هذا الذي يصدق عليه أنه طالب علم وأنه وليُ الله

موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

أنت عندما تكون طالب علم وأنت لا يهمك, أولا يؤلمك أن ترى المفسدين في الأرض يتحركون، أن ترى الإسلام يُحارب، أن ترى المسلمين يُحاربون, هل يصح أن يقال لي طالب علم؟. هل يصح أن أحصل على ذرة من التقدير والاحترام وأنا أحمل علماً؟.

إذا كنت تحمل علماً فإن هذا من بديهيات المسؤوليات على طالب العلم، وعلى من يحمل علماً أن يهتم بأمر الدين الذي يتعلمه والذي يحمله، إلا إذا كان العلم هو شيء لا علاقة له بما هو حرب للدين، وبما هو إفساد للمسلمين.
هل طلب العلم يعني شيئا آخر؟.كيف أتصور نفسي طالب علم للدين وإذا بي أرى أن علم الدين هنا لا علاقة له بما يحصل على الدين, وعلى من ينتمون إلى هذا الدين، أليس الناس يتعرضون لفساد أخلاقي، لفساد ثقافي، لفساد اجتماعي، لفساد – أيضاً – سياسي!.

كل الفساد بكل أنواعه كله يأتي من قِبَل اليهود والنصارى بشكل لا يستطيع الإنسان أن يلمس كل جوانبه في كل المجالات، إفساد في الجانب الأخلاقي، في الجانب الثقافي، في الجانب الاقتصادي، في الجانب السياسي.. ونحن نطلب علماً، ونحن لم نصل بعد في وعينا إلى فهم ما يعمله الآخرون من إفساد للدين، ومن إفساد للمسلمين، حينئذ لا يصح إطلاقاً أن يحظى الإنسان بأي احترام.

أقول لأولئك الذين يطلبون العلم ليروا أنفسهم في يوم من الأيام علماء: أننا في مرحلة لا يجوز أن نتحاشى فيها من شيء حتى أن نلوم أي عالم.
يجب على الإنسان أن يكون ممن يخشى الله ولا يخشى سواه، وأن يكون ممن يرغب في الله ولا يرغب في سواه، فإذا كنت عالماً، وكنت أنت عالماً أو كنا طلاب علم, وكنا نخاف من غير الله، وكنا نرغب في غير الله، ونبحث عن المخارج عن المبررات التي تبعدنا عما يجب علينا، وعن المسؤولية التي فرضها الله سبحانه وتعالى علينا كحملة علم إذا كنا على هذا النحو فإنه لا يصح بحال أن نكون ممن يرجو أن يكون من أولياء الله.

كيف قال الله عن أوليائه؟ {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (يونس:62- 64). أولياء الله سبحانه وتعالى ذكر مواصفاتهم قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(التوبة: من الآية71) كلمة [ولي الله] هو من يحقق التقوى في نفسه، هو من يحقق الإيمان في واقعه، هو من يصح أن يكون مؤمناً، من يسمى مؤمناً، من يسمى متقياً، هذا هو ولي الله، أما إذا كان الشخص الذي يبحث عن مبررات وعن مخارج فيضيّع نفسه, ويميت القرآن الكريم، ويجهل الناس، ويميت الحياة بكلها, وواقع الناس! فهذا لا يصح أن يكون ولياً لله.

[ولي الله هو من يرى أن عليه] أن يعمل جاهداً على أن يحيي كتاب الله، على أن ينقذ عباد الله، على أن يواجه بشدة أعداء الله، يجب علينا أن نحمل هذا الشعور – أيها الإخوة – يجب علينا أن يكون هذا هو همنا، ونرجع إلى الله سبحانه وتعالى، ونتوب إليه.

أنا أشعر من خلال تأملي للقرآن الكريم, ومن خلال تأملي للواقع – وقد أكون مخطئاً عند الكثير – أن الزيدية تعيش حالة من الذلة أسوأ من التي ضربت على بني إسرائيل، علماؤنا وطلاب علمنا, ومجتمعنا بكله، نعيش في حالة من المسكنة والذلة أشد مما ضربه الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل؛ لأننا أضعنا المسؤولية.

ومن أعظم المسؤولية التي نضيعها هو: أننا ونحن نطلب العلم, ونحن نحمل علماً لا نعمل على إحياء كتاب الله، ونتشبث بأشياء هي مما يضلنا, ويبعدنا عن كتاب الله، نتشبث بعلوم هي مما يضلنا ويبعدنا عن هدي الله, وعن حيوية كتابه؛ كلها قد تطلعك في الأخير بالشكل الذي لا يعرف الله معرفة قوية، وتطلع بها عالماً تبحث عن المبررات عن الحِيَل، فتعيش عمرك لا تقدم للإسلام خدمة، تعيش عمرك لا تقدم للإسلام أي شيء، اللهم إلا أن أراك متديناً فأنت حينئذ تقدم الدين على أنه تلك السلوكيات المعينة، فتكون أنت من يرسخ نظرة هي في واقعها إيمان ببعض القرآن وكفر ببعض.

إذا كنت أظهر نفسي مهتما بجوانب معينة، وأصور للمجتمع أن من كان على هذا النحو هو ولي الله، وهو العابد، وهو الولي، وهو التقي، والأشياء المهمة في الدين بما فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ووحدة الكلمة لا أهتم بها.. هل الزيدية كلمتهم واحدة؟ علماؤهم, متعلموهم, مجتمعهم, هل كلمتهم واحدة؟.لا. حتى طلاب المنتدى حتى العاملون في المنتدى ليسوا متوحدين، هل يستطيع الإنسان أن يحرك طلاب المنتدى, والعاملين فيه أن يخرجوا في يوم واحد مثلاً لمظاهرة؟ أو أن يرفعوا شعاراً في يوم واحد؟ أو أن يتخذوا موقفاً معيناً؟. لا, كلهم مربون تربية على أن كل شخص له قناعاته, وله وجهة نظره، ولا بد أن كذا، ولا بد أن يقتنع، ولا بد أن يتأمل, ولا بد أن يعرف, ولا أحد يرتبط بأحد.

نحن مفرقون واليهود يجتمعون، ونحن نتفرق وبين أيدينا القرآن الكريم الذي فيه الوسائل المهمة التي هيأها الله لتؤلف بين الناس, لتوحد كلمتهم، واليهود توحدوا على الرغم من أن الله قد ألقى بينهم العداوة والبغضاء.. أليس كذلك؟ ثم تمر السنين, ونحن لا نضع حداً لهذه الحالة.
نقول: نحن تفرقنا خلال الثلاثين سنة الماضية إذاً فلنتوحد، نحن كلنا مصرون على أن نسير على هذا الروتين الممل في هذه الحياة، نسير على هذه المسيرة، لم نلتفت إلى أنفسنا لفتة جادة أن نتوحد فيما بيننا، ثم لا نلتفت إلى أنفسنا ونحن نرى أنفسنا في أحط مستوى مقارنة بما عليه بنو إسرائيل, لا نلتفت إلى ما بين أيدينا ربما هناك خلل في ثقافتنا، ربما هناك خلل في نظرتنا للحياة.

أنا شخصياً أعتقد أن من أسوأ ما ضربنا وأبعدنا عن كتاب الله وأبعدنا عن دين الله، وعن النظرة الصحيحة للحياة وللدين، وأبعدنا عن الله سبحانه وتعالى هو [علم أصول الفقه]. بصراحة أقولها أن فن [أصول الفقه] هو من أسوأ الفنون، وأن [علم الكلام] الذي جاء به المعتزلة هو من أسوأ الأسباب التي أدت بنا إلى هذا الواقع السيئ، أبعدتنا عن الله، أبعدتنا عن رسوله، عن أنبيائه.

 

دروس من هدي القرآن الكريم
مسؤولية طلاب العلوم الدينية
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 9/3/2002م
اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا