حادثة استشهاد الإمام علي تدل على انحراف وقعت فيه الأمة
موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا جميعاً, أن يتقبل منكم مشاركتكم بهذا الحضور الكبير؛ لنحيي ذكرى حزينة، لنتحدث عن مأساة، مأساة للدين، مأساة للأمة. إنها فعلاً لذكرى حزينة، وكيف لا نحزن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد قال في حديثٍ أن ذلك الذي يقتل الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) هو أشقى الأمة، جلب الشقاء على هذه الأمة من ذلك الزمان إلى اليوم.
الإمام علي (عليه السلام) بفضله, بمقامه، بسبقه، بكماله، بعنائه الكبير، وجهاده المستمر المرير في سبيل إعلاء كلمة الله، تحت راية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
كيف لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل، ذلك العظيم، ذلك العَلَم يسقط شهيداًً. هل كان سقوطه ذلك في مواجهة مع أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل به من خارج هذه الأمة؟ إنه وللأسف الشديد، والذي يدل على الشقاء الذي وقعت فيه هذه الأمة أن علياً (صلوات الله عليه) يسقط شهيداً في عاصمة دولته، في باب محرابه، في فِنَاءِ مسجده، وسط هذه الأمة، وبسيفٍ محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرات من قبل من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة، والكل تحت عنوان: إسلام ومسلمين.
إن هذا يدل على ماذا؟ يدل على انحراف عن الخط السوي، عن الصراط المستقيم؛ لأن من المعلوم أن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن رسالته، أن تربيته، أن منهجيته كانت بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء، تخلق أمناً للعظماء، تخلق التفافاً تحت رايات العظماء, لا أن يصير الحال إلى أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة. فعلي يسقط شهيداً، والحسن بعده يسقط شهيداً، والحسين بعده يسقط شهيداً، وزيد بعده يسقط شهيداً وهكذا واحداً تِلوَ الآخر!.
ما الذي حصل؟ إن لم يكن في هذا ما يدل على أنه وقع انحراف خطير فلا أدري ما هو الشيء الذي يمكن أن يدل بعد هذا.
الذي يتأمل كتاب الله يجده يأمر الأمة, يأمر المسلمين أن يكونوا مع الصادقين، فلماذا أصبح الصادقون يتساقطون واحداً تلو الآخر؟! ولماذا أصبحت تلك الأمة التي خُوطِبَت بأن تكون مع الصادقين تعتدي على هؤلاء، وفي نفس الوقت التفوا مع الكاذبين!. يسقط علي شهيداً وتلتف الأمة بعده – رغبة ورهبة – تحت راية معاوية, وفي صف معاوية!.
هل كان ذلك وليد تلك اللحظة؟ وليد ذلك الشهر الـذي سقط فيه الإمام علي (صلوات الله عليه) شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أيّة خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث, وتسلسل تبعاتها, يقول في كلمة صريحة في بيت صريح:
وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه
عندما نرى الإمام علياً (صلوات الله عليه) يسقط شهيداً لا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم, بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟! ولماذا رأينا فيما بعد وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة, المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟! وباسم رسالة هذه الأمة [الإسلام]! وباسم نبي هذه الأمة [أمير المؤمنين, خليفة رسول رب العالمين،] وعناوين من هذه؟!.
سنظل نحزن نحن وغيرنا، ونظل نبكي نحن وغيرنا ما لم تكن نظرتنا إلى الأحداث على هذا النحو، وسنظل نشاهد الأحداث المريرة، ونتألم لحادث بعينه, للفترة التي هو فيها، دون أن نأخذ العبر, دون أن نأخذ الدروس، إن هذا يعتبر خللاً كبيراً.
لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل في سلوكه الالتفاف مع الصادقين، الإنضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب، لابد من معرفة الخلفيات.
دروس من هدي القرآن الكريم
ذكرى استشهاد الإمام علي “عليه السلام”
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 19 رمضان 1423هـ