صحافة
لم تمضِ 24 ساعة على الزيارة الاحتفالية التي قام بها قائد «سنتكوم»، الجنرال مايكل إريك، إلى حاملة الطائرات «يو إس إس كارل فينسون»، حيث عاين إقلاع الطائرات من على متنها، كما المناورات التي أُجريت بحضوره في سماء البحر الأحمر، وأشرف، من هناك أيضاً، على ضربات جوّية استهدفت اليمن، وفقاً لما أظهرته لقطات مصوّرة عرضتها «القيادة الوسطى»، حتى تعرّضت زميلتها، حاملة الطائرات «ترومان»، لضربة قاسية سبّبها سقوط مقاتلة «إف-18» أثناء مناورتها لتفادي صواريخ أُطلقت من اليمن، بحسب رواية مسؤولين دفاعيين، وتقارير من موقع الحادث.
ووفقاً لتلك الرواية، فإن الحاملة «انعطفت بشدّة لتفادي نيران الحوثيين»، أثناء هجوم منسّق استهدفها والقطع الحربية المرافقة لها، ما تسبّب في سقوط طائرة مقاتلة في البحر؛ هي الثانية من الطراز المتقدّم التي تسقط في الأشهر الأربعة الأخيرة، علماً أن الخسائر المقدّرة لتحطُّم مقاتلة «إف-18» تفوق الـ70 مليون دولار.
وفي تفاصيل الرواية الأميركية، «انزلقت» «إف - 18» العاملة ضمن سرب «سترايك فايتر 136»، من على السطح، بينما كان البحارة «يسحبونها»، أول من أمس، إلى مكانها في حظيرة حاملة الطائرات «هاري ترومان»، إذ تمكّن أفراد طاقمها من القفز قبل أن تسقط الطائرة ومعها القاطرة في البحر الأحمر، بفعل فقدان طاقم النقل السيطرة عليها، ما أدى إلى إصابة أحد البحارة بجروح طفيفة.
وعادةً ما تنفي قيادة المنطقة الوسطى تعرُّض الحاملات الأميركية للاستهداف، إلى درجة أنها تسخر أحياناً من تلك «المزاعم»، لكن ما جرى أمس يثبت، مجدّداً، أن الهجمات اليمنية على القطع البحرية الأميركية، ولا سيما «ترومان»، ليست فاشلة، كما تصوّرها واشنطن. ووفقاً لخبراء، فإن سقوط المقاتلة يضع الجيش الأميركي أمام منعطف خطير، يُلزم قيادته إجراء مراجعة وتقييم شامل للأداء العسكري، ولحجم الخطر الذي بات يشكّله اليمن، بحيث تعيد الولايات المتحدة حساباتها التكتيكية والإستراتيجية لمستقبل الحملة العسكرية.
يبدو أن القوات المسلحة اليمنية التي خبرت التعامل مع تهديدات حاملات الطائرات، اكتشفت بعض نقاط ضعفها
وتجدر الإشارة إلى أنه في الأسبوع الأخير من العام الماضي، استقبل اليمن وصول «هاري ترومان»، القادمة من شرق المتوسط عبر قناة «السويس»، إلى البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ والمسيّرات التي أصابت الحاملة بالذعر، لترسل أوامر بإعادة الطائرات الحربية وإلغاء المخطّط العدواني لتلك الليلة؛ وما إن عادت الطائرات إلى الاشتباك مع القوات اليمنية، حتى سقطت واحدة منها في مياه البحر، نتيجة «نيران صديقة»، وفقاً لما زعمته بيانات عسكرية أميركية، في حينه.
وتُظهر تصريحات الضباط والجنود الأميركيين، أنهم يخدمون في أجواء متوتّرة، وأن أعصابهم مشدودة بشكل دائم، إذ إنهم غير معتادين على هذا النوع من المواجهات. وبينما تضغط قيادة البحرية لإجراء تبديل للمجموعة الكاملة، والسماح للبحّارة بالعودة إلى البلاد للاستراحة، يسعى «البنتاغون» إلى احتواء الموقف، عبر إصدار تدبير يسمح لهؤلاء بالاستراحة أثناء تنفيذ المهمّة.
ويبدو أن القوات المسلحة اليمنية التي خبرت التعامل مع تهديدات حاملات الطائرات، اكتشفت بعض نقاط ضعفها، حتى نجحت، في كثير من الأحيان، في إحباط عملياتها على الأراضي اليمنية، فيما تستغلّ نقاط الضعف هذه لتباشر هجوماً منظّماً، بدءاً من السطح الطائر - حيث تتمّ عمليات الإقلاع والهبوط -، والذي يعدّ هدفاً كبيراً ومكشوفاً، يمكن أن يتسبّب الهجوم عليه في تعطيل عمليات الطيران بشكل كبير، وكذلك مراكز القيادة والسيطرة التي تحتوي على المعدات الإلكترونية وأنظمة التحكم التي تدير العمليات على متن الحاملة. وتعد لحظة إقلاع الطائرات أو هبوطها، قاتلة بكل ما تعنيه الكلمة، كونها تعيق عمل الدفاعات الجوية، وتفرض الكثير من الحذر في التعامل مع الأهداف، بسبب الخطورة التي يشكّلها تفعيل الدفاعات وإطلاق الصواريخ الاعتراضية، ما يضطرّها أحياناً إلى المحافظة على سلامة الطيران والتضحية بسلامة الحاملة نفسها.
لقمان عبدالله: الاخبار اللبنانية