مجلة أمريكية: “تصعيد كبير” مقبل بين الولايات المتحدة والصين

موقع أنصار الله – متابعات – 18 شوال 1446هـ

حذّر الكاتب في مجلة “رسبونسيبل ستايتكرافت”، جايك ورنر، من “تصعيد كبير” بين الولايات المتحدة والصين “قد يأخذ منحًا عنيفًا خلال الأعوام القليلة المقبلة”.

وذكّر ورنر، في مقال في المجلة الصادرة عن “معهد كوينسي للحكم المسؤول”، بأنّ “الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشاد بنظيره الصيني شي جين بينغ، واقترح في شباط/فبراير الماضي عقد محادثات مع كل من روسيا والصين حول ضبط التسلّح النووي، غير أنّه نبه إلى أنّ مثل هذه الفرص لم تعد قائمة، وإلى أنّ الولايات المتحدة والصين تسيران على نهج تصاعدي قد يكون كارثيًا لكِلا الطرفين”.

وأضاف الكاتب أنّ “الرسوم الجمركية الجديدة على الصين التي أعلن عنها ترامب أقنعت القيادة الصينية بأنّ إدارة ترامب غير مهتمّة بالمفاوضات، بل تسعى إلى إذلال الصين وتخريب اقتصادها”. كما اعتبر أنّ “الصين وخلافًا لردّها المحدود على حالات سابقة جرى فيها رفع الرسوم الجمركية، قرّرت أنْ ترد هذه المرة، حيث فرضت زيادة على الصادرات الأميركية بنسبة ٣٤ في المئة، ممّا منع الشركات الأميركية من تحقيق أرباح تصل إلى حوالي ١٤٣.٥ مليار دولار”.

وقال ورنر: “الاعتقاد الراسخ في واشنطن هو أنّ الاقتصاد الصيني هش لدرجة أنْ بكين لا تملك أي أوراق في النزاع الاقتصادي، وأنّ الصين ستُغرق أسواقًا أخرى بمنتجاتها، بحيث يؤدّي ذلك إلى تنفير أوروبا واليابان والجنوب العالمي”.

إلّا أنّ الكاتب نبّه من أنّ “هذه الثقة الزائدة (لدى الولايات المتحدة) قد تؤدّي إلى أخطاء حقيقية في الحسابات فيما تشتدّ المواجهة”.

وبينما تحدّث ورنر عن “فائض تجاري هائل لدى الصين، بحيث يتعيّن عليها إيجاد مكان للتصدير”، لفت الانتباه إلى أنّ “صُنّاع السياسة الاقتصادية الصينيين لديهم مساحة للتحفيز المالي من أجل زيادة الطلب في الداخل، وذلك في حال أرادوا اللجوء إلى ذلك”.

وأشار إلى أنّ “بكين امتنعت عن مثل هذه الخطوات حتى اللحظة، لأنّها كانت تحاول الحفاظ على الزخم في أجندة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية”، لكنْ “أمام حال طارئة مثل النزاع الدولي يُرجَّح أنْ تفتح بكين الأبواب أمام زيادة الطلب في الداخل”، بحسب الكاتب.

وبشأن خطوات الرئيس الأميركي، رأى ورنر أنّه “تراجع عن هجومه الاقتصادي على العالم، بيد أنّه لم يتخلَّ عنه”. ونبّه الكاتب من أنّ “ذلك يعني أنّ الاقتصاد الأميركي وعلاقات أميركا الاقتصادية مع شركاء تجاريين هي في مرحلة من الغموض المنهِك الذي قد يُلحق ضررًا حقيقيًا” بالولايات المتحدة.

وتحدّث ورنر عن “إمكان تزايد النمو الصيني حتى في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة ارتفاع التضخّم وتباطؤ النمو”.

وتابع الكاتب قوله: “الولايات المتحدة والصين تجدان نفسيهما في حال مواجهة. والعامل الأساس الذي قيّد الحرب الاقتصادية حتى الآن هو أنّ الإجراءات الأميركية فشلت في تقويض الاقتصاد الصيني، والأمور تخطّت هذه المرحلة الآن”.

 

“انفصال اقتصادي” للبلدين

وحول ما ستؤول إليه الأمور بين البلدين، اعتبر الكاتب أنّ “السيناريو الأكثر ترجيحًا للانفصال ما بين الاقتصادَين الأميركي والصيني هو تعطيل كبير في سلاسل التوريد العالمية”، فـ”بينما ستغلق العديد من الشركات، ستنشأ شبكات تهريب كبيرة، في حين يسعى المنتجون الصينيون إلى الوصول إلى السوق الأميركي، ويبحث المنتجون الأميركيون عن مُدخَلات أساسية اختفت فجأة”، برأي الكاتب.

كذلك، توقّع أنْ “ينتقل بعض الإنتاج الصيني إلى أميركا اللاتينية”.

وحذّر ورنر من أنّ “ذلك سيؤسّس للمزيد من التصعيد، حيث سيقوم كِلا البلدين بالضغط على دول ثالثة من أجل الحفاظ على النفوذ، ممّا سيفتح المجال لإمكان النّزاع بالوكالة”.

وباعتقاد ورنر، فإنّ “الأكثر إثارة للقلق هو أنّ كِلا الطرفين سيسعيان بشكل متزايد إلى إلحاق الألم بالطرف الآخر، من خلال المسّ بالملفات الأكثر حساسية على صعيد الأمن القومي”. وبيّن ورنر أنّ “الصين عادة ما تواجه التصعيد الأميركي برد متناسب، وهناك حوافز قوية للصين كي تتجنّب رد الفعل الجنوني، كونها تريد أنْ تستفيد من الإجراءات الأميركية القاسية ضد بلدان أخرى من أجل تعزيز العلاقات الدبلوماسية في المنطقة ومع أوروبا”.

غير أنّ الكاتب أكد أنّ “ذلك لا ينطبق على إدارة ترامب” الذي “يبدو أنّه يركّز على الإخضاع الذي لن يقبل به القادة الصينيون”، وحذّر الكاتب من أنّ “ترامب سيستمع أكثر لفريقه للأمن القومي بينما تزداد حال الإحباط لديه، خاصة إذا ما تبيّن أنّ الاقتصاد الصيني قادر على الصمود بوجه هجومه”.

ورنر نبّه إلى أنّ “مستشاري ترامب العسكريين والاقتصاديين الكبار من دون استثناء تقريبًا هم جميعًا من أنصار المواجهة مع الصين”

وأشار الكاتب إلى أنّ “ما نُشر في مذكّرة لـ”البنتاغون” يكشف عن مدى سهولة تحوُّل الحرب الاقتصادية إلى نزاع عسكري، إذ إنّ “قادة “البنتاغون” قد يستغلّون الانهيار في العلاقات الأميركية – الصينية من أجل تكثيف الحضور العسكري في آسيا الذي يصفونه بأنّه الهدف الأساس للإستراتيجية الأميركية الكبرى”.

في الختام، رجّح الكاتب أنْ “تختار كِلتا الحكومتَين ردودًا مدمّرة على ما تعتبرانه استفزازات الطرف الآخر، وذلك في ظل تَنامي القومية في البلدين”. كما حذّر الكاتب من أنّ “أي خطوة خاطئة في تايوان أو بحر الصين الجنوبي قد تؤدّي إلى كارثة”.

قد يعجبك ايضا