علّم القرآن كما لو كنت في الجبهة الأولى لمواجهة العدو

موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

نحن قلنا: يجب على الإنسان الذي يُعلّم القرآن أن يعلِّم القرآن كما لو كان في مواجهة مع العدو وفي الجبهة الأولى في مواجهة العدو، تعطيه حيوية، تتحدث عن آياته, عندما يتحدث عن الجهاد، عندما يتحدث عن وعوده للمؤمنين، عندما يتحدث عن أعدائه، عندما يتحدث عن الأشياء التي يجب أن تكون الأمة عليها في تأهيل نفسها لتصل إلى مستوى أن تكون من أنصار الله، ومن أنصار دينه، يجب أن تتحدث وإن كنت أنت في واقعك ترى بأن الوضع [ما هو صاح شِي, والناس ما من أبوهم شِي، والدنيا كلها قد انتهت، ولا عاد يوجد بأيدي الناس شيء] لا تعكس هذه على القرآن أبداً، لا يجوز؛ لأن القرآن يجب أن يكون أرقى من أن نعطفه على أنفسنا، أو نرده هو فنجعل ما لدينا من مشاعر من ضعف هو المقياس الذي على أساسه نقدمه للآخرين، هو الشيء الذي نصبغ القرآن به عندما نقدمه للآخرين، هذا سيقتل القرآن، هذا سيميت القرآن.
كيف تعمل؟ قدمه على أصله؛ لأن القرآن لو أُخضِع لمشاعرنا، لتقديرات الضعف التي تسيطر علينا، على هذا وعلى ذاك، فبالتالي سيقدم القرآن ميتاً جيلاً بعد جيل، هذا بالنسبة للمُعلّم.

بالنسبة لطالب العلم كذلك عندما تقرأ القرآن، عندما تتدبر آيات القرآن، عندما تُذّكر بآيات القرآن يجب أن تتعامل مع القرآن بجدية، أنك تريد أن تكون فعلاً كما ذكر الله عن أوليائه في القرآن، وأن تكون ممن يصل على أساس تعرف ما لك وما عليك، أن تصل إلى من قال عنهم: {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}، أن تكون من ضمن هؤلاء، أن تكون ممن قال عنهم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104).
وهكذا في بقية الأشياء، أن تكون مع الآخرين من المؤمنين تواليهم صفاً واحداً، وحدة حقيقية عندما تسمع الله يقول عن المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (التوبة: من الآية71).

إذا تعاملت مع القرآن وأنت طالب علم على هذا النحو فانظر إليه ككتاب أنه من الله من الله، أنه كلام الله فعلاً ستهتدي بالقرآن وستزكي نفسك، وستصل إلى فهم كثير فهم كثير من آياته.
والقرآن في ظاهره يعطي أشياء كثيرة، القرآن في ظاهره يعطي أشياء كثيرة جداً، على الرغم من أنه ((بحر لا يُدرك قعره))، لكن هذه من خصوصيات القرآن التي أمتاز بها عن أي كلام آخر، أنه يعطي الناس الكثير الكثير من المعارف بظاهره، وإن كان لا زال بحراً لا يُدرك قعره، فالخَواص يعرفون.. يعرفون منه الكثير الكثير الذي لا تستطيع أعمارهم أن تستوعبه، ((بحر لا يدرك قعره)).

فعندما نتعامل مع القرآن لا نتعامل معه بابتذال، [ننطلق وكأن كل شخص يستطيع أن يفسره هو من عنده…]، بل يكون همك هو أن تتدبر أنت, وتتذكر, وأن تقرأ القرآن للناس، كما قال الله عن رسوله: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} (النمل: من الآية92) القرآن بظاهره يعطي الكثير للناس، ولأن الناس قد تأثرت نظرتهم إلى القرآن سلباً، إعط تعليقات كمقدمات بسيطة حول الموضوع ثم تأتي بالآيات القرآنية.
لا تنطلق كمفسر.. مَنْ انطلقوا كمفسرين لم يقدموا القرآن بالشكل الصحيح، عندما تقرأ (الكشاف) للزمخشري، تقرأ (تفسير الطبري)، تقرأ تفاسير أخرى، تخرج منها وتراهم يُغفلون الحديث عن آيات مهمة جداً، نحن أحوج ما نكون إلى فهمها اليوم, مرتبطة بواقع الناس، مرتبطة بحياة الناس، مهمة جداً، يقفز عليها وانتهى الموضوع، ينطلق لتفسير مفرداته، إذا هناك حكم معين يستنبطه، أو قصة معينة يتحدث حولها باختصار وانتهى الموضوع.

لكن التدبر للقرآن الذي دعا الله الناس إليه حتى الكافرين: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} (المؤمنون: من الآية68) {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(صّ:29) {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} (القمر:17) على هذا النحو تقرأ الآيات القرآنية، عندما تمر بآيات الوعد والوعيد تسمع الحديث عن جهنم، أو تقرأ الآيات التي تتحدث عن جهنم، عن الحساب العسير، والقرآن يعرض في هذا الموضوع يعرض أيضا حتى الحالة النفسية السيئة، الحالة من الخوف والرعب والفزع واليأس الذي يسيطر على أعداء الله في ساحة القيامة، يعرضها القرآن الكريم، في جهنم نفس الشيء يعرض العذاب الشديد تفاصيله، يتحدث عنها, شدة العذاب، وقود العذاب كما قال: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}(البقرة: من الآية24) كذلك يتحدث عما يقوله أهل النار في النار، عندما يحاولوا أن يطلبوا: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}(الأعراف: من الآية50) هكذا يريدون شربة ماء ليست باردة، شربة ماء طبيعية عادية فلا يحصلون عليها.

أنت عندما تقرأه تجد بأنه من المحتمل أن تكون أنت واحداً من أولئك، لا تقرأها وكأنه ناس مدري منهم؛ أن من المحتمل أن تكون واحداً من أولئك الذين قال عنهم: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} (فاطر: من الآية37) حينئذٍ يجب أن تلحظ بأنه كيف أعمل حتى أقيَ نفسي من عذاب الله.

 

دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الثقافة القرآنية
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 4/8/2002م
اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا