين، فليس عندهم أي نسبة من الشك، أو مستوى من القلق والاضطراب والتردد.

ولليقين أهميته الكبيرة جدًّا– كما قلنا- في مستوى الموقف، قوة الموقف هي من قوة اليقين، قوة الثبات ومستوى الثبات على الموقف يعود إلى مستوى اليقين.

ولهـذا عندما نأتي إلى آثار وتجليات اليقين، فهي:

  • في بدايتها: حالة الاطمئنان التام، حالة الاطمئنان التام والثقة التامة بما أنت عليه، ما أنت عليه من الحق، من الموقف، من الإيمان، تنطلق بيقينك وأنت مطمئن النفس، واثق، واثقٌ تماماً، ليس عندك أدنى تردد، أو قلق، أو اضطراب.
  • كذلك أن تكون عظيم الثقة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ وبالتالي أنت من يتفاعل من موقع الثقة التامة مع وعوده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ما وعد به، ومع وعيده، ومع الحقائق التي يقدمها لك.

وهذه مسألة مهمة جدًّا؛ لأنه عندما نتأمل في واقع الأمة الإسلامية بشكلٍ عام، نجد تجليات الضعف في مستوى اليقين هي التجليات البارزة في واقع الأمة، يتجلى ذلك في ضعف المواقف، وأحياناً في انعدام المواقف، يعني: قد تصل الحالة لدى الكثير من أبناء أمتنا إلى مستوى انعدام اليقين، لا يقين لديهم أصلاً، يقول الله لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، أليس هذا وعداً من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؟

ما الذي ينقص الكثير من أبناء الأمة في التعامل مع هذا الوعد الإلهي، الذي هو: الانطلاقة للقيام بهذه المسؤولية، في النصرة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بنصرة دينه، بنصرة الحق، بالموقف من الطغيان والظلم، تشاهد الأمة في قضية واضحة، من أوضح القضايا، مظلومية الشعب الفلسطيني، تشاهد الأمة ما يجري هناك من طغيان، وعدوان، وإجرام أمريكي وإسرائيلي، وهي قضية ليس فيها أي التباس أبداً، في كونها قضية حق واضح للشعب الفلسطيني، ومظلومية واضحة للشعب الفلسطيني، مع ذلك الغالب على موقف الكثير من أبناء الأمة، وفي المقدِّمة: الحكومات، والأنظمة، والزعماء، هو: عدم القيام بمسؤوليتهم، التي هي مسؤولية دينية يحاسبون عنها يوم القيامة، بل لتفريطهم فيها تبعات وعقوبات، منها: ما يأتي في عاجل الدنيا، ومنها: ما يأتي في الآخرة؟ هو: انعدام اليقين، يعني: الكثير ليسوا متأكدين من أنهم- فعلاً- لو انطلقوا مع الله، وصدقوا مع الله، واستجابوا لله، وقاموا بأداء هذه المهمة، أنه سيفي لهم بوعده: {يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، أنه سيفي بذلك، ليس عندهم يقين بذلك.

في المقابل، نرى– مثلاً- البعض من أبناء أُمَّتنا ينطلقون من ظروف في نقطة الصفر، على حسب الإمكانات المادية، ولكنهم ينطلقون ويستجيبون لله تعالى بثقة، لماذا؟ ما الذي ميَّز موقف هؤلاء عن أولئك؟ هو اليقين، الثقة بوعد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كانوا متأكدين، ومتيقنين، وواثقين، بأنهم حينما يستجيبون لله تعالى فهو سيفي بوعده لهم.

فلليقين أهميته الكبيرة جدًّا في قوة الموقف، في الثبات على الموقف، في الاندفاعة اللازمة، التي هي تعبِّر عن تفاعل حقيقي.

 

المحاضرة الرمضانية السادسة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”  1446هـ

قد يعجبك ايضا